للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

عَلَى الْحَيَوَانِ بِخِلَافِ الْغَنَمِ، وَالْبَقَرِ فَإِنَّ حَلْقَهُمَا عَلَى وَجْهٍ وَاحِدٍ.

(قَوْلُهُ: فَإِنْ ذَبَحَهَا جَازَ وَيُكْرَهُ) ، وَقَالَ مَالِكٌ: لَا يَجُوزُ فَإِنْ ذَبَحَهَا لَمْ تُؤْكَلْ وَكَذَا عِنْدَهُ إذَا نَحَرَ الشَّاةَ، وَالْبَقَرَةَ لَا يُؤْكَلُ لَنَا قَوْلُهُ: - عَلَيْهِ السَّلَامُ - «انْهَرْ الدَّمَ بِمَا شِئْت» ، وَالسُّنَّةُ فِي الْبَعِيرِ أَنْ يُنْحَرَ قَائِمًا مَعْقُولَ الْيَدِ الْيُسْرَى فَإِنْ أَضْجَعَهُ جَازَ، وَالْأَوَّلُ أَفْضَلُ، وَالسُّنَّةُ فِي الشَّاةِ، وَالْبَقَرَةِ أَنْ تُذْبَحَ مُضْجَعَةً لِأَنَّهُ أَمْكَنُ لِقَطْعِ الْعُرُوقِ وَيَسْتَقْبِلُ الْقِبْلَةَ فِي الْجَمِيعِ قَالَ فِي الْوَاقِعَاتِ: رَجُلٌ ذَبَحَ شَاةً وَقَطَعَ الْحُلْقُومَ، وَالْأَوْدَاجَ إلَّا أَنَّ الْحَيَاةَ فِيهَا بَاقِيَةٌ فَقَطَعَ إنْسَانٌ مِنْهَا قِطْعَةً يَحِلُّ أَكْلُ الْمَقْطُوعِ لِأَنَّ الْمَخْصُوصَ بِعَدَمِ الْحِلِّ مَا أُبِينَ مِنْ الْحَيِّ وَهَذَا لَا يُسَمَّى حَيًّا مُطْلَقًا قَالَ فِي التَّفْسِيرِ فِي قَوْله تَعَالَى {فَإِذَا وَجَبَتْ جُنُوبُهَا فَكُلُوا مِنْهَا} [الحج: ٣٦] يَعْنِي الْإِبِلَ إذَا سَقَطَتْ بَعْدَ النَّحْرِ فَوَقَعَتْ جَنُوبُهَا عَلَى الْأَرْضِ وَخَرَجَتْ رُوحُهَا فَكُلُوا مِنْهَا وَلَا يَجُوزُ الْأَكْلُ مِنْ الْبُدْنِ إلَّا بَعْدَ خُرُوجِ الرُّوحِ.

قَوْلُهُ: (وَمَنْ نَحَرَ نَاقَةً أَوْ ذَبَحَ بَقَرَةً أَوْ شَاةً فَوَجَدَ فِي بَطْنِهَا جَنِينًا مَيِّتًا لَمْ يُؤْكَلْ أَشْعَرَ أَوْ لَمْ يُشْعِرْ) هَذَا قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ وَزُفَرَ وَعِنْدَهُمَا إنْ تَمَّ خَلْقُهُ أُكِلَ وَإِلَّا فَلَا لِقَوْلِهِ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - «ذَكَاةُ الْجَنِينِ ذَكَاةُ أُمِّهِ» وَلِأَنَّهُ فِي حُكْمِ جُزْءٍ مِنْ أَجْزَائِهَا بِدَلِيلِ أَنَّهُ يَدْخُلُ فِي بَيْعِهَا وَيُعْتَقُ بِعِتْقِهَا فَصَارَ كَسَائِرِ أَعْضَائِهَا وَلِأَبِي حَنِيفَةَ قَوْله تَعَالَى {حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ} [المائدة: ٣] وَهِيَ اسْمٌ لِمَا مَاتَ حَتْفَ أَنْفِهِ وَهَذَا مَوْجُودٌ فِي الْجَنِينِ لِأَنَّهُ لَا يَمُوتُ بِمَوْتِ أُمِّهِ لِأَنَّهَا قَدْ تَمُوتُ وَيَبْقَى الْجَنِينُ فِي بَطْنِهَا حَيًّا وَيَمُوتُ وَهِيَ حَيَّةٌ فَحَيَاتُهُ غَيْرُ مُتَعَلِّقَةٍ بِحَيَاتِهَا فَلَا تَكُونُ ذَكَاتُهَا ذَكَاةً لَهُ فَصَارَا كَالشَّاتَيْنِ لَا تَكُونُ ذَكَاةُ إحْدَاهُمَا ذَكَاةً لِلْأُخْرَى وَلِأَنَّهُ أَصْلٌ فِي الْحَيَاةِ، وَالدَّمُ لِأَنَّهُ لَا يُتَصَوَّرُ حَيَاتُهُ بَعْدَ مَوْتِهَا وَلَهُ دَمٌ عَلَى حِدَةٍ غَيْرُ دَمِهَا، وَالذَّبْحُ شَرَعَ لِتَنْهِيرِ الدَّمِ النَّجِسِ مِنْ اللَّحْمِ الطَّاهِرِ وَذَبْحُهَا لَا يَكُونُ سَبَبًا لِخُرُوجِ الدَّمِ مِنْهُ وَمَا رَوَيَاهُ مِنْ الْحَدِيثِ قَدْ رُوِيَ ذَكَاةُ أُمِّهِ بِالنَّصْبِ بِنَزْعِ الْخَافِضِ أَيْ كَذَكَاةِ أُمِّهِ وَأَمَّا إذَا خَرَجَ الْجَنِينُ حَيًّا وَمَاتَ لَمْ يُؤْكَلْ بِالْإِجْمَاعِ وَإِنَّمَا الْخِلَافُ فِيمَا إذَا خَرَجَ مَيِّتًا وَإِنَّمَا شُرِطَ أَنْ يَكُونَ كَامِلَ الْخَلْقِ لِأَنَّهُ إذَا لَمْ يَكْمُلْ فَهُوَ كَالْمُضْغَةِ، وَالدَّمِ فَلَا يَحِلُّ أَكْلُهُ وَمَعْنَى قَوْلِهِ: أَشْعَرَ أَوْ لَمْ يُشْعِرْ أَيْ تَمَّ خَلْقُهُ أَوْ لَمْ يَتِمَّ.

قَوْلُهُ: (وَلَا يَجُوزُ أَكْلُ كُلِّ ذِي نَابٍ مِنْ السِّبَاعِ وَلَا ذِي مِخْلَبٍ مِنْ الطَّيْرِ) الْمُرَادُ مِنْ ذِي النَّابِ أَنْ يَكُونَ لَهُ نَابٌ يَصْطَادُ بِهِ وَكَذَا مِنْ ذِي الْمِخْلَبِ وَإِلَّا فَالْحَمَامَةُ لَهَا مِخْلَبٌ، وَالْبَعِيرُ لَهُ نَابٌ وَذَلِكَ لَا تَأْثِيرَ لَهُ فَذُو النَّابِ مِنْ السِّبَاعِ الْأَسَدُ، وَالنَّمِرُ، وَالْفَهْدُ، وَالذِّئْبُ، وَالضَّبُعُ، وَالثَّعْلَبُ، وَالْكَلْبُ، وَالسِّنَّوْرُ الْبَرِّيُّ، وَالْأَهْلِيُّ، وَالْفِيلُ، وَالْقِرْدُ وَكَذَا الْيَرْبُوعُ وَابْنُ عُرْسٍ مِنْ سِبَاعِ الْهَوَامِّ وَذُو الْمِخْلَبِ مِنْ الطَّيْرِ الصَّقْرُ، وَالْبَازِي، وَالنَّسْرُ، وَالْعُقَابُ، وَالرَّخَمُ، وَالْغُرَابُ الْأَسْوَدُ، وَالْحَدَأَةُ، وَالشَّاهِينُ وَكُلُّ مَا يَصْطَادُ بِمِخْلَبِهِ، وَقَدْ رُوِيَ أَنَّ النَّبِيَّ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - «لَعَنَ يَوْمَ خَيْبَرَ عَشَرَةً وَحَرَّمَ خَمْسَةً لَعَنَ آكِلَ الرِّبَا وَمُوَكِّلَهُ وَكَاتِبَهُ وَشَاهِدَهُ وَمُمْلِيَهُ، وَالْوَاشِمَةَ، وَالْمَوْشُومَةَ، وَالْوَاصِلَةَ، وَالْمَوْصُولَةَ وَمَانِعَ الصَّدَقَةِ وَحَرَّمَ الْخَاطِفَةَ، وَالْمُنْتَهِبَةَ، وَالْمُجَثِّمَةَ، وَالْحِمَارَ الْأَهْلِيَّ وَكُلَّ ذِي نَابٍ مِنْ السِّبَاعِ، وَقَالَ: أَكْلُ كُلِّ ذِي نَابٍ مِنْ السِّبَاعِ حَرَامٌ» فَالْخَاطِفَةُ هِيَ مَا تَخْطَفُ مِنْ الْهَوَى مِثْلُ الْبَازِي، وَالْحَدَأَةِ، وَالْمُنْتَهِبَةُ هِيَ مَا تَنْتَهِبُ مِنْ الْأَرْضِ مِثْلُ الذِّئْبِ وَنَحْوُهُ، وَالْمُجَثَّمَةُ يَرْوِي بِفَتْحِ الثَّاءِ وَكَسْرِهَا فَهِيَ بِالْفَتْحِ كُلُّ صَيْدٍ جَثَمَ عَلَيْهِ الْكَلْبُ حَتَّى مَاتَ غَمًّا وَبِالْكَسْرِ هُوَ كُلّ شَيْءٍ عَادَتُهُ أَنْ يَنْجَثِمَ عَلَى الصَّيْدِ مِثْلُ الْكَلْبِ، وَالذِّئْبِ قَوْلُهُ: (وَلَا بَأْسَ بِغُرَابِ الزَّرْعِ) لِأَنَّهُ يَأْكُلُ الْحَبَّ وَلَيْسَ هُوَ مِنْ سِبَاعِ الطَّيْرِ وَلَا يَأْكُلُ الْجِيَفَ وَكَذَا لَا بَأْسَ بِأَكْلِ الْعَقْعَقِ، وَالْهُدْهُدِ، وَالْحَمَامِ، وَالْعَصَافِيرِ لِأَنَّ عَامَّةَ أَكْلِهَا الْحَبُّ، وَالثِّمَارُ.

قَوْلُهُ: (وَلَا يُؤْكَلُ الْأَبْقَعُ الَّذِي يَأْكُلُ الْجِيَفَ) وَكَذَا كُلُّ غُرَابٍ يَخْلِطُ الْجِيَفَ، وَالْحَبَّ لَا يُؤْكَلُ وَأَمَّا الدَّجَاجُ فَلَا بَأْسَ بِأَكْلِهِ بِإِجْمَاعِ الْعُلَمَاءِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>