للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَالْخُلْعُ وَالرَّهْنُ وَفِي رِوَايَةٍ وَالْهِبَةُ وَالْوِصَايَةُ وَالْوَصِيَّةُ وَالْكَفَالَةُ وَالْحَوَالَةُ وَالْإِقَالَةُ وَإِذْنُ الْعَبْدِ فِي التِّجَارَةِ.

قَوْلُهُ (وَمَنْ وَهَبَ جَارِيَةً إلَّا حَمْلَهَا صَحَّتْ الْهِبَةُ وَبَطَلَ الِاسْتِثْنَاءُ) أَيْ صَحَّتْ فِي الْجَارِيَةِ وَالْوَلَدِ، وَإِنْ أَعْتَقَ مَا فِي بَطْنِهَا ثُمَّ وَهَبَهَا جَازَتْ الْهِبَةُ فِي الْأُمِّ، وَلَوْ دَبَّرَهُ ثُمَّ وَهَبَهَا لَمْ تَجُزْ؛ لِأَنَّ الْحَمْلَ بَاقٍ عَلَى مِلْكِهِ وَلَا يُمْكِنُ تَنْفِيذُ الْهِبَةِ فِيهَا لِمَكَانِ التَّدْبِيرِ فَيَقَعُ هِبَةُ الْمُشَاعِ أَوْ هِبَةُ شَيْءٍ مَشْغُولٍ بِمِلْكِ الْوَاهِبِ. وَأَمَّا فِي الْبَيْعِ وَالْإِجَارَةِ وَالرَّهْنِ إذَا عَقَدَ فِيهِ عَلَى الْأُمِّ دُونَ الْحَمْلِ فَإِنَّهُ يَبْطُلُ الْعَقْدُ وَالِاسْتِثْنَاءُ جَمِيعًا وَصُورَتُهُ فِي الْإِجَارَةِ إذَا اسْتَأْجَرَ الْأُمَّ إلَّا وَلَدهَا لَمْ تَصِحَّ وَمَنْ لَهُ عَلَى آخَرَ أَلْفُ دِرْهَمٍ، فَقَالَ إذَا جَاءَ غَدٌ فَهِيَ لَك أَوْ أَنْتَ بَرِيءٌ مِنْهَا وَإِذَا أَدَّيْت إلَيَّ النِّصْفَ فَأَنْتَ بَرِيءٌ مِنْ النِّصْفِ الْبَاقِي فَهَذَا كُلُّهُ بَاطِلٌ؛ لِأَنَّ الْإِبْرَاءَ تَمْلِيكٌ وَالتَّعْلِيقُ بِالشَّرْطِ يَخْتَصُّ بِالْإِسْقَاطَاتِ الْمَحْضَةِ كَالطَّلَاقِ وَالْعَتَاقِ فَلَا يَتَعَدَّاهَا قَوْلُهُ (وَالصَّدَقَةُ كَالْهِبَةِ لَا تَصِحُّ إلَّا بِالْقَبْضِ) ؛ لِأَنَّهَا تَبَرُّعٌ كَالْهِبَةِ قَوْلُهُ (وَلَا تَجُوزُ فِي مُشَاعٍ يَحْتَمِلُ الْقِسْمَةَ) ؛ لِأَنَّهَا كَالْهِبَةِ وَصُورَتُهُ إذَا تَصَدَّقَ عَلَى غَنِيَّيْنِ بِشَيْءٍ يَحْتَمِلُ الْقِسْمَةَ لَمْ يَجُزْ أَمَّا إذَا تَصَدَّقَ عَلَى فَقِيرَيْنِ بِذَلِكَ جَازَ بِخِلَافِ الْهِبَةِ، وَقَدْ بَيَّنَّا ذَلِكَ.

قَوْلُهُ (وَلَا يَصِحُّ الرُّجُوعُ فِي الصَّدَقَةِ بَعْدَ الْقَبْضِ) ؛ لِأَنَّهُ قَدْ كَمُلَ فِيهَا الثَّوَابُ مِنْ اللَّهِ تَعَالَى، وَكَذَا إذَا وَهَبَ لِلْفَقِيرِ؛ لِأَنَّ الثَّوَابَ قَدْ حَصَلَ. وَأَمَّا إذَا تَصَدَّقَ عَلَى غَنِيٍّ فَالْقِيَاسُ أَنَّ لَهُ الرُّجُوعَ؛ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ بِهَا الْعِوَضُ كَالْهِبَةِ إلَّا أَنَّهُمْ اسْتَحْسَنُوا، فَقَالُوا لَا رُجُوعَ فِيهَا؛ لِأَنَّهُ عَبَّرَ عَنْهَا بِالصَّدَقَةِ، وَلَوْ أَرَادَ الْهِبَةَ لَعَبَّرَ بِلَفْظِهَا وَلِأَنَّ الثَّوَابَ قَدْ يُطْلَبُ بِالصَّدَقَةِ عَلَى الْأَغْنِيَاءِ، أَلَا تَرَى أَنَّ مَنْ لَهُ نِصَابٌ وَلَهُ عِيَالٌ لَا يَكْفِيهِ ذَلِكَ فَفِي الصَّدَقَةِ عَلَيْهِ ثَوَابٌ فَلِهَذَا لَمْ يَرْجِعْ فِيهَا.

قَوْلُهُ (وَمَنْ نَذَرَ أَنْ يَتَصَدَّقَ بِمَالِهِ لَزِمَهُ أَنْ يَتَصَدَّقَ بِجِنْسِ مَا يَجِبُ فِيهِ الزَّكَاةُ) وَالْقِيَاسُ أَنْ يَلْزَمَهُ التَّصَدُّقُ بِجَمِيعِ مَالِهِ؛ لِأَنَّ الْمَالَ عِبَارَةٌ عَمَّا يُتَمَوَّلُ كَمَا أَنَّ الْمِلْكَ عِبَارَةٌ عَمَّا يُتَمَلَّكُ، وَلَوْ نَذَرَ أَنْ يَتَصَدَّقَ بِمِلْكِهِ لَزِمَهُ أَنْ يَتَصَدَّقَ بِجَمِيعِ مَا يَمْلِكُ فَكَذَا هَذَا. وَجْهُ الِاسْتِحْسَانِ أَنَّ النُّذُورَ مَحْمُولَةٌ عَلَى أُصُولِهَا فِي الْفُرُوضِ وَالْمَالُ الَّذِي يَتَعَلَّقُ بِهِ فَرْضُ الصَّدَقَةِ هُوَ بَعْضُ مَا يَمْلِكُهُ بِدَلَالَةِ الزَّكَاةِ فَعَلَى هَذَا يَجِبُ أَنْ يَتَصَدَّقَ بِالذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ وَعُرُوضِ التِّجَارَةِ وَالسَّوَائِمِ وَلَا فَرْقَ بَيْنَ مِقْدَارِ النِّصَابِ وَمَا دُونَهُ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ مِمَّا يَتَعَلَّقُ بِهِ الزَّكَاةُ إذَا انْضَمَّ إلَيْهِ غَيْرُهُ فَكَأَنَّهُمْ اعْتَبَرُوا الْجِنْسَ دُونَ الْقَدْرِ وَلِهَذَا قَالُوا إذَا نَذَرَ أَنْ يَتَصَدَّقَ بِمَالِهِ وَعَلَيْهِ دَيْنٌ يُحِيطُ بِهِ لَزِمَهُ أَنْ يَتَصَدَّقَ بِهِ فَإِنْ قَضَى بِهِ دَيْنَهُ لَزِمَهُ أَنْ يَتَصَدَّقَ بِمِثْلِهِ؛ لِأَنَّ الْمُعْتَبَرَ جِنْسُ مَا تَجِبُ فِيهِ الزَّكَاةُ، وَإِنْ لَمْ تَكُنْ وَاجِبَةً وَلَا يَلْزَمُهُ أَنْ يَتَصَدَّقَ بِدُورِ السُّكْنَى وَثِيَابِ الْبَدَنِ وَعَبِيدِ الْخِدْمَةِ وَالْأَثَاثِ وَالْعَوَامِلِ وَالْعُرُوضِ الَّتِي لَيْسَتْ لِلتِّجَارَةِ؛ لِأَنَّ هَذِهِ الْأَشْيَاءَ لَا زَكَاةَ فِيهَا، وَإِنْ نَوَى بِهَذَا النَّذْرِ جَمِيعَ مَا يَمْلِكُ دَخَلَ جَمِيعُ ذَلِكَ فِي نَذْرِهِ؛ لِأَنَّهُ شَدَّدَ عَلَى نَفْسِهِ، وَلَوْ كَانَ ثَمَرَةً عُشْرِيَّةً أَوْ غَلَّةً عُشْرِيَّةً تَصَدَّقَ بِهَا إجْمَاعًا.

قَوْلُهُ (وَمَنْ نَذَرَ أَنْ يَتَصَدَّقَ بِمِلْكِهِ لَزِمَهُ أَنْ يَتَصَدَّقَ بِالْجَمِيعِ) ؛ لِأَنَّ الْمِلْكَ عِبَارَةٌ عَمَّا يُتَمَلَّكُ وَذَلِكَ يَتَنَاوَلُ جَمِيعَ مَا يَمْلِكُهُ وَيُرْوَى أَنَّهُ وَالْأَوَّلَ سَوَاءٌ كَذَا فِي الْهِدَايَةِ وَمَنْ قَالَ مَالِي فِي الْمَسَاكِينِ صَدَقَةٌ فَهُوَ عَلَى مَا فِيهِ الزَّكَاةُ، وَإِنْ أَوْصَى بِثُلُثِ مَالِهِ فَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ وَالْقِيَاسُ فِي مَسْأَلَةِ الصَّدَقَةِ أَنْ يَلْزَمَهُ التَّصَدُّقُ بِالْكُلِّ وَهُوَ قَوْلُ زُفَرَ لِعُمُومِ اسْمِ الْمَالِ كَمَا فِي الْوَصِيَّةِ وَجْهُ الِاسْتِحْسَانِ أَنَّ إيجَابَ الْعَبْدِ مُعْتَبَرٌ بِإِيجَابِ اللَّهِ فَيَنْصَرِفُ إيجَابُهُ إلَى مَا أَوْجَبَ الشَّارِعُ فِيهِ الصَّدَقَةَ مِنْ الْمَالِ أَمَّا الْوَصِيَّةُ فَهِيَ أُخْتُ الْمِيرَاثِ فَلَا تَخْتَصُّ بِمَالٍ دُونَ مَالٍ، وَلَوْ قَالَ مَا أَمْلِكُهُ صَدَقَةٌ فِي الْمَسَاكِينِ فَقَدْ قِيلَ يَتَنَاوَلُ الْكُلَّ؛ لِأَنَّهُ أَعَمُّ مِنْ لَفْظِ الْمَالِ وَالصَّحِيحُ أَنَّهُمَا سَوَاءٌ ذَكَرَهُ فِي الْهِدَايَةِ فِي مَسَائِلِ الْقَضَاءِ قَوْلُهُ (وَيُقَالُ لَهُ أَمْسِكْ مِنْهُ مَا تُنْفِقُهُ عَلَى نَفْسِك وَعِيَالِك إلَى أَنْ تَكْتَسِبَ مَالًا فَإِذَا اكْتَسَبَ مَالًا قِيلَ لَهُ تَصَدَّقْ

<<  <  ج: ص:  >  >>