للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَذَكَرَ ابْنُ الْقَاسِمِ أَنَّ مَالِكًا لَمْ يَرَ الْعَمَلَ عَلَيْهِ، قَالَ أَصْبَغُ: وَلَسْت أَقُولُ بِهِ وَالْحَدُّ لَازِمٌ لَهُمَا وَلَا عُذْرَ لَهُمَا فِي ذَلِكَ بِجُوعٍ وَلَا غَيْرِهِ، وَأَرَاهَا بَائِنًا مِنْ زَوْجِهَا بِالثَّلَاثِ: لِأَنَّهَا كَالْمَوْهُوبَةِ، وَسَوَاءٌ وَطِئَهَا الْمُشْتَرِي أَوْ لَمْ يَطَأْهَا، إذَا كَانَ بَيْعُهَا عَزْمًا مِنْ زَوْجِهَا، وَكَذَلِكَ لَوْ زَوْجُهَا عَازِمًا عَلَى ذَلِكَ بَانَتْ مِنْهُ بِالثَّلَاثِ، وَطِئَهَا النَّاكِحُ أَوْ لَمْ يَطَأْهَا، غَيْرَ أَنَّ الْحَدَّ فِي النِّكَاحِ مَدْرُوءٌ عَنْهَا لِشُبْهَةِ النِّكَاحِ، لِأَنَّهَا بَانَتْ مِنْ زَوْجِهَا بِإِنْكَاحِهَا إيَّاهُ، فَوَقَعَ نِكَاحُهَا وَبَيْنُونَتُهَا مِنْ زَوْجِهَا مَعًا فَدَرَأَتْ شُبْهَةُ النِّكَاحِ عَنْهَا الْحَدَّ، وَيَرْجِعُ هَذَا الزَّوْجُ الثَّانِي عَلَيْهِ بِجَمِيعِ مَا أَصْدَقَهَا إلَّا رُبْعَ دِينَارٍ إذَا كَانَ جَاهِلًا، أَمَّا لَوْ عَلِمَ لَكَانَتْ عَلَيْهِ الْعُقُوبَةُ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ شَيْءٌ مِمَّا أَعْطَاهَا، وَلَا حَدَّ عَلَيْهِ لِلشُّبْهَةِ الْمَذْكُورَةِ.

وَكَذَلِكَ يَرْجِعُ مُبْتَاعُ الْمَرْأَةِ مِنْ زَوْجِهَا بِجَمِيعِ الثَّمَنِ، إنْ شَاءَ عَلَى الزَّوْجِ الْبَائِعِ وَإِنْ شَاءَ عَلَى الْمَرْأَةِ، وَلَا يَدْعُ غَيْرَهُ، وَلَوْ كَانَ عَالِمًا كَانَ عَلَيْهِ الْحَدُّ وَرَجَعَ بِالثَّمَنِ كُلِّهِ أَيْضًا.

مَسْأَلَةُ: لَوْ أَقَرَّ حُرٌّ لِرَجُلٍ أَنَّهُ مَمْلُوكُهُ فَبَاعَهُ الْمُقَرُّ لَهُ بِالرِّقِّ، وَاقْتَسَمَا الثَّمَنَ ثُمَّ مَاتَ الْبَائِعُ وَثَبَتَتْ حُرِّيَّةُ الْمُقِرِّ رَجَعَ الْمُبْتَاعُ عَلَى الْمُقِرِّ بِجَمِيعِ الثَّمَنِ عُقُوبَةً لَهُ.

مَسْأَلَةٌ: إذَا أَخْرَجَ السَّيِّدُ عَبْدَهُ الصَّغِيرَ فَبَاعَهُ فِي غَيْرِ بَلَدِ الْأُمِّ وَثَبَتَ ذَلِكَ عِنْدَ الْحَاكِمِ، أَمَرَهُ الْحَاكِمُ بِالْخُرُوجِ إلَى مَوْضِعِ الصَّبِيِّ وَاسْتِرْجَاعِهِ إلَى أُمِّهِ، فَإِنْ أَبَى مِنْ الْخُرُوجِ أُدِّبَ بِالسَّوْطِ وَالسِّجْنِ، وَلَهُ أَنْ يُوَكِّلَ مَنْ يَنُوبُ عَنْهُ، فَإِنْ خِيفَ أَنْ يَتَغَيَّبَ إذَا خَرَجَ أَخَذَ بِحَمِيلٍ، فَإِنْ لَمْ يَأْتِ بِهِ سُجِنَ، وَقِيلَ: بَلْ يُسْجَنُ إلَى أَنْ يُحَضِّرَهُ، وَهَذَا إذَا كَانَتْ الْأُمُّ أَمَتُهُ، فَإِنْ كَانَتْ حُرَّةً فَقِيلَ عَلَيْهِ أَنْ يَخْرُجَ فِي طَلَبِهِ، وَقِيلَ: بَلْ يُقَالُ لِأُمِّهِ: اُخْرُجِي إلَيْهِ إنْ شِئْت، وَيَكْتُبُ لَهَا الْحَاكِمُ بِمَا ثَبَتَ عِنْدَهُ مِنْ أَنَّهَا أُمُّهُ، وَأَنْ يَحْمِلَهَا عَلَى مَا يَجِبُ لَهَا مِنْ زِيَارَتِهِ، قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ وَيُؤَدَّبُ أَيْضًا بِمَا أَقْدَمَ عَلَيْهِ.

[مَسْأَلَةٌ اشْتَرَى رَجُلٌ مِنْ السِّمْسَارِ سِلْعَةً فَاسْتُحِقَّتْ مِنْ يَدِ الْمُشْتَرِي]

مَسْأَلَةٌ: وَإِذَا اشْتَرَى رَجُلٌ مِنْ السِّمْسَارِ سِلْعَةً فَاسْتُحِقَّتْ مِنْ يَدِ الْمُشْتَرِي، أَوْ ظَهَرَ بِهَا عَيْبٌ فَلَا عُهْدَةَ عَلَى السِّمْسَارِ وَالتِّبَاعَةُ عَلَى رَبِّهَا، فَإِنْ لَمْ يَعْرِفْ كَانَتْ مُصِيبَةُ ذَلِكَ مِنْ الْمُشْتَرِي، قَالَ ابْنُ أَبِي زَمَنِينَ: فَإِذَا

<<  <  ج: ص:  >  >>