للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَأَمَّا عَلِيٌّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - فَقَدْ قَاتَلَ أَهْلَ الشَّامِ وَأَهْلَ الْبَصْرَةِ، لِأَنَّهُمْ أَبَوْا الدُّخُولَ فِي طَاعَتِهِ، وَقَدْ قَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِعَمَّارٍ: تَقْتُلُك الْفِئَةُ الْبَاغِيَةُ؟ وَكَانَ مَعَ عَلِيٍّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - فَقَتَلَهُ أَهْلُ الشَّامِ، وَقَاتَلَ أَهْلَ النَّهْرَوَانِ وَهُمْ مُتَأَوِّلُونَ، وَلِلْإِمَامِ الْعَدْلِ خَاصَّةٌ فِي قِتَالِ الْفَرِيقَيْنِ جَمِيعًا، مَا لَهُ فِي قِتَالِ الْكُفَّارِ مِنْ الْقَتْلِ وَالتَّحْرِيقِ وَالتَّغْرِيقِ وَالرَّمْيِ بِالْمَنْجَنِيقِ وَإِنْ كَانَ فِيهِمْ النِّسَاءُ وَالذُّرِّيَّةُ، وَلَكِنْ بَعْدَ أَنْ يَدْعُوهُمْ إلَى الدُّخُولِ فِي جَمَاعَةِ الْإِسْلَامِ، قَالَ سَحْنُونٌ فِي كِتَابِ ابْنِهِ إذَا خَرَجُوا بَغْيًا وَرَغْبَةً عَنْ حُكْمِ الْإِمَامِ، فَإِنَّ الْإِمَامَ يَدْعُوهُمْ أَوَّلًا إلَى الرُّجُوعِ إلَى الْحَقِّ، فَإِنْ فَعَلُوا قَبِلَ مِنْهُمْ وَكَفَّ عَنْهُمْ، وَإِنْ أَبَوْا قَاتَلَهُمْ وَحَلَّ لَهُ سَفْكُ دِمَائِهِمْ حَتَّى يَقْهَرَهُمْ.

مَسْأَلَةٌ: وَلَا يُقْتَلُ أَسِيرُهُمْ لِأَنَّ قِتَالَهُمْ لِأَجْلِ قَهْرِهِمْ وَقَدْ حَصَلَ وَلَكِنْ يُؤَدَّبُ وَيُسْجَنُ حَتَّى يَتُوبَ.

فَرْعٌ: وَإِذَا ظَهَرَ عَلَيْهِمْ وَتَحَقَّقَتْ هَزِيمَتُهُمْ وَأُمِنَتْ عَوْدَتُهُمْ، فَلَا يُذَفَّفُ عَلَى جَرِيحِهِمْ وَلَا يُقْتَلُ مُنْهَزِمُهُمْ، وَإِنْ لَمْ يُؤْمَنْ رُجُوعُهُمْ فَلَا بَأْسَ بِقَتْلِ مُنْهَزِمِهِ وَتَجْرِيحِهِمْ.

مَسْأَلَةٌ: وَلَا بَأْسَ أَنْ يُقْتَلَ الرَّجُلُ فِي قِتَالِهِ قَرِيبَهُ مُبَارَزَةً وَغَيْرَ مُبَارَزَةٍ، وَكَذَلِكَ جَدُّهُ لِأَبِيهِ وَلِأُمِّهِ، وَأَمَّا الْأَبُ فَلَا أُحِبُّ قَتْلَهُ عَلَى الْعَمْدِ مُبَارَزَةً، أَوْ غَيْرَهَا، وَكَذَلِكَ الْأَبُ الْكَافِرُ مِثْلُ الْخَارِجِيِّ.

وَقَالَ أَصْبَغُ: يُقْتَلُ فِيهِمَا أَخَاهُ وَأَبَاهُ مِنْ ابْنِ رُشْدٍ.

تَنْبِيهٌ: قَالَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ وَهَذَا الْحُكْمُ ظَاهِرٌ فِي أَهْلِ الْعِنَادِ وَالْمَعْصِيَةِ وَشِبْهِهِمْ، وَأَمَّا الْمُبْتَدِعَةُ فَالْمَذْهَبُ أَنَّ مَنْ أَظْهَرَ بِدْعَتَهُ يُسْتَتَابُ، لِأَنَّ بِدْعَتَهُ الَّتِي خَرَجَ بِسَبَبِهَا لَمْ يَزَلْ مُعْتَقِدًا لَهَا وَإِذَا كَانَ الْحُكْمُ أَنَّهُ يُسْتَتَابُ، وَإِنْ لَمْ يَخْرُجْ عَلَى الْإِمَامِ فَأَحْرَى إذَا خَرَجَ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

<<  <  ج: ص:  >  >>