للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَرْعٌ: وَالصَّلْبُ هُوَ الرَّبْطُ عَلَى الْجُذُوعِ، وَعِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ أَنَّهُ يَصْلُبُهُ ثُمَّ يَقْتُلُهُ بِطَعْنَةٍ، وَرَوَاهُ ابْنُ حَبِيبٍ عَنْ مَالِكٍ.

وَقَالَ أَشْهَبُ: بِقَتْلِهِ يَصْلُبُهُ، وَالصَّلْبُ مُخْتَصٌّ بِالرَّجُلِ دُونَ الْمَرْأَةِ الْمُحَارَبَةِ.

فَرْعٌ: وَلَوْ حَبَسَهُ الْإِمَامُ لِيَصْلُبَهُ فَمَاتَ فِي السِّجْنِ فَإِنَّهُ لَا يَصْلُبُهُ وَلَوْ قَتَلَهُ أَحَدٌ فِي السِّجْنِ أَوْ قَتَلَهُ الْإِمَامُ فَلْيَصْلُبْهُ، وَالْفَرْقُ أَنَّهُ إذَا مَاتَ حَتْفَ أَنْفِهِ فَقَدْ فَاتَتْ الْعُقُوبَةُ فِيهِ، فَلَا مَعْنَى لِصَلْبِهِ، لِأَنَّهُ إنَّمَا هُوَ صِفَةٌ مِنْ صِفَاتِ الْقَتْلِ أَوْ تَشْنِيعٌ لِلْقَتْلِ بَعْدَ وُقُوعِهِ، فَإِذَا فَاتَ الْقَتْلُ بِالْمَوْتِ سَقَطَتْ صِفَتُهُ وَتَوَابِعُهُ، وَأَمَّا إذَا قَتَلَ فِي السِّجْنِ فَقَدْ وَجَبَ الْقَتْلُ فَتَعَقَّبَهُ تَوَابِعُهُ.

فَرْعٌ: وَاخْتُلِفَ هَلْ يَبْقَى عَلَى الْجُذُوعِ حَتَّى تَفْنَى الْخَشَبَةُ وَتَأْكُلُهُ الْكِلَابُ؟ أَوْ يُمَكَّنُ أَوْلِيَاؤُهُ أَوْ غَيْرُهُمْ مِنْ غُسْلِهِ وَدَفْنِهِ؟ وَالْأَوَّلُ: رِوَايَةُ ابْنِ حَبِيبٍ عَنْ ابْنِ الْمَاجِشُونِ، وَالثَّانِي رِوَايَةُ ابْنِ سَحْنُونٍ عَنْ أَبِيهِ.

مَسْأَلَةٌ: وَالنَّفْيُ مُخْتَصٌّ بِالْأَحْرَارِ الذُّكُورِ وَلَا نَفْيَ عَلَى الْعَبِيدِ قَالَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ وَأَشْهَبُ.

مَسْأَلَةٌ: فَإِذَا أَخَذَ الْمُحَارَبُ قَبْلَ أَنْ يَتُوبَ، فَقَدْ قَالَ مَالِكٌ: لَا عَفْوَ فِيهِ لِإِمَامٍ وَلَا لِوَلِيِّ قَتِيلٍ وَلَا لِرَبِّ مَتَاعٍ، وَهُوَ حَدٌّ لِلَّهِ لَا شَفَاعَةَ فِيهِ، فَلَوْ أَسْلَمَ الْقَاضِي الْمُحَارَبُ إلَى أَوْلِيَاءِ الْمَقْتُولِ فَعَفَوْا عَنْهُ، فَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ وَسَحْنُونٌ: هُوَ حُكْمٌ قَدْ نَفَذَ لَا يُنْتَقَضُ لِلِاخْتِلَافِ فِيهِ.

وَقَالَ أَشْهَبُ: يُنْقَضُ وَيُقْتَلُ وَلَا خِلَافَ أَنَّهُ لَا عَفْوَ فِيهِ، قَالَ ابْنُ الْمَاجِشُونِ: قَالَ الشَّيْخُ فِي نَوَادِرِهِ يُرِيدُ أَشْهَبَ أَنَّ الشَّاذَّ لَا يُعَدُّ خِلَافًا.

مَسْأَلَةٌ: إذَا قَتَلَ وَاحِدٌ مِنْ اللُّصُوصِ قَتِيلًا، قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: فَقَدْ اسْتَوْجَبَ جَمِيعَهُمْ الْقَتْلُ وَلَوْ كَانُوا مِائَةَ أَلْفٍ، وَذَكَرَ الْقَاضِي أَبُو مُحَمَّدٍ هَذِهِ الْمَسْأَلَةَ فَقَالَ: إذَا قَتَلَ أَحَدُهُمْ وَكَانَ سَائِرُهُمْ رِدْءًا لَهُمْ وَأَعْوَانًا لَمْ يُبَاشِرُوا الْقَتْلَ فَإِنَّ جَمِيعَهُمْ يُقْتَلُونَ، قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: وَلَوْ تَابُوا كُلُّهُمْ، فَإِنَّ لِلْوَلِيِّ قَتْلَهُمْ أَجْمَعِينَ، وَلَهُمْ قَتْلُ مَا شَاءُوا وَالْعَفْوُ عَمَّا شَاءُوا عَلَى دِيَةٍ أَوْ غَيْرِ دِيَةٍ.

وَقَالَ أَشْهَبُ: إنْ تَابُوا قَبْلَ الْقُدْرَةِ عَلَيْهِمْ سَقَطَ عَنْهُمْ حَدُّ الْحِرَابَةِ، وَلَا يُقْتَلُ مِنْهُمْ إلَّا مَنْ وَلِيَ الْقَتْلَ أَوْ أَعَانَ عَلَيْهِ، وَلَا يُقْتَلُ الْآخَرُونَ وَيُضْرَبُ كُلٌّ مِنْهُمْ مِائَةً وَيُسْجَنُ عَامًا.

<<  <  ج: ص:  >  >>