للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تَبَعًا، لِأَنَّهَا لَا تَجُوزُ إلَّا جَمِيعًا وَلَا تُرَدُّ إلَّا جَمِيعًا، وَبِهَذَا رَأَيْت الْمِصْرِيِّينَ قَالُوا: لِأَنَّ مُطَرِّفًا وَابْنَ الْمَاجِشُونِ قَالَا: إذَا كَانَ الْمُوصِي كَتَبَ ذَلِكَ، أُجْمِعَ فِي كِتَابٍ ثُمَّ أَشْهَدَ عَلَيْهِ الشُّهُودَ فَأَوْقَعُوا فِيهِ شَهَادَتِهِمْ، ثُمَّ جِيءَ بِالْكِتَابِ بَعْدَ مَوْتِ الْمُوصِي فَيَشْهَدُ الشُّهُودُ أَنَّ مَا فِيهِ حَقٌّ، وَأَنَّهُ أَشْهَدْنَا عَلَيْهِ مَكْتُوبًا مَفْرُوغًا مِنْهُ فَلَا شَهَادَةَ لَهُمْ فِيهِ، أَجْمَعُ لِمَا لَهُمْ فِيهِ مِنْ الْوَصِيَّةِ إنْ كَانَ لَهَا بَالٌ وَلَهَا قَدْرٌ، وَلَا يُطْرَحُ مِنْ شَهَادَتِهِمْ مَا شَهِدُوا بِهِ لِأَنْفُسِهِمْ، وَيَمْضِي مِنْهَا مَا شَهِدُوا بِهِ مِنْ الْإِقْرَارِ بِالدَّيْنِ وَالْعِتْقِ لِلْمَمْلُوكِ وَالْوَصِيَّةِ لِغَيْرِهِمْ، لِأَنَّهُ كِتَابٌ وَاحِدٌ وَكَلَامٌ وَاحِدٌ يَلْزَمُ بَعْضُهُ بَعْضًا، فَلَا يَجُوزُ إلَّا جَمِيعًا، قَالَا: وَإِذَا كَانَ الْمُوصِي إنَّمَا أَشْهَدَهُمْ عَلَى ذَلِكَ لَفْظًا فَقَالَ: عَلَيَّ مِنْ الدَّيْنِ كَذَا وَكَذَا، لَمْ يَضَعْ كِتَابًا يَلْزَمُهُ بَعْضُهُ بَعْضًا، وَلَعَلَّ ذَلِكَ أَنْ يَكُونَ مِنْ قَوْلٍ مُتَفَرِّقٍ شَيْئًا بَعْدَ شَيْءٍ أَوْ فِي فَوْرٍ وَاحِدٍ فَقَامَ بِهَا الشُّهُودُ هَكَذَا لَفْظًا عِنْدَ السُّلْطَانِ، أَوْ وَضَعُوا بِهَا كِتَابًا بَعْدَ مَوْتِ الْمُوصِي أَوْ قَبْلَهُ، إلَّا أَنَّ ذَلِكَ لَمْ يَكُنْ بِأَمْرِهِ وَلَا يَعْلَمُهُ، إلَّا لِمَا أَحَبَّ الشُّهُودُ مِنْ حِفْظِهِمْ مَا أَشْهَدَهُمْ، ثُمَّ قَامُوا بِذَلِكَ الْكِتَابِ إلَى السُّلْطَانِ وَأَخْبَرُوهُ بِسَبَبِ طَرْحٍ مِنْ ذَلِكَ مَا شَهِدُوا بِهِ لِأَنْفُسِهِمْ بَالِغًا مَا بَلَغَ، وَأَمْضَى مِنْ ذَلِكَ مَا شَهِدُوا بِهِ لِغَيْرِهِمْ، لِأَنَّهُ بِمَنْزِلَةِ مَا لَوْ أَتَوْا إلَى الْحَاكِمِ فَقَصُّوا عَلَيْهِ الشَّهَادَةَ فَأَمَرَهُمْ أَنْ يَكْتُبُوا ذَلِكَ كَمَا تُكْتَبُ الشَّهَادَاتُ عِنْدَ السُّلْطَانِ، فَلَا تَفْسُدُ شَهَادَاتُهُمْ مَا ذَكَرُوا فِيهَا مِنْ الْوَصِيَّةِ لِأَنْفُسِهِمْ وَهَكَذَا، كُنَّا نَرَى مَعْنَى مَا كَانَ مَالِكٌ يَقُولُ فِي هَذَا، وَسَأَلْت عَنْهُ أَصْبَغَ وَأَعْلَمْته بِهَذَا التَّفْسِيرِ فَقَالَ بِهِ وَاسْتَحْسَنَهُ.

فَرْعٌ: وَقَالَ لِي مُطَرِّفٌ وَابْنُ الْمَاجِشُونِ فِي شَاهِدَيْنِ شَهِدَا فِي ذِكْرِ حَقٍّ عَلَى رَجُلَيْنِ هُمَا لِأَحَدِهِمَا عَدُوَّانِ، فَالشَّهَادَةُ سَاقِطَةٌ عَنْهُمَا جَمِيعًا، وَكَذَلِكَ لَوْ شَهِدَا عَلَى بَرَاءَةِ الرَّجُلِ مِنْ رَجُلَيْنِ هُمَا لِأَحَدِهِمَا عَدُوَّانِ، سَقَطَتْ الشَّهَادَةُ عَنْهُمَا جَمِيعًا، لِأَنَّ الْكِتَابَ فِي الذِّكْرِ وَفِي الْبَرَاءَةِ حَقٌّ وَاحِدٌ، لَا يَحْسُنُ إلَّا جَمِيعًا وَيَبْطُلُ جَمِيعًا، وَلَوْ شَهِدَا بِذَلِكَ لَفْظًا، وَلَيْسَ ذَلِكَ فِي كِتَابٍ سَقَطَتْ عَنْ الْعَدُوِّ وَجَازَتْ لِغَيْرِهِ.

فَرْعٌ: وَقَالَ مُطَرِّفٌ وَابْنُ الْمَاجِشُونِ فِي الشُّهُودِ يَشْهَدُ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ إنْ كَانَ ذَلِكَ كُلُّهُ عَلَى رَجُلٍ وَاحِدٍ فِي مَجْلِسٍ وَاحِدٍ لَمْ تَجُزْ، وَرُدَّتْ شَهَادَتُهُمْ جَمِيعًا عَنْ الْمَشْهُودِ عَلَيْهِ، وَإِنْ كَانَ ذَلِكَ شَيْئًا بَعْدَ شَيْءٍ كَانَ ذَلِكَ كُلُّهُ جَائِزًا وَإِنْ تَقَارَبَ مَا بَيْنَ الشَّهَادَتَيْنِ، وَأَمَّا إذَا كَانَ ذَلِكَ عَلَى رَجُلَيْنِ

<<  <  ج: ص:  >  >>