للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

صَلَاتُهُ وَصِفَتُهُ مُخْتَلِفَةٌ لِأَنَّك إمَّا أَنْ تَكُونَ إمَامًا أَوْ فَذًّا أَوْ مَأْمُومًا وَإِلَى الْأَوَّلَيْنِ أَشَارَ بِقَوْلِهِ: (تَسْلِيمَةً وَاحِدَةً عَنْ يَمِينِك تَقْصِدُ بِهَا قُبَالَةَ وَجْهِك وَتَتَيَامَنُ بِرَأْسِك قَلِيلًا هَكَذَا يَفْعَلُ الْإِمَامُ وَالرَّجُلُ وَحْدَهُ) وَيَجْهَرَانِ بِهِ إلَّا أَنَّ الْإِمَامَ يُسْتَحَبُّ لَهُ جَزْمُهُ، وَجَزْمُ الْإِحْرَامِ لِئَلَّا يَسْبِقَهُ الْمَأْمُومُ فِيهِمَا.

وَفِي كَلَامِهِ إشْكَالٌ وَهُوَ أَنَّ ظَاهِرَ قَوْلِهِ: عَنْ يَمِينِك أَنَّهُ يَبْدَأُ بِالسَّلَامِ بِالْيُمْنَى وَظَاهِرَ قَوْلِهِ: تَقْصِدُ بِهَا قُبَالَةَ وَجْهِك إلَى آخِرِهِ أَنَّهُ يَبْدَأُ بِالْقِبْلَةِ أَجَابَ عَنْهُ. ع: بِأَنَّ الْأَخِيرَ يُفَسِّرُ الْأَوَّلَ فَكَأَنَّ قَائِلًا قَالَ لَهُ حِينَ قَالَ تَسْلِيمَةً وَاحِدَةً عَنْ يَمِينِك كَيْفَ يُسَلِّمُ بِهَا عَنْ يَمِينِهِ، فَقَالَ: تَقْصِدُ بِهَا قُبَالَةَ وَجْهِك وَتَتَيَامَنُ بِرَأْسِك قَلِيلًا فَهُوَ يَبْدَأُ بِهَا إلَى وَيَخْتِمُ بِهَا مَعَ التَّيَامُنِ اهـ.

وَالتَّيَامُنُ بِقَدْرِ مَا تَرَى صَفْحَةَ وَجْهِك سُنَّةً عَلَى مَا قَالَ فِي آخِرِ الْكِتَابِ، وَاَلَّذِي مَشَى عَلَيْهِ صَاحِبُ الْمُخْتَصَرِ أَنَّهُ مُسْتَحَبٌّ وَاحْتَرَزَ بِقَلِيلٍ مِنْ أَنْ يَتَحَوَّلَ جِدًّا، وَلَوْ سَلَّمَ عَلَى يَمِينِهِ وَلَمْ يُسَلِّمْ تِلْقَاءَ وَجْهِهِ أَجْزَأَهُ، وَلَوْ سَلَّمَ عَلَى يَسَارِهِ وَلَمْ يُسَلِّمْ أُخْرَى حَتَّى تَكَلَّمَ لَمْ تَبْطُلْ صَلَاتُهُ عَلَى الْمَشْهُورِ عَمْدًا أَوْ سَهْوًا إمَامًا أَوْ فَذًّا وَهَذَا آخِرُ الْكَلَامِ عَلَى صِفَةِ سَلَامِهِمَا.

(وَأَمَّا الْمَأْمُومُ فَ) صِفَةُ سَلَامِهِ أَنَّهُ (يُسَلِّمُ

ــ

[حاشية العدوي]

وَبِالثَّانِيَةِ الرَّدَّ عَلَى الْإِمَامِ، وَالْفَذُّ يَنْوِي بِهَا التَّحْلِيلَ الَّذِي هُوَ الْوَاجِبُ وَالسَّلَامُ عَلَى الْمَلَائِكَةِ نَدْبًا وَعَلَى الْمُعْتَمَدِ مِنْ عَدَمِ اشْتِرَاطِ النِّيَّةِ، فَالْفَرْقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ تَكْبِيرَةِ الْإِحْرَامِ حَيْثُ اشْتَرَطَ مَعَهَا نِيَّةَ الصَّلَاةِ الْمُعَيَّنَةِ قَوْلًا وَاحِدًا أَنَّ التَّكْبِيرَ فِي الصَّلَاةِ مُتَعَدِّدٌ وَيَقَعُ فِيهِ الِاشْتِرَاكُ فَاحْتَاجَتْ تَكْبِيرَةَ الْإِحْرَامِ لِمُصَاحَبَتِهَا النِّيَّةَ لِيَحْصُلَ التَّمْيِيزَ، وَأَيْضًا ضَعُفَ أَمْرُ التَّسْلِيمِ وَعَظُمَتْ تَكْبِيرَةُ الْإِحْرَامِ، أَلَا تَرَى أَنَّ بَعْضَ الْأَئِمَّةِ يَكْتَفِي بِكُلِّ مُنَافٍ عِنْدَ الْخُرُوجِ مِنْ الصَّلَاةِ.

[قَوْلُهُ: وَيَجْهَرَانِ بِهِ] اعْلَمْ أَنَّهُ يُسَنُّ الْجَهْرُ بِتَسْلِيمَةِ التَّحْلِيلِ لِكُلِّ مُصَلٍّ إمَامًا أَوْ فَذًّا أَوْ مَأْمُومًا، وَأَمَّا تَسْلِيمَةُ غَيْرِهِ وَلَا تَتَصَوَّرُ إلَّا مِنْ الْمَأْمُومِ فَالْأَفْضَلُ فِيهَا السِّرُّ وَهَذَا فِي الرَّجُلِ الَّذِي لَيْسَ مَعَهُ مَنْ يَحْصُلُ بِجَهْرِهِ التَّخْلِيطُ عَلَيْهِ، وَأَمَّا الْمَرْأَةُ فَجَهْرُهَا أَنْ تُسْمِعَ نَفْسَهَا، وَيَنْدُبُ الْجَهْرُ بِتَكْبِيرَةِ الْإِحْرَامِ فِي حَقِّ كُلِّ مُصَلٍّ كَغَيْرِهَا لِلْإِمَامِ بِخِلَافِ الْمَأْمُومِ فَالْأَفْضَلُ لَهُ السِّرُّ كَالْفَذِّ.

[قَوْلُهُ: إلَّا أَنَّ الْإِمَامَ يُسْتَحَبُّ لَهُ جَزْمُهُ وَجَزْمُ الْإِحْرَامِ] قَالَ فِي التَّحْقِيقِ وَاخْتُلِفَ فِي الْمُرَادِ بِهِ فَقِيلَ الْمُرَادُ بِهِ تَرْكُ الْحَرَكَةِ وَقِيلَ: الْمُرَادُ بِهِ الْإِسْرَاعُ مِنْ غَيْرِ مَدٍّ لِئَلَّا يَسْبِقَهُ الْمَأْمُومُ لَا تَرْكُ الْحَرَكَةِ، اهـ الْمُرَادُ مِنْهُ. [قَوْلُهُ: بِالْيُمْنَى] أَيْ فِي الْجِهَةِ الْيُمْنَى وَكَذَا يُقَالُ فِي قَوْلِهِ بِالْقِبْلَةِ.

١ -

[قَوْلُهُ: فَهُوَ يَبْدَأُ بِهَا إلَى الْقِبْلَةِ] أَيْ عَلَى طَرِيقِ النَّدْبِ وَيَخْتِمُ بِهَا مَعَ التَّيَامُنِ، أَيْ عَلَى طَرِيقِ النَّدْبِ، أَيْ التَّيَامُنُ عِنْدَ النُّطْقِ بِالْكَافِ وَالْمِيمِ وَانْظُرْ هَلْ الْبَدْءُ لِلْقِبْلَةِ وَالْخَتْمُ مَعَ التَّيَامُنِ مِنْ مَنْدُوبٍ وَاحِدٍ أَوْ كُلِّ وَاحِدٍ مَنْدُوبٌ. [قَوْلُهُ: وَاَلَّذِي مَشَى عَلَيْهِ إلَخْ] هُوَ الْمُعْتَمَدُ [قَوْلُهُ: مِنْ أَنْ يَتَحَوَّلَ جِدًّا] أَيْ الْفَرْضُ أَنَّهُ أَبْتَدَأَ السَّلَامَ إلَى الْقِبْلَةِ وَإِذَا تَحَوَّلَ جِدًّا فَهَلْ هُوَ مَكْرُوهٌ أَوْ خِلَافُ الْأَوْلَى. [قَوْلُهُ: وَلَمْ يُسَلِّمْ تِلْقَاءَ وَجْهِهِ أَجْزَأَهُ] أَيْ لِأَنَّهُ لَمْ يَتْرُكْ مَنْدُوبًا وَهَلْ ارْتَكَبَ مَكْرُوهًا أَوْ خِلَافَ الْأَوْلَى وَإِنَّمَا طُلِبَ مِنْ الْإِمَامِ وَالْفَذِّ الِابْتِدَاءُ بِهَا إلَى الْقِبْلَةِ لِأَنَّهُمَا مَأْمُورَانِ بِالِاسْتِقْبَالِ فِي سَائِرِ أَرْكَانِ الصَّلَاةِ، وَالسَّلَامُ مِنْ جُمْلَةِ أَرْكَانِهَا، إلَّا أَنَّهُ لَمَّا كَانَ يَخْرُجُ بِهِ مِنْ الصَّلَاةِ نُدِبَ انْحِرَافُهُ فِي أَثْنَائِهِ إلَى جِهَةِ يَمِينِهِ لِيَكُونَ ذَلِكَ الِانْحِرَافُ دَلِيلًا لِنَحْوِ الْأَصَمِّ عَلَى خُرُوجِهِ مِنْ الصَّلَاةِ.

[قَوْلُهُ: وَلَوْ سَلَّمَ عَلَى يَسَارِهِ] أَيْ قَاصِدًا التَّحْلِيلَ وَقَوْلُهُ حَتَّى تَكَلَّمَ وَأَوْلَى إنْ لَمْ يَتَكَلَّمْ وَقَوْلُهُ وَلَمْ يُسَلِّمْ أُخْرَى لَا يَخْفَى أَنَّهُ إذَا كَانَ فَرْضُ الْمَسْأَلَةِ أَنَّهُ قَصَدَ التَّحْلِيلَ، فَسَوَاءٌ سَلَّمَ أَوْ لَا، تَكَلَّمَ أَوْ لَا، الْتِفَاتٌ إلَى ذَلِكَ لِخُرُوجِهِ مِنْ الصَّلَاةِ. [قَوْلُهُ: لَمْ تَبْطُلْ صَلَاتُهُ] أَيْ لِأَنَّهُ إنَّمَا تَرَكَ التَّيَامُنَ وَهُوَ فَضِيلَةٌ. [قَوْلُهُ: عَلَى الْمَشْهُورِ] وَمُقَابِلُهُ مَا حَكَاهُ ابْنُ أَبِي زَيْدٍ عَنْ ابْنِ شَعْبَانَ مِنْ الْبُطْلَانِ قَالَ: وَلَا وَجْهَ لَهُ لِأَنَّهُ إنَّمَا تَرَكَ التَّيَامُنَ.

[قَوْلُهُ: إمَامًا أَوْ فَذًّا] وَمِثْلُهُمَا الْمَأْمُومُ فِي ذَلِكَ فِيمَا يَظْهَرُ وَأَمَّا لَوْ سَلَّمَ الْمَأْمُومُ عَلَى الْيَسَارِ لِلْفَضْلِ عَمْدًا وَنِيَّتُهُ الْعَوْدِ لِلْأُولَى أَوْ سَاهِيًا يَظُنُّ أَنَّهُ سَلَّمَ الْأُولَى، وَهُوَ مَعَ ذَلِكَ يَرَى أَنَّ تَسْلِيمَةَ الْيَسَارِ فَضِيلَةٌ لَا تُخْرِجُ مِنْ الصَّلَاةِ، فَطَالَ الْأَمْرُ قَبْلَ عَوْدِهِ إلَى تَسْلِيمَةِ التَّحْلِيلِ بَطَلَتْ فَإِنْ لَمْ يَطُلْ فَلَا بُطْلَانَ لِأَنَّهُ لَيْسَ التَّسْلِيمُ لِلْفَضِيلَةِ

<<  <  ج: ص:  >  >>