للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

شَهَادَتَهُمْ وَتَرْكُ التَّارِيخِ لَا يَضُرُّ وَإِلَى هَذَا ذَهَبَ ابْنُ عَتَّابٍ وَأَبُو مُحَمَّدٍ الْمُعَيْطِيُّ وَأَبُو مُحَمَّدِ بْنِ الدَّبَّاغِ وَابْنُ الْقَطَّانِ قَالَ ابْنُ سَهْلٍ وَكَذَا رَأَيْت الْعَمَلَ بِقُرْطُبَةَ، وَلَا يَزِيدُونَ عَلَى قَوْلِهِمْ، وَشَهِدَ عَلَى إشْهَادِهِمَا بِذَلِكَ فُلَانٌ وَفُلَانٌ، وَرَأَيْتُ أَهْلَ إشْبِيلِيَّةَ يُؤَرِّخُونَ وَقْتَ إشْهَادِ الشُّهُودِ عَلَى شَهَادَتِهِمْ، وَالْأَمْرُ فِي ذَلِكَ وَاسِعٌ.

وَفِي وَثَائِقِ الْغَرْنَاطِيِّ قِيلَ: لَا بُدَّ لِلشَّاهِدِ مِنْ أَنْ يُؤَرِّخَ شَهَادَتَهُ إلَّا فِي مَوْضِعَيْنِ: أَحَدُهُمَا مَا أَشْهَدَ فِيهِ الْقَضَاءُ وَالْحُكَّامُ مِنْ تَسْجِيلِهِمْ. وَالثَّانِي إشْهَادُ الشُّهُودِ عَلَى شَهَادَتِهِمْ عَلَى خِلَافٍ.

مَسْأَلَةٌ وَيَكْفِي فِي صِحَّةِ نَقْلِ الشَّهَادَةِ - فِيمَا عَدَا الزِّنَا - أَنْ يَكُونَ النَّاقِلَانِ اثْنَيْنِ بِشَرْطِ أَنْ لَا يَكُونَ أَحَدُهُمَا أَحَدَ شَاهِدَيْ الْأَصْلِ؛ لِأَنَّهُ إذَا كَانَ أَحَدُ النَّاقِلَيْنِ صَارَ الْحَقُّ، إنَّمَا ثَبَتَ بِشَاهِدٍ وَاحِدٍ.

مِثَالُ ذَلِكَ: إذَا شَهِدَ رَجُلٌ عَلَى عِلْمِهِ فِي حَقٍّ، وَشَهِدَ هُوَ وَآخَرُ عَلَى رَجُلٍ يَنْقُلَانِ فِي ذَلِكَ الْحَقَّ فَلَا تَجُوزُ؛ لِأَنَّ وَاحِدًا أَحْيَا الشَّهَادَةَ، وَتَجُوزُ الشَّهَادَةُ عَلَى عِلْمِ نَفْسِهِ، وَلَا يَجُوزُ نَقْلُهُ عَنْ الْآخَرِ، وَكَذَلِكَ إذَا شَهِدَ رَجُلَانِ عَلَى شَهَادَةِ رَجُلٍ، وَشَهِدَ أَحَدُهُمَا وَثَالِثٌ عَلَى شَهَادَةِ الْآخَرِ فِي ذَلِكَ الْحَقِّ فَلَا تَجُوزُ؛ لِأَنَّ وَاحِدًا أَحْيَا شَهَادَتَهُمَا.

وَقَالَ ابْنُ الْمَوَّازِ: ذَلِكَ جَائِزٌ؛ لِأَنَّ الْوَاحِدَ جَمَعَ الِاثْنَيْنِ، فَلَوْ كَانَ مَعَهُ آخَرُ يَنْقُلُ مَعَهُمَا لَجَازَ، فَكَيْفَ وَهُوَ مَعَ رَجُلَيْنِ كُلُّ وَاحِدٍ يَنْقُلُ عَنْ رَجُلٍ؟ فَهَذَا أَقْوَى، ثُمَّ هَذَانِ الشَّاهِدَانِ اللَّذَانِ نَقْلَا عَنْ وَاحِدٍ، يَصِحُّ نَقْلُهُمَا عَنْ الشَّاهِدِ الثَّانِي مِنْ شَاهِدَيْ الْأَصْلِ عَلَى الْمَشْهُورِ، وَقِيلَ لَا بُدَّ مِنْ آخَرَيْنِ.

مَسْأَلَةٌ وَكَذَلِكَ يَنْقُلُ اثْنَانِ كِلَاهُمَا عَنْ رَجُلٍ وَامْرَأَتَيْنِ فِي الْأَمْوَالِ، وَمَا يَئُولُ إلَيْهِ فَيَثْبُتُ الْحَقُّ، وَيَنْقُلَانِ أَيْضًا عَنْ رَجُلٍ فَقَطْ، وَيَثْبُتُ الْحَقُّ مَعَ يَمِينِ الْمُسْتَحِقِّ، أَوْ قِيَامِ شَاهِدٍ آخَرَ عَلَى الْأَصْلِ، وَيَجُوزُ نَقْلُ رَجُلٍ وَامْرَأَتَيْنِ، وَأَمَّا فِي الزِّنَا فَيُكْتَفَى بِأَرْبَعَةِ عَلَى كُلِّ وَاحِدٍ مِنْ الْأَرْبَعَةِ، وَرَوَى مُطَرِّفٌ: أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ سِتَّةَ عَشَرَ، أَرْبَعَةٌ عَنْ كُلِّ وَاحِدٍ، وَبِالْأَوَّلِ قَالَ ابْنُ الْمَاجِشُونِ.

وَقَالَ: أَمَّا إنْ تَفَرَّقُوا فَثَمَانِيَةٌ عَنْ كُلِّ وَاحِدٍ اثْنَانِ، وَقَدْ تَقَدَّمَ بَعْضُ هَذَا.

<<  <  ج: ص:  >  >>