للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَنَّ الشَّهَادَةَ جَائِزَةٌ، وَإِنْ قَالُوا: نَعْرِفُ أَعْيَانَ الِابْنِ وَالْبِنْتَيْنِ وَلَا نَعْرِفُ عَيْنَ الزَّوْجَةِ لَمْ تَجُزْ الشَّهَادَةُ؛ لِأَنَّ الْبَنَاتَ مَحْمُولَاتٌ عَلَى الْحِجَابِ، وَلِذَلِكَ يُعْذَرُ الشُّهُودُ فِي تِلْكَ الشَّهَادَةِ، وَالزَّوْجَاتُ لَسْنَ بِمَحْمُولَاتٍ عَلَى الْحِجَابِ فَلِذَلِكَ لَا تَجُوزُ شَهَادَةُ مَنْ يَجْهَلُ عَيْنَ الزَّوْجَةِ.

قَالَ ابْنُ هِشَامٍ: اُنْظُرْ إذَا مَاتَ الزَّوْجُ وَقَامَتْ الْمَرْأَةُ تَطْلُبُ مِيرَاثَهَا مِنْهُ، وَأَنْكَرَهَا وَرَثَتُهُ وَلَمْ تَقِفْ الْبَيِّنَةُ عَلَى تَعْيِينِهَا، أَوْ أَنْكَرَ الزَّوْجُ النِّكَاحَ وَلَمْ يُعَيَّنْ الشُّهُودُ الْمَرْأَةَ، فَظَاهِرُ قَوْلِ مَالِكٍ أَنَّ ذَلِكَ سَوَاءٌ، وَأَنَّهُ لَا يُفْتَقَرُ فِي ذَلِكَ إلَى تَعْيِينِ النِّسَاءِ، وَأَنَّ الْمَوَارِيثَ وَاجِبَةٌ بِكُلِّ حَالٍ، حَكَاهُ ابْنُ وَزَّانٍ مِنْ رِوَايَةِ عِيسَى عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ، وَقَدْ نَزَلْنَا بِقُرْطُبَةَ فَحَكَمَ فِيهَا بِهَذَا. انْتَهَى. فَتَلَخَّصَ مِنْ هَذَا أَنَّ الزَّوْجَةَ حُكْمُهَا حُكْمُ الْبَنَاتِ لَا يَلْزَمُ الشُّهُودَ أَنْ يَعْرِفُوا عَيْنَهَا فِي اسْتِحْقَاقِ الْمِيرَاثِ.

فَرْعٌ: قَالَ ابْنُ هِشَامٍ: وَفِي نِكَاحِ الْعُتْبِيَّةِ مِنْ رِوَايَةِ ابْن وَزَّانٍ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ: وَقَدْ نَزَلْت بِقُرْطُبَةَ فَحَكَمَ فِي الرَّجُلِ يُزَوِّجُ ابْنَتَهُ الْبِكْرَ وَلَا وَلَدَ لَهُ غَيْرُهَا فَيَمُوتُ الْأَبُ فَتَزْعُمُ الْبِنْتُ أَنَّهَا لَيْسَتْ بِنْتَهُ، وَأَنَّهَا كَانَتْ يَتِيمَةً عِنْدَهُ وَلَا بَيِّنَةَ لِلزَّوْجِ أَنَّهَا هِيَ بِعَيْنِهَا إلَّا بِالسَّمَاعِ مِنْ الْأَبِ، أَنَّ لَهُ بِنْتًا بِكْرًا وَقَدْ فَشَا ذَلِكَ فِي النَّاسِ وَلَا يُثْبِتُهَا الشُّهُودُ بِعَيْنِهَا، أَنَّ النِّكَاحَ لَهَا لَازِمٌ وَمِيرَاثُهَا وَاجِبٌ، وَخَالَفَ فِي ذَلِكَ سَحْنُونٌ وَقَالَ الْقَوْلُ قَوْلُهَا.

فَرْعٌ: وَمِنْ مُنْتَقَى الْأَحْكَامِ قَالَ أَصَبْغُ فِي السَّامِعِينَ مِنْ الْمُنْكَحَةِ، وَإِنْ لَمْ يَعْرِفَاهَا هَذَا أَمْرٌ لَا يَجِدُ النَّاسُ مِنْهُ بُدًّا، وَمَنْ لَا يَرَى وَلِيَّتَهُ حَتَّى تَبْلُغَ النِّكَاحَ، فَلَا حَرَجَ عَلَى السَّامِعِينَ فِي ذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ مَوْضِعُ ضَرُورَةٍ، وَأَمَّا فِي الْحُقُوقِ مِنْ الْبُيُوعِ وَالْوِكَالَاتِ وَالْهِبَاتِ وَغَيْرِ ذَلِكَ، وَالشُّهُودُ لَا يَعْرِفُونَهَا فَلَيْسَ ذَلِكَ، وَلَا أَرَى أَنْ يَشْهَدَ عَلَيْهَا فِي مِثْلِ هَذَا إلَّا مَنْ يَعْرِفُهَا بِعَيْنِهَا وَاسْمِهَا، وَيُؤْخَذُ مِنْ قَوْلِ أَصَبْغَ أَنَّهُ لَا يَحْتَاجُ فِي ثُبُوتِ عِدَّةِ الْوَرَثَةِ إلَى تَعْيِينِ الْوَرَثَةِ إذَا كَانُوا نِسَاءً يَعْنِي مَعْرِفَتَهُمْ بِالْعَيْنِ اُنْظُرْ (مُفِيدَ الْحُكَّامِ) .

مَسْأَلَةٌ: قَالَ ابْنُ هِشَامٍ: وَقَعَ فِي كِتَابِ الْأَيْمَانِ بِالطَّلَاقِ فِي رَسْمِ حَمْلِ صَبِيٍّ قَالَ فِي رَجُلٍ مَاتَ عَنْ امْرَأَتِهِ يُرِيدُ وَهِيَ عِنْدَهُ فَجَاءَ شُهُودٌ عُدُولٌ

<<  <  ج: ص:  >  >>