للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فِي حَقِّ إيجَابِ زَكَاةِ السَّوَائِمِ إنَّمَا يَصِحُّ أَنْ لَوْ كَانَتْ الْإِسَامَةُ لِلدَّرِّ وَالنَّسْلِ أَمَّا إذَا كَانَتْ لِلتِّجَارَةِ أَوْ لِلْحَمْلِ وَالرُّكُوبِ فَلَا تَجِبُ فِيهَا الزَّكَاةُ أَصْلًا.

(قَوْلُهُ فَإِنْ عَلَفَهَا نِصْفَ الْحَوْلِ أَوْ أَكْثَرَ فَلَا زَكَاةَ عَلَيْهِ فِيهَا) فَإِنْ قِيلَ إذَا عَلَفَهَا نِصْفَ الْحَوْلِ وَسَامَتْ نِصْفَهُ اسْتَوَى الْوُجُوبُ وَعَدَمُهُ فَيَنْبَغِي أَنْ يُرَجَّحَ جَانِبُ الْوُجُوبِ احْتِيَاطًا لِأَنَّهُ عِبَادَةٌ وَمَبْنَاهَا عَلَى الِاحْتِيَاطِ قِيلَ إنَّمَا لَا تَثْبُتُ الزَّكَاةُ لِأَنَّهُ وَقَعَ الشَّكُّ فِي ثُبُوتِ سَبَبِ الْإِيجَابِ وَالتَّرْجِيحُ إنَّمَا يَكُونُ بَعْدَ ثُبُوتِ السَّبَبِ (قَوْلُهُ وَالزَّكَاةُ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ وَاجِبَةٌ فِي النِّصَابِ دُونَ الْعَفْوِ.

وَقَالَ مُحَمَّدٌ وَزُفَرُ تَتَعَلَّقُ بِالنِّصَابِ وَالْعَفْوِ) وَفَائِدَتُهُ فِيمَا إذَا هَلَكَ الْعَفْوُ وَبَقِيَ النِّصَابُ يَبْقَى كُلُّ الْوُجُوبِ عِنْدَهُمَا.

وَقَالَ مُحَمَّدٌ وَزُفَرُ يَسْقُطُ بِقَدْرِ الْهَالِكِ كَمَا إذَا كَانَ لَهُ تِسْعٌ مِنْ الْإِبِلِ حَالَ عَلَيْهَا الْحَوْلُ ثُمَّ هَلَكَ مِنْهَا أَرْبَعٌ فَعَلَيْهِ فِي الْبَاقِي شَاةٌ عِنْدَهُمَا وَقَالَ مُحَمَّدٌ وَزُفَرُ عَلَيْهِ فِي الْبَاقِي خَمْسَةُ أَتْسَاعِ شَاةٍ وَكَذَا إذَا كَانَ مَعَهُ ثَمَانُونَ مِنْ الْغَنَمِ حَالَ عَلَيْهَا الْحَوْلُ فَهَلَكَ مِنْهَا أَرْبَعُونَ فَعَلَيْهِ فِي الْبَاقِي شَاةٌ عِنْدَهُمَا وَعِنْدَ مُحَمَّدٍ وَزُفَرَ نِصْفُ شَاةٍ وَإِنْ هَلَكَ سِتُّونَ فَنِصْفُ شَاةٍ.

وَعِنْدَ مُحَمَّدٍ وَزُفَرَ رُبُعُ شَاةٍ وَلِهَذَا قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ يُصْرَفُ الْهَالِكُ بَعْدَ الْعَفْوِ إلَى النِّصَابِ الْأَخِيرِ ثُمَّ الَّذِي يَلِيه إلَى أَنْ يَنْتَهِيَ لِأَنَّ الْأَصْلَ هُوَ النِّصَابُ الْأَوَّلُ وَمَا زَادَ عَلَيْهِ تَابِعٌ لَهُ.

وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ يُصْرَفُ الْهَالِكُ إلَى الْعَفْوِ أَوَّلًا ثُمَّ إلَى النِّصَابِ شَائِعًا بَيَانُهُ أَرْبَعُونَ مِنْ الْإِبِلِ حَالَ عَلَيْهَا الْحَوْلُ فَهَلَكَ مِنْهَا عِشْرُونَ فَفِي الْبَاقِي أَرْبَعُ شِيَاهٍ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ.

وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ فِيهَا عِشْرُونَ جُزْءًا مِنْ سِتَّةٍ وَثَلَاثِينَ جُزْءًا مِنْ بِنْتِ لَبُونٍ وَقَالَ مُحَمَّدٌ وَزُفَرُ نِصْفُ بِنْتِ لَبُونٍ.

(قَوْلُهُ وَإِذَا هَلَكَ الْمَالُ بَعْدَ وُجُوبِ الزَّكَاةِ سَقَطَتْ عَنْهُ) قَيَّدَ بِالْهَلَاكِ لِأَنَّ الِاسْتِهْلَاكَ لَا يُسْقِطُهَا لِأَنَّ الزَّكَاةَ تَجِبُ عَلَيْهِ بَعْدَ الْحَوْلِ وَهُوَ يُمْسِكُهَا عَلَى طَرِيقِ الْأَمَانَةِ فَإِذَا اسْتَهْلَكَهَا ضَمِنَهَا كَالْوَدِيعَةِ ثُمَّ الْهَلَاكُ إنَّمَا يُسْقِطُهَا إذَا كَانَ قَبْلَ مُطَالَبَةِ السَّاعِي بِهَا أَمَّا إذَا طَلَبَهَا وَلَمْ يُسَلِّمْهَا إلَيْهِ مَعَ الْقُدْرَةِ فَقَدْ قَالَ الْكَرْخِيُّ يَجِبُ عَلَيْهِ الضَّمَانُ وَهُوَ قَوْلُ الْعِرَاقِيِّينَ لِأَنَّهَا أَمَانَةٌ طَالَبَهُ بِهَا مَنْ يَمْلِكُ الْمُطَالَبَةَ فَصَارَ كَالْمُودِعِ إذَا طَلَبَ مِنْهُ الْوَدِيعَةَ فَلَمْ يَدْفَعْهَا إلَيْهِ مَعَ الْإِمْكَانِ حَتَّى هَلَكَتْ.

وَقَالَ أَبُو طَاهِرٍ الدَّبَّاسُ وَأَبُو سَهْلٍ لَا يَضْمَنُ قَالَ فِي النِّهَايَةِ وَهَذَا أَقْرَبُ إلَى الْفِقْهِ لِأَنَّ وُجُوبَ الضَّمَانِ يَسْتَدْعِي تَفْوِيتًا وَلَمْ يُوجَدْ فَأَمَّا فِي مَنْعِ الْوَدِيعَةِ فَقَدْ بَدَّلَ الْيَدَ فَصَارَ مُفَوِّتًا لِيَدِ الْمَالِكِ فَيَضْمَنُ.

وَفِي الْبَدَائِعِ كَافَّةُ مَشَايِخِ مَا وَرَاءَ النَّهْرِ قَالُوا لَا يَضْمَنُ وَلَوْ طَلَبَ السَّاعِي لِأَنَّ الْمَالِكَ مُخَيَّرٌ إنْ شَاءَ أَعْطَاهُ الْعَيْنَ أَوْ قِيمَتَهَا فَلَمْ يَلْزَمْهُ تَسْلِيمُ الْعَيْنِ فَصَارَ كَمَا قَبْلَ الْمُطَالَبَةِ قَالَ فِي النِّهَايَةِ وَالْأَصَحُّ عَدَمُ الضَّمَانِ.

(قَوْلُهُ فَإِنْ قَدَّمَ الزَّكَاةَ عَلَى الْحَوْلِ وَهُوَ مَالِكٌ لِلنِّصَابِ جَازَ) لِأَنَّهُ أَدَّى بَعْدَ سَبَبِ الْوُجُوبِ قَالَ فِي النِّهَايَةِ لَكِنْ بَيْنَ الْأَدَاءِ مُعَجَّلًا وَبَيْنَ الْأَدَاءِ فِي آخِرِ الْحَوْلِ فَرْقٌ وَهُوَ أَنَّ الْمُعَجَّلَ يُشْتَرَطُ فِيهِ أَنْ لَا يَنْتَقِصَ النِّصَابُ فِي آخِرِ الْحَوْلِ وَفِي الْأَدَاءِ فِي آخِرِ الْحَوْلِ لَا يُشْتَرَطُ بَيَانُهُ إذَا عَجَّلَ شَاةً عَنْ أَرْبَعِينَ فَحَال عَلَيْهَا الْحَوْلُ وَعِنْدَهُ تِسْعٌ وَثَلَاثُونَ فَلَا زَكَاةَ عَلَيْهِ حَتَّى أَنَّهُ إذَا كَانَ صَرَفَهَا إلَى الْفُقَرَاءِ وَقَعَتْ تَطَوُّعًا وَإِنْ كَانَتْ قَائِمَةً بِعَيْنِهَا فِي يَدِ الْإِمَامِ أَوْ السَّاعِي اسْتَرَدَّهَا أَمَّا إذَا كَانَ أَدَاؤُهُ فِي آخِرِ الْحَوْلِ وَقَعَتْ عَنْ الزَّكَاةِ وَإِنْ انْتَقَصَ النِّصَابُ بِأَدَائِهِ قَالَ الْخُجَنْدِيُّ إنَّمَا يَجُوزُ التَّعْجِيلُ بِشَرَائِطَ ثَلَاثٍ أَحَدُهَا أَنْ يَكُونَ الْحَوْلُ مُنْعَقِدًا وَقْتَ التَّعْجِيلِ وَالثَّانِي أَنْ يَكُونَ النِّصَابُ الَّذِي عَجَّلَ عَنْهُ كَامِلًا فِي آخِرِ الْحَوْلِ وَالثَّالِثُ أَنْ لَا يَفُوتَ أَصْلُهُ فِيمَا بَيْنَ ذَلِكَ مِثَالُهُ إذَا كَانَ لَهُ أَقَلُّ مِنْ مِائَتَيْ دِرْهَمٍ أَوْ أَرْبَعٍ مِنْ الْإِبِلِ فَهَذَا مَالٌ لَا يَنْعَقِدُ عَلَيْهِ الْحَوْلُ فَإِذَا عَجَّلَ الزَّكَاةَ ثُمَّ كَمَّلَ النِّصَابَ بَعْدَ التَّعْجِيلِ لَا يَكُونُ مَا عَجَّلَ زَكَاةً وَيَكُونُ تَطَوُّعًا وَكَذَا إذَا كَانَ لَهُ مِائَتَا دِرْهَمٍ فَتَصَدَّقَ بِخَمْسَةٍ عَلَى فَقِيرٍ بِنِيَّةِ الزَّكَاةِ وَانْتَقَصَ النِّصَابُ بِمِقْدَارِ مَا عَجَّلَ وَلَمْ يَسْتَفِدْ شَيْئًا حَتَّى حَالَ الْحَوْلُ وَالنِّصَابُ نَاقِصٌ كَانَ مَا عَجَّلَ تَطَوُّعًا وَإِنْ اسْتَفَادَ شَيْئًا حَتَّى كَمَّلَ بِهِ النِّصَابَ قَبْلَ الْحَوْلِ ثُمَّ حَالَ الْحَوْلُ وَالنِّصَابُ كَامِلٌ صَحَّ التَّعْجِيلُ عَنْ الزَّكَاةِ.

وَأَمَّا إذَا كَانَ اسْتَفَادَ مَا يُكَمِّلُ بِهِ النِّصَابَ بَعْدَ الْحَوْلِ ثُمَّ حَالَ الْحَوْلُ الثَّانِي وَوَجَبَتْ الزَّكَاةُ فَمَا عَجَّلَ لَا يَنُوبُ عَنْهُمَا لِأَنَّ التَّعْجِيلَ حَصَلَ لِلْحَوْلِ الْأَوَّلِ وَلَمْ يَجِبْ عَلَيْهِ زَكَاةُ الْحَوْلِ الْأَوَّلِ وَيَجُوزُ التَّعْجِيلُ لِنُصُبٍ كَثِيرَةٍ إذَا كَانَ فِي مِلْكِهِ نِصَابٌ وَاحِدٌ.

وَقَالَ زُفَرُ لَا يَجُوزُ إلَّا عَنْ النِّصَابِ الْمَوْجُودِ فِي مِلْكِهِ حَتَّى أَنَّهُ إذَا كَانَ مَعَهُ خَمْسٌ

<<  <  ج: ص:  >  >>