للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَجَعَلَ رِجْلَيْهِ إلَى الْقِبْلَةِ يُومِئُ لِلرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ) يَعْنِي بَعْدَ أَنْ تُوضَعَ وِسَادَةٌ تَحْتَ رَأْسِهِ حَتَّى يَتَمَكَّنَ مِنْ الْإِيمَاءِ؛ لِأَنَّ الِاسْتِلْقَاءَ يَمْنَعُ الْإِيمَاءَ مِنْ الْأَصِحَّاءِ فَكَيْفَ مِنْ الْمَرْضَى فَإِنْ صَلَّى مُضْطَجِعًا فَنَامَ فِيهَا انْتَقَضَ وُضُوءُهُ كَذَا فِي الْوَجِيزِ.

(قَوْلُهُ: وَإِنْ اسْتَلْقَى عَلَى جَنْبِهِ وَوَجْهُهُ إلَى الْقِبْلَةِ وَأَوْمَأَ جَازَ) يَعْنِي عَلَى جَنْبِهِ الْأَيْمَنِ وَيَجْعَلُ رَأْسَهُ مِنْ جِهَةِ الْمَشْرِقِ إلَّا أَنَّ الْأَوَّلَ أَوْلَى فَإِنْ لَمْ يَسْتَطِعْ الِاسْتِلْقَاءَ عَلَى جَنْبِهِ الْأَيْمَنِ فَعَلَى جَنْبِهِ الْأَيْسَرِ.

(قَوْلُهُ: فَإِنْ لَمْ يَسْتَطِعْ الْإِيمَاءَ بِرَأْسِهِ أَخَّرَ الصَّلَاةَ) فِيهِ إشَارَةٌ إلَى أَنَّهَا لَا تَسْقُطُ إذَا بَلَغَ إلَى هَذِهِ الْحَالَةِ وَإِنْ كَانَ أَكْثَرَ مِنْ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ إذَا كَانَ مُفِيقًا وَهُوَ الصَّحِيحُ؛ لِأَنَّهُ يُفْهِمُ مَضْمُونَ الْخِطَابِ بِخِلَافِ الْمُغْمَى عَلَيْهِ كَذَا فِي الْهِدَايَةِ قَالَ قَاضِي خَانْ فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ تَسْقُطُ إذَا كَانَ أَكْثَرَ مِنْ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ؛ لِأَنَّ مُجَرَّدَ الْعَقْلِ لَا يَكْفِي لِتَوَجُّهِ الْخِطَابِ؛ لِأَنَّ مُحَمَّدًا ذَكَرَ فِي النَّوَادِرِ مَنْ قُطِعَتْ يَدَاهُ مِنْ الْمِرْفَقَيْنِ وَقَدَمَاهُ مِنْ السَّاقَيْنِ لَا صَلَاةَ عَلَيْهِ فَثَبَتَ أَنَّ مُجَرَّدَ الْعَقْلِ لَا يَكْفِي وَقِيلَ إنَّ هَذِهِ الْمَسْأَلَةَ عَلَى أَرْبَعَةِ أَوْجُهٍ إنْ دَامَ بِهِ الْمَرَضُ أَكْثَرَ مِنْ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ وَهُوَ لَا يَعْقِلُ لَا يَقْضِي إجْمَاعًا وَإِنْ كَانَ أَقَلَّ مِنْ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ وَهُوَ يَعْقِلُ قَضَى إجْمَاعًا وَإِنْ كَانَ أَكْثَرَ وَهُوَ يَعْقِلُ أَوْ أَقَلَّ وَهُوَ لَا يَعْقِلُ فَفِيهِ اخْتِلَافُ الْمَشَايِخِ مِنْهُمْ مَنْ قَالَ يَلْزَمُهُ الْقَضَاءُ وَهُوَ اخْتِيَارُ صَاحِبِ الْهِدَايَةِ، وَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ لَا يَلْزَمُهُ وَهُوَ اخْتِيَارُ الْبَزْدَوِيِّ الصَّغِيرِ وَقَاضِي خَانْ.

(قَوْلُهُ: وَلَا يُومِئُ بِعَيْنَيْهِ وَلَا بِقَلْبِهِ وَلَا بِحَاجِبَيْهِ) .

وَقَالَ زُفَرُ يُومِئُ بِقَلْبِهِ فَإِذَا صَحَّ أَعَادَ، وَقَالَ الْحَسَنُ يُومِئُ بِحَاجِبَيْهِ وَقَلْبِهِ وَيُعِيدُ وَقَالَ الشَّافِعِيُّ يُومِئُ بِعَيْنَيْهِ فَإِذَا زَالَ الْعُذْرُ أَعَادَ.

(قَوْلُهُ: فَإِنْ قَدَرَ عَلَى الْقِيَامِ وَلَمْ يَقْدِرْ عَلَى الرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ لَمْ يَلْزَمْهُ الْقِيَامُ وَيُصَلِّي قَاعِدًا يُومِئُ إيمَاءً) فَإِنْ أَوْمَأَ قَائِمًا جَازَ كَذَا فِي الْمُحِيطِ.

وَفِي الْفَتَاوَى إذَا أَرَادَ أَنْ يُومِئَ لِلرُّكُوعِ أَوْمَأَ قَائِمًا وَيُومِئُ لِلسُّجُودِ قَاعِدًا وَالْأَفْضَلُ هُوَ الْإِيمَاءُ قَاعِدًا بِالْكُلِّ.

وَفِي الْوَاقِعَاتِ إذَا أَوْمَأَ لِلسُّجُودِ قَائِمًا لَا يُجْزِئُهُ وَلِلرُّكُوعِ يُجْزِئُهُ.

(قَوْلُهُ: فَإِنْ صَلَّى الصَّحِيحُ بَعْضَ صَلَاتِهِ قَائِمًا وَحَدَثَ بِهِ عُذْرٌ يَمْنَعُهُ الْقِيَامَ أَتَمَّهَا قَاعِدًا يَرْكَعُ وَيَسْجُدُ أَوْ يُومِئُ إنْ لَمْ يَسْتَطِعْ الرُّكُوعَ وَالسُّجُودَ أَوْ مُسْتَلْقِيًا إنْ لَمْ يَسْتَطِعْ الْقُعُودَ) لِأَنَّ فِي ذَلِكَ بِنَاءَ الْأَدْنَى عَلَى الْأَعْلَى.

(قَوْلُهُ: وَمَنْ صَلَّى قَاعِدًا يَرْكَعُ وَيَسْجُدُ لِمَرَضٍ بِهِ ثُمَّ صَحَّ بَنَى عَلَى صَلَاتِهِ قَائِمًا) وَهَذَا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ؛ لِأَنَّ مِنْ أَصْلِهِمَا أَنَّ الْقَاعِدَ يَؤُمُّ الْقَائِمَ فَكَذَا يَجُوزُ أَنْ يَبْنِيَ الْإِنْسَانُ فِي حَقِّ نَفْسِهِ صَلَاةَ الْقَائِمِ عَلَى تَحْرِيمَةِ الْقَاعِدِ.

وَقَالَ مُحَمَّدٌ يَسْتَقْبِلُ؛ لِأَنَّ مِنْ أَصْلِهِ أَنَّ الْقَائِمَ لَا يُصَلِّي خَلْفَ الْقَاعِدِ فَكَذَا لَا يَبْنِي فِي حَقِّ نَفْسِهِ.

(قَوْلُهُ: وَإِنْ صَلَّى بَعْضَ صَلَاتِهِ بِإِيمَاءٍ ثُمَّ قَدَرَ عَلَى الرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ اسْتَأْنَفَ الصَّلَاةَ) هَذَا إذَا قَدَرَ عَلَى ذَلِكَ بَعْدَمَا رَكَعَ وَسَجَدَ أَمَّا إذَا قَدَرَ بَعْدَ الِافْتِتَاحِ قَبْلَ الْأَدَاءِ صَحَّ لَهُ الْبِنَاءُ كَذَا فِي جَوَامِعِ الْفِقْهِ.

وَقَالَ زُفَرُ يَبْنِي فِي الْوَجْهَيْنِ عَلَى أَصْلِهِ فِي الِاقْتِدَاءِ؛ لِأَنَّ عِنْدَهُ يَجُوزُ أَنْ يَقْتَدِيَ الرَّاكِعُ بِالْمُومِئِ.

(قَوْلُهُ: وَمَنْ أُغْمِيَ عَلَيْهِ خَمْسَ صَلَوَاتٍ فَمَا دُونَهَا قَضَاهَا إذَا صَحَّ) وَإِنْ فَاتَهُ بِالْإِغْمَاءِ أَكْثَرُ مِنْ ذَلِكَ لَمْ يَقْضِ الْأَعْذَارَ أَنْوَاعٌ مُمْتَدَّةٌ جِدًّا كَالصِّبَا وَتَسْقُطُ بِهِ الْعِبَادَاتُ كُلُّهَا وَقَاصِرٌ جِدًّا كَالنَّوْمِ لَا يَسْقُطُ بِهِ شَيْءٌ مِنْ الْعِبَادَاتِ وَمُتَرَدِّدٌ بَيْنَهُمَا وَهُوَ الْإِغْمَاءُ فَإِنْ امْتَدَّ أُلْحِقَ بِالْمُمْتَدِّ جِدًّا وَإِنْ لَمْ يَمْتَدَّ أُلْحِقَ بِالْقَاصِرِ جِدًّا حَتَّى يُوجِبَ الْقَضَاءَ وَامْتِدَادُهُ أَنْ يَزِيدَ عَلَى يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ؛ لِأَنَّهُ عِنْدَ ذَلِكَ تَدْخُلُ الْفَائِتَةُ فِي حَيِّزِ التَّكْرَارِ، وَفِي إيجَابِ قَضَاءِ ذَلِكَ حَرَجٌ وَهُوَ مَرْفُوعٌ بِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ} [الحج: ٧٨]

<<  <  ج: ص:  >  >>