للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

لَا يَكُونُ أَفْضَلَ مِنْهُمَا جَمِيعًا وَهَذَا كَمَا يُقَالُ فِي صَلَاةِ النَّفْلِ إنَّ أَرْبَعًا أَفْضَلُ مِنْ اثْنَيْنِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ يُفْهَمُ مِنْ هَذَا أَنَّ الْإِتْيَانَ بِأَرْبَعٍ بِتَسْلِيمَةٍ وَاحِدَةٍ أَفْضَلُ مِنْ الْإِتْيَانِ بِهِنَّ بِتَسْلِيمَتَيْنِ أَمَّا إذَا اقْتَصَرَ عَلَى اثْنَتَيْنِ لَا غَيْرُ فَلَا خِلَافَ لِأَحَدٍ أَنَّ الْأَرْبَعَ أَفْضَلُ فَعُلِمَ بِهَذَا أَنَّ قَوْلَهُ الْقِرَانُ أَفْضَلُ مِنْ الْإِفْرَادِ أَيْ مِنْ إفْرَادِ الْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ بَعْدَ الْإِتْيَانِ بِهِمَا جَمِيعًا أَمَّا إذَا لَمْ يَأْتِ إلَّا بِأَحَدِهِمَا فَلَا خِلَافَ حِينَئِذٍ فِي أَنَّ الْقِرَانَ يَكُونُ أَفْضَلُ (قَوْلُهُ وَصِفَةُ الْقِرَانِ أَنْ يُهِلَّ بِالْعُمْرَةِ وَالْحَجِّ مَعًا مِنْ الْمِيقَاتِ) قَدَّمَ الْعُمْرَةَ لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى قَدَّمَهَا بِقَوْلِهِ {فَمَنْ تَمَتَّعَ بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِّ} [البقرة: ١٩٦] وَلِأَنَّ أَفْعَالَهَا مُقَدَّمَةٌ عَلَى أَفْعَالِ الْحَجِّ

(قَوْلُهُ وَيَقُولُ عَقِيبَ الصَّلَاةِ اللَّهُمَّ إنِّي أُرِيدُ الْعُمْرَةَ وَالْحَجَّ فَيَسِّرْهُمَا لِي) أَيْ اقْطَعْ مَوَانِعَهُمَا عَنِّي (قَوْلُهُ وَتَقَبَّلْهُمَا مِنِّي) وَفِي بَعْضِ النُّسَخِ اللَّهُمَّ إنِّي أُرِيدُ الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ بِتَقْدِيمِ ذِكْرِ الْحَجِّ تَبَرُّكًا بِقَوْلِهِ تَعَالَى وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ فَمَنْ مَالَ إلَى الْأَوَّلِ قَالَ لِأَنَّ أَفْعَالَ الْعُمْرَةِ مُقَدَّمَةٌ عَلَى أَفْعَالِ الْحَجِّ (قَوْلُهُ فَإِذَا دَخَلَ مَكَّةَ ابْتَدَأَ فَطَافَ بِالْبَيْتِ سَبْعَةَ أَشْوَاطٍ يَرْمُلُ فِي الثَّلَاثِ الْأُوَلِ) لِأَنَّهُ طَوَافٌ بَعْدَهُ سَعْيٌ وَيُصَلِّي رَكْعَتَيْ الطَّوَافِ (قَوْلُهُ وَيَسْعَى بَعْدَهَا بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ وَهَذِهِ أَفْعَالُ الْعُمْرَةِ ثُمَّ يَطُوفُ بَعْدَهَا طَوَافَ الْقُدُومِ وَيَسْعَى) كَمَا قُلْنَا فِي الْمُفْرِدِ وَلَا يَحْلِقُ بَيْنَ الْعُمْرَةِ وَالْحَجِّ لِأَنَّ ذَلِكَ جِنَايَةٌ عَلَى إحْرَامِ الْحَجِّ فَإِنْ حَلَقَ بَعْدَ طَوَافِ الْعُمْرَةِ وَسَعْيِهَا وَبَيْنَ طَوَافِ الْقُدُومِ فَعَلَيْهِ دَمَانِ وَلَا يَحِلُّ مِنْ عُمْرَتِهِ وَفِي هَذَا تَصْرِيحٌ بِأَنَّهُ يَقَعُ جِنَايَةً عَلَى الْإِحْرَامَيْنِ جَمِيعًا فَإِنْ طَافَ الْقَارِنُ وَسَعَى أَوَّلًا لِلْحَجِّ ثُمَّ طَافَ وَسَعَى لِلْعُمْرَةِ فَالْأَوَّلُ لِلْعُمْرَةِ وَالثَّانِي لِلْحَجِّ فَإِنْ طَافَ طَوَافَيْنِ مَعًا لِحَجَّتِهِ وَعُمْرَتِهِ ثُمَّ سَعَى بَعْدَهُ سَعْيَيْنِ أَجْزَأَهُ لِأَنَّهُ أَتَى بِالْمُسْتَحَقِّ عَلَيْهِ وَقَدْ أَسَاءَ بِتَأْخِيرِ سَعْيِ الْعُمْرَةِ وَتَقْدِيمِ طَوَافِ الْقُدُومِ عَلَيْهِ وَلَا دَمَ عَلَيْهِ إجْمَاعًا أَمَّا عِنْدَهُمَا فَظَاهِرٌ لِأَنَّ التَّقْدِيمَ وَالتَّأْخِيرَ فِي الْمَنَاسِكِ عِنْدَهُمَا لَا يُوجِبُ الدَّمَ وَأَمَّا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ فَطَوَافُ الْقُدُومِ سُنَّةٌ وَتَرْكُهُ قَطْعًا لَا يُوجِبُ الدَّمَ فَتَقْدِيمُهُ أَوْلَى كَذَا فِي الْهِدَايَةِ.

(قَوْلُهُ فَإِذَا رَمَى جَمْرَةَ الْعَقَبَةِ يَوْمَ النَّحْرِ ذَبَحَ شَاةً أَوْ بَدَنَةً أَوْ بَقَرَةً أَوْ سُبُعَ بَدَنَةٍ أَوْ سُبُعَ بَقَرَةٍ وَهَذَا دَمُ الْقِرَانِ) فَإِنْ قِيلَ فَمَا الْأَفْضَلُ سُبُعُ بَدَنَةٍ أَوْ شَاةٌ قِيلَ أَيُّهُمَا كَانَ أَكْثَرَ لَحْمًا فَهُوَ أَفْضَلُ لِأَنَّ بِالْكَثْرَةِ يَكْثُرُ نَفْعُ الْمَسَاكِينِ فَلَوْ أَنَّ الْقَارِنَ حَلَقَ أَوَّلًا ثُمَّ ذَبَحَ فَعَلَيْهِ دَمٌ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ لِأَنَّ عَلَيْهِ أَنْ يَذْبَحَ ثُمَّ يَحْلِقَ وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّدٌ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ لِأَنَّ التَّقْدِيمَ وَالتَّأْخِيرَ عِنْدَهُمَا لَا يُوجِبُ الدَّمَ وَكَذَا لَوْ ذَبَحَ قَبْلَ الرَّمْيِ يَجِبُ عَلَيْهِ دَمٌ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ كَذَا فِي الْخُجَنْدِيِّ وَقَوْلُهُ وَهَذَا دَمُ الْقِرَانِ وَهُوَ دَمُ نُسُكٍ عِنْدَنَا شُكْرًا لِلَّهِ تَعَالَى عَلَى تَوْفِيقِ الْجَمْعِ بَيْنَ الْعِبَادَتَيْنِ لَا دَمَ جَبْرٍ حَتَّى لَا يَجُوزَ الْأَكْلُ مِنْهُ عِنْدَنَا لِأَنَّهُ وَجَبَ شُكْرًا لِلَّهِ تَعَالَى لَا لِارْتِكَابِ مَحْظُورٍ كَالْأُضْحِيَّةِ وَعِنْدَ الشَّافِعِيِّ دَمُ جَبْرٍ حَتَّى لَا يَجُوزَ الْأَكْلُ مِنْهُ عِنْدَهُ.

(قَوْلُهُ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ مَا يَذْبَحُ صَامَ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ فِي الْحَجِّ آخِرُهَا يَوْمُ عَرَفَةَ) وَلَا يَجُوزُ صَوْمُهَا إلَّا بِنِيَّةٍ مِنْ اللَّيْلِ كَسَائِرِ الْكَفَّارَاتِ وَهُوَ مُخَيَّرٌ فِي الصَّوْمِ إنْ شَاءَ تَابَعَهُ وَإِنْ شَاءَ فَرَّقَهُ وَيَجُوزُ أَنْ يَصُومَ الثَّلَاثَةَ الْأَيَّامَ قَبْلَ يَوْمِ السَّابِعِ مِنْ ذِي الْحِجَّةِ إذَا كَانَ قَدْ أَحْرَمَ بِالْعُمْرَةِ وَلَا يَجُوزُ قَبْلَ إحْرَامِ الْعُمْرَةِ وَلَا بَعْدَ يَوْمِ عَرَفَةَ وَالْأَفْضَلُ أَنْ يَصُومَ قَبْلَ يَوْمِ التَّرْوِيَةِ وَيَوْمِ التَّرْوِيَةِ وَيَوْمِ عَرَفَةَ لِأَنَّ الصَّوْمَ بَدَلٌ عَنْ الْهَدْيِ فَيُسْتَحَبُّ تَأْخِيرُهُ إلَى آخِرِ وَقْتِهِ رَجَاءَ أَنْ يَقْدِرَ عَلَى الْهَدْيِ كَمَا يُسْتَحَبُّ تَأْخِيرُ التَّيَمُّمِ إلَى آخِرِ الْوَقْتِ رَجَاءَ أَنْ يَقْدِرَ عَلَى الْمَاءِ (قَوْلُهُ فَإِنْ فَاتَهُ الصَّوْمُ) أَيْ صَوْمُ الثَّلَاثَةِ الْأَيَّامِ حَتَّى دَخَلَ يَوْمُ النَّحْرِ لَمْ يُجْزِهِ إلَّا الدَّمُ أَيْ دَمُ الْقِرَانِ فَإِنْ لَمْ يَقْدِرْ عَلَى الْهَدْيِ وَتَحَلَّلَ فَعَلَيْهِ دَمَانِ دَمٌ لِلْقِرَانِ وَدَمٌ لِلتَّحَلُّلِ قَبْلَ الْهَدْيِ وَإِنْ قَدَرَ عَلَى الْهَدْيِ فِي خِلَالِ صَوْمِ الثَّلَاثِ أَوْ بَعْدَهَا قَبْلَ يَوْمِ النَّحْرِ لَزِمَهُ الْهَدْيُ وَسَقَطَ عَنْهُ حُكْمُ الصَّوْمِ وَإِنْ وَجَدَ الْهَدْيَ بَعْدَ مَا حَلَقَ قَبْلَ أَنْ يَصُومَ السَّبْعَةَ فِي أَيَّامِ الذَّبْحِ أَوْ بَعْدَهَا فَلَا هَدْيَ عَلَيْهِ لِأَنَّ التَّحَلُّلَ بَعْدَ حُصُولِ الْمَقْصُودِ بِالْحَلْقِ لَا يُغَيِّرُ حُكْمَ الْخُلْفِ (قَوْلُهُ ثُمَّ يَصُومُ سَبْعَةَ أَيَّامٍ إذَا رَجَعَ إلَى أَهْلِهِ)

<<  <  ج: ص:  >  >>