للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تَعَالَى وَيَعِظُهُ وَسَلَكَ أَصْحَابُهُ سَبِيلَهُ فَلَمْ يَرْجِعْ عَنْ ذَلِكَ، فَخَرَجُوا عَنْهُ وَسَأَلَهُمْ اللُّؤْلُؤِيُّ أَنْ يَتَوَقَّفُوا عَلَيْهِ سَاعَةً بِالْبَابِ فَيَخْلُو بِهِ، فَفَعَلُوا وَتَفَرَّدَ وَعَذَلَهُ وَقَالَ لَهُ تَعْصِي اللَّهَ فِي أَمْرِي وَتَدَّعِي عَلَيَّ بِغَيْرِ حَقٍّ، فَقَالَ لَهُ وَهَلْ قُلْتُ إلَّا مَا فَعَلْتُ دَخَلْتَ عَلَيَّ وَأَنَا أَحْسِبُكَ عَائِدًا مُشْفِقًا فَسُرِرْتُ بِذَلِكَ وَإِذَا بِكَ بَاغِي فُرْصَةٍ فَلَمَّا مَسَّتْنِي فِي سُوَيْدَاءِ قَلْبِي فِي أَمْرِ هَذَا الْحَقْلِ الْمَشْئُومِ بِمَا تَعْلَمُ كَرَاهِيَتَهُ إلَيَّ فَهَلْ أَرَدْتَ إلَّا قَتْلِي إذْ طَلَبْتَ أَخْذَ كَرِيمَةَ مَالِي، فَاعْتَذَرَ إلَيْهِ اللُّؤْلُؤِيُّ وَقَالَ أَنَا تَائِبٌ مُعْتَرِفٌ بِخَطَئِي. فَاتَّقِ اللَّهَ وَرَاجِعْ عَقْلَكَ، وَارْجِعْ عَمَّا عَقَدْتَهُ، فَمَا تَدْرِي مَا يَئُولُ حَالُكَ إلَيْهِ، فَعِنْدَ ذَلِكَ أَجَابَهُ إلَى ذَلِكَ وَقَالَ أَمَا وَقَدْ صِرْتَ إلَى هَذِهِ الْإِنَابَةِ فَاحْلِفْ بِالْأَيْمَانِ اللَّازِمَةِ أَنَّك لَا تَلْتَمِسُ هَذَا الْحَقْلَ فِي حَيَاتِي وَلَا بَعْدَ مَمَاتِي، وَلَا تَسْعَى لِمِلْكِهِ وَلَا تُصَيِّرُهُ إلَيْك بِبَيْعٍ وَلَا غَيْرِهِ، وَأَنْ تُحَرِّمَهُ عَلَى نَفْسِك وَلَوْ صَارَ إلَيْك بِالْمِيرَاثِ أَوْ غَيْرِهِ، وَأَنَّك لَا تَهُمُّ مَعَ ذَلِكَ بِمَسَاءَةٍ وَلَا تَحْقِدُ عَلَيَّ ذَلِكَ وَلَا عَلَى ذُرِّيَّتِي، فَحَلَفَ لَهُ عَلَى ذَلِكَ وَتَوَثَّقَ مِنْهُ فِيهِ فَعِنْدَ ذَلِكَ أَذِنَ لَهُ بِإِدْخَالِ الشُّهُودِ الْفُقَهَاءِ عَلَيْهِ، فَلَمَّا دَخَلُوا عَلَيْهِ أَشْهَدَهُمْ أَنَّهُ قَدْ عَفَا عَنْهُ لِلَّهِ تَعَالَى وَأَهْدَرَ عَنْهُ تَبِعَةَ دَمِهِ لِلَّهِ تَعَالَى، فَقَالَ لَهُ اللُّؤْلُؤِيُّ إنَّمَا أُرِيدُ أَنْ تُكَذِّبَ نَفْسَك وَتَعُودَ إلَى الْحَقِّ فَقَالَ لَهُ هَذَا هُوَ الْحَقُّ فَإِنْ أَقْنَعَك هَذَا وَإِلَّا فَأَنَا عَلَى مَا عُقْدَتُهُ عَلَيْك، فَرَضِيَ مِنْهُ اللُّؤْلُؤِيُّ بِذَلِكَ، وَتَوَثَّقَ مِنْهُ بِالْإِشْهَادِ عَلَيْهِ وَاِتَّخَذَ حَدِيثَهُ مَوْعِظَةً اعْتَقَدَ بِهَا أَنْ لَا يُفْتِيَ بِتَدْمِيَةٍ بَعْدَهَا.

فَرْعٌ وَفِي (الْمُتَيْطِيَّةِ) وَالتَّدْمِيَةُ عَلَى عَيْنِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ أَتَمُّ، فَإِنْ لَمْ يَحْضُرْ وَكَانَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ مَعْرُوفَ الْعَيْنِ مَشْهُورًا أَوْ عَرَفَهُ شُهُودُ التَّدْمِيَةِ فَذَلِكَ أَيْضًا تَامٌّ.

فَرْعٌ: وَإِذَا ثَبَتَتْ التَّدْمِيَةُ وَلَمْ يَبْرَأْ مِمَّا بِهِ فِي عِلْمِ الشُّهُودِ وَأَثْبَتَ الْقَائِمُ بِالتَّدْمِيَةِ وَكَالَةَ الْمُدْمِي، وَشَهِدَ عَلَى عَيْنِ الْمُدْمَى عَلَيْهِ لِمَعْرِفَتِهِمْ بِهِ أَوْ بِتَعْرِيفِ الْمُدْمَى لَهُمْ بِهِ فِي التَّدْمِيَةِ عَلَيْهِ عَلَى عَيْنِهِ، وَجَبَ سَجْنُ الْمُدْمَى عَلَيْهِ عَلَى الْقَوْلِ الْمَشْهُورِ الْمَعْمُولِ بِهِ حَتَّى يَبْرَأَ الْمُدْمَى فَيُطْلَقُ، أَوْ يَمُوتُ الْمُدْمَى عَلَى تِلْكَ الْحَالِ قَبْلَ أَنْ يَصِحَّ صِحَّةً بَيِّنَةً فَيُقْسِمُ الْوَرَثَةُ وَيَسْتَقِيدُوا بَعْدَ ثُبُوتِ التَّدْمِيَةِ وَمَوْتِهِ وَعِدَّةِ وَرَثَتِهِ.

فَرْعٌ وَإِذَا اضْطَرَبَ قَوْلُ الْجَرِيحِ فَرَمَى رَجُلًا ثُمًّ بَرَّأَهُ وَرَمَى آخَرَ، فَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ وَأَصْبَغُ وَأَشْهَبُ: لَا يُقْبَلُ مِنْهُ فِي الْأَوَّلِ وَلَا فِي الْآخِرِ،

<<  <  ج: ص:  >  >>