للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

[٤٨ - بَابٌ فِي الرُّؤْيَا] (بَابٌ فِي الرُّؤْيَا) أَيْ فِي بَيَانِ كَوْنِ مَا يَرَاهُ الرَّجُلُ الصَّالِحُ فِي مَنَامِهِ جُزْءٌ مِنْ سِتَّةٍ وَأَرْبَعِينَ جُزْءًا مِنْ النُّبُوَّةِ، وَبَيَانُ مَا يَتَعَلَّقُ بِالرُّؤْيَا (وَ) فِي (التَّثَاؤُبِ) أَيْ بَيَانُ مَا يَفْعَلُهُ مَنْ تَثَاءَبَ (وَالْعُطَاسُ) أَيْ بَيَانُ مَا يَقُولُ مَنْ عَطَسَ وَمَنْ سَمِعَهُ (وَ) فِي بَيَانِ حُكْمِ (اللَّعِبِ بِالنَّرْدِ) وَبَيَانِ تَفْسِيرِهَا (وَ) اللَّعِبِ بِ (غَيْرِهَا) وَهُوَ الشِّطْرَنْجُ، وَحُكْمِ الْجُلُوسِ إلَى مَنْ يَلْعَبُ بِهَا وَحُكْمُ السَّلَامِ عَلَيْهِ (وَ) فِي بَيَانِ حُكْمِ (السَّبْقِ فِي الْخَيْلِ وَالْإِبِلِ وَ) السَّبْقِ (بِالرَّمْيِ) بِالسِّهَامِ (وَ) بَيَانِ حُكْمِ (غَيْرِ ذَلِكَ) أَيْ غَيْرِ مَا ذُكِرَ كَقَتْلِ الْقُمَّلِ وَالضَّفَادِعِ وَبَيَانِ أَفْضَلِ الْعُلُومِ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي الصَّحِيحَيْنِ: «الرُّؤْيَا الْحَسَنَةُ مِنْ الرَّجُلِ الصَّالِحِ» الْمُرَادُ بِهِ الْمُمْتَثِلُ لِلْأَوَامِرِ الْمُجْتَنِبُ لِلنَّوَاهِي «جُزْءٌ مِنْ سِتَّةٍ وَأَرْبَعِينَ جُزْءًا مِنْ النُّبُوَّةِ» مَعْنَاهُ عِنْدَ بَعْضِهِمْ أَنَّهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - أُوحِيَ إلَيْهِ ثَلَاثٌ وَعِشْرُونَ سَنَةً. عَشْرَةٌ بِالْمَدِينَةِ وَثَلَاثَ عَشْرَةَ بِمَكَّةَ وَكَانَ قَبْلَ ذَلِكَ بِسِتَّةِ أَشْهُرٍ يَرَى فِي الْمَنَامِ مَا يُلْقِيهِ الْمَلَكُ وَذَلِكَ نِصْفُ سَنَةٍ

ــ

[حاشية العدوي]

[بَابٌ فِي الرُّؤْيَا]

[قَوْلُهُ: الرُّؤْيَا] بِالْقَصْرِ اُخْتُلِفَ فِيهَا فَقِيلَ: خَوَاطِرُ وَاعْتِقَادَاتٌ، وَقِيلَ: هِيَ رُؤْيَةُ الْقَلْبِ لِأَنَّ الْقَلْبَ لَهُ عَيْنَانِ يَنْظُرُ بِهِمَا وَأُذُنَانِ يَسْمَعُ بِهِمَا اهـ.

وَقَالَ الشَّيْخُ أَحْمَدُ زَرُّوقٌ: الرُّؤْيَا مِثَالٌ يُلْقِيهِ اللَّهُ تَعَالَى لِعَبْدِهِ فِي مَنَامِهِ بِوَاسِطَةِ مَلَكٍ أَوْ غَيْرِهِ [قَوْلُهُ: أَيْ فِي بَيَانِ كَوْنِ مَا يَرَاهُ الرَّجُلُ الصَّالِحُ] فِيهِ نَظَرٌ لِأَنَّ مُفَادَهُ أَنَّ هَذَا الْمَعْنَى مَذْكُورٌ، وَأَرَادَ أَنْ يُبَيِّنَهُ وَلَيْسَ كَذَلِكَ

[قَوْلُهُ: وَفِي التَّثَاؤُبِ] بِمُثَنَّاتَيْنِ مِنْ فَوْقٍ أَوْ بِمُثَنَّاةٍ ثُمَّ مُثَلَّثَةٍ وَهُوَ فَتْرَةٌ تَعْتَرِي الشَّخْصَ فَيَفْتَحُ عِنْدَهَا فَمَهُ وَهُوَ بِالْهَمْزِ وَتَثَاوَبَ بِالْوَاوِ عَامِّيٌّ كَمَا أَفَادَهُ فِي الْمِصْبَاحِ.

[قَوْلُهُ: وَالْعُطَاسُ] مَصْدَرُ عَطَسَ بِفَتْحِ الْعَيْنِ وَالطَّاءِ يَعْطُسُ وَيَعْطِسُ بِضَمِّ الطَّاءِ وَكَسْرِهَا إذَا أَتَتْهُ الْعَطْسَةُ.

[قَوْلُهُ: الْحَسَنَةُ] أَيْ الصَّادِقَةُ أَوْ الْمُبَشِّرَةُ احْتِمَالَانِ لِلْبَاجِيِّ أَيْ وَأَمَّا غَيْرُهَا فَلَيْسَ كَذَلِكَ لِأَنَّ الْحَسَنَةَ مِنْ اللَّهِ تَعَالَى وَغَيْرَهَا الْحَلْمُ بِفَتْحِ الْحَاءِ مِنْ تَهْوِيلِ الشَّيْطَانِ وَتَخْلِيطِهِ، وَأَمَّا الْحُلُمُ بِضَمِّ الْحَاءِ فَهُوَ بُلُوغُ السِّنِّ هَذَا مَا أَفَادَهُ فِي التَّحْقِيقِ، وَشَارِحُ الْمُوَطَّأِ قَدْ ضَبَطَ قَوْلَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «وَالْحُلْمُ مِنْ الشَّيْطَانِ» بِضَمِّ الْحَاءِ وَسُكُونِ اللَّامِ وَبِضَمِّهَا كَمَا فِي النِّهَايَةِ.

[قَوْلُهُ: مِنْ الرَّجُلِ الصَّالِحِ] وَكَذَا الْمَرْأَةُ الصَّالِحَةُ، وَالْمُرَادُ غَالِبُ رُؤْيَا الصَّالِحِينَ وَإِلَّا فَالصَّالِحُ قَدْ يَرَى الْأَضْغَاثَ وَلَكِنَّهُ نَادِرٌ لِقِلَّةِ تَمَكُّنِ الشَّيْطَانِ مِنْهُ.

قَالَ فِي التَّحْقِيقِ: وَاحْتَرَزَ بِالرَّجُلِ الصَّالِحِ مِنْ غَيْرِهِ وَمَفْهُومُهُ أَنَّهَا لَا تَكُونُ جُزْءًا مِنْ سِتَّةٍ وَأَرْبَعِينَ جُزْءًا مِنْ النُّبُوَّةِ وَإِنَّمَا تَكُونُ مِنْ سَبْعِينَ أَوْ أَكْثَرَ، وَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ: لَا تَكُونُ رُؤْيَا الْفَاسِقِ جُزْءًا مِنْ النُّبُوَّةِ مُطْلَقًا، وَقِيلَ: الرَّجُلُ الصَّالِحُ الْمُؤْمِنُ يَدُلُّ عَلَيْهِ قَوْلُهُ فِيمَا يَأْتِي الرُّؤْيَا الصَّالِحَةُ فَلَمْ يُشْتَرَطْ أَنْ تَكُونَ مِنْ الرُّؤْيَا الصَّالِحِ اهـ.

[قَوْلُهُ: جُزْءًا مِنْ النُّبُوَّةِ] أَيْ جُزْءًا مِنْ أَجْزَاءِ عِلْمِ النُّبُوَّةِ، وَهِيَ إنْ أُطْلِقَتْ فَآثَارُهَا بَاقِيَةٌ وَعِلْمُهَا بَاقٍ عَلَى أَنَّ جُزْءَ الشَّيْءِ لَيْسَ هُوَ ذَلِكَ الشَّيْءُ فَلَا يَلْزَمُ مِنْ إثْبَاتِ الْجُزْءِ إثْبَاتُ الْكُلِّ.

[قَوْلُهُ: مَعْنَاهُ عِنْدَ بَعْضِهِمْ] أَيْ وَعِنْدَ بَعْضٍ آخَرَ أَجْزَاءُ النُّبُوَّةِ لَا يَعْلَمُ حَقِيقَتَهَا إلَّا مَلَكٌ أَوْ نَبِيٌّ، وَإِنَّمَا الْقَدْرُ الَّذِي أَرَادَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بَيَانَهُ أَنَّ الرُّؤْيَا جُزْءٌ مِنْ أَجْزَاءِ النُّبُوَّةِ فِي الْجُمْلَةِ لِأَنَّ فِيهَا اطِّلَاعًا عَلَى الْغَيْبِ مِنْ وَجْهٍ مَا.

وَأَمَّا تَفْصِيلُ النِّسْبَةِ فَيَخْتَصُّ بِمَعْرِفَةِ دَرَجَةِ النُّبُوَّةِ وَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ: إنَّ

<<  <  ج: ص:  >  >>