للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَرْعٌ: وَإِذَا شَهِدَتَا بِأَنَّ فُلَانَةَ زَوْجَةُ فُلَانٍ وَلَدَتْ وَلَدًا وَاسْتَهَلَّ صَارِخًا، فَإِنْ أَمْكَنَهُمْ إخْرَاجُهُ لِلرِّجَالِ حَتَّى يَسْمَعُوا اسْتِهْلَالَهُ فَلَمْ يُخْرِجُوهُ حَتَّى مَاتَ، فَيُخْتَلَفُ فِي قَبُولِ شَهَادَتِهِمَا، وَإِنْ تَعَذَّرَ ذَلِكَ بِأَنْ مَاتَ إثْرَ سَمَاعِهِمَا لِاسْتِهْلَالِهِ، فَلَا يُخْتَلَفُ فِي قَبُولِ شَهَادَتِهِمَا. وَأَمَّا شَهَادَتُهُنَّ عَلَى أَنَّهُ ذَكَرٌ فَلَا يُحْكَمُ فِي ذَلِكَ بِمُجَرَّدِ شَهَادَتِهِنَّ مَعَ غَيْبَةِ الْجَسَدِ، وَلَا بُدَّ مِنْ الْيَمِينِ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ، فَإِنَّهُ قَالَ يَحْلِفُ الطَّالِبُ مَعَ شَهَادَتِهِنَّ وَيَسْتَحِقُّ فَأَقَامَهُمَا مَقَامَ رَجُلٍ؛ لِأَنَّ كَوْنَهُ ذَكَرًا مِمَّا يَطَّلِعُ عَلَيْهِ الرِّجَالُ وَهِيَ شَهَادَةٌ فِي غَيْرِ مَالٍ، وَيَسْتَحِقُّ بِهَا الْمَالَ، فَأَجْرَاهَا مَجْرَى الشَّهَادَةِ فِي الْأَمْوَالِ.

وَقَالَ أَشْهَبُ: لَا تَجُوزُ بِوَجْهٍ جَرْيًا عَلَى أَصْلِهِ فِي مَنْعِ شَهَادَةِ النِّسَاءِ فِيمَا لَيْسَ بِمَالٍ، وَإِنْ كَانَ يَئُولُ إلَى الْمَالِ، وَقِيلَ إنْ فَاتَ بِالدَّفْنِ وَطَالَ مُكْثُهُ وَتَعَذَّرَ إخْرَاجُهُ فَيَنْظُرُ، فَإِنْ كَانَ فَضْلُ ذَلِكَ الْمَالِ يَرْجِعُ إلَى بَيْتِ الْمَالِ أَوْ الْعَشِيرَةِ الْبَعِيدَةِ فَتَجُوزُ، وَإِنْ كَانَ يَرْجِعُ إلَى بَعْضِ الْوَرَثَةِ دُونَ بَعْضٍ لَمْ يَجُزْ، قَالَهُ أَصَبْغُ وَضَعَّفَهُ مُحَمَّدٌ.

وَقَالَ ذَلِكَ كُلُّهُ سَوَاءٌ؛ لِأَنَّ حَقَّ بَيْتِ الْمَالِ كَحَقِّ أَقْرَبِ الْوَرَثَةِ.

وَأَمَّا شَهَادَتُهُنَّ عَلَى عُيُوبِ الْفَرْجِ، فَالْمَشْهُودُ عَلَيْهِ نَوْعَانِ حَرَائِرُ وَإِمَاءٌ. فَأَمَّا الْحُرَّةُ يَدَّعِي الزَّوْجُ بِهَا عَيْبًا يُوجِبُ الرَّدَّ فَفِي ذَلِكَ خِلَافٌ، وَالْمَشْهُورُ أَنَّهُ لَا يُنْظَرُ إلَيْهَا، وَهِيَ مُصَدَّقَةٌ، قَالَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ، وَقِيلَ: يَنْظُرُ إلَيْهَا النِّسَاءُ، حَكَاهُ سَحْنُونٌ، وَالْقَوْلُ: بِالنَّظَرِ أَوْلَى؛ لِأَنَّهَا تُتَّهَمُ فِي أَنْ تَدْفَعَ عَنْ نَفْسِهَا، فَالشَّهَادَةُ عَلَى ذَلِكَ ضَرُورَةٌ؛ لِتَعَلُّقِ حَقِّ الْغَيْرِ، وَأَمَّا الْأَمَةُ فَإِنْ كَانَ عَيْبًا لَا يَتَحَقَّقُ الرِّجَالُ قَدْرَهُ، وَإِنَّمَا يُوجَدُ عِلْمُ ذَلِكَ عِنْدَ النِّسَاءِ، يَنْظُرْنَ إلَيْهَا ثُمَّ لَا يَخْلُو ذَلِكَ أَنْ يَكُونَ الْحَاكِمُ هُوَ الَّذِي ابْتَدَأَ بِبَعْثِ مَنْ يَكْشِفُ ذَلِكَ فَفِيهِ خِلَافٌ، قِيلَ: تُجْزِئُ فِيهِ امْرَأَةٌ وَاحِدَةٌ؛ لِأَنَّهُ مِنْ بَابِ الْخَبَرِ وَإِيصَالِ الْعِلْمِ، وَقِيلَ: لَا بُدَّ مِنْ اثْنَتَيْنِ وَهُوَ أَوْلَى، قَالَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ: وَهَذَا مَعَ حُضُورِ الْمَرْأَةِ، وَإِنْ كَانَتْ قَدْ مَاتَتْ أَوْ غَابَتْ، فَلَا بُدَّ مِنْ امْرَأَتَيْنِ؛ لِأَنَّهَا شَهَادَةٌ، وَإِنْ كَانَ ذَلِكَ رُفِعَ إلَيْهِ عَلَى مَعْنَى الشَّهَادَةِ، فَلَا بُدَّ مِنْ اثْنَتَيْنِ، وَأَمَّا أَنْ تَكُونَ الشَّهَادَةُ فِي الْأَمْرِ الَّذِي يَعْلَمُهُ الرِّجَالُ: كَالْبَكَارَةِ، فَاخْتُلِفَ فِي إيجَابِ الْيَمِينِ مَعَ شَهَادَةِ الْمَرْأَتَيْنِ فِي ذَلِكَ.

<<  <  ج: ص:  >  >>