للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[فَصْلٌ وَوَقَعَ فِي بَابِ الْغَصْبِ]

ِ مَسَائِلُ تَقَدَّمَتْ فِي أَوَّلِ هَذَا الْقَسَمِ، وَاعْلَمْ أَنَّهُ يَجِبُ عَلَى الْغَاصِبِ مَعَ رَدِّ مَا أَخَذَ الْأَدَبُ عَلَى قَدْرِ اجْتِهَادِ الْحَاكِمِ لِيَكُونَ ذَلِكَ زَجْرًا لَهُ وَلِغَيْرِهِ، وَلَا يُسْقِطُ مِنْهُ عَفْوُ الْمَغْصُوبِ مِنْهُ، إلَّا أَنْ يَكُونَ الْغَاصِبُ غَيْرَ مُكَلَّفٍ فَيَسْقُطُ عَنْهُ الْأَدَبُ، وَقَدْ قِيلَ: إنَّ الْإِمَامَ يُؤَدِّبُ الصَّغِيرَ الَّذِي يَعْقِلُ مِثْلَ هَذَا، كَمَا يُؤَدَّبُ الصَّغِيرُ فِي الْمَكْتَبِ.

[فَصْلٌ وَوَقَعَ فِي بَابِ الِاسْتِحْقَاقِ]

مَسْأَلَةٌ: إذَا اسْتَحَقَّتْ أَمَةٌ مِنْ رَجُلٍ فَأَرَادَ الْمُسْتَحَقُّ مِنْهُ أَنْ يَضَعَ قِيمَتَهَا، وَأَنْ يَذْهَبَ فَيُطَالِبُ بِهَا الَّذِي اشْتَرَاهَا مِنْهُ، فَإِنْ كَانَ غَيْرَ مَأْمُونٍ أَلْزَمَهُ الْحَاكِمُ أَنْ يَسْتَأْجِرَ أَمِينًا مِنْ مَالِهِ لِيَتَوَجَّهَ بِهَا مَعَهُ.

مَسْأَلَةٌ: إذَا ادَّعَتْ جَارِيَةٌ الْحُرِّيَّةَ وَذَكَرَتْ أَنَّهَا مِنْ مَوْضِعٍ سَمَّتْهُ، وَأَنَّ مُتَغَلِّبًا بِتِلْكَ الْجِهَةِ أَغَارَ عَلَيْهِمْ فَسَبَاهَا فِيمَنْ سَبَى وَأَنَّهَا حُرَّةٌ وَعُلِمَ صِحَّةُ مَا ذَكَرَتْ مِنْ التَّغَلُّبِ عَلَى أَهْلِ تِلْكَ النَّاحِيَةِ، وَذَكَرَ الَّذِي هِيَ بِيَدِهِ أَنَّهُ ابْتَاعَهَا فِي ذَلِكَ الْجَانِبِ الَّذِي زَعَمَتْ أَنَّهَا مِنْ أَهْلِهِ، فَهَلْ يَكُونُ إثْبَاتُ الرِّقِّ عَلَى الَّذِي أُلْقِيَتْ بِيَدِهِ أَمْ عَلَيْهَا هِيَ إثْبَاتُ الْحُرِّيَّةِ؟ فَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ وَلِيَدٍ وَيَحْيَى بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ وَمُحَمَّدُ بْنُ غَالِبٍ وَعُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ يَحْيَى وَأَيُّوبُ بْنُ سُلَيْمَانَ وَسَعْدُ بْنُ مُعَاذٍ وَأَحْمَدُ بْنُ يَحْيَى بْنِ أَبِي عِيسَى عَلَى الْمُدَّعِي لِرِقِّهَا إثْبَاتَ دَعْوَاهُ لِتَصْدِيقِهِ إيَّاهَا عَلَى ذِكْرِ النَّاحِيَةِ، وَقَدْ قَالَ سَحْنُونٌ بِهَذَا.

وَقَالَ رَبِيعَةُ تَحْدُثُ لِلنَّاسِ أَقْضِيَةٌ لِمَا يُحْدِثُونَ.

وَقَالَ ابْنُ لُبَابَةَ: الْبَيِّنَةُ عَلَى مُدَّعِيَةِ الْحُرِّيَّةِ إذْ هِيَ فِي مِلْكِ الرَّجُلِ مَعْرُوفَةُ الرِّقِّ، قَالَ: وَقَدْ كَانَ عَبْدُ الْأَعْلَى يُفْتِي بِغَيْرِ هَذَا لِفَسَادِ الزَّمَانِ وَلَسْت أَرَاهُ.

مَسْأَلَةٌ: وَمِنْ هَذَا الْمَعْنَى: مَا وَقَعَ فِي مَسَائِلِ ابْنِ زَرْبٍ فِي عَبْدٍ زَعَمَ أَنَّهُ حُرٌّ وَعُلِمَ أَنَّهُ قَدْ كَانَ فِي بَلَدٍ بَيْعُ الْأَحْرَارِ فِيهَا فَاشٍ، قَالَ ابْنُ زَرْبٍ يَخْرُجُ الْمَمْلُوكُ عَنْ يَدِ الَّذِي هُوَ بِيَدِهِ حَتَّى يُقِيمَ الْبَيِّنَةَ أَنَّهُ ابْتَاعَهُ مِمَّنْ كَانَ لَهُ مِلْكًا، فَجَعَلَ الْإِثْبَاتَ عَلَى السَّيِّدِ، قَالَ وَبِذَلِكَ كَانَ شُيُوخُ بَلَدِنَا يُفْتُونَ فِيمَا يَقَعُ بِبَلَدِ ابْنِ حَفْظُونٍ لِأَنَّهُ كَانَ فِيهَا بَيْعُ الْأَحْرَارِ، فَكَانُوا يُكَلِّفُونَ السَّيِّدَ إقَامَةَ الْبَيِّنَةِ عَلَى صِحَّةِ ابْتِيَاعِهِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>