للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَلَمْ تَكُنْ صَلَّتْ الظُّهْرَ وَالْعَصْرَ (أَوْ) حَاضَتْ (لِثَلَاثِ رَكَعَاتٍ مِنْ اللَّيْلِ) أَيْ بَقِيَ مِنْهُ مِقْدَارُ مَا يَسَعُ أَنْ تُوقِعَ فِيهِ ثَلَاثَ رَكَعَاتٍ فَأَقَلَّ (إلَى رَكْعَةٍ) وَلَمْ تَكُنْ صَلَّتْ الْمَغْرِبَ وَالْعِشَاءَ (قَضَتْ) الصَّلَاةَ (الْأُولَى فَقَطْ) وَهِيَ الظُّهْرُ فِي الْمِثَالِ الْأَوَّلِ وَالْمَغْرِبُ فِي الْمِثَالِ الثَّانِي؛ لِأَنَّهَا أَدْرَكَتْهَا وَهِيَ طَاهِرَةٌ بِخِلَافِ الثَّانِيَةِ (وَاخْتُلِفَ فِي حَيْضِهَا) يَعْنِي إذَا حَاضَتْ (لِأَرْبَعِ رَكَعَاتٍ مِنْ اللَّيْلِ) يَعْنِي وَالْبَاقِي مِنْهُ مِقْدَارُ مَا يَسَعُ أَنْ تُوقِعَ فِيهِ أَرْبَعَ رَكَعَاتٍ (فَقِيلَ) الْحُكْمُ فِيهِ (مِثْلُ ذَلِكَ) أَيْ مِثْلَ مَا إذَا حَاضَتْ لِثَلَاثِ رَكَعَاتٍ مِنْ اللَّيْلِ تَقْضِي الصَّلَاةَ الْأُولَى فَقَطْ وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ عَبْدِ الْحُكْمِ وَغَيْرِهِ بِنَاءً عَلَى أَنَّ التَّقْدِيرَ بِالثَّانِيَةِ، وَوَجْهُهُ أَنَّ الْوَقْتَ إذَا ضَاقَ حَتَّى لَا يَسَعَ إلَّا إحْدَى الصَّلَاتَيْنِ فَالْوَاجِبُ عَلَيْهَا إنَّمَا هِيَ الْأَخِيرَةُ (وَقِيلَ) الْحُكْمُ فِيهِ أَنَّهَا (حَاضَتْ فِي وَقْتِهِمَا فَلَا تَقْضِيهِمَا) وَهُوَ قَوْلُ مَالِكٍ وَابْنِ الْقَاسِمِ وَغَيْرِهِمَا وَهُوَ الْمَذْهَبُ إذْ التَّقْدِيرُ عِنْدَهُمْ فِي مُشْتَرَكَتَيْ الْوَقْتِ بِالْأُولَى، وَوَجْهُهُ أَنَّ أَوَّلَ الصَّلَاتَيْنِ لَمَّا وَجَبَ تَقْدِيمُهَا عَلَى الْأُخْرَى فِعْلًا وَجَبَ التَّقْدِيرُ بِهَا.

ثُمَّ انْتَقَلَ يَتَكَلَّمُ عَلَى الْمَسْأَلَةِ الَّتِي حَقُّهَا أَنْ تُذْكَرَ فِي مُوجِبَاتِ الْوُضُوءِ فَقَالَ: (وَمَنْ أَيْقَنَ بِالْوُضُوءِ وَشَكَّ فِي الْحَدَثِ) وَكَانَ غَيْرَ مُسْتَنْكِحٍ (ابْتَدَأَ الْوُضُوءَ) وُجُوبًا عَلَى الْمَشْهُورِ سَوَاءٌ كَانَ الْحَدَثُ الَّذِي شَكَّ فِيهِ رِيحًا أَوْ غَيْرَهُ، وَسَوَاءٌ كَانَ الشَّكُّ فِي الصَّلَاةِ أَوْ خَارِجِهَا، وَقَيَّدْنَا بِغَيْرِ الْمُسْتَنْكِحِ تَبَعًا لِمَالِكٍ وَغَيْرِهِ احْتِرَازًا مِنْ الْمُسْتَنْكِحِ الَّذِي كَثُرَتْ مِنْهُ الشُّكُوكُ فَإِنَّهُ يَبْنِي عَلَى أَوَّلِ خَاطِرٍ بِهِ، وَقَدْ تَقَدَّمَ أَنَّ ابْنَ الْحَاجِبِ اعْتَمَدَ هَذَا وَأَنَّ ظَاهِرَ الْمُدَوَّنَةِ الَّذِي اقْتَصَرَ عَلَيْهِ صَاحِبُ الْمُخْتَصَرِ سُقُوطُ الْوُضُوءِ مِنْ غَيْرِ نَظَرٍ إلَى خَاطِرٍ أَلْبَتَّةَ، وَمَا ذَكَرْنَاهُ مِنْ التَّعْمِيمِ فِي الْحَدَثِ هُوَ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ وَمُقَابِلُهُ لِابْنِ حَبِيبٍ فَإِنَّهُ قَالَ: إذَا خُيِّلَ إلَيْهِ أَنَّ رِيحًا خَرَجَ مِنْهُ فَلَا يَتَوَضَّأُ إلَّا أَنْ يُوقِنَ بِهِ وَإِنْ دَاخَلَهُ

ــ

[حاشية العدوي]

وَالْوَقْتُ إذَا ضَاقَ يَخْتَصُّ بِالْأَخِيرَةِ إدْرَاكًا وَسُقُوطًا.

[أَيْقَنَ بِالْوُضُوءِ وَشَكَّ فِي الْحَدَثِ]

[قَوْلُهُ: وَشَكَّ فِي الْحَدَثِ] ظَاهِرُ الْعِبَارَةِ مُصَاحَبَةُ الشَّكِّ لِلْيَقِينِ فِي زَمَنٍ وَاحِدٍ وَهُوَ مُسْتَحِيلٌ فَكَانَ الْأَوْلَى أَنْ يُعَبِّرَ بِثُمَّ بَدَلَ الْوَاوِ لِيُعْلَمَ مِنْهُ أَنَّ الشَّكَّ مُتَأَخِّرٌ عَنْ الْيَقِينِ.

[قَوْلُهُ: عَلَى الْمَشْهُورِ] وَقِيلَ مُسْتَحَبٌّ وَقِيلَ سَاقِطٌ.

[قَوْلُهُ: سَوَاءٌ كَانَ الْحَدَثُ إلَخْ] الْأَوْلَى أَنَّ مُرَادَهُ بِالْحَدَثِ مُطْلَقُ النَّاقِصِ وَلَوْ سَبَبًا سِوَى الرِّدَّةِ فَلَا يَجِبُ الْوُضُوءُ بِالشَّكِّ فِيهَا لِعَدَمِ حُصُولِهَا بِالشَّكِّ، وَالشَّكُّ التَّرَدُّدُ بَيْنَ أَمْرَيْنِ عَلَى السَّوَاءِ، فَأَوْلَى إذَا كَانَ النَّقْضُ مَظْنُونًا، وَأَمَّا إنْ كَانَ مُتَوَهَّمًا فَلَا.

[قَوْلُهُ: وَسَوَاءٌ كَانَ الشَّكُّ فِي الصَّلَاةِ أَوْ خَارِجِهَا إلَخْ] إلَّا أَنَّهُ إذَا كَانَ فِيهَا بَعْدَ دُخُولِهِ مُتَيَقِّنَ الطَّهَارَةِ فَيَجِبُ عَلَيْهِ التَّمَادِي فِيهَا، وَبَعْدَ تَمَامِهَا إنْ بَانَ لَهُ الْبَقَاءُ عَلَى الطَّهَارَةِ لَمْ يَعُدْهَا، وَإِنْ بَانَ حَدَثُهُ أَوْ بَقِيَ عَلَى شَكِّهِ أَعَادَهَا وُجُوبًا.

تَنْبِيهٌ: كَمَا يَجِبُ الْوُضُوءُ فِي صُورَةِ الْمُصَنِّفِ يَجِبُ فِي عَكْسِهَا بِالْأَوْلَى وَهِيَ مَا إذَا تَيَقَّنَ الْحَدَثَ وَشَكَّ فِي الْوُضُوءِ، وَكَذَا إذَا تَيَقَّنَهُمَا وَشَكَّ فِي السَّابِقِ مِنْهُمَا أَوْ شَكَّ فِيهِمَا وَشَكَّ فِي السَّابِقِ مِنْهُمَا أَوْ لَا أَوْ تَيَقَّنَ الْوُضُوءَ وَشَكَّ فِي الْحَدَثِ وَشَكَّ مَعَ ذَلِكَ هَلْ كَانَ قَبْلَهُ أَوْ بَعْدَهُ أَوْ تَيَقَّنَ الْحَدَثَ وَشَكَّ فِي الْوُضُوءِ، وَشَكَّ مَعَ ذَلِكَ هَلْ كَانَ قَبْلَهُ أَوْ بَعْدَهُ مِنْ بَابِ أَوْلَى [قَوْلُهُ: عَلَى أَوَّلِ إلَخْ] أَيْ فَإِنْ سَبَقَ إلَى نَفْسِهِ أَنَّهُ عَلَى طَهَارَةٍ فَلَا يُعِيدُ، وَإِنْ سَبَقَ إلَى نَفْسِهِ أَنَّهُ لَيْسَ عَلَى طَهَارَةٍ أَعَادَ؛ لِأَنَّهُ فِي الْخَاطِرِ الْأَوَّلِ مُشَابِهٌ لِلْعُقَلَاءِ وَفِي الثَّانِي يُفَارِقُهُمْ.

[قَوْلُهُ: هُوَ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ] وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ، [قَوْلُهُ: إذَا خُيِّلَ إلَيْهِ] الْمُرَادُ بِهِ مُجَرَّدُ خُطُورٍ بِالْبَالِ غَيْرِ مُسْتَنِدٍ إلَى شَيْءٍ، وَقَوْلُهُ إلَّا أَنْ يُوقِنَ لَعَلَّهُ أَرَادَ بِهِ مَا يَشْمَلُ الظَّنَّ وَحِينَئِذٍ فَالتَّخَيُّلُ شَامِلٌ لِلشَّكِّ.

[قَوْلُهُ: وَإِنْ دَاخَلَهُ] الْمُفَاعَلَةُ لَيْسَتْ عَلَى بَابِهَا وَقَوْلُهُ بِالْحِسِّ، أَيْ بِسَبَبِ الْحِسِّ أَيْ الصَّوْتِ الْخَفِيِّ وَحَاصِلُهُ أَنَّهُ اسْتَنَدَ فِي شَكِّهِ لِصَوْتٍ خَفِيٍّ، وَقَوْلُهُ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ، أَيْ إلَّا أَنْ يُوقِنَ وَبِهَذَا التَّقْرِيرِ سَاوَى التَّخَيُّلُ الشَّكَّ فِي عَدَمِ إيجَابِ الْوُضُوءِ مَا لَمْ يَتَيَقَّنْ الْمُوجِبَ، فَإِنْ قُلْت قَدْ فَسَّرْت الْحِسَّ بِالصَّوْتِ الْخَفِيِّ فَمَا سَنَدُك

<<  <  ج: ص:  >  >>