للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

التَّعْدِيلُ لِأَنَّهُ قَدْ يَخْفَى عَلَيْهِمْ عَدَالَتُهُمْ.

وَقَالَ مُحَمَّدٌ إنْ لَمْ تُعَدِّلْ شُهُودُ الْفَرْعِ شُهُودَ الْأَصْلِ لَمْ يُلْتَفَتْ إلَى شَهَادَتِهِمْ لِأَنَّهُ لَا شَهَادَةَ إلَّا بِالْعَدَالَةِ فَإِذَا لَمْ يَعْرِفُوهَا فِيهِمْ لَمْ يَنْقُلُوا الشَّهَادَةَ فَلَا تُقْبَلْ ثُمَّ إنَّ عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ إذَا شَهِدُوا وَهُمْ عُدُولٌ وَسَكَتُوا عَنْ تَعْدِيلِ أُصُولِهِمْ سَأَلَ الْحَاكِمُ عَنْ تَعْدِيلِهِمْ فَإِنْ عَدَّلُوا حُكِمَ بِشَهَادَةِ الْفُرُوعِ وَإِلَّا فَلَا وَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ الْحَاكِمُ بِحَالِ الْأُصُولِ وَالْفُرُوعِ سَأَلَ عَنْ جَمِيعِهِمْ فِي السِّرِّ وَزَكَّاهُمْ فِي الْعَلَانِيَةِ كَذَا فِي الْيَنَابِيعِ وَإِذَا كَانَ شَاهِدُ الْأَصْلِ مَحْبُوسًا فِي الْمِصْرِ فَأَشْهَدَ عَلَى شَهَادَتِهِ هَلْ يَجُوزُ لِلْفَرْعِ أَنْ يَشْهَدَ عَلَى شَهَادَتِهِ وَإِذَا شَهِدَ عِنْدَ الْقَاضِي هَلْ يُحْكَمُ بِهَا قَالَ فِي الذَّخِيرَةِ: اخْتَلَفَ فِيهِ مَشَايِخُ زَمَانِنَا قَالَ بَعْضُهُمْ: إنْ كَانَ مَحْبُوسًا فِي سِجْنِ هَذَا الْقَاضِي لَا يَجُوزُ لِأَنَّ الْقَاضِيَ يُخْرِجُهُ مِنْ سِجْنِهِ حَتَّى يَشْهَدَ ثُمَّ يُعِيدُهُ إلَى السِّجْنِ وَإِنْ كَانَ فِي سِجْنِ الْوَالِي وَلَا يُمْكِنُهُ الْإِخْرَاجُ لِلشَّهَادَةِ يَجُوزُ وَقَوْلُهُ وَيَنْظُرُ الْحَاكِمُ فِي حَالِهِمْ يَعْنِي عَلَى مَا تَقَدَّمَ مِنْ الْخِلَافِ فِي تَعْدِيلِ الشَّاهِدِ قَبْلَ طَعْنِ الْخَصْمِ عَلَيْهِ قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَأَبُو يُوسُفَ: يُقْبَلُ الْوَاحِدُ فِي التَّعْدِيلِ وَالْجَرْحِ لِأَنَّ التَّعْدِيلَ لَيْسَ بِشَهَادَةٍ وَإِنَّمَا هُوَ خَبَرٌ أَلَا تَرَى أَنَّهُ لَا يَحْتَاجُ إلَى لَفْظِ الشَّهَادَةِ وَيَثْبُتُ بِالرِّسَالَةِ وَيُقْبَلُ تَعْدِيلُ الْوَالِدِ لِوَلَدِهِ وَالْوَلَدِ لِوَالِدِهِ وَلَا يَحْتَاجُ إلَى حُضُورِ خَصْمٍ وَلَا يَفْتَقِرُ تَعْدِيلُ الشَّهَادَةِ عَلَى الزِّنَا إلَى أَرْبَعَةٍ.

وَقَالَ مُحَمَّدٌ: لَا يُقْبَلُ فِيهِ أَقَلُّ مِنْ اثْنَيْنِ وَالْخِلَافُ فِي تَعْدِيلِ السِّرِّ أَمَّا تَعْدِيلُ الْعَلَانِيَةِ فَلَا بُدَّ فِيهِ مِنْ اثْنَيْنِ وَلَفْظِ الشَّهَادَةِ بِالْإِجْمَاعِ.

وَفِي الْهِدَايَةِ قَالُوا: يُشْتَرَطُ فِي تَزْكِيَةِ شُهُودِ الزِّنَا أَرْبَعَةٌ عِنْدَ مُحَمَّدٍ وَكَذَا اخْتِلَافُهُمْ فِي التُّرْجُمَانِ إذَا لَمْ يَفْهَمْ الْقَاضِي كَلَامَ الْخَصْمِ عَلَى هَذَا يُقْبَلُ فِيهِ عِنْدَهُمَا قَوْلُ الْوَاحِدِ وَعِنْدَ مُحَمَّدٍ لَا بُدَّ مِنْ اثْنَيْنِ وَعَلَى هَذَا يُقْبَلُ تَعْدِيلُ الْمَرْأَةِ عِنْدَهُمَا.

وَقَالَ مُحَمَّدٌ: لَا يَجُوزُ ثُمَّ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ إنَّمَا يُقْبَلُ تَعْدِيلُهَا فِي غَيْرِ الْعُقُوبَاتِ أَمَّا فِي الْعُقُوبَةِ فَيُشْتَرَطُ الذُّكُورَةُ عَلَى أَصْلِهِ أَنَّ التَّزْكِيَةَ عِلَّةُ الْعِلَّةِ وَالْعِلَّةُ هِيَ الشَّهَادَةُ وَعِلَّةُ الْعِلَّةِ التَّزْكِيَةُ وَيَقُولُ الْمُزَكِّي: هُوَ عَدْلٌ رِضًا وَلَا يَحْتَاجُ إلَى قَوْلِهِ عَلَيَّ وَلِي لِأَنَّهُ إذَا قَالَ: هُوَ عَدْلٌ رِضًا فَهُوَ عَدْلٌ عَلَيْهِ وَلَهُ قَالَ فِي الْيَنَابِيعِ إذَا احْتَاجَ الْمُدَّعِي إلَى إخْرَاجِ الشُّهُودِ إلَى مَوْضِعِ فَاسْتَأْجَرَ لَهُمْ دَوَابَّ لِلرُّكُوبِ لَمْ تُقْبَلْ شَهَادَتُهُمْ عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ وَإِنْ أَكَلُوا مِنْ طَعَامِهِ فِي الطَّرِيقِ قُبِلَتْ وَقَالَ مُحَمَّدٌ: لَا أَقْبَلُ شَهَادَتَهُمْ فِي الْوَجْهَيْنِ جَمِيعًا.

وَقَالَ نَصْرُ بْنُ يَحْيَى: لَا بَأْسَ لِلْمَشْهُودِ لَهُ أَنْ يَتَكَلَّفَ لِلشَّاهِدِ دَابَّةً إذَا كَانَ شَيْخًا لَا يَقْدِرُ عَلَى الْمَشْيِ.

وَقَالَ الْفَقِيهُ أَبُو اللَّيْثِ: إنْ كَانَ لَهُمْ قُوَّةٌ عَلَى الْمَشْيِ أَوْ مَا يَسْتَكْرُونَ بِهِ دَابَّةً فَهُوَ كَمَا قَالَهُ أَبُو يُوسُفَ.

(قَوْلُهُ وَإِنْ أَنْكَرَ شُهُودُ الْأَصْلِ الشَّهَادَةَ لَمْ تُقْبَلْ شَهَادَةُ الْفُرُوعِ) بِأَنْ قَالُوا: لَيْسَ لَنَا فِي هَذِهِ الْحَادِثَةِ شَهَادَةٌ وَغَابُوا أَوْ مَاتُوا ثُمَّ جَاءَ الْفُرُوعُ يَشْهَدُونَ عَلَى شَهَادَتِهِمْ فِي هَذِهِ الْحَادِثَةِ أَوْ قَالُوا: لَمْ نُشْهِدْ الْفُرُوعَ عَلَى شَهَادَتِنَا فَإِنَّ شَهَادَةَ الْفُرُوعِ عَلَى شَهَادَتِهِمَا لَا تُقْبَلُ لِأَنَّ التَّحْمِيلَ لَمْ يَثْبُتْ وَهُوَ شَرْطٌ (مَسَائِلُ) إذَا شَهِدَ الْفَاسِقَانِ بِشَهَادَةٍ فَرُدَّتْ شَهَادَتُهُمَا ثُمَّ تَابَا وَأَنَابَا ثُمَّ جَاءَا فَشَهِدَا بِهَا لَمْ تُقْبَلْ لِأَنَّهُمَا إنَّمَا رُدَّتْ شَهَادَتُهُمَا لِلتُّهْمَةِ وَهِيَ بَاقِيَةٌ لِجَوَازِ أَنْ يَكُونَا تَوَصَّلَا بِإِظْهَارِ التَّوْبَةِ إلَى تَصْحِيحِ شَهَادَتِهِمَا وَكَذَا إذَا شَهِدَ الزَّوْجُ الْحُرُّ لِزَوْجَتِهِ بِشَهَادَةٍ فَرُدَّتْ ثُمَّ أَبَانَهَا وَتَزَوَّجَتْ غَيْرَهُ ثُمَّ شَهِدَ لَهَا بِتِلْكَ الشَّهَادَةِ لَمْ تُقْبَلْ لِجَوَازِ أَنْ يَكُونَ تَوَصَّلَ بِطَلَاقِهَا إلَى تَصْحِيحِ شَهَادَتِهِ وَكَذَا إذَا شَهِدَتْ لِزَوْجِهَا ثُمَّ أَبَانَهَا ثُمَّ شَهِدَتْ لَهُ وَلَوْ شَهِدَ الْعَبْدُ أَوْ الْكَافِرُ أَوْ الْمَجْنُونُ أَوْ الصَّبِيُّ بِشَهَادَةٍ فَرُدَّتْ ثُمَّ أُعْتِقَ الْعَبْدُ أَوْ أَسْلَمَ الْكَافِرُ أَوْ أَفَاقَ الْمَجْنُونُ أَوْ بَلَغَ الصَّبِيُّ ثُمَّ عَادُوا فَشَهِدُوا بِهَا قُبِلَتْ شَهَادَتُهُمْ لِأَنَّهُمْ لَمْ يَكُونُوا مِنْ أَهْلِ الشَّهَادَةِ حَالَ أَدَائِهَا وَلَا رُدَّتْ شَهَادَتُهُمْ لِأَجْلِ التُّهْمَةِ وَإِنَّمَا رُدَّتْ لِكَوْنِهِمْ لَيْسُوا مِنْ أَهْلِ الشَّهَادَةِ ثُمَّ صَارُوا مِنْ أَهْلِهَا فَزَالَ الْمَعْنَى الَّذِي لِأَجْلِهِ رُدَّتْ شَهَادَتُهُمْ فَلِهَذَا قُبِلُوا.

(قَوْلُهُ وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ فِي شَاهِدِ الزُّورِ: أُشْهِرُهُ فِي السُّوقِ وَلَا أُعَزِّرُهُ) أَيْ وَلَا أَضْرِبُهُ وَتَفْسِيرُ الشُّهْرَةِ مَا ذَكَرَهُ فِي الْمَبْسُوطِ أَنَّ شُرَيْحًا كَانَ يَبْعَثُ بِشَاهِدِ الزُّورِ إلَى أَهْلِ سُوقِهِ إنْ كَانَ سُوقِيًّا أَوْ إلَى قَوْمِهِ إنْ لَمْ يَكُنْ سُوقِيًّا بَعْدَ الْعَصْرِ أَجْمَعُ مَا يَكُونُ وَيَقُولُ إنَّ شُرَيْحًا يُقْرِئُكُمْ السَّلَامَ وَيَقُولُ لَكُمْ: أَنَّا وَجَدْنَا هَذَا شَاهِدَ زُورٍ فَاحْذَرُوهُ وَحَذِّرُوا النَّاسَ مِنْهُ وَالرَّجُلُ وَالْمَرْأَةُ فِي شَهَادَةِ الزُّورِ سَوَاءٌ ثُمَّ إذَا تَابَ شَاهِدُ الزُّورِ فَشَهِدَ بَعْدَ ذَلِكَ فِي حَادِثَةٍ هَلْ

<<  <  ج: ص:  >  >>