للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

دِينِهِ وَمَعْرِفَتِهِ وَنَظَرِهِ فِي الْوَثَائِقِ، وَلِنُفُوذِهِ فِي مُشْكِلِ النَّوَازِلِ، وَلِقُصُورِ غَيْرِهِ عَنْ إدْرَاكِ تِلْكَ الْحَقَائِقِ فَذَلِكَ سَائِغٌ حَسَنٌ، بِشَرْطِ كَوْنِهِ نَظَرًا لِلْمُسْلِمِينَ لَا قَصْدًا لِلْمَنْفَعَةِ لِذَلِكَ الرَّجُلِ وَتَكْثِيرِهَا لَهُ بِمَا يَنَالُ مِنْ الْأُجْرَةِ عَلَيْهَا، وَلَا يَحِلُّ لِلْمُوَثِّقِ نَفْسِهِ أَنْ يَسْأَلَ مِنْ السُّلْطَانِ قَصْرَ الْوَثَائِقِ عَلَيْهِ، وَإِنْ كَانَ أَهْلًا لِمَعْرِفَتِهَا إذَا قَصَدَ الِاسْتِكْثَارَ مِنْ الْفَائِدَةِ لِنَفْسِهِ، فَإِنْ فَعَلَ ذَلِكَ وَرَغِبَ فِيهِ فَهِيَ جُرْحَةٌ فِي حَقِّهِ وَقَدْحٌ فِي عَدَالَتِهِ.

وَفِي أَحْكَامِ ابْنِ سَهْلٍ: لَا كَثَّرَ اللَّهُ أَمْثَالَ هَذَا الْفَقِيهِ إذْ طَلَبَ مَا لَا يَجُوزُ لَهُ وَلَا يَحِلُّ لَهُ، وَمَنْ طَلَبُ ذَلِكَ فَإِمَامَتُهُ غَيْرُ جَائِزَةٍ وَشَهَادَتُهُ سَاقِطَةٌ أَمَّا إنْ فَعَلَ ذَلِكَ احْتِسَابًا، فَإِنَّ اللَّهَ - تَعَالَى - لَا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ.

[فَصْلٌ فِيمَا يَتَعَلَّقُ بِالْمُوَثِّقِ]

وَفِي (الْعَالِي الرُّتْبَةِ فِي أَحْكَامِ الْحِسْبَةِ) لِأَحْمَدَ بْنِ مُوسَى بْنِ النَّحْوِيِّ الدِّمَشْقِيِّ الشَّافِعِيِّ، فِيمَا يَتَعَلَّقُ بِالْمُوَثِّقِ مِمَّا لَا يُخَالِفُ قَوَاعِدَ مَذْهَبِ مَالِكٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ - قَالَ: وَإِذَا كَتَبَ الْمُوَثِّقُ كِتَابًا بَدَأَ بَعْدَ الْبَسْمَلَةِ بِذِكْرِ لَقَبِ الْمُقِرِّ وَاسْمِهِ وَاسْمِ أَبِيهِ وَجِدِّهِ، وَقَدْ تَقَدَّمَ أَنَّ ذِكْرَ الْجَدِّ اسْتَحْسَنَهُ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ مِنْ الْمَالِكِيَّةِ. ثُمَّ يَذْكُرُ قَبِيلَتَهُ وَصِنَاعَتَهُ وَمَسْكَنَهُ، وَيُحَلِّيهِ إنْ لَمْ يَكُنْ مَعْرُوفًا، وَهَذَا أَحَدُ الْأَقْوَالِ الَّتِي ذَكَرَهَا ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ عَنْ الْمَذْهَبِ.

قَالَ: وَإِنْ كَانَ مَعْرُوفًا كَتَبَ: وَشُهُودُ هَذَا الْكِتَابِ بِهِ عَارِفُونَ وَلَهُ مُحَقِّقُونَ، وَكَذَلِكَ يَفْعَلُ فِي اسْمِ الْمُقَرِّ لَهُ، ثُمَّ يُؤَرِّخُ مَكْتُوبَهُ بِالْيَوْمِ وَالشَّهْرِ وَالسَّنَةِ، وَعِنْدَنَا أَنَّهُ يَلْزَمُ التَّارِيخُ بِالسَّاعَاتِ فِي خَمْسَةِ أَشْيَاءَ ذَكَرْتهَا فِي الْقَضَاءِ بِشَهَادَةِ الِاسْتِرْعَاءِ، قَالَ فَإِذَا فَرَغَ الْكَاتِبُ مِنْ ذِكْرِ كِتَابَتِهِ اسْتَوْعَبَهُ وَقَرَأَهُ وَتَمَيَّزَ أَلْفَاظَهُ.

وَيَنْبَغِي أَنْ يُمَيِّزَ فِي خَطِّهِ بَيْنَ السَّبْعَةِ وَالتِّسْعَةِ، وَإِنْ كَانَ فِيهِ مِائَةُ دِرْهَمٍ كَتَبَ بَعْدَهَا وَاحِدَةً، وَيَنْبَغِي أَنْ يَذْكُرَ نِصْفَهَا فَإِنْ كَانَتْ أَلْفًا كَتَبَ وَاحِدَةً وَذَكَرَ نِصْفَهَا رَفْعًا لِلَّبْسِ، وَإِنْ كَانَتْ خَمْسَةَ آلَافٍ زَادَ فِيهَا لَامًا

<<  <  ج: ص:  >  >>