للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَقَالَ مُحَمَّدٌ لَا يَزُولُ الْمِلْكُ حَتَّى يَجْعَلَ لِلْوَقْفِ وَلِيًّا وَيُسَلِّمَهُ إلَيْهِ) ؛ لِأَنَّ مِنْ شَرْطِ الْوَقْفِ عِنْدَهُ الْقَبْضُ؛ لِأَنَّهُ تَبَرُّعٌ فِي حَالِ الْحَيَاةِ كَالْهِبَةِ وَإِذَا اُعْتُبِرَ فِيهِ الْقَبْضُ أَقَامَ إنْسَانًا يَتَوَلَّى ذَلِكَ لِيَصِحَّ ثُمَّ إذَا جَعَلَ لَهُ وَلِيًّا وَسَلَّمَهُ إلَيْهِ هَلْ لَهُ أَنْ يَعْزِلَهُ بَعْدَ ذَلِكَ إنْ كَانَ شَرَطَ فِي الْوَقْفِ عَزْلَ الْقُوَّامِ وَالِاسْتِبْدَالَ بِهِمْ فَلَهُ ذَلِكَ، وَإِنْ لَمْ يَشْرِطْ لَا يَصِحُّ عِنْدَ مُحَمَّدٍ وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى وَعِنْدَ أَبِي يُوسُفَ إذَا عَزَلَهُ فِي حَيَاتِهِ يَصِحُّ، وَكَذَا إذَا مَاتَ الْوَاقِفُ بَطَلَتْ وِلَايَةُ الْقَوَّامِ؛ لِأَنَّ الْقَيِّمَ بِمَنْزِلَةِ الْوَكِيلِ إلَّا إذَا جَعَلَهُ قَيِّمًا فِي حَيَاتِهِ وَبَعْدَ وَفَاتِهِ فَحِينَئِذٍ يَصِيرُ وَصِيًّا كَذَا فِي الْفَتَاوَى ثُمَّ إذَا صَحَّ الْوَقْفُ عِنْدَهُمَا وَكَانَ ذَلِكَ فِي صِحَّتِهِ كَانَ مِنْ جَمِيعِ الْمَالِ، وَإِنْ وَقَفَهُ فِي مَرَضِ مَوْتِهِ كَانَ مِنْ الثُّلُثِ كَالْهِبَةِ قَوْلُهُ (وَإِذَا صَحَّ الْوَقْفُ عَلَى اخْتِلَافِهِمْ خَرَجَ مِنْ مِلْكِ الْوَاقِفِ) حَتَّى لَوْ كَانُوا عَبِيدًا فَأَعْتَقَهُمْ لَا يَعْتِقُونَ قَوْلُهُ (وَلَمْ يَدْخُلْ فِي مِلْكِ الْمَوْقُوفِ عَلَيْهِ) ؛ لِأَنَّهُ لَوْ دَخَلَ فِي مِلْكِهِ نَفَذَ بَيْعُهُ فِيهِ كَسَائِرِ أَمْلَاكِهِ وَمَعْنَى قَوْلِهِ إذَا صَحَّ الْوَقْفُ أَيْ ثَبَتَ عَلَى قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ بِالْحُكْمِ أَوْ بِالتَّعْلِيقِ بِالْمَوْتِ وَعَلَى قَوْلِهِمَا بِالْوَقْفِ وَالتَّسْلِيمِ.

[مَسْأَلَةٌ رَجُلٌ بَاعَ أَرْضًا وَادَّعَى بَعْدَ ذَلِكَ أَنَّهُ أَوْقَفَهَا قَبْلَ الْبَيْعِ]

(مَسْأَلَةٌ) رَجُلٌ بَاعَ أَرْضًا وَادَّعَى بَعْدَ ذَلِكَ أَنَّهُ أَوْقَفَهَا قَبْلَ الْبَيْعِ فَهَذَا عَلَى وَجْهَيْنِ إنْ أَقَامَ الْبَيِّنَةَ عَلَى ذَلِكَ قُبِلَتْ وَبَطَلَ الْبَيْعُ، وَإِنْ لَمْ يُقِمْ الْبَيِّنَةَ لَمْ يُقْبَلْ قَوْلُهُ لِلتَّنَاقُضِ ثُمَّ إذَا عَجَزَ عَنْ إقَامَةِ الْبَيِّنَةِ وَأَرَادَ تَحْلِيفَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ لَيْسَ لَهُ ذَلِكَ؛ لِأَنَّ التَّحْلِيفَ بِنَاءً عَلَى صِحَّةِ الدَّعْوَى وَالدَّعْوَى لَمْ تَصِحَّ لِلتَّنَاقُضِ، وَإِنْ ادَّعَى مُشْتَرِي الْأَرْضِ أَنَّهَا وَقْفٌ، فَقَالَ لِلْبَائِعِ إنَّكَ بِعْتنِي هَذِهِ الْأَرْضَ وَهِيَ مَوْقُوفَةٌ فَلَيْسَتْ هَذِهِ الْمُخَاصَمَةُ إلَى الْبَائِعِ، وَإِنَّمَا هِيَ إلَى الْمُتَوَلِّي لِلْوَقْفِ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ مُتَوَلٍّ فَإِنَّ الْقَاضِيَ يُنَصِّبُ مُتَوَلِّيًا فَيُخَاصِمَهُ فَإِنْ أَثْبَتَ الْوَقْفَ بِالْبَيِّنَةِ بَطَلَ الْبَيْعُ وَيَسْتَرِدُّ الثَّمَنَ مِنْ الْبَائِعِ.

[وَقْفُ الْمُشَاعِ]

قَوْلُهُ (وَوَقْفُ الْمُشَاعِ جَائِزٌ عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ) يَعْنِي فِيمَا يَحْتَمِلُ الْقِسْمَةَ (وَقَالَ مُحَمَّدٌ لَا يَجُوزُ) أَمَّا فِيمَا لَمْ يَحْتَمِلْهَا فَيَجُوزُ مَعَ الشُّيُوعِ أَيْضًا عِنْدَ مُحَمَّدٍ إلَّا فِي الْمَسْجِدِ وَالْمَقْبَرَةِ فَإِنَّهُ لَا يَتِمُّ مَعَ الشُّيُوعِ فِيمَا لَا يَحْتَمِلُ الْقِسْمَةَ أَيْضًا عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ؛ لِأَنَّ بَقَاءَ الشَّرِكَةِ يَمْنَعُ الْخُلُوصَ لِلَّهِ تَعَالَى وَلِأَنَّ الْمُهَايَأَةَ فِي ذَلِكَ فِي غَايَةِ الْقُبْحِ بِأَنْ يُقْبَرَ فِيهَا الْمَوْتَى سَنَةً وَتُزْرَعَ سَنَةً وَيُصَلَّى فِي الْمَسْجِدِ فِي وَقْتٍ وَيُتَّخَذُ إصْطَبْلًا فِي وَقْتٍ بِخِلَافِ مَا عَدَا الْمَقْبَرَةِ وَالْمَسْجِدِ لِإِمْكَانِ الِاسْتِغْلَالِ وَقِسْمَةِ الْغَلَّةِ وَقَوْلُهُ وَقَالَ مُحَمَّدٌ لَا يَجُوزُ يَعْنِي فِيمَا يَحْتَمِلُ الْقِسْمَةَ؛ لِأَنَّ أَصْلَ الْقَبْضِ عِنْدَهُ شَرْطٌ وَلِأَنَّهُ نَوْعُ تَبَرُّعٍ فَلَا يَصِحُّ فِي مُشَاعٍ يَحْتَمِلُ الْقِسْمَةَ كَالْهِبَةِ، وَلَوْ وَقَفَ الْكُلَّ ثُمَّ اُسْتُحِقَّ جُزْءٌ مِنْهُ بَطَلَ فِي الْبَاقِي عِنْدَ مُحَمَّدٍ؛ لِأَنَّ الشُّيُوعَ مُقَارِنٌ، وَإِنْ اُسْتُحِقَّ جُزْءٌ مِنْهُ مُمَيَّزٌ بِعَيْنِهِ لَمْ يَبْطُلْ فِي الْبَاقِي لِعَدَمِ الشُّيُوعِ، وَلَوْ وَقَفَ أَرْضًا وَفِيهَا زَرْعٌ لَمْ يَدْخُلْ الزَّرْعُ فِي الْوَقْفِ؛ لِأَنَّهُ لَا يَدْخُلُ فِي الْبَيْعِ إلَّا بِالشَّرْطِ فَكَذَا لَا يَدْخُلُ فِي

<<  <  ج: ص:  >  >>