للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الشَّكُّ بِالْحِسِّ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ بِخِلَافِ مَنْ شَكَّ هَلْ بَالَ أَوْ أَحْدَثَ فَإِنَّهُ يُعِيدُ الْوُضُوءَ.

ثُمَّ انْتَقَلَ يَتَكَلَّمُ عَلَى حُكْمِ مَنْ تَرَكَ شَيْئًا مِنْ فَرَائِضِ الْوُضُوءِ أَوْ مِنْ سُنَنِهِ، وَالْأَوَّلُ عَلَى أَرْبَعَةِ أَقْسَامٍ؛ لِأَنَّهُ إمَّا أَنْ يَتْرُكَهُ عَمْدًا أَوْ نِسْيَانًا وَكُلٌّ مِنْهُمَا إمَّا أَنْ يَذْكُرَهُ بِالْقُرْبِ أَوْ بَعْدَ الطُّولِ، وَالثَّانِي كَذَلِكَ فَالْأَقْسَامُ ثَمَانِيَةٌ أَشَارَ إلَى الْأَوَّلِ بِقَوْلِهِ: (وَإِنْ ذَكَرَ مِنْ وُضُوئِهِ شَيْئًا مِمَّا هُوَ فَرِيضَةٌ مِنْهُ) يَعْنِي مِنْ مَغْسُولِهِ وَهُوَ الْوَجْهُ وَالْيَدَانِ إلَى الْمِرْفَقَيْنِ وَالرِّجْلَانِ إلَى الْكَعْبَيْنِ وَمَمْسُوحِهِ وَهُوَ الرَّأْسُ (فَإِنْ كَانَ) ذِكْرُهُ لَهُ (بِالْقُرْبِ أَعَادَ) بِمَعْنَى فَعَلَ (ذَلِكَ) الْمَتْرُوكَ بِنِيَّةِ إتْمَامِ الْوُضُوءِ عَلَى الْمَشْهُورِ، وَبِالْغُسْلِ ثَلَاثًا إنْ كَانَ مَغْسُولًا، وَبِالْمَسْحِ مَرَّةً إنْ كَانَ مَمْسُوحًا وُجُوبًا؛ لِأَنَّ الْفَرْضَ لَا يَسْقُطُ بِالنِّسْيَانِ (وَ) إذَا فَرَغَ مِنْ فِعْلِ الْمَتْرُوكِ أَعَادَ (مَا يَلِيهِ) ق: ظَاهِرُهُ أَنَّهُ يُعِيدُ خَاصَّةً مِثْلَ أَنْ يَنْسَى غَسْلَ وَجْهِهِ فَإِنَّهُ يَأْتِي بِهِ وَيَغْسِلُ الْيَدَيْنِ خَاصَّةً، وَلَيْسَ كَذَلِكَ بَلْ يُعِيدُهُ وَمَا يَلِيهِ إلَى آخِرِ الْوُضُوءِ فَقَوْلُهُ: وَمَا يَلِيهِ يَعْنِي مَعَ مَا بَعْدَهُ إلَى آخِرِ الْوُضُوءِ وَاسْتِحْبَابًا لِأَجْلِ التَّرْتِيبِ، وَاخْتَلَفَ ق فِي حَدِّ الْقُرْبِ فَعَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ هُوَ رَاجِعٌ لِلْعُرْفِ. ع: وَهُوَ الْمَشْهُورُ فِي كُلِّ مَا لَمْ يَرِدْ مِنْ الشَّارِعِ فِيهِ تَحْدِيدٌ وَقِيلَ: حَدُّهُ مَا لَمْ تَجِفَّ الْأَعْضَاءُ فِي الزَّمَنِ الْمُعْتَدِلِ وَالْعُضْوِ الْمُعْتَدِلِ وَالْمَكَانِ الْمُعْتَدِلِ. ق: وَهُوَ الْمَشْهُورُ.

وَالْقِسْمُ الثَّانِي أَشَارَ إلَيْهِ بِقَوْلِهِ: (وَإِنْ تَطَاوَلَ ذَلِكَ) يَعْنِي ذِكْرَ الْمَنْسِيِّ (أَعَادَهُ) يَعْنِي فَعَلَهُ بِنِيَّةٍ اتِّفَاقًا (فَقَطْ) عَلَى الْمَشْهُورِ.

وَقَالَ ابْنُ حَبِيبٍ: يُعِيدُهُ وَمَا بَعْدَهُ كَالْقُرْبِ، وَاخْتَارَهُ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ.

وَالْقِسْمُ الثَّالِثُ أَشَارَ

ــ

[حاشية العدوي]

قُلْت الْمِصْبَاحُ.

[حُكْمِ مَنْ تَرَكَ شَيْئًا مِنْ فَرَائِضِ الْوُضُوءِ أَوْ مِنْ سُنَنِهِ]

[قَوْلُهُ: وَإِنْ ذَكَرَ مِنْ وُضُوئِهِ شَيْئًا إلَخْ] نَسِيَهُ حَالَ الْوُضُوءِ أَوْ شَكَّ فِي نِسْيَانِهِ وَلَمْ يَكُنْ مُسْتَنْكِحًا إذْ الْمُسْتَنْكِحُ يُطْلَبُ بِطَرْحِ الشَّكِّ، وَلَا يَغْسِلُ مَا شَكَّ فِيهِ.

[قَوْلُهُ: وَهُوَ الْوَجْهُ] أَيْ كُلًّا أَوْ بَعْضًا وَكَذَا يُقَالُ فِيمَا بَعْدَهُ.

[قَوْلُهُ: بِمَعْنَى فَعَلَ إلَخْ] أَيْ فَمَعْنَى الْإِعَادَةِ الْإِتْيَانُ بِهِ؛ لِأَنَّ فَرْضَ الْمَسْأَلَةِ أَنَّهُ لَمْ يَغْسِلْهُ، وَهَلْ اسْتِعْمَالُ أَعَادَ بِمَعْنَى فِعْلِ تَجَوُّزٍ أَوَّلًا لِاسْتِعْمَالِهِ عِنْدَ الْعَرَبِ كَثِيرًا؟ قَوْلَانِ.

[قَوْلُهُ: بِنِيَّةِ إتْمَامِ الْوُضُوءِ عَلَى الْمَشْهُورِ] أَيْ وَإِلَّا لَمْ يُجْزِهِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ فِي تت، وَمُقَابِلُهُ مَا لِابْنِ عُمَرَ مِنْ قَوْلِهِ الْمَشْهُورُ بِغَيْرِ نِيَّةٍ؛ لِأَنَّ النِّيَّةَ الْأُولَى مُنْسَحِبَةٌ قُلْت وَهُوَ ضَعِيفٌ.

[قَوْلُهُ: بِالْمَسْحِ مَرَّةً إلَخْ] الْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ مَرَّتَيْنِ؛ لِأَنَّ الرَّأْسَ تُمْسَحُ مَرَّتَيْنِ الْأُولَى فَرْضٌ وَالثَّانِيَةُ سُنَّةٌ.

[قَوْلُهُ: وُجُوبًا] أَيْ؛ لِأَنَّ الْفَرْضَ لَا يَسْقُطُ بِالنِّسْيَانِ وَقَضِيَّةُ الْكَلَامِ أَنَّ غَسْلَهُ ثَلَاثًا وَاجِبٌ مَعَ أَنَّ الْوَاجِبَ إنَّمَا هُوَ الْأُولَى، وَمَا تَقَدَّمَ مِنْ قَوْلِنَا الْأُولَى إلَخْ إنَّمَا هُوَ بِالنِّسْبَةِ لِقَضِيَّةِ قَوْلِهِ ثَلَاثًا، وَإِلَّا فَالْوَاجِبُ إنَّمَا هُوَ الْمَرَّةُ.

[قَوْلُهُ: عَادَ مَا يَلِيهِ] أَيْ يَغْسِلُ مَا يَلِي الْمَتْرُوكَ الْعُضْوَ أَوْ اللَّمْعَةَ مَرَّةً إنْ كَانَ غَسَلَهُ أَوَّلًا ثَلَاثًا أَوْ مَرَّتَيْنِ، وَإِنْ كَانَ غَسَلَهُ مَرَّةً يَغْسِلُهُ مَرَّتَيْنِ، لَا يُقَالُ إذَا كَانَ فَعَلَ مَا بَعْدَهُ ثَلَاثًا فَفِعْلُهُ الْآنَ مَرَّةً يَدْخُلُ فِي النَّهْيِ الْمُشَارِ لَهُ بِقَوْلِ خَلِيلٍ وَهَلْ تُكْرَهُ الرَّابِعَةُ أَوْ تُمْنَعُ خِلَافٌ؛ لِأَنَّا نَقُولُ مَحَلُّ الْخِلَافِ حَيْثُ لَا يُطْلَبُ بِهَا لِأَجْلِ التَّرْتِيبِ وَهُنَا طُلِبَ بِهَا لِأَجْلِهِ وَوَقَعَ التَّوَقُّفُ فِيمَا يَلِي اللَّمْعَةَ، هَلْ هُوَ بَقِيَّةُ الْعُضْوِ الْمَتْرُوكِ مِنْهُ أَوْ الْعُضْوُ الَّذِي يَلِي الْعُضْوَ الْمَتْرُوكَ مِنْهُ اللَّمْعَةُ؟ وَهَذَا هُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ ابْنِ عُمَرَ فَيَغْسِلُ اللَّمْعَةَ ثَلَاثًا بِنِيَّةِ إتْمَامِ الْوُضُوءِ وَيُعِيدُ الْعُضْوَ التَّالِيَ لِعُضْوِ اللَّمْعَةِ وَلَا يَغْسِلُ مَا تَرَكَ مِنْهُ اللَّمْعَةَ [قَوْلُهُ: اسْتِحْبَابًا] كَذَا فِي بَعْضِ الشُّرُوحِ وَفِي بَعْضِهَا اسْتِنَانًا.

[قَوْلُهُ: فَعَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ] أَيْ رَوَاهُ عَنْ مَالِكٍ [قَوْلُهُ: وَقِيلَ حَدُّهُ إلَخْ] وَرَوَاهُ ابْنُ وَهْبٍ عَنْ مَالِكٍ وَلَعَلَّهَا فِي الْمُدَوَّنَةِ وَالْأَوْلَى فِي غَيْرِهَا فَلَا يُنَافِي مَا تَقَرَّرَ مِنْ أَنَّ رِوَايَةَ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي الْمُدَوَّنَةِ مُقَدَّمَةٌ عَلَى رِوَايَةِ غَيْرِهِ.

[قَوْلُهُ: وَقِيلَ حَدُّهُ مَا لَمْ تَجِفَّ الْأَعْضَاءُ] وَالظَّاهِرُ كَمَا قَالَ بَعْضُهُمْ أَنَّ الْمُعْتَبَرَ جَفَافُ الْغَسْلَةِ الْأَخِيرَةِ مِنْ الْعُضْوِ الْأَخِيرِ، وَانْظُرْ لَوْ حَصَلَ الشَّكُّ فِي الْقُرْبِ وَالْبُعْدِ هَلْ يُحْمَلُ عَلَى الْقُرْبِ أَوْ الْبَعْدِ؟ وَاَلَّذِي يَنْبَغِي التَّفْصِيلُ فَفِي الْعَمْدِ يُحْمَلُ عَلَى الْبُعْدِ؛ لِأَنَّهُ أَحْوَطُ، وَفِي النِّسْيَانِ يُحْمَلُ عَلَى الْقُرْبِ؛ لِأَنَّهُ أَحْوَطُ أَيْضًا اهـ.

[قَوْلُهُ: ق وَهُوَ الْمَشْهُورُ] وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ [قَوْلُهُ: وَإِنْ تَطَاوَلَ ذَلِكَ] بِأَنْ لَمْ يَتَذَكَّرْهُ إلَّا بَعْدَ جَفَافِ الْعُضْوِ الْمَغْسُولِ آخِرًا.

[قَوْلُهُ: يَعْنِي فَعَلَهُ] أَيْ ثَلَاثَةً بِنِيَّةٍ وَيُطْلَبُ مِنْ النَّاسِي أَنْ يَغْسِلَ ذَلِكَ

<<  <  ج: ص:  >  >>