للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[شُرُوطٌ الْوُضُوءُ وَالْغُسْلُ]

وَاَلَّذِي يَجِبُ مِنْهُ الْوُضُوءُ شَيْئَانِ أَسْبَابٌ وَسَتَأْتِي، وَأَحْدَاثٌ جَمْعُ حَدَثٍ وَهُوَ مَا يَنْقُضُ الْوُضُوءَ بِنَفْسِهِ وَبَدَأَ بِهِ؛ لِأَنَّهُ الْأَصْلُ فَقَالَ: (الْوُضُوءُ يَجِبُ) وُجُوبَ الْفَرَائِضِ (لِمَا) أَيْ لِأَجْلِ الشَّيْءِ الَّذِي (يَخْرُجُ) مُعْتَادًا عَلَى وَفْقِ الْعَادَةِ (مِنْ أَحَدِ الْمَخْرَجَيْنِ) الْمُعْتَادَيْنِ الْقُبُلِ وَالدُّبُرِ، وَقَيَّدْنَا بِ (مُعْتَادًا) لِنَحْتَرِزَ عَمَّا يَخْرُجُ غَيْرَ مُعْتَادٍ كَالْحَصَى وَالدُّودِ فَإِنَّهُ لَا يَنْقُضُ، وَلَوْ بِبِلَّةٍ عَلَى الْمَشْهُورِ، وَبِوَفْقِ الْعَادَةِ لِنَحْتَرِزَ عَمَّا يَخْرُجُ لِعِلَّةٍ كَالسَّلَسِ فِي غَالِبِ أَحْوَالِهِ، وَبِالْمُعْتَادِينَ لِنَحْتَرِزَ عَمَّا يَخْرُجُ مِنْ غَيْرِهِمَا كَدَمِ الْفِصَادَةِ وَالْحِجَامَةِ وَالْقَيْءِ الْمُتَغَيِّرِ عَنْ حَالَةِ الطَّعَامِ، وَالْحَدَثِ الْخَارِجِ مِنْ فَتْقٍ تَحْتَ الْمَعِدَةِ إنْ لَمْ يَنْسَدَّ الْمَخْرَجَانِ عَلَى أَحَدِ الْقَوْلَيْنِ، وَمُقَابِلُهُ أَنَّ حُكْمَهُ حُكْمُ الْخَارِجِ مِنْ

ــ

[حاشية العدوي]

تَحْصِيلُهُ، هَذَا عِنْدَ الِانْفِرَادِ، وَأَمَّا عِنْدَ الِاجْتِمَاعِ فَيُرَادُ بِشَرْطِ الْوُجُودِ مَا يَتَوَقَّفُ الْوُجُوبُ عَلَيْهِ، وَشَرْطِ الصِّحَّةِ مَا تَتَوَقَّفُ الصِّحَّةُ عَلَيْهِ لِأَجْلِ إمْكَانِ الِاجْتِمَاعِ

[مَا يَجِبُ مِنْهُ الْوُضُوءُ]

[قَوْلُهُ: شَيْئَانِ إلَخْ] فِيهِ نَظَرٌ لِأَنَّهُ بَقِيَ عَلَيْهِ الرِّدَّةُ وَالشَّكُّ فِي الْحَدَثِ وَالرَّفْضُ فَلَيْسَتْ مِنْ الْأَحْدَاثِ وَلَا مِنْ الْأَسْبَابِ،.

وَأَجَابَ عَنْ ذَلِكَ مَيَّارَةُ بِقَوْلِهِ: وَالظَّاهِرُ رُجُوعُ الرِّدَّةِ وَالرَّفْضِ فِي الْمَعْنَى إلَى الْأَحْدَاثِ وَالْأَسْبَابِ؛ لِأَنَّ الرِّدَّةَ مُحْبِطَةٌ لِلْعَمَلِ الَّذِي مِنْ جُمْلَتِهِ الْوُضُوءُ، فَكَأَنَّهُ لَمْ يَتَوَضَّأْ، وَكَذَا الرَّفْضُ فَإِنَّهُ يَصِيرُ الْوَاقِعُ كَأَنَّهُ لَمْ يَقَعْ فَكَأَنَّهُ لَمْ يَتَوَضَّأْ، وَقِيلَ: وَمِنْ هَذَا الْقِسْمِ أَيْضًا الشَّكُّ فِي الْحَدَثِ لِمَنْ تَيَقَّنَ الطَّهَارَةَ وَالشَّكُّ فِي السَّابِقِ مِنْ الْحَدَثِ وَالطَّهَارَةِ، وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ غَلَبَ فِيهِمَا احْتِمَالُ الْحَدَثِ احْتِيَاطًا فَالنَّقْضُ بِالشَّكِّ مِنْ النَّقْضِ بِالْحَدَثِ حَقِيقَةً اهـ.

[قَوْلُهُ: وُجُوبَ الْفَرَائِضِ] أَيْ لَا وُجُوبَ السُّنَنِ، وَحَاصِلُهُ أَنَّ الْوُجُوبَ يُضَافُ لِلْفَرَائِضِ لِلسُّنَنِ فَمَعْنَى الْأَوَّلِ تَحَتُّمُهَا أَيْ الْفَرَائِضِ وَلُزُومُهَا بِحَيْثُ يَتَرَتَّبُ الْعِقَابُ عَلَى تَرْكِهَا، وَمَعْنَى الثَّانِي تَأْكِيدُهَا أَيْ السُّنَنِ وَظَاهِرٌ أَنَّهُ حَقِيقَةٌ فِي الْأَوَّلِ مَجَازٌ فِي الثَّانِي، فَإِنْ قُلْت قَضِيَّةُ التَّقْيِيدِ أَنَّهُ حَقِيقَةٌ فِيهِمَا، وَإِلَّا لَمَا اُحْتِيجَ إلَى التَّقَيُّدِ قُلْت: إنَّمَا احْتَاجَ إلَى ذَلِكَ لِكَوْنِ الْمُصَنِّفِ يَسْتَعْمِلُ كَثِيرًا الْوُجُوبَ فِي تَأَكُّدِ السُّنَنِ [قَوْلُهُ: مُعْتَادًا] هَذَا قَيْدٌ، وَقَوْلُهُ: عَلَى وَفْقِ الْعَادَةِ قَيْدٌ آخَرُ وَهُوَ بِفَتْحِ الْوَاوِ كَمَا أَفَادَهُ بَعْضُ الشُّيُوخِ. [قَوْلُهُ: الْمُعْتَادَيْنِ] فِيهِ إشَارَةٌ إلَى أَنَّ فِي الْعِبَارَةِ صِفَةً مَحْذُوفَةً مَفْهُومَةً عِنْدَ الْإِطْلَاقِ، وَيُحْتَمَلُ أَنَّهُ إشَارَةٌ إلَى أَنَّ أَلْ فِي الْمَخْرَجَيْنِ لِلْعَهْدِ، وَلَمْ يَكُنْ قَصْدُهُ الِاعْتِرَاضَ عَلَى الْمُصَنِّفِ بِأَنَّهُ أَخَلَّ بِقَيْدٍ وَهُوَ تَقْيِيدُ الْمَخْرَجَيْنِ بِالِاعْتِيَادِ فَتَدَبَّرْ.

[قَوْلُهُ: غَيْرَ مُعْتَادٍ] حَالٌ مِنْ الضَّمِيرِ فِي يَخْرُجُ [قَوْلُهُ: كَالْحَصَى وَالدُّودِ إلَخْ] أَيْ الْمُتَخَلِّقِ فِي الْبَطْنِ، وَأَمَّا لَوْ ابْتَلَعَهُ ثُمَّ خَرَجَ فَإِنَّهُ يَنْقُضُ عَلَى الرَّاجِحِ [قَوْلُهُ: فَإِنَّهُ إلَخْ] تَعْلِيلٌ لِقَوْلِهِ لِنَحْتَرِزَ إلَخْ. [قَوْلُهُ: وَلَوْ بِبَلَّةٍ] أَيْ شَيْءٍ مِنْ الْعَذِرَةِ وَالْبَوْلِ كَانَتْ قَدْرَهُ أَوْ أَكْثَرَ كَمَا أَفَادَهُ عج: وَتَوَقَّفَ تِلْمِيذُهُ فِي شَرْحِ الْعِزِّيَّةِ حَيْثُ قَالَ: وَحَرَّرَهُ نَقْلًا وَيَجِبُ عَلَيْهِ غُسْلُ ذَلِكَ إنْ كَثُرَ، وَلَمْ يَأْتِ كُلَّ يَوْمٍ وَلَوْ مَرَّةً وَإِلَّا فَلَا [قَوْلُهُ: عَلَى الْمَشْهُورِ] رَاجِعٌ لِقَوْلِهِ: لَا يَنْقُضُ، وَلِقَوْلِهِ: وَلَوْ بِبَلَّةٍ وَإِنْ كَانَتْ قَضِيَّةُ الْمُبَالَغَةِ رُجُوعَهُ لَهَا فَقَطْ، فَرَدَّ بِالْأَوَّلِ عَلَى ابْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ الْقَائِلِ بِأَنَّ الْحَصَى وَالدُّودَ يَنْقُضَانِ اعْتِبَارًا بِالْمَخْرَجِ، وَالْمَشْهُورُ يُعْتَبَرُ الْخَارِجُ وَبِالثَّانِي عَلَى ابْنِ نَافِعٍ الْقَائِلِ بِأَنَّهُ إنْ خَرَجَ مُبْتَلًّا نَقَضَ وَإِلَّا فَلَا، وَمِثْلُ الْحَصَى وَالدُّودِ الدَّمُ وَالْقَيْحُ إذَا خَرَجَا مِنْ الْمَخْرَجِ الْمُعْتَادِ فَلَا نَقْضَ أَيْضًا بِشَرْطِ عَدَمِ الْبَلَّةِ، وَالْفَرْقُ بَيْنَهُمَا وَبَيْنَ الْحَصَى وَالدُّودِ أَنَّ حُصُولَ الْفَضْلَةِ مَعَ الْحَصَى وَالدُّودِ شَأْنُهُ ذَلِكَ فَيُنَزَّلُ مَنْزِلَتَهُمَا فِي عَدَمِ النَّقْضِ، وَلَا كَذَلِكَ الدَّمُ وَالْقَيْحُ وَلَا نَقْضَ بِمَا ذُكِرَ، وَلَوْ قَدَرَ عَلَى رَفْعِهِ.

[قَوْلُهُ: كَالسَّلَسِ فِي غَالِبِ أَحْوَالِهِ] هُوَ مَا إذَا لَازَمَ كُلَّ الزَّمَنِ أَوْ جُلَّهُ أَوْ نِصْفَهُ، فَفِي الْأَوَّلِ لَا يَجِبُ الْوُضُوءُ وَلَا يُسْتَحَبُّ.

وَفِي الْأَخِيرَيْنِ يُسْتَحَبُّ وَلَا يَجِبُ إلَّا أَنْ يَشُقَّ فَلَا يُسْتَحَبُّ أَيْضًا، وَاحْتُرِزَ بِهِ أَيْ بِالْغَالِبِ عَمَّا إذَا لَازَمَ أَقَلَّ الزَّمَنِ فَيَجِبُ الْوُضُوءُ، وَهَلْ الْمُرَادُ بِالزَّمَنِ أَوْقَاتُ الصَّلَوَاتِ وَغَيْرِهَا أَوْ أَوْقَاتُ الصَّلَوَاتِ فَقَطْ؟ قَوْلَانِ سَيَأْتِي الْكَلَامُ فِيمَا يَتَعَلَّقُ بِذَلِكَ. [قَوْلُهُ: وَالْقَيْءِ الْمُتَغَيِّرِ إلَخْ] أَيْ فَلَا يَنْقُضُ وَهُوَ نَجِسٌ، وَلَوْ لَمْ يُشَابِهْ أَحَدَ أَوْصَافِ الْعَذِرَةِ. [قَوْلُهُ: مِنْ فَتْقٍ تَحْتَ الْمَعِدَةِ] بِفَتْحٍ فَكَسْرٍ فِي الْأَفْصَحِ وَبِفَتْحٍ أَوْ كَسْرٍ فَسُكُونٍ وَبِكَسْرِ أَوَّلَيْهِ قَالَ

<<  <  ج: ص:  >  >>