للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الْمُسْلِمِينَ مِنْ حَيْثُ الْعُشْرُ أَوْ الْخَرَاجُ وَلِأَنَّ التَّحْجِيرَ لَيْسَ بِإِحْيَاءٍ يُمْلَكُ بِهِ، وَإِنَّمَا الْإِحْيَاءُ هُوَ الْعِمَارَةُ وَالتَّحْجِيرُ إنَّمَا هُوَ لِلْإِعْلَامِ سُمِّيَ بِهِ؛ لِأَنَّهُمْ كَانُوا يَعْلَمُونَهُ بِوَضْعِ الْحِجَارَةِ حَوْلَهُ أَوْ يَعْلَمُونَهُ بِحَجَرِ غَيْرِهِمْ عَنْ إحْيَائِهِ، وَإِنَّمَا قُدِّرَ بِثَلَاثِ سِنِينَ؛ لِأَنَّ الْغَالِبَ أَنَّ الْأَرَاضِيَ تُزْرَعُ فِي السَّنَةِ مَرَّةً وَأَكْثَرَ مَا جُعِلَ لِلِارْتِيَاءِ فِي جِنْسِ مَا يُسْتَدَلُّ بِهِ عَلَى الرَّغْبَةِ وَالِاخْتِيَارِ الثَّلَاثُ وَهِيَ الثَّلَاثُ مِنْ ذَلِكَ النَّوْعِ فَإِذَا تَرَكَهَا هَذَا الْقَدْرَ فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ قَصَدَ إتْلَافَهَا وَمَوْتَهَا فَوَجَبَ عَلَى الْإِمَامِ إزَالَةُ يَدِهِ عَنْهَا، وَهَذَا كُلُّهُ دِيَانَةً، أَمَّا إذَا أَحْيَاهَا غَيْرُهُ قَبْلَ مُضِيِّ هَذِهِ الْمُدَّةِ مَلَكَهَا، وَإِنَّمَا هَذَا كَالِاسْتِيَامِ فَيُكْرَهُ، وَلَوْ فَعَلَهُ جَازَ الْعَقْدُ.

قَوْلُهُ (وَلَا يَجُوزُ إحْيَاءُ مَا قَرُبَ مِنْ الْعَامِرِ وَيُتْرَكُ مَرْعًى لِأَهْلِ الْقَرْيَةِ وَمَطْرَحًا لِحَصَائِدِهِمْ) وَمُحْتَطَبِهِمْ لِتَحَقُّقِ حَاجَتِهِمْ إلَيْهَا فَلَا تَكُونُ مَوْتًا لِتَعَلُّقِ حَقِّهِمْ بِهَا.

قَوْلُهُ (وَمَنْ حَفَرَ بِئْرًا فِي بَرِّيَّةٍ فَلَهُ حَرِيمُهَا) مَعْنَاهُ إذَا حَفَرَ فِي أَرْضٍ مَوَاتٍ بِإِذْنِ الْإِمَامِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَبِإِذْنِهِ وَغَيْرِ إذْنِهِ عِنْدَهُمَا؛ لِأَنَّ حَفْرَ الْبِئْرِ إحْيَاءٌ وَلِأَنَّ حَرِيمَ الْبِئْرِ كَفِنَاءِ الدَّارِ وَصَاحِبُ الدَّارِ أَحَقُّ بِفِنَاءِ دَارِهِ، فَكَذَا حَرِيمُ الْبِئْرِ. قَوْلُهُ (فَإِنْ كَانَتْ لِلْعَطَنِ فَحَرِيمُهَا أَرْبَعُونَ ذِرَاعًا) يَعْنِي مِنْ كُلِّ جَانِبٍ أَرْبَعُونَ هُوَ الصَّحِيحُ عَطَنًا لِمَاشِيَتِهِ فَإِنْ كَانَ الْحَبْلُ الَّذِي يَنْزِعُ بِهِ يُجَاوِزُ الْأَرْبَعِينَ فَلَهُ مُنْتَهَى الْحَبْلِ؛ لِأَنَّ الْحَاجَةَ دَاعِيَةٌ إلَى ذَلِكَ كَذَا فِي شَرْحِهِ قَوْلُهُ (وَإِنْ كَانَتْ لِلنَّاضِحِ فَسِتُّونَ ذِرَاعًا) هَذَا عِنْدَهُمَا، وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ أَرْبَعُونَ كَمَا فِي الْعَطَنِ وَالْكَلَامُ فِي طُولِ الْحَبْلِ كَالْكَلَامِ فِي الْعَطَنِ وَعَلَى قَوْلِهِمَا سِتُّونَ مِنْ كُلِّ جَانِبٍ ذَكَرَهُ الْخُجَنْدِيُّ وَالذِّرَاعُ الْمُعْتَبَرُ يَزِيدُ عَلَى ذِرَاعِ الْعَامَّةِ بِقَبْضَةٍ وَالنَّاضِحُ الْبَعِيرُ الَّذِي يُسْتَقَى عَلَيْهِ الْمَاءُ. قَوْلُهُ (وَإِنْ كَانَتْ عَيْنًا فَحَرِيمُهَا ثَلَاثُمِائَةِ ذِرَاعٍ) .

وَفِي الْهِدَايَةِ خَمْسُمِائَةِ ذِرَاعٍ؛ لِأَنَّ الْعَيْنَ تُسْتَخْرَجُ لِلزِّرَاعَةِ فَلَا بُدَّ مِنْ مَوْضِعٍ يَجْرِي فِيهِ الْمَاءُ وَمِنْ حَوْضٍ يَجْتَمِعُ فِيهِ الْمَاءُ وَمِنْ نَهْرٍ يَجْرِي فِيهِ الْمَاءُ إلَى الْمَزْرَعَةِ فَلِهَذَا قُدِّرَ بِالزِّيَادَةِ وَالتَّقْدِيرُ بِخَمْسِمِائَةٍ مِنْ كُلِّ جَانِبٍ قَوْلُهُ (وَمَنْ أَرَادَ أَنْ يَحْفِرَ فِي حَرِيمِهَا بِئْرًا مُنِعَ مِنْهُ) كَيْ لَا يُؤَدِّيَ إلَى تَفْوِيتِ حَقِّهِ وَالْإِخْلَالِ بِهِ فَإِنْ حَفَرَ فَلِلْأَوَّلِ أَنْ يَكْبِسَهَا تَبَرُّعًا فَإِنْ أَرَادَ أَنْ يَأْخُذَ الثَّانِيَ بِكَبْسِهَا قِيلَ لَهُ ذَلِكَ؛ لِأَنَّ حَفْرَهُ جِنَايَةٌ مِنْهُ كَمَا فِي الْكُنَاسَةِ يُلْقِيهَا فِي دَارِ غَيْرِهِ فَإِنَّهُ يُؤْخَذُ بِرَفْعِهَا وَقِيلَ يُضَمِّنُهُ النُّقْصَانَ ثُمَّ يَكْبِسُهَا لِنَفْسِهِ وَهُوَ الصَّحِيحُ، وَإِنْ حَفَرَ الثَّانِيَ بِئْرًا وَرَاءَ حَرِيمِ الْأُولَى فَذَهَبَ مَاءُ الْبِئْرِ الْأُولَى فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ غَيْرُ مُتَعَدٍّ فِي الْحَفْرِ فَلِلثَّانِي الْحَرِيمُ مِنْ الْجَوَانِبِ الثَّلَاثَةِ دُونَ الْجَانِبِ الْأَوَّلِ لِسَبْقِ مِلْكِ الْحَافِرِ الْأَوَّلِ فِيهِ وَالشَّجَرَةُ تُغْرَسُ فِي أَرْضٍ مَوَاتٍ لَهَا حَرِيمٌ أَيْضًا حَتَّى لَمْ يَكُنْ لِغَيْرِهِ أَنْ يَغْرِسَ شَجَرًا فِي حَرِيمِهِ؛ لِأَنَّهُ يَحْتَاجُ إلَى حَرِيمٍ لِيَجِدَ فِيهِ ثَمَرَهُ وَيَضَعَهُ فِيهِ وَهُوَ مُقَدَّرٌ بِخَمْسَةِ أَذْرُعٍ كَذَا فِي الْهِدَايَةِ.

قَوْلُهُ (مَا تَرَكَ الْفُرَاتُ أَوْ الدِّجْلَةُ وَعَدَلَ عَنْهُ الْمَاءُ فَإِنْ كَانَ يَجُوزُ عَوْدُهُ إلَيْهِ لَمْ يَجُزْ إحْيَاؤُهُ)

لِحَاجَةِ الْعَامَّةِ

إلَى كَوْنِهِ نَهْرًا قَوْلُهُ (وَإِنْ كَانَ لَا يَجُوزُ أَنْ يَعُودَ إلَيْهِ فَهُوَ كَالْمَوَاتِ إذَا لَمْ يَكُنْ

<<  <  ج: ص:  >  >>