للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَرْعٌ: وَلَوْ اجْتَمَعَ الْخَصْمَانِ عِنْدَهُ بِذَلِكَ الْمِصْرِ فَأَرَادَا الْمُخَاصَمَةَ عِنْدَهُ وَالشَّيْءُ الَّذِي يَخْتَصِمَانِ فِيهِ فِي بَلَدِ ذَلِكَ الْقَاضِي الْغَائِبِ عَنْ نَظَرِهِ لَمْ يَنْظُرْ بَيْنَهُمَا، لِأَنَّهُمَا حِينَ اجْتَمَعَا فِي ذَلِكَ الْمِصْرِ قَدْ صَارَ أَمْرُهُمَا إلَى قَاضِيهِ، إلَّا أَنْ يَتَرَاضَيَا عَلَيْهِ كَتَرَاضِيهِمَا بِعَدْلٍ يَحْكُمُ بَيْنَهُمَا وَيَلْزَمُهُمَا إنْ قَضَى بِالْحَقِّ.

فَرْعٌ: قَالَ ابْنُ سَهْلٍ وَنَزَلَتْ مِنْ هَذَا الْمَعْنَى مَسْأَلَةٌ سَأَلْت عَنْهَا شَيْخَنَا ابْنَ عَتَّابٍ، وَذَلِكَ فِي الْقَاضِي يَحِلُّ بِغَيْرِ بَلَدِهِ وَقَدْ كَانَ ثَبَتَ عِنْدَهُ بِبَلَدٍ حَقٌّ لِرَجُلٍ، فَسَأَلَهُ الَّذِي لَهُ الْحَقُّ أَنْ يُخَاطِبَ لَهُ مِنْ مَوْضِعِ اخْتِلَالِهِ قَاضِيَ مَوْضِعِ مَطْلُوبِهِ بِمَا كَانَ أَثْبَتَهُ عِنْدَهُ بِبَلَدِهِ، فَقَالَ لِي: لَا يَجُوزُ لَهُ ذَلِكَ، قُلْت: فَإِنْ فَعَلَ، قَالَ: تَبْطُلُ، ثُمَّ قَالَ لِي: وَلَيْسَ يَبْعُدُ أَنْ يَنْفُذَ ذَلِكَ، قُلْت: فَإِنْ كَانَ الرَّجُلُ الَّذِي ثَبَتَ عَلَيْهِ الْحَقُّ بِمَوْضِعِ اخْتِلَالِهِ، فَأَعْلَمَ قَاضِيَ ذَلِكَ الْمَوْضِعِ مُشَافَهَةً بِمَا ثَبَتَ عِنْدَهُ، هَلْ يَكُونُ كَمُخَاطَبَتِهِ إيَّاهُ بِذَلِكَ مِنْ بَلَدِهِ؟ فَقَالَ: لَيْسَ مِثْلَهُ، قُلْت لَهُ: فَمَا الْفَرْقُ؟ قَالَ: هُوَ إخْبَارُهُ هَا هُنَا بِمَا كَانَ ثَبَتَ عِنْدَهُ طَالِبٌ فُضُولِيٌّ، وَمَا الَّذِي يَدْعُوهُ إلَى ذَلِكَ؟ . قُلْت: وَمَا يَمْنَعُهُ مِنْ إخْبَارِهِ بِهِ وَيُشْهِدُ عِنْدَهُ الْمُخْبِرُ بِذَلِكَ وَيُنَفِّذُهُ كَمَا يُشْهِدُ عِنْدَهُ بِمَا يَجْرِي فِي مَجْلِسِهِ مِنْ إقْرَارٍ وَإِنْكَارٍ وَيَقْضِي بِهِ؟ فَقَالَ: لَيْسَ مِثْلَهُ وَلَكِنْ أَنْ يُشْهِدَ هَذَا الْقَاضِي الْمُخْبِرَ بِذَلِكَ شَاهِدَيْنِ فِي مَنْزِلِهِ، وَشَهِدَا بِذَلِكَ عِنْدَ قَاضِي الْمَوْضِعِ نَفَذَ وَجَازَ.

فَرْعٌ: وَفِي كِتَابِ أَدَبِ الْقَضَاءِ لِمُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ: وَإِذَا حَجَّ الْقَاضِي فَنَزَلَ مِصْرَ أَوْ غَيْرَهَا فَأَتَاهُ قَوْمٌ مِنْ أَهْلِ عَمَلِهِ يَسْأَلُونَهُ أَنْ يَسْمَعَ مِنْ بَيِّنَتِهِمْ عَلَى رَجُلٍ فِي عَمَلِهِ، أَوْ كَانَ قَدْ شَهِدَ عِنْدَهُ شُهُودٌ فِي عَمَلِهِ فَأَرَادُوا مِنْهُ أَنْ يَكْتُبَ إلَى وَالِي الْعِرَاقِ، وَيُشْهِدَ عَلَى كِتَابِهِ بِذَلِكَ أَوْ إلَى مَكَّةَ أَوْ يَحْكُمَ لَهُمْ بِحُكْمٍ قَدْ شُهِدَ عِنْدَهُ عَلَيْهِ قَبْلَ ذَلِكَ، فَلَيْسَ لَهُ ذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ وَالِيَ ذَلِكَ الْبَلَدِ، فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَسْمَعَ مِنْ بَيِّنَتِهِ فِيهَا وَلَا يَنْظُرَ فِي بَيِّنَةِ أَحَدٍ وَلَا يَشْهَدُ عِنْدَهُ أَحَدٌ إلَّا بِبَلَدِهِ، وَأَمَّا إنْ كَانَ قَدْ شَهِدَ عِنْدَهُ أَحَدٌ بِبَلَدِهِ فَأَرَادَ أَنْ يَسْأَلَ عَنْهُمْ حَيْثُ هُوَ فَذَلِكَ لَهُ، وَقَدْ تَقَدَّمَ أَنَّهُ إذَا سَأَلَ عَنْ ذَلِكَ قَاضِيَ الْبَلَدِ فَأَخْبَرَهُ بِعَدَالَتِهِ اُجْتُزِئَ بِذَلِكَ.

<<  <  ج: ص:  >  >>