للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[فَصْلٌ فِي حُكْمِ الزِّنْدِيقِ]

وَالزَّنْدَقَةُ هِيَ إظْهَارُ الْإِيمَانِ وَإِبْطَالُ الْكُفْرِ، فَمَنْ أَسَرَّ دِينًا مِنْ الْأَدْيَانِ غَيْرِ الْإِسْلَامِ فَإِنْ أَتَى تَائِبًا قُبِلَتْ تَوْبَتُهُ وَإِنْ أُخِذَ عَلَى دِينٍ خَفَاهُ قُتِلَ وَلَمْ يُسْتَتَبْ، وَنَقَلَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ عَنْ ابْنِ لُبَابَةَ: إنَّهُ يُسْتَتَابُ كَالْمُرْتَدِّ وَهُوَ مَذْهَبُ جَمَاعَةٍ مِنْ الْعُلَمَاءِ، قَالَ مَالِكٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ -: النِّفَاقُ فِي عَهْدِ رَسُولِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - هُوَ الزَّنْدَقَةُ فِينَا الْيَوْمُ، فَيُقْتَلُ الزِّنْدِيقُ إذَا شُهِدَ عَلَيْهِ بِهَا دُونَ اسْتِتَابَةٍ، لِأَنَّهُ لَا يُظْهِرُ مَا يُسْتَتَابُ مِنْهُ.

مَسْأَلَةٌ: وَاخْتُلِفَ فِي مِيرَاثِهِ هَلْ هُوَ لِوَرَثَتِهِ أَوْ لِجَمَاعَةِ الْمُسْلِمِينَ.

مَسْأَلَةٌ: وَمَنْ عَبَدَ شَمْسًا أَوْ قَمَرًا أَوْ حَجَرًا أَوْ غَيْرَ ذَلِكَ فَإِنَّهُ يُقْتَلُ، وَلَا يُسْتَتَابُ إذَا كَانَ يُظْهِرُ الْإِسْلَامَ وَيُسِرُّ ذَلِكَ لِأَنَّهُ لَا تُعْرَفُ تَوْبَتُهُ.

مَسْأَلَةٌ: وَفِي أَحْكَامِ ابْنِ سَهْلٍ وَحُكِمَ عَلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَحْمَدَ بْنِ حَاتِمٍ الطُّلَيْطِلِيِّ بِالزَّنْدَقَةِ لِمَا شُهِدَ بِهِ عَلَيْهِ مِنْ الْأَلْفَاظِ الْقَبِيحَةِ، مِنْهَا أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: قَالَ الْيَتِيمُ وَقَالَ يَتِيمُ قُرَيْشٍ، وَقَالَ خَتْنُ حَيْدَرَةَ، وَحَيْدَرَةُ مِنْ أَسْمَاءِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - وَقَالَ عَنْهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إنَّ زُهْدَهُ لَمْ يَكُنْ عَنْ قَصْدٍ، وَإِنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَوْ قَدَرَ عَلَى رَقِيقِ الطَّعَامِ لَمْ يَأْكُلْ خَشِنَهُ، وَإِنَّ عُمَرَ وَعَلِيًّا - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - كَانَا أَحْمَقَيْنِ لَعَنَهُ اللَّهُ، وَقَالَ: لَا يَجِبُ الْغُسْلُ مِنْ الْجَنَابَةِ، وَأَنْكَرَ الْقَدَرَ وَأَشْيَاءَ غَيْرَ ذَلِكَ، فَحَكَمَ عَلَيْهِ بِالزَّنْدَقَةِ وَصُلِبَ وَطُعِنَ مَصْلُوبًا بِقُرْطُبَةَ.

<<  <  ج: ص:  >  >>