للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَرْعٌ: وَفِي الْوَاضِحَةِ قَالَ مُطَرِّفٌ وَابْنُ الْمَاجِشُونِ، وَمَنْ عَلَيْهِ دَيْنٌ فَأَقَامَ شَاهِدًا بِدَيْنٍ لَهُ عَلَى رَجُلٍ وَنَكَلَ عَنْ الْيَمِينِ، فَلَيْسَ لِغُرَمَائِهِ أَنْ يَحْلِفُوا مَعَ الشَّاهِدِ، وَيَأْخُذُوا ذَلِكَ الدَّيْنَ فِي حُقُوقِهِمْ مَا كَانَ قَائِمَ الْوَجْهِ وَلَمْ يُفْلِسْ؛ لِأَنَّ إقْرَارَهُ جَائِزٌ، فَنُكُولُهُ كَإِقْرَارِهِ فَأَمَّا إنْ أَفْلَسَ حَتَّى لَا يَجُوزَ إقْرَارُهُ، فَلِغُرَمَائِهِ أَنْ يَحْلِفُوا إذَا نَكَلَ وَيَسْتَحِقُّوا ذَلِكَ.

مَسْأَلَةٌ: وَإِذَا هَلَكَ رَجُلٌ وَلَهُ دَيْنٌ لَهُ عَلَيْهِ شَاهِدٌ وَاحِدٌ وَعَلَيْهِ دَيْنٌ لِلنَّاسِ، فَلِلْوَرَثَةِ أَنْ يَحْلِفُوا مَعَ الشَّاهِدِ وَيَسْتَحِقُّونَ الدَّيْنَ فَإِذَا حَلَفُوا وَأَخَذُوا الْمَالَ، قَضَى مِنْهُ الدَّيْنَ وَأَخَذُوا الْبَاقِي مِيرَاثًا، وَلَيْسَ لِلْغُرَمَاءِ إجْبَارُهُمْ عَنْ الْيَمِينِ، فَإِنْ أَبَى الْوَرَثَةُ أَنْ يَحْلِفُوا، فَإِنَّ الْغُرَمَاءَ يَحْلِفُونَ وَيَأْخُذُونَ حُقُوقَهُمْ، فَإِنْ فَضَلَ فَضْلٌ بَعْدَ اسْتِيفَائِهِمْ، لَمْ يَكُنْ لِلْوَرَثَةِ أَنْ يَحْلِفُوا عَلَيْهِ، وَلَمْ يَكُنْ لَهُمْ شَيْءٌ مِنْهُ؛ لِأَنَّ الْأَيْمَانَ عُرِضَتْ عَلَيْهِمْ أَوَّلًا فَتَرَكُوهَا، إلَّا أَنْ يَقُولُوا لَمْ نَكُنْ نَعْلَمُ أَنَّهُ يَفْضُلُ لِصَاحِبِنَا فَضْلٌ، وَنَعْلَمُ أَنَّ نُكُولَهُمْ مِنْ أَجْلِ ذَلِكَ، فَيَحْلِفُونَ وَيَأْخُذُونَ مَا بَقِيَ مِنْ دَيْنِهِ، قَالَ مَالِكٌ: وَمَنْ نَكَلَ مِنْ الْغُرَمَاءِ بَطَلَ قَدْرُ حَقِّهِ مِنْ ذَلِكَ الدَّيْنِ وَلَمْ يَجُزْ عَنْهُ يَمِينُ غَيْرِهِ مِنْ الْغُرَمَاءِ، وَكَذَلِكَ مَنْ نَكَلَ مِنْ الْوَرَثَةِ فَلَا شَيْءَ لَهُ مِنْ ذَلِكَ الدَّيْنِ وَلَمْ تَجُزْ يَمِينُ غَيْرِهِ مِنْ الْوَرَثَةِ.

تَنْبِيهٌ: قَالَ فَضْلٌ: قَالَ سَحْنُونٌ: إنَّمَا بَدَأَ الْوَرَثَةُ بِالْيَمِينِ؛ لِأَنَّ الدَّيْنَ لَمْ يَكُنْ ثَبَتَ عَلَى الْمَيِّتِ لِلْغُرَمَاءِ، وَأَمَّا لَوْ كَانَ دَيْنُ الْغُرَمَاءِ ثَابِتًا مَعْرُوفًا، كَانُوا هُمْ الْمُبْدِئِينَ بِالْيَمِينِ؛ لِأَنَّ الْحَقَّ لَهُمْ دُونَ الْوَرَثَةِ.

مَسْأَلَةٌ: قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ سَمِعْت مُطَرِّفًا وَابْنَ الْمَاجِشُونِ يَقُولَانِ فِي الرَّجُلِ يُقْتَلُ خَطَأً وَعَلَيْهِ دَيْنٌ يُحِيطُ بِمَالِهِ، فَيَأْبَى وَرَثَتُهُ أَنْ يَقْتَسِمُوا، أَنَّ لِأَهْلِ دِيَتِهِ أَنْ يَقْتَسِمُوا وَيَأْخُذُوا دِيَتَهُ فِي دَيْنِهِمْ، إذَا كَانَ دَيْنُهُمْ يُحِيطُ بِدِيَتِهِ، وَيَنْزِلُونَ فِي ذَلِكَ مَنْزِلَةَ الْوَرَثَةِ إذَا أَقْسَمَ بَعْضُهُمْ وَأَبَى بَعْضُهُمْ.

وَقَالَهُ أَصَبْغُ وَابْنُ نَافِعٍ.

مَسْأَلَةٌ: وَلَوْ مَاتَ رَجُلٌ وَعَلَيْهِ دُيُونٌ لِلنَّاسِ فَيَشْهَدُ لَهُ شَاهِدٌ وَاحِدٌ بِدَفْعِ بَعْضِ الدُّيُونِ، فَأَرَادَ الْغُرَمَاءُ أَنْ يَحْلِفُوا مَعَ شَاهِدِ غَرِيمِهِمْ أَوْ كَانُوا وَرَثَةً فَلَيْسَ ذَلِكَ لَهُمْ، وَلَا يُشْبِهُ أَنْ يَكُونَ لِغَرِيمِهِمْ شَاهِدٌ وَاحِدٌ عَلَى دَيْنِهِ، هُنَالِكَ يَحْلِفُونَ أَنَّ حَقَّهُمْ حَقٌّ، وَقَدْ صَارَ ذَلِكَ لَهُمْ، وَهُنَا لَوْ حَلَفُوا فَإِنَّمَا

<<  <  ج: ص:  >  >>