للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وَلَا أَيُّهُمَا أَوَّلًا فَعِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ عَلَيْهَا أَرْبَعَةُ أَشْهُرٍ وَعَشْرٌ بِلَا حَيْضٍ فِيهَا؛ لِأَنَّ كُلَّ أَمْرَيْنِ حَادِثَيْنِ لَا يُعْلَمُ تَارِيخُ مَا بَيْنَهُمَا يُحْكَمُ بِوُقُوعِهِمَا مَعًا كَالْغَرْقَى وَإِذَا حَكَمْنَا بِمَوْتِ الزَّوْجِ مَعَ مَوْتِ الْمَوْلَى وَجَبَتْ عَلَيْهَا الْعِدَّةُ، وَهِيَ حُرَّةٌ فَكَانَ عَلَيْهَا عِدَّةُ الْحَرَائِرِ وَلَمْ يَكُنْ لِإِيجَابِ الْحَيْضِ مَعْنًى فَسَقَطَ وَعِنْدَهُمَا عَلَيْهَا أَرْبَعَةُ أَشْهُرٍ وَعَشْرٌ فِيهَا ثَلَاثُ حِيَضٍ؛ لِأَنَّهُ يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ مَوْتُ الزَّوْجِ مُتَقَدِّمًا وَانْقَضَتْ الْعِدَّةُ ثُمَّ مَاتَ الْمَوْلَى وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ الْمَوْلَى أَوَّلًا ثُمَّ مَاتَ الزَّوْجُ وَالْعِدَّةُ يُعْتَبَرُ فِيهَا الِاحْتِيَاطُ فَيُجْمَعُ بَيْنَ الشُّهُورِ وَالْحَيْضِ وَإِذَا اشْتَرَى الزَّوْجُ امْرَأَتَهُ وَلَهَا مِنْهُ وَلَدٌ فَأَعْتَقَهَا فَعَلَيْهَا ثَلَاثُ حِيَضٍ حَيْضَتَانِ مِنْ النِّكَاحِ تَجْتَنِبُ فِيهَا مَا تَجْتَنِبُ الزَّوْجَةُ وَحَيْضَةٌ مِنْ الْعِتْقِ لَا تَجْتَنِبُ فِيهَا ذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ لَمَّا اشْتَرَاهَا فَسَدَ نِكَاحُهَا فَصَارَتْ مُعْتَدَّةً فِي حَقِّ غَيْرِهِ وَإِنْ لَمْ تَكُنْ مُعْتَدَّةً فِي حَقِّهِ بِدَلَالَةِ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَتَزَوَّجَهَا فَإِذَا أَعْتَقَهَا صَارَتْ مُعْتَدَّةً فِي حَقِّهِ وَحَقِّ غَيْرِهِ؛ لِأَنَّ الْمَعْنَى الْمَانِعَ مِنْ كَوْنِهَا مُعْتَدَّةً فِي حَقِّهِ إبَاحَةُ وَطْئِهَا وَقَدْ زَالَ بِالْعِتْقِ فَوَجَبَ عَلَيْهَا حَيْضَتَانِ مِنْ فَسَادِ النِّكَاحِ وَمِنْ الْعِتْقِ وَعِدَّةٌ لِنِكَاحٍ يَجِبُ فِيهَا الْإِحْدَادُ وَأَمَّا الْحَيْضَةُ الثَّالِثَةُ فَإِنَّمَا تَجِبُ لِأَجْلِ الْعِتْقِ خَاصَّةً وَعِدَّةُ الْمُعْتِقِ لَا إحْدَادَ فِيهَا فَإِنْ كَانَ طَلَّقَهَا قَبْلَ أَنْ يَشْتَرِيَهَا تَطْلِيقَةً بَائِنَةً ثُمَّ اشْتَرَاهَا حَلَّ لَهُ وَطْؤُهَا؛ لِأَنَّ الْمِلْكَ سَبَبٌ فِي الْإِبَاحَةِ فَإِذَا حَصَلَ بَعْدَ الْبَيْنُونَةِ صَارَ كَعَقْدِ النِّكَاحِ فَإِنْ حَاضَتْ فِي الْمَسْأَلَةِ الْأُولَى حَيْضَتَيْنِ قَبْلَ الْعِتْقِ ثُمَّ أَعْتَقَهَا فَلَا عِدَّةَ عَلَيْهَا مِنْ النِّكَاحِ حَتَّى إنَّ لَهُ أَنْ يَتَزَوَّجَهَا وَتَعْتَدَّ مِنْ الْعِتْقِ ثَلَاثَ حِيَضٍ أُخْرَى كَذَا فِي الْكَرْخِيِّ.

(قَوْلُهُ وَإِذَا مَاتَ الصَّغِيرُ عَنْ امْرَأَتِهِ وَبِهَا حَمْلٌ فَعِدَّتُهَا أَنْ تَضَعَ حَمْلَهَا) هَذَا عِنْدَهُمَا.

وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ عِدَّتُهَا أَرْبَعَةُ أَشْهُرٍ وَعَشْرٌ؛ لِأَنَّ الْحَمْلَ لَيْسَ بِثَابِتِ النَّسَبِ مِنْهُ فَصَارَ كَالْحَادِثِ بَعْدَ الْمَوْتِ وَلَهُمَا إطْلَاقُ قَوْله تَعَالَى {وَأُولاتُ الأَحْمَالِ أَجَلُهُنَّ أَنْ يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ} [الطلاق: ٤] (قَوْلُهُ وَإِنْ حَدَثَ الْحَمْلُ بَعْدَ الْمَوْتِ فَعِدَّتُهَا أَرْبَعَةُ أَشْهُرٍ وَعَشْرٌ وَلَا يَثْبُتُ نَسَبُهُ فِي الْوَجْهَيْنِ جَمِيعًا) ؛ لِأَنَّ الصَّغِيرَ لَا مَاءَ لَهُ وَقَوْلُهُ حَدَثَ الْحَمْلُ بَعْدَ الْمَوْتِ مَعْرِفَةُ حُدُوثِهِ أَنْ تَضَعَهُ لِسِتَّةِ أَشْهُرٍ فَصَاعِدًا عِنْدَ عَامَّةِ الْمَشَايِخِ وَتَفْسِيرُ الْحَمْلِ يَوْمَ الْمَوْتِ أَنْ تَلِدَهُ لِأَقَلَّ مِنْ سِتَّةِ أَشْهُرٍ بَعْدَ مَوْتِهِ وَأَمَّا امْرَأَةُ الْكَبِيرِ إذَا حَدَثَ بِهَا حَبَلٌ بَعْدَ الْمَوْتِ فِي الْعِدَّةِ انْتَقَلَتْ عِدَّتُهَا مِنْ الشُّهُورِ إلَى وَضْعِ الْحَمْلِ؛ لِأَنَّ النَّسَبَ يَثْبُتُ مِنْهُ فَكَانَ كَالْقَائِمِ عِنْدَ الْمَوْتِ حُكْمًا كَذَا فِي الْهِدَايَةِ وَإِذَا مَاتَ الْخَصِيُّ عَنْ امْرَأَته، وَهِيَ حَامِلٌ أَوْ حَدَثَ الْحَمْلُ بَعْدَ الْمَوْتِ فَعِدَّتُهَا أَنْ تَضَعَ حَمْلَهَا وَالْوَلَدُ ثَابِتُ النَّسَبِ مِنْهُ؛ لِأَنَّهُ يُجَامِعُ وَأَمَّا الْمَجْبُوبُ إذَا مَاتَ عَنْهَا، وَهِيَ حَامِلٌ أَوْ حَدَثَ بَعْدَ مَوْتِهِ فَفِي إحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ هُوَ كَالْفَحْلِ فِي ثُبُوتِ النَّسَبِ مِنْهُ وَانْقِضَاءِ الْعِدَّةِ بِوَضْعِ الْحَمْلِ؛ لِأَنَّهُ يُحْذَفُ بِالْمَاءِ وَفِي الرِّوَايَةِ الثَّانِيَةِ هُوَ كَالصَّبِيِّ إنْ حَدَثَ الْحَمْلُ قَبْلَ مَوْتِهِ انْقَضَتْ بِهِ الْعِدَّةُ وَإِنْ حَدَثَ بَعْدَ مَوْتِهِ لَمْ تَنْقَضِ بِهِ الْعِدَّةُ وَإِنَّمَا تَنْقَضِي بِالشُّهُورِ وَلَا يَثْبُتُ النَّسَبُ مِنْهُ؛ لِأَنَّهُ لَا يُولِجُ فَاسْتَحَالَ كَوْنُ الْوَلَدِ مِنْهُ.

(قَوْلُهُ وَإِذَا طَلَّقَ الرَّجُلُ امْرَأَتَهُ فِي حَالِ الْحَيْضِ لَمْ تَعْتَدَّ بِالْحَيْضَةِ الَّتِي وَقَعَ فِيهَا الطَّلَاقُ) ؛ لِأَنَّ الْعِدَّةَ مُقَدَّرَةٌ بِثَلَاثِ حِيَضٍ كَوَامِلَ وَهَذِهِ قَدْ فَاتَ بَعْضُهَا قَبْلَهُ.

(قَوْلُهُ وَإِذَا وُطِئَتْ الْمُعْتَدَّةُ بِشُبْهَةٍ فَعَلَيْهَا عِدَّةٌ أُخْرَى) وَوَطْءُ الشُّبْهَةِ أَنْوَاعٌ مِنْهُ الْمُعْتَدَّةُ إذَا زُفَّتْ إلَى غَيْرِ زَوْجِهَا فَقِيلَ لَهُ إنَّهَا زَوْجَتُك فَوَطِئَهَا ثُمَّ بَانَ الْأَمْرُ بِخِلَافِهِ وَمِنْهَا إذَا طَلَّقَهَا ثَلَاثًا ثُمَّ عَادَ فَتَزَوَّجَهَا فِي الْعِدَّةِ وَدَخَلَ بِهَا وَمِنْهَا إذَا وَطِئَهَا فِي الْعِدَّةِ وَقَدْ طَلَّقَهَا ثَلَاثًا وَقَالَ ظَنَنْت أَنَّهَا تَحِلُّ لِي وَمِنْهَا إذَا طَلَّقَهَا دُونَ الثَّلَاثِ بِعِوَضٍ أَوْ بِلَفْظِ الْكِنَايَةِ وَوَطِئَهَا فِي الْعِدَّةِ وَمِنْهَا إذَا وُطِئَتْ بِشُبْهَةٍ وَلَهَا زَوْجٌ فَطَلَّقَهَا بَعْدَ ذَلِكَ الْوَطْءِ فَإِنَّ هَذِهِ الْمَوَاضِعَ يَجِبُ عَلَيْهَا عِدَّتَانِ وَيَتَدَاخَلَانِ وَيَمْضِيَانِ فِي مُدَّةٍ وَاحِدَةٍ عِنْدَنَا (قَوْلُهُ وَتَتَدَاخَلُ الْعِدَّتَانِ فَيَكُونُ مَا تَرَاهُ مِنْ الْحَيْضِ مُحْتَسَبًا بِهِ مِنْهُمَا جَمِيعًا) وَعِنْدَ الشَّافِعِيِّ لَا يَتَدَاخَلَانِ وَحَاصِلُ الْخِلَافِ رَاجِعٌ إلَى أَصْلٍ وَهُوَ أَنَّ الرُّكْنَ فِي الْعِدَّةِ هَلْ هُوَ الْفِعْلُ أَمْ تَرْكُ الْفِعْلِ فَعِنْدَهُ هُوَ الْفِعْلُ لِكَوْنِهَا مَأْمُورَةً بِالتَّرَبُّصِ الَّذِي هُوَ الْكَفُّ عَنْ التَّزَوُّجِ وَعَنْ الْخُرُوجِ وَهُوَ فِعْلٌ وَلَا يُتَصَوَّرُ فِعْلَانِ فِي وَقْتٍ وَاحِدٍ كَالصَّوْمَيْنِ فِي يَوْمٍ وَاحِدٍ وَعِنْدَنَا الرُّكْنُ تَرْكُ الْفِعْلِ وَهُوَ تَرْكُ التَّزَوُّجِ وَتَرْكُ الْخُرُوجِ وَيُتَصَوَّرُ تَرْكُ أَفْعَالٍ كَثِيرَةٍ فِي وَقْتٍ وَاحِدٍ كَتَرْكِ مُطَالَبَاتٍ كَثِيرَةٍ.

وَلِهَذَا يَجِبُ عَلَى مَنْ لَا فِعْلَ عَلَيْهَا أَصْلًا كَالصَّبِيَّةِ وَالْمَجْنُونَةِ ثُمَّ إذَا تَدَاخَلَتَا عِنْدَنَا وَكَانَتْ الْعِدَّةُ مِنْ طَلَاقٍ رَجْعِيٍّ فَلَا نَفَقَةَ عَلَى وَاحِدٍ

<<  <  ج: ص:  >  >>