للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قَتِيلًا يَسِيلُ دَمُهُ وَلَيْسَ فِي الدَّارِ أَحَدٌ، فَهَذِهِ شَهَادَةٌ جَائِزَةٌ يَقْطَعُ الْحُكْمُ بِهَا، وَإِنْ لَمْ تَكُنْ عَلَى الْمُعَايَنَةِ، قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: وَكَذَلِكَ لَوْ رَأَى الْعُدُولُ الْمُتَّهَمَ يُجَرِّدُ الْمَقْتُولَ، وَإِنْ لَمْ يَرَوْهُ حِينَ أَصَابَهُ فَإِنَّ شَهَادَتَهُمْ لَوْثٌ تَجِبُ مَعَهَا الْقَسَامَةُ.

مَسْأَلَةٌ: وَمِنْ ذَلِكَ الشَّهَادَةُ عَلَى التَّعْرِيفِ فَإِنَّهَا مُسْتَنِدَةٌ إلَى غَلَبَةِ الظَّنِّ.

مَسْأَلَةٌ: قَالَ ابْنُ الْحَاجِبِ: وَيَعْتَمِدُ عَلَى الْقَرَائِنِ الْمُعْتَمَدَةِ الْمُغَلِّبَةِ لِلظَّنِّ فِي التَّعْدِيلِ وَفِي الْإِعْسَارِ بِالْجَبْرِ فِي الْبَاطِنَةِ وَضَرَرِ أَحَدِ الزَّوْجَيْنِ.

قَالَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ: أَجَازُوا لِلشَّاهِدِ أَنْ يَعْتَمِدَ فِيمَا يَشْهَدُ بِهِ عَلَى الظَّنِّ الْقَوِيِّ الْقَرِيبِ مِنْ الْيَقِينِ؛ لِأَنَّهُ هُوَ الْمَقْدُورُ عَلَى تَحْصِيلِهِ فَلَوْ لَمْ يَحْكُمْ بِمُقْتَضَاهُ وَإِلَّا لَزِمَ تَعْطِيلُ الْحُكْمِ فِي التَّعْدِيلِ وَفِي الْإِعْسَارِ، وَأَمَّا ضَرَرُ الزَّوْجَيْنِ، وَإِنْ كَانَ يُمْكِنُ حُصُولُ الْقَطْعِ بِهِ لِلشَّاهِدِ، وَلَكِنَّهُ فِي غَايَةِ النُّدُورِ وَالْعُسْرِ فَيَلْزَمُ تَعْطِيلُ الْحُكْمِ بِهِ أَيْضًا، وَلِعُسْرِ ذَلِكَ قَالَ فِي الرِّوَايَةِ وَمِنْ أَيْنَ لِلشُّهُودِ الْعِلْمُ بِذَلِكَ.

فَصْلٌ: قَالَ الْقَرَافِيُّ فِي الْفَرْقِ السَّادِسِ وَالْعِشْرِينَ وَالْمِائَتَيْنِ: اعْلَمْ أَنَّ قَوْلَ الْعُلَمَاءِ أَنَّ الشَّهَادَةَ لَا تَجُوزُ إلَّا بِالْعِلْمِ لَيْسَ عَلَى ظَاهِرِهِ، فَإِنَّ ظَاهِرَهُ يَقْتَضِي أَنَّهُ لَا يَجُوزُ أَنْ يُؤَدِّيَ الشَّاهِدُ إلَّا مَا هُوَ قَاطِعٌ بِهِ، وَلَيْسَ كَذَلِكَ بَلْ حَالَةُ الْأَدَاءِ دَائِمًا عِنْدَ الشَّاهِدِ الظَّنُّ الضَّعِيفُ فِي كَثِيرٍ مِنْ الصُّوَرِ، بَلْ الْمُرَادُ بِذَلِكَ أَنْ يَكُونَ أَصْلُ الْمُدْرَكِ عِلْمًا فَقَطْ، فَلَوْ شَهِدَ بِقَبْضِ الدَّيْنِ جَازَ أَنْ يَكُونَ الَّذِي عَلَيْهِ الدَّيْنُ قَدْ دَفَعَهُ، فَتَجُوزُ الشَّهَادَةُ عَلَيْهِ بِالِاسْتِصْحَابِ الَّذِي لَا يُفِيدُ إلَّا الظَّنَّ الضَّعِيفَ، وَكَذَلِكَ الثَّمَنُ فِي الْمَبِيعِ مِنْ احْتِمَالِ دَفْعِهِ، وَيَشْهَدُ فِي الْمِلْكِ الْمَوْرُوثِ لِوَارِثِهِ مَعَ جَمِيعِ جَوَازِ بَيْعِهِ بَعْدَ أَنْ وَرِثَهُ، وَيَشْهَدُ بِالْإِجَارَةِ وَلُزُومِ الْأُجْرَةِ مَعَ جَوَازِ الْإِقَالَةِ بَعْدَ ذَلِكَ بِنَاءً عَلَى الِاسْتِصْحَابِ.

وَالْحَاصِلُ فِي هَذِهِ الصُّوَرِ كُلِّهَا وَشِبْهِهَا إنَّمَا هُوَ الظَّنُّ الضَّعِيفُ وَلَا يَكَادُ يُوجَدُ مَا يَبْقَى فِيهِ الْعِلْمُ إلَّا الْقَلِيلُ مِنْ الصُّوَرِ.

فَمِنْ ذَلِكَ النَّسَبُ وَالْوَلَاءُ فَإِنَّهُ لَا يَقْبَلُ النَّقْلَ، فَيَبْقَى الْعِلْمُ عَلَى حَالِهِ، وَمِنْ ذَلِكَ الشَّهَادَةُ بِالْإِقْرَارِ، فَإِنَّهُ إخْبَارٌ عَنْ وُقُوعِ النُّطْقِ فِي الزَّمَانِ الْمَاضِي وَذَلِكَ لَا يَرْتَفِعُ.

<<  <  ج: ص:  >  >>