للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مَسْأَلَةٌ: قَالَ ابْنُ سَحْنُونٍ: وَكَانَ سَحْنُونٌ إذَا قَالَ الْخَصْمُ لَا أُقِرُّ وَلَا أُنْكِرُ، أَوْ قَالَ مَا لَهُ عِنْدِي حَقٌّ، وَالْآخَرُ يَدَّعِي دَعْوَى مُفَسَّرَةً يَقُولُ: أَسْلَفْتُهُ أَوْ بِعْته أَوْ أَوْدَعْته، فَكَانَ لَا يَقْبَلُ قَوْلَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ، مَا لَهُ عِنْدِي حَقٌّ حَتَّى يُقِرَّ بِالدَّعْوَى نَفْسِهَا أَوْ يُنْكِرَهَا، فَيَقُولُ: مَا بَاعَنِي وَلَا أَسْلَفَنِي وَلَا أَوْدَعَنِي فَإِنْ تَمَادَى عَلَى اللَّدَدِ سَجَنَهُ، فَإِنْ تَمَادَى أَدَّبَهُ، وَكَذَلِكَ إذَا تَمَادَى فِي أَنْ لَا يُقِرَّ وَلَا يُنْكِرَ، وَأَمَّا قَوْلُهُ: مَا لَهُ عِنْدِي حَقٌّ رُبَّمَا قَبِلَ ذَلِكَ مِنْهُ، وَأَمَرَ بِكَتْبِ دَعْوَى الْمُدَّعِي وَإِنْكَارِ الْآخَرِ، وَرُبَّمَا لَمْ يَقْبَلْ مِنْهُ حَتَّى يُقِرَّ بِالشَّيْءِ نَفْسِهِ أَوْ يُنْكِرَهُ، وَرَجَعَ إلَى هَذَا فِي آخِرِ أَيَّامِهِ مِنْ ابْنِ يُونُسَ فِي الشَّهَادَاتِ الثَّانِي.

مَسْأَلَةٌ: فَإِذَا قَالَ لِي عَلَيْك عَشَرَةٌ حَلَفَ مَا لَك عَلَى عَشَرَةٌ، وَلَا شَيْءٌ، مِنْهَا فَإِنْ ذَكَرَ السَّبَبَ مِثْلَ أَنْ يَقُولَ لَهُ: اشْتَرَيْت مِنِّي سِلْعَةَ كَذَا وَكَذَا، وَقَدْ كَانَ الْمُبْتَاعُ دَفَعَ لَهُ ثَمَنَهَا وَجَحَدَ، فَأَرَادَ أَنْ يَحْلِفَ مَا لَهُ عِنْدِي شَيْءٌ، فَفِيهَا قَوْلَانِ الْمَشْهُورُ أَنَّهُ لَا بُدَّ أَنْ يَحْلِفَ أَنَّهُ مَا اشْتَرَى مِنْهُ سِلْعَةَ كَذَا، وَقَدْ تَقَدَّمَ قَالَ ابْنُ دِينَارٍ: قُلْت لِابْنِ عَبْدُوسٍ: إذَا أَسْلَفَهُ مَالًا فَقَضَاهُ إيَّاهُ فَجَحَدَ، وَأَرَادَ الْمُدَّعِي أَنْ يَحْلِفَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ أَنَّهُ مَا أَسْلَفَهُ، وَقَالَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ أَحْلِفُ مَا لَهُ عِنْدِي شَيْءٌ، فَقَالَ لَا بُدَّ أَنْ يَحْلِفَ مَا أَسْلَفَهُ شَيْئًا، قُلْت لِابْنِ عَبْدُوسٍ فَقَدْ اضْطَرَرْتُمُوهُ إلَى يَمِينٍ كَاذِبَةٍ أَوْ غُرْمِ مَا لَا يَجِبُ عَلَيْهِ قَالَ: يَنْوِي سَلَفًا يَجِبُ عَلَيْهِ رَدُّهُ الْآنَ وَيَبْرَأُ مِنْ الْإِثْمِ.

مَسْأَلَةٌ: قَالَ أَشْهَبُ: إذَا قَالَ لِي عَلَيْهِ عَشَرَةٌ مِنْ سَلَفٍ، فَأَرَادَ أَنْ يَحْلِفَ لَهُ مَا لَهُ عِنْدِي عَشَرَةٌ مِنْ سَلَفٍ، لَمْ يُجْزِهِ ذَلِكَ حَتَّى يَقُولَ: وَلَا أَعْلَمُ لَهُ شَيْئًا مِنْ وَجْهٍ مِنْ الْوُجُوهِ وَنَحْوِهِ، فِي كِتَابِ ابْنِ سَحْنُونٍ قَالَ الْقَاضِي أَبُو الْوَلِيدِ وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ يُجْزِئُهُ لَا شَيْءَ لَهُ عِنْدِي مِنْ وَجْهٍ يَطْلُبُهُ؛ لِأَنَّ الطَّالِبَ لَمْ يَطْلُبْهُ بِغَيْرِ ذَلِكَ.

فَرْعٌ: وَيَحْلِفُ فِي دَعْوَى الْإِجَارَةِ، مَا يَسْتَحِقُّ عَلَيَّ إجَارَةً فِي هَذِهِ الدَّارِ عَلَى مَا ادَّعَاهُ مِنْ كِتَابِ الشَّهَادَةِ.

تَنْبِيهٌ: قَالَ ابْنُ رَاشِدٍ شَرْطُ صِحَّةِ الْيَمِينِ الْمُطَابِقَةُ، وَأَنْ يَحْلِفَ عَلَى الْبَتِّ إلَّا فِيمَا نَسَبَهُ إلَى غَيْرِهِ مِنْ النَّفْيِ، قَالَ ابْنُ شَاسٍ: يَحْلِفُ عَلَى الْبَتِّ فِي كُلِّ مَا نَسَبَهُ إلَى نَفْسِهِ مِنْ نَفْيٍ أَوْ إثْبَاتٍ وَفِيمَا نَسَبَهُ إلَى غَيْرِهِ مِنْ

<<  <  ج: ص:  >  >>