للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَلَا يَقْبَلُ قَوْلَ الْمَعْزُولِ فِي ذَلِكَ

(قَوْلُهُ وَيَجْلِسُ الْحَاكِمُ جُلُوسًا ظَاهِرًا فِي الْمَسْجِدِ) كَيْ لَا يَشْتَبِهَ مَكَانُهُ عَلَى الْغُرَبَاءِ وَيَسْتَقْبِلُ الْقِبْلَةَ فِي جُلُوسِهِ وَيَدْعُو اللَّهَ أَنْ يُوَفِّقَهُ وَيُسَدِّدَهُ وَيُقْبِلُ عَلَى الْخُصُومِ مُفَرِّغًا نَفْسَهُ لَهُمْ فَإِنْ دَخَلَهُ هَمٌّ أَوْ ضَجَرٌ أَوْ نُعَاسٌ أَوْ غَضَبٌ كَفَّ عَنْ الْحُكْمِ لِأَنَّهُ إذَا كَانَ بِهَذِهِ الصِّفَةِ اشْتَغَلَ قَلْبُهُ فَلَمْ يَفْهَمْ كَلَامَ الْخُصُومِ وَلَا يَقْضِي وَهُوَ جَائِعٌ أَوْ عَطْشَانُ أَوْ حَاقِنٌ أَوْ حَاقِبٌ أَوْ حَابِسٌ أَوْ مَرِيضٌ لِأَنَّ ذَلِكَ يُشْغِلُ قَلْبَهُ وَلَا يَقْضِي وَهُوَ رَاكِبٌ أَوْ مَاشٍ وَلَا يَرْتَشِي لِقَوْلِهِ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - «لَعَنَ اللَّهُ الرَّاشِيَ وَالْمُرْتَشِيَ» وَيَنْبَغِي أَنْ يَتَّخِذ كَاتِبًا مِنْ أَهْلِ الْعَفَافِ وَالصَّلَاحِ وَيُقْعِدَهُ بِحَيْثُ يَرَى مَا يَكْتُبُ لِئَلَّا يَلْتَبِسَ عَلَيْهِ وَيَنْبَغِي أَنْ يَكُون الْكَاتِبُ مِنْ أَهْلِ الشَّهَادَةِ لِأَنَّهُ قَدْ يُحْتَاجُ إلَى شَهَادَتِهِ.

(قَوْلُهُ وَلَا يَقْبَلُ هَدِيَّةً إلَّا مِنْ ذِي رَحِمٍ مَحْرَمٍ مِنْهُ أَوْ مِمَّنْ جَرَتْ عَادَتُهُ قَبْلَ الْقَضَاءِ بِمُهَادَاتِهِ) وَهَذَا إذَا لَمْ يَكُنْ لِلْقَرِيبِ خُصُومَةٌ أَمَّا إذَا كَانَتْ لَا يَقْبَلُ وَكَذَا الْمُهْدِي إذَا زَادَ عَلَى الْمُعْتَادِ أَوْ كَانَتْ لَهُ خُصُومَةٌ لَا تُقْبَلُ هَدِيَّتُهُ.

(قَوْلُهُ وَلَا يَحْضُرُ دَعْوَةً إلَّا أَنْ تَكُونَ عَامَّةً) وَهِيَ الَّتِي مَا لَوْ عَلِمَ الْمُضَيِّفُ أَنَّ الْقَاضِيَ لَا يَحْضُرُهَا يَعْمَلُهَا وَهَذَا أَصَحُّ مَا قِيلَ: فِي تَفْسِيرِهَا وَقِيلَ: هِيَ دَعْوَةُ الْعُرْسِ وَالْخِتَانِ وَالْخَاصَّةُ هِيَ مَا لَوْ عَلِمَ الْمُضَيِّفُ أَنَّ الْقَاضِيَ لَا يَحْضُرُهَا لَمْ يَعْمَلْهَا ثُمَّ إنَّ الشَّيْخَ لَمْ يَفْصِلْ فِي الْخَاصَّةِ بَيْنَ أَنْ تَكُونَ لِأَجْنَبِيٍّ أَوْ لِذِي رَحِمٍ مَحْرَمٍ مِنْهُ.

وَفِي الْهِدَايَةِ لَا يُجِيبُهَا إلَّا إذَا كَانَتْ لِذِي رَحِمٍ مَحْرَمٍ مِنْهُ

(قَوْلُهُ وَيَشْهَدُ الْجَنَائِزَ وَيَعُودُ الْمَرْضَى) لِأَنَّ ذَلِكَ مِنْ السُّنَّةِ وَمِنْ حُقُوقِ الْمُسْلِمِ فَلَا يَمْنَعُ الْقَضَاءُ مِنْهَا وَقَدْ كَانَ النَّبِيُّ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - يَشْهَدُ الْجَنَائِزَ وَيَعُودُ الْمَرْضَى وَهُوَ أَفْضَلُ الْحُكَّامِ.

(قَوْلُهُ وَلَا يُضَيِّفُ أَحَدَ الْخَصْمَيْنِ دُونَ خَصْمِهِ) لِأَنَّ فِيهِ تَرْكَ التَّسْوِيَةِ وَفِيهِ إشَارَةٌ إلَى أَنَّهُ لَا بَأْسَ أَنْ يُضَيِّفَهُمَا جَمِيعًا لِوُجُودِ التَّسْوِيَةِ.

(قَوْلُهُ فَإِذَا حَضَرَا سَاوَى بَيْنَهُمَا فِي الْمَجْلِسِ وَالْإِقْبَالِ) وَكَذَا فِي النَّظَرِ إلَيْهِمَا وَالْكَلَامِ مَعَهُمَا وَيَنْبَغِي لِمَنْ يَدْخُلُ مَجْلِسَ الْقَاضِي لِأَجْلِ الْخُصُومَةِ أَنْ لَا يُسَلِّمَ عَلَى الْقَاضِي فَإِنْ سَلَّمَ لَا يَجِبُ عَلَيْهِ رَدُّ سَلَامِهِ فَإِنْ أَرَادَ جَوَابَهُ لَا يَزِيدُ عَلَى قَوْلِهِ وَعَلَيْكُمْ السَّلَامُ وَيُسَلِّمُ الشَّاهِدُ عَلَى الْقَاضِي وَيَرُدُّ عَلَيْهِ ثُمَّ إذَا سَمِعَ الْقَاضِي الْبَيِّنَةَ وَلَمْ يَحْكُمْ بِهَا حَتَّى غَابَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ حَكَمَ بِهَا وَلَا يَنْتَظِرُ عَوْدَهُ عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ.

وَقَالَ مُحَمَّدٌ: لَا بُدَّ مِنْ إحْضَارِهِ كَذَا فِي الْيَنَابِيعِ.

(قَوْلُهُ وَلَا يُسَارِرْ أَحَدَهُمَا وَلَا يُشِيرُ إلَيْهِ وَلَا يُلَقِّنُهُ حُجَّةً) لِأَنَّ فِيهِ كَسْرَ قَلْبِ الْآخَرِ وَإِضْعَافًا لَهُ وَكَذَا لَا يَرْفَعْ صَوْتَهُ عَلَى أَحَدِهِمَا مَا لَمْ يَرْفَعْهُ عَلَى الْآخَرِ لِأَنَّ ذَلِكَ يُدْهِشُهُ وَرُبَّمَا تَحَيَّرَ وَتَرَكَ حَقَّهُ وَكَذَا لَا يَضْحَكُ فِي وَجْهِ أَحَدِهِمَا دُونَ صَاحِبِهِ

(قَوْلُهُ فَإِذَا ثَبَتَ الْحَقُّ عِنْدَهُ وَطَلَبَ صَاحِبُ الْحَقِّ حَبْسَ غَرِيمِهِ لَمْ يُعَجِّلْ بِحَبْسِهِ وَأَمَرَهُ بِدَفْعِ مَا عَلَيْهِ) لِأَنَّ الْحَبْسَ إنَّمَا هُوَ جَزَاءُ الْمُمَاطَلَةِ فَلَا بُدَّ مِنْ ظُهُورِهَا وَهَذَا إذَا ثَبَتَ الْحَقُّ بِإِقْرَارِهِ لِأَنَّهُ لَا يَعْرِفُ كَوْنَهُ مُمَاطِلًا فِي أَوَّلِ الْوَهْلَةِ فَلَعَلَّهُ طَمِعَ فِي الْإِمْهَالِ فَلَمْ يَسْتَصْحِبْ الْمَالَ فَإِذَا امْتَنَعَ بَعْدَ ذَلِكَ حَبَسَهُ وَأَمَّا إذَا ثَبَتَ الْحَقُّ بِالْبَيِّنَةِ حَبَسَهُ حَتَّى يُثْبِتَ لِظُهُورِ الْمَطْلِ بِإِنْكَارِهِ كَذَا فِي الْهِدَايَةِ وَإِذَا طَمِعَ الْحَاكِمُ فِي أَنْ يَصْطَلِحَ الْخَصْمَانِ فَلَا بَأْسَ أَنْ يَرُدَّهُمَا وَلَا يَنْفُذُ الْحُكْمُ بَيْنَهُمَا لَعَلَّهُمَا يَصْطَلِحَانِ أَوْ يُعْلِمُهُمَا أَنَّ الصُّلْحَ خَيْرٌ قَالَ عُمَرُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - رُدُّوا الْخُصُومَ كَيْ يَصْطَلِحُونَ فَإِنَّ فَصْلَ الْقَضَاءِ يُوَرِّثُ الضَّغَائِنَ وَلَا يَنْبَغِي أَنْ يَرُدَّهُمْ أَكْثَرَ مِنْ مَرَّتَيْنِ (قَوْلُهُ فَإِنْ امْتَنَعَ حَبَسَهُ فِي كُلِّ دَيْنٍ لَزِمَهُ بَدَلًا عَنْ مَالٍ حَصَلَ فِي يَدِهِ كَثَمَنِ الْمَبِيعِ وَبَدَلِ

<<  <  ج: ص:  >  >>