للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بَعْدَ النِّدَاءِ فَهُوَ مَرْدُودٌ.

وَفِي مُخْتَصَرِ الْوَاضِحَةِ أَنْ يَأْمُرَ مُنَادِيَهُ يُنَادِي أَنَّ كُلَّ يَتِيمٍ لَمْ يَبْلُغْ لَا وَصِيَّ لَهُ وَلَا وَكِيلَ، وَكُلَّ سَفِيهٍ مُسْتَوْجِبٍ لِلْوِلَايَةِ فَقَدْ مَنَعْت النَّاسَ مُدَايِنَتَهُ وَمُتَاجَرَتَهُ، وَمَنْ عَلِمَ مِنْكُمْ مَكَانَ وَاحِدٍ مِنْ هَؤُلَاءِ فَلْيَرْفَعْهُ إلَيْنَا لِنُوَلِّيَ عَلَيْهِ وَنَحْجُرُهُ، فَمَنْ دَايَنَهُ بَعْدَ مُنَادِي الْإِمَامِ أَوْ بَاعَ مِنْهُ أَوْ ابْتَاعَ فَهُوَ مَرْدُودٌ، وَقَدْ يَكُونُ فِعْلُهُ مَرْدُودًا أَيْضًا قَبْلَ نِدَاءِ الْإِمَامِ، إذَا كَانَ مُتَّصِلُ الْوِلَايَةِ مِنْ يَوْمِ بَلَغَ وَالنِّدَاءُ يَجْمَعُ لَهُ الْأَمْرَيْنِ جَمِيعًا. تَنْبِيهٌ وَهَذَا النِّدَاءُ فِي حَقِّ السَّفِيهِ إنَّمَا يَكُونُ عَلَى مَذْهَبِ مَنْ يَرَى أَنَّ أَفْعَالَ السَّفِيهِ جَائِزَةٌ مَا لَمْ يُوَلَّ عَلَيْهِ أَوْ يُضْرَبْ عَلَى يَدِهِ، وَهُوَ مَرْوِيٌّ عَنْ مَالِكٍ وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ أَصْحَابِهِ، وَأَمَّا عَلَى مَذْهَبِ مَنْ يَرَى أَنَّ أَفْعَالَهُ مَرْدُودَةٌ وَهُوَ مَذْهَبُ ابْنِ الْقَاسِمِ وَمُطَرِّفٍ فَلَا يَحْتَاجُ إلَى هَذَا النِّدَاءِ الْمَذْكُورِ.

مَسْأَلَةٌ: قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ: أَخْبَرَنِي أَصْبَغُ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ فِيمَا رُفِعَ إلَى الْقُضَاةِ مِنْ أَمْوَالِ الْيَتَامَى أَنَّ الَّذِي يَفْعَلُهُ بَعْضُ الْقُضَاةِ مِنْ تَضْمِينِهَا لِرِجَالٍ يَكُونُ لَهُمْ رِبْحًا وَعَلَيْهِمْ ضَمَانُهَا - خَطَأٌ وَحَرَامٌ لَا يَحِلُّ، وَلَكِنْ يَسْتَوْدِعُهَا لَهُمْ مَنْ يُوثَقُ بِهِ، وَإِنْ رَأَى الْقَاضِي أَوْ الْوَصِيُّ أَنْ يَدْفَعَهَا إلَى مَنْ يَتَّجِرُ لَهُمْ فِيهَا أَوْ يُقَارِضُ لَهُمْ عَلَى وَجْهِ النَّظَرِ فَذَلِكَ حَسَنٌ، وَانْظُرْ فِي الْقِسْمِ الْخَامِسِ فِي تَوْقِيفِ مَالِ الْيَتِيمِ مَا أَحْدَثَهُ قُضَاةُ الْقَيْرَوَانِ.

مَسْأَلَةٌ: فَإِنْ لَمْ يَجِدْ وَاتَّجَرَ فِيهَا الْوَصِيُّ لِنَفْسِهِ أَوْ الَّذِي يَسْتَوْدِعُهَا الْقَاضِي إيَّاهُ فَلَا بَأْسَ بِذَلِكَ، إنْ كَانَ لَهُ مَالٌ أَوْ وَفَاءٌ وَالتَّنَزُّهُ عَنْهُ أَفْضَلُ.

وَقَالَ ابْنُ الْمَاجِشُونِ مَنْ تَعَدَّى فِي مَالٍ فِي يَدَيْهِ بِوَدِيعَةٍ أَوْ نَحْوِهَا فَاتَّجَرَ فِيهَا وَهُوَ مَلِيءٌ أَوْ مُفْلِسٌ فَالرِّبْحُ لَهُ، وَهُوَ ضَامِنٌ لِلْمَالِ فِي مَالِهِ وَذِمَّتِهِ، لَا فِي وَلِيِّ الْيَتِيمِ إذَا كَانَ مُفْلِسًا، وَاتَّجَرَ فِي مَالِ يَتِيمِهِ لِنَفْسِهِ، فَإِنَّ مَالِكًا قَالَ إنْ تَلِفَ بِذَلِكَ الْمَالُ صَارَ لَهُ ضَامِنًا فِي ذِمَّتِهِ لِاتِّجَارِهِ بِهِ، وَإِنْ رَبِحَ فَالرِّبْحُ لِلْيَتِيمِ؛ لِأَنَّهُ كَالنَّاظِرِ لَهُ فِي نَفْسِهِ وَمَالِهِ، فَلَمْ يَكُنْ مِنْ النَّظَرِ لَهُ أَنْ يَتَّجِرَ لِنَفْسِهِ فِي مَالِهِ وَلَا وَفَاءَ عِنْدَهُ بِهِ، وَإِنْ كَانَ لَهُ بِهِ وَفَاءٌ وَكَانَ ظَاهِرَ الْمَلَاءِ فَالرِّبْحُ لَهُ سَائِغٌ، قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ قَالَ لِي ابْنُ الْمَاجِشُونِ: وَأَنَا أَقُولُ بِهِ وَقَدْ أَبَاهُ الْمُغِيرَةُ وَغَيْرُهُ مِنْ أَصْحَابِنَا، وَقَالُوا: الْمُفْلِسُ وَالْمُوسِرُ فِي ذَلِكَ سَوَاءٌ، وَوَلِيُّ الْيَتِيمِ فِي ذَلِكَ كَغَيْرِهِ. قَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ: وَبِهَذَا قَالَ الْمِصْرِيُّونَ وَهُوَ قَوْلُ الْعَامَّةِ وَقَوْلُ مَالِكٍ فِيهِ أَحَبُّ إلَيَّ، وَبِهِ أَقُولُ.

<<  <  ج: ص:  >  >>