للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مَا ادَّعَى بِهِ عَلَيْهِ، وَقَدْ يَكُونُ مَقْصِدُهُ مُقَابَلَةَ الْفَاسِدِ بِالْفَاسِدِ، وَذَلِكَ مِنْ وُجُوهِ الْجِدَالِ ذَكَرَهُ الشَّيْخُ أَبُو الْقَاسِمِ بْنُ مَشْكَانَ الْقَيْرَوَانِيُّ عَنْ شَيْخِهِ الْمَازِرِيِّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -.

وَمِنْ ذَلِكَ: مَا أَهْمَلُوهُ مِنْ سُؤَالِ الْمُعْتَدَّةِ إذَا أَرَادَتْ النِّكَاحَ وَمُبَاحَثَتِهَا عَنْ انْقِضَاءِ الْعِدَّةِ بِمَا تَفْهَمُ بِهِ أَحْكَامَهَا مِنْ التَّفْصِيلِ وَتَعْيِينِ الْأَقْرَاءِ وَنَحْوِ ذَلِكَ مِنْ شَرْطِ الْحَيْضَةِ فِي عِدَّةِ الْوَفَاةِ فَيَنْبَغِي الِاجْتِهَادُ فِي ذَلِكَ، وَلَا يُكْتَفَى بِقَوْلِهَا قَدْ انْقَضَتْ عِدَّتِي عَلَى الْإِجْمَالِ، فَإِنَّ النِّسَاءَ الْيَوْمَ جَهِلْنَ ذَلِكَ جَهْلًا كَثِيرًا، بَلْ جَهِلَهُ كَثِيرٌ مِمَّنْ يُظَنُّ بِهِ عِلْمٌ، وَيَرَى لِنَفْسِهِ حَظًّا وَتَقَدُّمًا، قَالَ وَلَقَدْ عَايَنْت بَعْضَ الْجَهَلَةِ مِنْ الْمُوَثَّقِينَ يَسْتَغْنِي عَنْ سُؤَالِ الْمَرْأَةِ جُمْلَةً، إذَا هُوَ وَجَدَ لِتَارِيخِ الطَّلَاقِ شَهْرَيْنِ فَصَاعِدًا، وَاِتَّخَذَ الْيَوْمَ هَذَا الْمِقْدَارَ مِنْ الْمُدَّةِ كَثِيرٌ مِنْ النِّسَاءِ وَالرِّجَالِ أَصْلًا فِي إكْمَالِ عِدَّةِ الطَّلَاقِ، وَمَا أَدْرِي كَيْفَ كَانَ أَصْلُ هَذَا الْغَلَطِ الْقَبِيحِ.

وَمِنْ ذَلِكَ مَا اسْتَخَفُّوهُ مِنْ تَقْيِيدِ الْعُيُوبِ الَّتِي يَشْتَرِطُهَا الدَّلَّالُونَ فِي الْمَبِيعِ مِنْ الدَّوَابِّ وَالرَّقِيقِ وَالرِّبَاعِ وَنَحْوِ ذَلِكَ مِمَّا يَسْتَرْسِلُونَ فِي تَصْدِيقِهِ، وَرُبَّمَا عَدُّوا أَشْيَاءَ مَحْفُوظَةً عِنْدَهُمْ، وَقَدْ يَكُونُ بَعْضُهَا فِي الْمَبِيعِ وَأَكْثَرُهَا بَاطِلٌ مُتَحَقِّقُ الْكَذِبِ، وَيَفْعَلُونَ ذَلِكَ لِوُجُوهٍ مِنْ مُخَادَعَةِ الْبَائِعِ وَالْمُشْتَرِي، فَقَدْ يَغْتَرُّ الْبَائِعُ فِي إمْضَاءِ الْبَيْعِ إذَا سَمِعَ كَثْرَةَ ذَلِكَ فِي سِلْعَتِهِ إيهَامًا مِنْهُمْ لَهُ وَإِظْهَارًا لِلتَّصْحِيحِ، وَيَغْتَرُّ الْمُشْتَرِي أَيْضًا فِي الْتِزَامِ تِلْكَ الْعُيُوبِ اعْتِمَادًا عَلَى أَنَّهَا أَوْ جُلَّهَا بَاطِلٌ وَتَشْدِيدٌ فِي الْبَيْعِ لِمَا عَهِدَ النَّاسُ مِنْ زِيَادَاتِهِمْ الْكَاذِبَةِ وَجَرَتْ بِهِ عَادَتُهُمْ الْفَاسِدَةُ، فَيَرْضَى بِمَا يَشْتَرِطُونَهُ مِنْ ذَلِكَ، وَقَدْ يَدُسُّونَ فِي أَثْنَاءِ هَذِهِ الْعُيُوبِ الْكَاذِبَةِ لَهُ عَيْبًا أَوْ عَيْبَيْنِ هِيَ ثَابِتَةٌ فِي الْمَبِيعِ عَظِيمَةُ الضَّرَرِ يَجْهَلُهَا الْمُشْتَرِي بِجَهْلِ غَيْرِهَا، إذْ لَا عِلْمَ عِنْدَهُ بِحَقِيقَةِ ذَلِكَ، فَهُوَ لَوْ عَلِمَ بِثُبُوتِهَا قَطْعًا مَا رَضِيَ وَلَا أَقْدَمَ عَلَى الشِّرَاءِ بِوَجْهٍ، فَهَذَا مِمَّا غَفَلَ الْمُوَثَّقُونَ الْيَوْمَ عَنْهُ وَالْحُكَّامُ أَيْضًا، مَعَ كَثْرَةِ وُقُوعِهِ جِدًّا، لَا سِيَّمَا مِنْ الدَّلَّالِينَ عَلَى الدَّوَابِّ، وَفِي ذَلِكَ مِنْ الْفَسَادِ وُجُوهٌ. مِنْهَا: إقْرَارُهُمْ عَلَى التَّكَاذُبِ وَإِمْضَاؤُهُمْ لَهُ وَمِنْهَا: التَّدْلِيسُ عَلَى الْمُشْتَرِي بِالْعَيْبِ الثَّابِتِ مِنْ جُمْلَةِ الْعُيُوبِ الَّتِي يَحْمِلُهَا عَلَى الْمُبَالَغَةِ وَالْكَذِبِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>