للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مَسِّ الرَّجُلِ ذَكَرَهُ نَبَّهَ عَلَى ذَلِكَ بِقَوْلِهِ: (وَاخْتُلِفَ فِي مَسِّ الْمَرْأَةِ فَرْجَهَا فِي إيجَابِ الْوُضُوءِ بِذَلِكَ) عَلَى ثَلَاثِ رِوَايَاتٍ، إحْدَاهَا وَهُوَ مَذْهَبُ الْمُدَوَّنَةِ ` وَصَحَّحَهُ عَبْدُ الْوَهَّابِ: عَدَمُ النَّقْضِ لِقَوْلِهِ فِي الْحَدِيثِ: «إذَا مَسَّ أَحَدُكُمْ ذَكَرَهُ فَلْيَتَوَضَّأْ» وَرُدَّ بِأَنَّهُ مَفْهُومُ لَقَبٍ.

ثَانِيهَا: النَّقْضُ وَاسْتَظْهَرَهُ صَاحِبُ التَّوْضِيحِ لِحَدِيثِ: «مَنْ أَفْضَى بِيَدِهِ إلَى فَرْجِهِ فَلْيَتَوَضَّأْ» ؛ لِأَنَّ الْفَرْجَ لُغَةً الْعَوْرَةُ فَيَقَعُ عَلَى الذَّكَرِ وَفَرْجِ الْمَرْأَةِ.

ثَالِثُهَا: لَا نَقْضَ إذَا مَسَّتْ ظَاهِرَهُ، وَالنَّقْضُ إنْ قَبَضَتْ عَلَيْهِ أَوْ أَلْطَفَتْ، وَالْإِلْطَافُ أَنْ تُدْخِلَ يَدَيْهَا بَيْنَ شُفْرَيْهَا وَهَذَا آخِرُ الْكَلَامِ عَلَى مَا ذَكَرَ مِمَّا يَجِبُ مِنْهُ الْوُضُوءُ

وَأَمَّا مَا يَجِبُ مِنْهُ الْغُسْلُ فَخَمْسَةٌ عَلَى مَا ذَكَرَ: الْأَوَّلُ أَشَارَ إلَيْهِ بِقَوْلِهِ: (وَيَجِبُ الطُّهْرُ) أَيْ الْغُسْلُ (مِمَّا ذَكَرْنَا مِنْ خُرُوجِ الْمَاءِ) أَيْ الْمَنِيِّ (الدَّافِقِ) بِمَعْنَى الْمَدْفُوقِ أَيْ الْمَصْبُوبِ دَفْعَةً بَعْدَ دَفْعَةٍ (لِ) أَجْلِ حُصُولِ الـ (لَّذَّةِ) ، ظَاهِرُهُ وَلَوْ كَانَتْ غَيْرَ مُعْتَادَةٍ وَهُوَ كَذَلِكَ عِنْدَ سَحْنُونَ وَابْنِ شَعْبَانَ، وَالْمَشْهُورُ أَنَّهُ لَا يَجِبُ الْغُسْلُ إلَّا إذَا كَانَتْ مُعْتَادَهُ، أَمَّا إذَا خَرَجَ بِغَيْرِ لَذَّةٍ أَوْ لِلَذَّةٍ غَيْرِ مُعْتَادَةٍ كَمَنْ حَكَّ لِجَرَبٍ فَأَنْزَلَ فَلَا غُسْلَ عَلَيْهِ، وَإِذَا قُلْنَا بِعَدَمِ الْغُسْلِ فَهَلْ يَجِبُ الْوُضُوءُ أَوْ يُسْتَحَبُّ؟ قَوْلَانِ. نَسَبَ بَهْرَامُ الْأَوَّلَ لِظَاهِرِ الْمَذْهَبِ، وَوَجَّهَهُ بِأَنَّ هَذَا الْخَارِجَ لَهُ تَأْثِيرٌ فِي الْكُبْرَى، فَإِنْ لَمْ يُؤَثِّرْ فِي الْكُبْرَى فَلَا أَقَلَّ مِنْ الصُّغْرَى، وَخُرُوجُ الْمَنِيِّ لِلَّذَّةِ مُوجِبٌ الْغُسْلَ سَوَاءٌ حَصَلَ (فِي

ــ

[حاشية العدوي]

ضَعِيفٌ، وَقَضِيَّةُ الشَّارِحِ أَنَّ فِي مَسِّ الْأُنْثَيَيْنِ خِلَافًا فِي الْمَذْهَبِ، وَفِي كَلَامِ بَهْرَامَ مَا يُفِيدُ أَنَّ عَدَمَ النَّقْضِ مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ فِي الْمَذْهَبِ، وَلَمْ يُخَالِفْ فِي ذَلِكَ إلَّا عُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ لِانْدِرَاجِهِمَا فِي مَعْنَى الْفَرْجِ عِنْدَهُ

[قَوْلُهُ: عَدَمُ النَّقْضِ] أَيْ مُطْلَقًا قَبَضَتْ عَلَيْهِ أَمْ لَا أَلْطَفَتْ أَمْ لَا، وَمَا عَدَا ذَلِكَ لَا يُعَوَّلُ عَلَيْهِ [قَوْلُهُ: وَرُدَّ بِأَنَّهُ مَفْهُومُ لَقَبٍ] اللَّقَبُ هُوَ الِاسْمُ الْجَامِدُ لَا الصِّفَةُ، أَيْ فَمَفْهُومُ الصِّفَةِ وَهِيَ مَا دَلَّ عَلَى ذَاتٍ وَصِفَةٍ كَالْعِلْمِ مُعْتَبَرٌ وَمَفْهُومُ اللَّقَبِ لَا يُعْتَبَرُ [قَوْلُهُ: ثَالِثُهَا إلَخْ] اُخْتُلِفَ هَلْ هَذِهِ الرِّوَايَاتُ عَلَى ظَاهِرِهَا فَيَكُونُ خِلَافًا أَوْ الثَّالِثُ تَفْسِيرًا لِلْأَوَّلَيْنِ وَقَدْ تَقَدَّمَ أَنَّ الْمُعْتَمَدَ عَدَمُ النَّقْضِ مُطْلَقًا [قَوْلُهُ: إذَا مَسَّتْ ظَاهِرَهُ] أَيْ بِدُونِ قَبْضٍ [قَوْلُهُ: يَدَيْهَا] بِالتَّثْنِيَةِ كَمَا فِي بَعْضِ النُّسَخِ وَالتَّحْقِيقِ وَفِي نُسْخَةٍ يَدَهَا بِالْإِفْرَادِ كَمَا فِي رِوَايَةٍ، وَهُوَ الَّذِي فِي الْمَوَّاقِ وَالتَّثْنِيَةُ أَحْسَنُ لِإِفَادَتِهَا إذَا كَانَتْ بِيَدٍ وَاحِدَةٍ لَا نَقْضَ بِالْأَوْلَى، وَفِي بَهْرَامَ إصْبَعَيْهَا، وَالظَّاهِرُ كَمَا فِي الزَّرْقَانِيُّ تَعْيِينُهُ فِي الْمُقَابِلِ لِلْمُعْتَمَدِ إذْ مَا قَبْلَهُ يُوهِمُ أَنَّ إدْخَالَ أُصْبُعٍ أَوْ أُصْبُعَيْنِ لَا يَنْقُضُ عَلَى هَذَا التَّأْوِيلِ، وَلَيْسَ بِمُرَادٍ فِيمَا يَظْهَرُ

[مَا يَجِبُ مِنْهُ الْغُسْلُ]

[قَوْلُهُ: عَلَى مَا ذَكَرَ] بِالْبِنَاءِ لِلْفَاعِلِ فَالْعَائِدُ مَحْذُوفٌ أَيْ عَلَى مَا ذَكَرَهُ، وَبِالْبِنَاءِ لِلْمَفْعُولِ فَلَا حَذْفَ [قَوْلُهُ: فَخَمْسَةٌ عَلَى مَا ذَكَرَ] إشَارَةٌ لِلْمُنَاقَشَةِ فِي الِاسْتِحَاضَةِ.

[قَوْلُهُ: بِمَعْنَى الْمَدْفُوقِ] تَقَدَّمَ أَنَّهُ يَصِحُّ أَنْ يَكُونَ بِمَعْنَى اسْمِ الْفَاعِلِ. [قَوْلُهُ: الْمَصْبُوبِ دَفْعَةً إلَخْ] تَفْسِيرٌ لِقَوْلِهِ الْمَدْفُوقِ [قَوْلُهُ: لِأَجْلِ حُصُولِ اللَّذَّةِ إلَخْ] تَعْلِيلٌ لِلْخُرُوجِ كَمَا يُفِيدُهُ قَوْلُهُ فِيمَا سَيَأْتِي، وَلَا يُشْتَرَطُ فِي وُجُوبِ الْغُسْلِ مِنْ خُرُوجِهِ اللَّذَّةُ. [قَوْلُهُ: إلَّا إذَا كَانَتْ مُعْتَادَةً إلَخْ] لَا يَخْفَى أَنَّ هَذَا فِي الْيَقَظَةِ، وَأَمَّا فِي النَّوْمِ فَلَا تُشْتَرَطُ اللَّذَّةُ فَضْلًا عَنْ كَوْنِهَا مُعْتَادَةً، فَمَنْ انْتَبَهَ فَوَجَدَ بَلَلًا جَزَمَ أَوْ ظَنَّ أَوْ شَكَّ أَنَّهُ مَنِيٌّ حَيْثُ كَانَ شَكُّهُ بَيْنَ الْمَنِيِّ وَبَيْنَ وَاحِدٍ فَقَطْ كَمَذْيٍ فَإِنَّهُ يَجِبُ عَلَيْهِ الْغُسْلُ، فَلَوْ دَارَ شَكُّهُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ اثْنَيْنِ غَيْرِهِ كَمَذْيٍ وَبَوْلٍ فَإِنَّهُ لَا يَجِبُ عَلَيْهِ الْغُسْلُ.

[قَوْلُهُ: أَمَّا إذَا خَرَجَ بِغَيْرِ لَذَّةٍ] كَأَنْ لَدَغَتْهُ عَقْرَبٌ فَأَمْنَى أَوْ ضُرِبَ فَأَمْنَى [قَوْلُهُ: كَمَنْ حَكَّ لِجَرَبٍ إلَخْ] مِثَالٌ لِلَّذَّةِ غَيْرِ الْمُعْتَادَةِ، وَمِثْلُهُ لَوْ هَزَّتْهُ دَابَّةٌ أَوْ نَزَلَ فِي مَاءٍ حَارٍّ فَلَا غُسْلَ عَلَيْهِ فِي ذَلِكَ كُلِّهِ إلَّا أَنْ يُحِسَّ بِمَبَادِئِ اللَّذَّةِ وَيَسْتَدِيمَهَا بِهَزِّ الدَّابَّةِ فَيُمْنِيَ فَيَجِبَ عَلَيْهِ قَالَ عج: وَهَذَا وَاضِحٌ إذَا تَمَادَى اخْتِيَارًا، وَأَمَّا إذَا اضْطَرَّ إلَى التَّمَادِي كَمَا إذَا عَجَزَ عَنْ النُّزُولِ عَنْ الدَّابَّةِ فَهَلْ يَجِبُ عَلَيْهِ الْغُسْلُ كَمَنْ أُكْرِهَ عَلَى الْجِمَاعِ أَوْ لَا حَرَّرَهُ انْتَهَى.

[قَوْلُهُ: فَهَلْ يَجِبُ الْوُضُوءُ إلَخْ] وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ [قَوْلُهُ: فَلَا أَقَلَّ مِنْ الصُّغْرَى] أَيْ فَلَا أَقَلَّ مِنْ الصُّغْرَى يُؤَثِّرُ فِيهِ أَيْ لَيْسَ هُنَاكَ أَقَلُّ مِنْ الصُّغْرَى فَيُؤَثِّرُ فِيهِ فَيَتَعَيَّنُ أَنْ يَكُونَ الْمُؤَثَّرُ فِيهِ الصُّغْرَى [قَوْلُهُ: وَخُرُوجُ الْمَنِيِّ لِلَّذَّةِ] أَيْ الْمُعْتَادَةِ تَقَدَّمَ أَنَّ

<<  <  ج: ص:  >  >>