للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَزُجِرَ وَمَضَى مَا كَانَ صَوَابًا مِنْ حُكْمِهِ وَصَارَ الْمَحْدُودُ بِالْقَذْفِ مَحْدُودًا وَالتَّلَاعُنُ مَاضِيًا.

مَسْأَلَةٌ: وَلَا يُشْتَرَطُ دَوَامُ الرِّضَا إلَى حِينِ نُفُوذِ الْحُكْمِ بَلْ لَوْ أَقَامَا الْبَيِّنَةَ عِنْدَهُ ثُمَّ بَدَا لِأَحَدِهِمَا قَبْلَ أَنْ يَحْكُمَ فَلْيَقْضِ بَيْنَهُمَا وَيَجُوزُ حُكْمُهُ.

وَقَالَ أَصْبَغُ: لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا الرُّجُوعُ مَا لَمْ يَنْشَبَا فِي الْخُصُومَةِ عِنْدَهُ فَيَلْزَمُهُمَا التَّمَادِي فِيهَا، كَمَا لَيْسَ لِأَحَدِهِمَا إذَا تَرَافَعَا الْخُصُومَةُ عِنْدَ الْقَاضِي أَنْ يُوَكِّلَ وَكِيلًا أَوْ يَعْزِلَهُ.

وَقَالَ سَحْنُونٌ فِي كِتَابِ ابْنِهِ: لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا الرُّجُوعُ مَا لَمْ يُفْصَلْ الْحُكْمُ بَيْنَهُمَا.

وَقَالَ ابْنُ الْمَاجِشُونِ: لَيْسَ لِأَحَدِهِمَا الرُّجُوعُ كَانَ ذَلِكَ قَبْلَ أَنْ يُقَاعِدَ صَاحِبَهُ لَوْ بَعْدَ مَا نَاشَبَهُ الْخُصُومَةَ وَحُكْمُهُ لَازِمٌ لَهُمَا.

مَسْأَلَةٌ: إذَا حَكَمَ الْمُحَكَّمُ فَلَيْسَ لِأَحَدٍ أَنْ يَنْقُضَ حُكْمَهُ، وَإِنْ خَالَفَ مَذْهَبَهُ إلَّا أَنْ يَكُونَ جَوْرًا بَيِّنًا لَمْ يَخْتَلِفْ فِيهِ أَهْلُ الْعِلْمِ.

مَسْأَلَةٌ: قَالَ اللَّخْمِيُّ: إنَّمَا يَجُوزُ التَّحْكِيمُ إذَا كَانَ الْمُحَكَّمُ عَدْلًا مِنْ أَهْلِ الِاجْتِهَادِ أَوْ عَامِّيًّا وَاسْتَرْشَدَ الْعُلَمَاءَ، فَإِنْ حَكَمَ، وَلَمْ يَسْتَرْشِدْ رُدَّ، وَإِنْ وَافَقَ قَوْلَ قَائِلٍ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ تَخَاطُرٌ مِنْهُمَا وَغَرَرٌ.

وَقَالَ الْمَازِرِيُّ: لَا يُحَكَّمُ إلَّا مَنْ يَصِحُّ أَنْ يُوَلَّى الْقَضَاءَ. قَالَ: وَإِذَا كَانَ الْمُحَكَّمُ مِنْ أَهْلِ الِاجْتِهَادِ مَالِكِيًّا، وَلَمْ يَخْرُجْ بِاجْتِهَادِهِ عَنْ مَذْهَبِ مَالِكٍ لَزِمَ حُكْمُهُ، وَإِنْ خَرَجَ عَنْ ذَلِكَ لَمْ يَلْزَمْ إذَا كَانَ الْخِصَامُ بَيْنَ مَالِكِيَّيْنِ؛ لِأَنَّهُمَا لَمْ يُحَكِّمَاهُ عَلَى أَنْ يَخْرُجَ مِنْ قَوْلِ مَالِكٍ وَأَصْحَابِهِ، وَكَذَلِكَ إنْ كَانَا شَافِعِيَّيْنِ أَوْ حَنَفِيَّيْنِ وَحَكَّمَاهُ عَلَى مِثْلِ ذَلِكَ لَمْ يَلْزَمْ حُكْمُهُ إنْ حَكَّمَ بَيْنَهُمَا بِغَيْرِ ذَلِكَ.

مَسْأَلَةٌ: وَإِذَا حَكَّمَ الْخَصْمَانِ عَبْدًا أَوْ امْرَأَةً أَوْ مَسْخُوطًا أَوْ صَبِيًّا أَوْ مَعْتُوهًا أَوْ مُوَسْوِسًا أَوْ كَافِرًا أَوْ مَجْنُونًا فَإِنَّ أَحْكَامَ الْمَجْنُونِ وَالْمُوَسْوِسِ وَالْكَافِرِ لَا تَلْزَمُ بِلَا خِلَافٍ، وَاخْتُلِفَ فِيمَنْ عَدَاهُمْ، قَالَ أَصْبَغُ: وَرُبَّ غُلَامٍ لَمْ يَبْلُغْ لَهُ عِلْمٌ بِالْقَضَاءِ. قَالَ الْمَازِرِيُّ: وَفِي الْمَذْهَبِ فِي ذَلِكَ أَرْبَعَةُ أَقْوَالٍ: الْجَوَازُ فِي الْجَمِيعِ، وَالْمَنْعُ فِي الْجَمِيعِ، وَالْجَوَازُ إلَّا فِي الْمَسْخُوطِ وَالصَّبِيِّ.

مَسْأَلَةٌ: فَإِذَا حَكَّمَ أَحَدُ الْخَصْمَيْنِ صَاحِبَهُ فَحَكَمَ لِنَفْسِهِ أَوْ عَلَيْهَا جَازَ وَمَضَى مَا لَمْ يَكُنْ جَوْرًا بَيِّنًا، وَلَيْسَ تَحْكِيمُ الْخَصْمِ خَصِيمَهُ كَتَحْكِيمِ

<<  <  ج: ص:  >  >>