للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَيَقْوَى الْحُكْمُ فِيهِ وَيَضْمَنُ مَا هَلَكَ.

وَفِي الطُّرَرِ لِأَبِي إبْرَاهِيمَ: وَلَا يَضْمَنُ جَمِيعُ الْحُرَّاسِ إلَّا بِتَعَدٍّ كَانَ مَا يَحْرُسُونَهُ مِمَّا يُغَابُ عَلَيْهِ أَوْ لَا طَعَامًا أَوْ غَيْرَهُ، قَالَ: وَكَذَلِكَ حَارِسُ الْأَنْدَرِ لَا ضَمَانَ عَلَيْهِ، إلَّا أَنْ يُلْجِئَ قَوْمًا ضَرُورَةٌ إلَى مَنْ يَخَافُ عَلَى الطَّعَامِ مِنْهُ فَيَسْتَأْجِرُوهُ لِشَيْءٍ، أَوْ لِيَدْفَعَ شَرَّ قَوْمٍ آخَرِينَ فَيَضْمَنُ، أَوْ تُعْلَمُ مِنْهُ الْخِيَانَةُ فَيَضْمَنُ، وَقَالَهُ اللَّخْمِيُّ فِي التَّبْصِرَةِ.

[فَصْلٌ فِي الصِّنَاعَاتِ الَّتِي لَا يَضْمَنُ صُنَّاعُهَا مَا أَتَى عَلَى مَا فِي أَيْدِيهِمْ فِيهَا]

فَصْلٌ فِي الصِّنَاعَاتِ الَّتِي لَا يَضْمَنُ صُنَّاعُهَا مَا أَتَى عَلَى أَيْدِيهِمْ فِيهَا وَفِي مُخْتَصَرِ الْوَاضِحَةِ قَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ: وَمِنْ الصِّنَاعَاتِ الَّتِي لَا يَضْمَنُ صَانِعُهَا مَا أَتَى عَلَى يَدَيْهِ، مِثْلَ: سَيْفٌ يَكُونُ فِيهِ عِوَجٌ فَيُعْطَى مَالِكُهُ الصَّقِيلَ لِيُقَوِّمَهُ أَوْ لِيَصْقِلَهُ فَيُكْسَرُ، وَاللُّؤْلُؤَةُ يَثْقُبُهَا الثَّقَّابُ فَتَنْكَسِرُ، أَوْ الْفَصُّ يَنْقُشُهُ النَّقَّاشُ فَيَنْكَسِرُ، أَوْ الدَّابَّةُ فَيَصْنَعُهَا الْبَيْطَارُ فَتَنْكَسِرُ، أَوْ الْخُبْزُ يُدْخِلُهُ الْفَرَّانُ الْفُرْنَ فَيَحْتَرِقُ، وَلَمْ يُعَنِّفْ فِي إيقَادِ النَّارِ وَلَمْ يُفَرِّطْ، وَكَذَلِكَ الْقَوْسُ يَنْقُبُهَا النَّجَّارُ، أَوْ الثَّوْبُ يَحْمِيهِ الصَّبَّاغُ عَلَى النَّارِ بِصِبْغَةٍ فَيَحْتَرِقُ فِي قِدْرِهِ، أَوْ الْخَتَّانُ يَخْتِنُ الصَّبِيَّ فَيَمُوتُ مِنْ خِتَانِهِ، أَوْ الطَّبِيبُ يَسْقِي الْمَرِيضَ مِنْ سَقْيِهِ، أَوْ يَكْوِيهِ فَيَمُوتُ مِنْ كيه، أَوْ يَقْطَعُ مِنْهُ شَيْئًا فَيَمُوتُ مِنْ قَطْعِهِ، أَوْ الْحَجَّامُ يُقْلِعُ الضِّرْسَ فَيَمُوتُ الْمَقْلُوعُ ضِرْسُهُ، فَلَا ضَمَانَ عَلَى وَاحِدٍ مِنْ جَمِيعِ هَؤُلَاءِ فِي جَمِيعِ هَذَا؛ لِأَنَّ هَذَا مِمَّا فِيهِ التَّغْرِيرُ عَلَى ذَلِكَ الشَّيْءِ الْمُسْتَعْمَلِ، وَكَانَ صَاحِبُهُ هُوَ الَّذِي عَرَّضَهُ لِمَا أَصَابَهُ، إلَّا أَنْ يَكُونَ أَحَدُهُمْ عَرَّضَ نَفْسَهُ بِجَهْلِهِ بِمَا اسْتَعْمَلَ فِيهِ، وَتَعَدَّى أَوْ أَخَذَ ذَلِكَ مِنْ غَيْرِ مَأْخَذِهِ فَيَضْمَنُ.

قَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ أَوْ يَكُونُ الْخَاتِنُ أَخْطَأَتْ يَدُهُ بِقَطْعٍ مِنْ الْحَشَفَةِ شَيْئًا، فَإِنْ مَاتَ الْمَخْتُونُ مِنْ ذَلِكَ فَدِيَتُهُ عَلَى عَاقِلَةِ الْخَاتِنِ، وَإِنْ عَاشَ نُظِرَ، فَإِنْ كَانَ قُطِعَا كُلُّهَا فَفِيهَا الدِّيَةُ كَامِلَةً عَلَى الْعَاقِلَةِ؛ لِأَنَّهُ يُعَدُّ خَطَأً مِنْ الْخَاتِنِ، وَإِنْ كَانَ أَقَلَّ مِنْ ذَلِكَ فَبِحِسَابِهِ، وَمَا كَانَ أَقَلَّ مِنْ الثُّلُثِ فَفِي مَالِهِ، وَذَلِكَ إذَا كَانَ مَعْرُوفًا بِالْخَتْنِ وَالْإِصَابَةُ فِيهِ حَتَّى أَتَى عَلَى يَدِهِ بِغَيْرِ تَعَمُّدٍ أَوْ تَجَاوَزَتْ يَدُهُ بِغَيْرِ تَعَمُّدٍ مَا بِهِ أَمْرٌ، قَالَ وَإِنْ كَانَ الْخَاتِنُ غَيْرَ مَعْرُوفٍ بِالْخَتْنِ وَالْإِصَابَةِ فِيهِ، وَعَرَّضَ نَفْسَهُ فَهُوَ ضَامِنٌ لِجَمِيعِ مَا وَصَفْنَا فِي مَالِهِ، وَلَا تَحْمِلُ الْعَاقِلَةُ مِنْ ذَلِكَ شَيْئًا وَعَلَيْهِ مِنْ الْإِمَامِ الْعَدْلِ الْعُقُوبَةُ

<<  <  ج: ص:  >  >>