للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يُقِرُّ خَائِفًا، قُلْت: فَهَلْ أَقْعُدُ لَهُ فِي مَوْضِعٍ لَا يَعْلَمُ بِي لِلشَّهَادَةِ؟ قَالَ: لَوْ كَانَ يَعْلَمُ أَنَّك تَسْتَوْعِبُ أَمَرَهُمَا، وَلَكِنْ أَخَافُ أَنْ تَسْمَعَ جَوَابَهُ لِسُؤَالٍ، وَلَعَلَّهُ يَقُولُهُ فِي سِرٍّ: مَا الَّذِي لِي عِنْدَك إنْ جِئْتُك بِكَذَا، فَيَقُولُ: لَك عِنْدِي كَذَا فَإِنْ قَدِرْتُ أَنْ تُحِيطَ بِسِرِّهِمْ فَجَائِزٌ.

فَرْعٌ: قَالَ ابْنُ كِنَانَةَ فِي الْمَجْمُوعَةِ مَنْ لَهُ قِبَلَ رَجُلٍ حَقٌّ، وَأَرَادَ أَنْ يَأْخُذَ عَلَيْهِ يَمِينًا وَقَدْ جَحَدَهُ، فَخَبَّأَ لَهُ قَوْمٌ فَشَهِدُوا عَلَيْهِ بِالْحَقِّ أَوْ بِالْيَمِينِ، قَالَ شَهَادَتُهُمْ مَقْبُولَةٌ، وَبِئْسَ مَا صَنَعُوا حِينَ دَخَلُوا ذَلِكَ الْمَدْخَلَ. مِنْ الْمُقْنِعِ.

فَرْعٌ: قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: وَإِذَا شَهِدَ شَاهِدَانِ عِنْدَ الْقَاضِي وَبِالْحَضْرَةِ شُهُودٌ فَاسْتَوْعَبُوهَا، ثُمَّ عُزِلَ الْقَاضِي أَوْ مَاتَ الشَّاهِدَانِ فَلَا بَأْسَ لِلشُّهُودِ أَنْ يَشْهَدُوا بِهَا، وَهِيَ شَهَادَةٌ تَامَّةٌ، وَمَنَعَ مِنْ ذَلِكَ أَشْهَبُ.

مَسْأَلَةٌ: وَسُئِلَ مُحَمَّدٌ هَلْ يَجُوزُ لِلشَّاهِدِ أَنْ يَخْتَفِيَ لِيَشْهَدَ عَلَى الْمُقِرِّ فَأَجَابَ بِأَنَّهُ يَتَخَوَّفُ أَنْ لَا يُحِيطَ بِالشَّهَادَةِ عِلْمًا مِمَّا كَانَ بَيْنَ الْخَصْمَيْنِ، ثُمَّ قَالَ وَلَكِنْ إنْ تَحَقَّقَ الْإِقْرَارُ كَمَا يَجِبُ فَلْيَشْهَدْ.

تَنْبِيهٌ: وَحَيْثُ أَجَزْنَا شَهَادَتُهُ فَلَا يَكُونُ مِنْ بَابِ الْحِرْصِ عَلَى التَّحَمُّلِ، قَالَهُ ابْنُ رَاشِدٍ.

تَنْبِيهٌ: يَنْبَغِي لِلشَّاهِدِ أَنْ يَرْفَعَ نَفْسَهُ عَنْ أَنْ يَخْتَفِيَ لِيَشْهَدَ، هَذَا مِمَّا لَمْ يُنْدَبْ إلَيْهِ، وَلَا اُفْتُرِضَ عَلَيْهِ، فَإِنْ فَعَلَ فَقَدْ فَعَلَ مَا لَا يَلِيقُ بِالْفُضَلَاءِ وَلَا يَخْتَارُهُ الْعُقَلَاءُ.

<<  <  ج: ص:  >  >>