للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عَلَيْهِ عَدْلَانِ فَأَكْثَرُ، فَيَنْبَغِي لِلْحَاكِمِ إذَا وَثِقَ بِعَدَالَةِ الرَّجُلِ وَصَلَاحِهِ وَمَعْرِفَتِهِ بِأَهْلِ مَكَانِهِ، وَبِوُجُوهِ الْعَدَالَةِ أَنْ يَسْأَلَهُ عَنْ النَّاسِ فَيُعَرِّفَهُ مَنْ تُجْهَلُ عَدَالَتُهُ أَوْ جُرْحَتُهُ، فَهَذَا كُلُّهُ مِنْ تَعْدِيلِ السِّرِّ.

[فَصْلٌ صِفَةُ الشَّهَادَةِ عَلَى التَّجْرِيحِ]

فَصْلٌ: وَأَمَّا صِفَةُ الشَّهَادَةِ عَلَى التَّجْرِيحِ، فَيَكْفِي أَنْ يَقُولَ هُوَ عِنْدَنَا مَجْرُوحٌ، وَمِثْلُهُ لَا تَجُوزُ شَهَادَتُهُ، وَلَيْسَ عَلَى الْمُجَرِّحِينَ أَنْ يَكْشِفُوا التَّجْرِيحَ إذَا كَانُوا مِمَّنْ يَعْرِفُ وَجْهَ التَّجْرِيحِ، وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي الْفَصْلِ الْأَوَّلِ مِنْ فُصُولِ الْأَعْذَارِ ذِكْرُ مَا يُسْمَعُ مِنْ التَّجْرِيحِ وَمَا لَا يُسْمَعُ.

فَرْعٌ: وَالْوَاحِدُ يُجَرِّحُ وَذَلِكَ إذَا كَانَ ذَلِكَ بِمَسْأَلَةِ الْقَاضِي وَكَانَ عَدْلًا، قَالَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ، وَكَذَلِكَ يَجُوزُ التَّجْرِيحُ إذَا كَانَ بِمَجْلِسِ الْقَاضِي.

فَرْعٌ: قَالَ ابْنُ عَتَّابٍ الَّذِي أَحَاطَ بِهِ الْعِلْمُ وَجَرَى بِهِ الْحُكْمُ فِي التَّجْرِيحِ بِالْعَدَاوَةِ أَنَّهَا تَكُونُ بِشَهَادَةٍ مَنْ يُزَكَّى مِنْ الشُّهَدَاءِ، وَلَا يُشْتَرَطُ فِي ذَلِكَ أَهْلُ التَّبْرِيزِ فِي الْعَدَالَةِ، وَإِنَّمَا يُطْلَبُ التَّبْرِيزُ فِي غَيْرِ الْعَدَاوَةِ مِنْ وُجُودِ التَّجْرِيحِ، وَلَا أَعْلَمُ فِي هَذَا خِلَافًا مِنْ أَحْكَامِ ابْنِ سَهْلٍ فِي الْجُزْءِ الثَّانِي فِي رَسْمٍ تَدَاعَى بَيْنَ سَهْلِ بْنِ الدَّبَّاغِ وَيَعْمُرَ فِي سَانِيَةٍ.

مَسْأَلَةٌ: وَفِي الْوَثَائِقِ الْمَجْمُوعَةِ وَلَا يَنْبَغِي لِأَحَدٍ أَنْ يُجَرِّحَ شَاهِدًا أَنَّهُ شَهِدَ بِالْحَقِّ، ذَكَرَهَا فِي رَسْمِ تَقْيِيدِ عَدَاوَةٍ لِتَكُونَ عِدَّةً.

[فَصْلٌ فِي تَعَارُضِ شُهُودِ التَّزْكِيَةِ وَالْجَرْحِ]

وَفِي تَنْبِيهِ الْحُكَّامِ لَوْ عَدَّلَ شَاهِدَانِ رَجُلًا وَجَرَّحَهُ آخَرَانِ، فَفِي ذَلِكَ قَوْلَانِ: قِيلَ يَقْضِي بِأَعْدَلِهِمَا لِاسْتِحَالَةِ الْجَمْعِ بَيْنَهُمَا، وَقِيلَ يَقْضِي بِشُهُودِ الْجَرْحِ؛ لِأَنَّهُمْ زَادُوا عَلَى شُهُودِ التَّعْدِيلِ، إذْ الْجَرْحُ مِمَّا يَبْطُنُ فَلَا يَطَّلِعُ عَلَيْهِ كُلُّ النَّاسِ، بِخِلَافِ الْعَدَالَةِ، وَلِلَّخْمِيِّ تَفْصِيلٌ قَالَ إنْ كَانَ اخْتِلَافُ الْبَيِّنَتَيْنِ فِي فِعْلِ شَيْءٍ فِي مَجْلِسٍ وَاحِدٍ، كَدَعْوَى إحْدَى الْبَيِّنَتَيْنِ أَنَّهُ فَعَلَ كَذَا فِي وَقْتِ كَذَا.

وَقَالَتْ الْبَيِّنَةُ الْأُخْرَى لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ فَإِنَّهُ يَقْضِي بِأَعْدَلِهِمَا، وَإِنْ كَانَ ذَلِكَ فِي مَجْلِسَيْنِ مُتَقَارِبَيْنِ قَضَى بِشَهَادَةِ الْجَرْحِ؛ لِأَنَّهَا زَادَتْ عِلْمًا فِي الْبَاطِنِ

<<  <  ج: ص:  >  >>