للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَرْعٌ: وَلَوْ قَالَ فِي اسْتِرْعَائِهِ: وَمَتَى أَشْهَدْت عَلَى نَفْسِي أَنَّنِي قَطَعْت الِاسْتِرْعَاءَ، وَالِاسْتِرْعَاءُ فِي الِاسْتِرْعَاءِ إلَى أَقْصَى تَنَاهِيهِ، فَإِنَّمَا أَفْعَلُهُ لِلضَّرُورَةِ إلَى ذَلِكَ، وَأَنَّنِي غَيْرُ قَاطِعٍ لِشَيْءٍ مِنْهُ وَأَرْجِعُ فِي حَقِّي، فَحَكَى صَاحِبُ الطُّرَرِ أَنَّ لَهُ ذَلِكَ وَلَا يَضُرُّ، مَا أَشْهَدَ بِهِ عَلَى نَفْسِهِ مِنْهُ.

وَفِي الْمُتَيْطِيَّةِ أَنَّهُ لَوْ قَالَ فِي اسْتِرْعَائِهِ: مَتَى أَشْهَدْت بِقَطْعِ الِاسْتِرْعَاءِ، فَإِنَّمَا أَفْعَلُ ذَلِكَ اسْتِجْلَابًا بِالْإِقْرَارِ خَصْمِي، فَلَهُ الْقِيَامُ وَلَا يَضُرُّهُ مَا انْعَقَدَ عَلَيْهِ مِنْ إسْقَاطِ الْبَيِّنَاتِ الْمُسْتَرْعَاةِ، وَإِنْ قَالَ إنَّهُ أَسْقَطَ الِاسْتِرْعَاءَ وَالِاسْتِرْعَاءُ فِي الِاسْتِرْعَاءِ لَمْ يَنْتَفِعْ بِاسْتِرْعَائِهِ.

وَقَالَ غَيْرُ وَاحِدٍ مِنْ الْمُوَثَّقِينَ: وَفِيهِ تَنَازُعٌ وَمَا ذَكَرَهُ فِي الطُّرَرِ أَصَحُّ فِي النَّظَرِ؛ لِأَنَّهُ أَلْجَأَهُ إلَى الصُّلْحِ بِإِنْكَارِهِ، وَالْمُكْرَهُ لَا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ، وَلَوْ قِيلَ إنَّهُ لَا يَسْقُطُ اسْتِرْعَاؤُهُ مُطْلَقًا، لَكَانَ وَجِيهًا إذَا ثَبَتَ إنْكَارُهُ.

تَنْبِيهٌ: الِاسْتِرْعَاءُ يَنْفَعُ فِي كُلِّ تَطَوُّعٍ كَالْعِتْقِ، وَالتَّدْبِيرِ، وَالطَّلَاقِ، وَالتَّحْبِيسِ، وَالْهِبَةِ. وَلَا يَلْزَمُهُ أَنْ يَفْعَلَ شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ وَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ السَّبَبَ إلَّا بِقَوْلِهِ، مِثْلَ أَنْ يَشْهَدَ أَنِّي طَلَّقْتُ، فَإِنَّمَا أُطَلِّقُ خَوْفًا مِنْ أَمْرٍ أَتَوَقَّعُهُ مِنْ جِهَةِ كَذَا، أَوْ حَلَفَ بِالطَّلَاقِ، وَكَانَ أَشْهَدَ أَنِّي حَلَفْت بِالطَّلَاقِ فَإِنَّمَا هُوَ لِأَجْلِ إكْرَاهٍ وَنَحْوِ ذَلِكَ، فَهَذَا وَمَا ذَكَرْنَاهُ مَعَهُ لَا يُشْتَرَطُ فِيهِ مَعْرِفَةُ الشُّهُودِ السَّبَبَ الْمَذْكُورَ، اُنْظُرْ وَثَائِقَ الْغَرْنَاطِيِّ.

فَرْعٌ: وَلَا يَجُوزُ الِاسْتِرْعَاءُ فِي الْبُيُوعِ مِثْلَ: أَنْ يَشْهَدَ قَبْلَ الْبَيْعِ أَنَّهُ رَاجِعٌ فِي الْبَيْعِ، وَأَنَّ بَيْعَهُ لِأَمْرٍ يَتَوَقَّعُهُ؛ لِأَنَّ الْمُبَايَعَةَ خِلَافُ مَا تَطَوَّعَ بِهِ، وَقَدْ أَخَذَ الْبَائِعُ فِيهِ ثَمَنًا، وَفِي ذَلِكَ حَقٌّ لِلْمُبْتَاعِ إلَّا أَنْ يَعْرِفَ الشُّهُودُ الْإِكْرَاهَ عَلَى الْبَيْعِ أَوْ الْإِخَافَةِ، فَيَجُوزُ الِاسْتِرْعَاءُ إذَا انْعَقَدَ قَبْلَ الْبَيْعِ، وَتَضَمَّنَّ الْعَقْدُ شَهَادَةَ مَنْ يَعْرِفُ الْإِخَافَةَ وَالتَّوَقُّعَ الَّذِي ذَكَرَهُ.

تَنْبِيهٌ: قَالَ الْغَرْنَاطِيُّ فِي وَثَائِقِهِ وَثَائِقُ الِاسْتِرْعَاءِ تُفَارِقُ سَائِرَ الْوَثَائِقِ فِي شَيْئَيْنِ:

أَحَدُهُمَا: أَنَّ شُهُودَهَا يُؤْخَذُونَ بِحِفْظِهَا وَمَعْرِفَةِ مَا فِيهَا وَالثَّانِي: أَنَّ الْمَطْلُوبَ لَا يَجِبُ تَوْقِيفُهُ عَلَيْهَا قَبْلَ ثُبُوتِهَا، وَلَا الْإِعْذَارُ إلَيْهِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>