للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[١٤ - بَابٌ فِي الْجُمُعَةِ] (بَابٌ فِي) بَيَانِ حُكْمِ السَّعْيِ إلَى (صَلَاةِ الْجُمُعَةِ) بِضَمِّ الْمِيمِ عَلَى الْمَشْهُورِ بِهِ قُرِئَ فِي السَّبْعِ، وَيَجُوزُ فِيهَا الْإِسْكَانُ وَالْفَتْحُ وَبِهِمَا قُرِئَ فِي الشَّوَاذِّ، وَبَيَانِ وَقْتِ وُجُوبِهَا وَالْمَحِلِّ الَّذِي تَجِبُ فِيهِ وَمَنْ تَجِبُ عَلَيْهِ، وَبَيَانِ صِفَتِهَا وَغَيْرِ ذَلِكَ مِمَّا لَهُ تَعَلُّقٌ بِهَا وَهِيَ مُشْتَقَّةٌ مِنْ الْجَمْعِ لِاجْتِمَاعِ النَّاسِ فِيهَا، وَابْتَدَأَ بِحُكْمِ السَّعْيِ فَقَالَ: (وَالسَّعْيُ إلَى الْجُمُعَةُ وَاجِبٌ) وَإِذَا وَجَبَ وَهُوَ وَسِيلَةٌ فَأَحْرَى مَا سَعَى إلَيْهِ وَقَدْ صَرَّحَ بِهِ فِي بَابِ جُمَلٍ فَقَالَ: وَصَلَاةُ الْجُمُعَةِ وَالسَّعْيُ إلَيْهَا فَرِيضَةٌ دَلَّ عَلَيْهِ الْكِتَابُ وَالسَّنَةُ وَالْإِجْمَاعُ.

أَمَّا الْكِتَابُ فَقَوْلُهُ تَعَالَى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نُودِيَ لِلصَّلاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ} [الجمعة: ٩] ك قَالَ مَالِكٌ: السَّعْيُ فِي كِتَابِ اللَّهِ الْعَمَلُ وَالْفِعْلُ إلَى أَنْ قَالَ: فَلَيْسَ السَّعْيُ الَّذِي ذَكَرَهُ اللَّهُ تَعَالَى فِي كِتَابِهِ السَّعْيَ عَلَى الْأَقْدَامِ، وَإِنَّمَا عَنَى الْعَمَلَ وَالْفِعْلَ.

وَقَالَ ع وَق: الْمُرَادُ بِالسَّعْيِ هُنَا الْمَشْيُ وَهُوَ فَرْضٌ فِي الْحُضُورِ حَتَّى وَلَوْ كَانَ فِي الْمَسْجِدِ لَا يَجِبُ عَلَيْهِ وَإِنَّمَا وَجَبَ عَلَيْهِ السَّعْيُ لِلْجُمُعَةِ وَلَمْ يَجِبْ فِي غَيْرِهَا لِأَنَّهَا لَا تَكُونُ إلَّا فِي الْجَامِعِ.

وَأَمَّا غَيْرُهَا فَلَا يَخْتَصُّ بِمَوْضِعٍ. وَأَمَّا السُّنَّةُ فَمَا فِي مُسْلِمٍ مِنْ قَوْلِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - لِقَوْمٍ يَتَخَلَّفُونَ عَنْ الْجُمُعَةِ: «لَقَدْ هَمَمْت أَنْ آمُرَ رَجُلًا يُصَلِّي بِالنَّاسِ ثُمَّ أُحَرِّقَ عَلَى رِجَالٍ يَتَخَلَّفُونَ عَنْ الْجُمُعَةِ بُيُوتَهُمْ» قَالَ: وَأَمَّا الْإِجْمَاعِ فَقَالَ ك: لَا خِلَافَ بَيْنَ الْأَئِمَّةِ أَنَّ الْجُمُعَةَ وَاجِبَةٌ عَلَى الْأَعْيَانِ، وَالسَّعْيُ إلَيْهَا إنَّمَا يَجِبُ حَيْثُ لَا مَانِعَ، فَإِذَا كَانَ ثَمَّ مَانِعٌ سَقَطَتْ وَهُوَ أَشْيَاءُ مِنْهَا مَا يَتَعَلَّقُ بِالنَّفْسِ كَالْمَرَضِ الَّذِي يَشُقُّ مَعَهُ الْإِتْيَانُ إلَيْهَا، وَمِنْهَا مَا يَتَعَلَّقُ بِالْأَهْلِ مِثْلُ أَنْ يَكُونَ قَدْ اشْتَدَّ بِأَحَدِ وَالِدِيهِ

ــ

[حاشية العدوي]

[بَابٌ فِي الْجُمُعَةِ]

[قَوْلُهُ: بَيَانُ حُكْمِ السَّعْيِ] أَيْ مِنْ أَنَّهُ وَاجِبٌ [قَوْلُهُ: صَلَاةُ الْجُمُعَةُ] الْإِضَافَةُ لِلْبَيَانِ قَوْلُهُ: وَيَجُوزُ فِيهَا إلَخْ وَهُنَاكَ لُغَةٌ رَابِعَةٌ بِكَسْرِ الْمِيمِ وَقُرِئَ بِهَا فِي الشَّوَاذِّ [قَوْلُهُ: وَبَيَانِ وَقْتِ وُجُوبِهَا] أَيْ بِقَوْلِهِ: وَذَلِكَ عِنْدَ جُلُوسِ إلَخْ [قَوْلُهُ: وَالْمَحَلِّ الَّذِي تَجِبُ فِيهِ] وَهُوَ مَا أَشَارَ إلَيْهِ بِقَوْلِهِ: وَالْجُمُعَةُ تَجِبُ إلَخْ [قَوْلُهُ: لِاجْتِمَاعِ النَّاسِ فِيهَا] وَقِيلَ: لِأَنَّ آدَمَ اجْتَمَعَ مَعَ حَوَّاءَ فِيهَا، وَأَوَّلُ مَنْ سَمَّاهَا جُمُعَةً قُصَيٌّ فَإِنَّهُ جَمَعَ قُرَيْشًا فِي يَوْمِهَا وَقَالَ: هَذَا يَوْمُ الْجُمُعَةِ وَقِيلَ غَيْرُ ذَلِكَ.

[قَوْلُهُ: وَقَدْ صَرَّحَ بِهِ] أَيْ بِوُجُوبِ مَا سَعَى إلَيْهِ [قَوْلُهُ: دَلَّ عَلَيْهِ] أَيْ عَلَى وُجُوبِ السَّعْيِ [قَوْلُهُ: وَالْفِعْلُ] عَطْفٌ مُرَادِفٌ أَيْ فَالْمُرَادُ بِالسَّعْيِ إلَى الذِّكْرِ مُطْلَقُ الذَّهَابِ سَوَاءٌ كَانَ بِالْمَشْيِ عَلَى الْأَرْجُلِ أَمْ لَا، وَاسْتَدَلَّ الْفَاكِهَانِيُّ عَلَى ذَلِكَ بِقِرَاءَةِ فَامْضُوا إلَى ذِكْرِ اللَّهِس، وَالْمُرَادُ بِالذِّكْرِ الْخُطْبَةُ وَالصَّلَاةُ أَوْ هُمَا مَعًا، أَفَادَهُ شَارِحُ الْمُوَطَّأِ.

[قَوْلُهُ: وَهُوَ فَرْضٌ فِي الْحُضُورِ] أَيْ لِأَجْلِ الْحُضُورِ، وَمُرَادُ ع وَق بِالْمَشْيِ مُطْلَقُ الذَّهَابِ لَا خُصُوصُ الْمَشْيِ؛ لِأَنَّ خُصُوصَهُ لَيْسَ بِفَرْضٍ فَسَاوَتْ عِبَارَتُهُمَا عِبَارَةَ ك. [قَوْلُهُ: وَأَمَّا غَيْرُهَا] أَيْ كَصَلَاةِ الظُّهْرِ وَالْعَصْرِ [قَوْلُهُ: لِقَوْمٍ] أَيْ فِي شَأْنِ قَوْمٍ [قَوْلُهُ: أُحَرِّقَ] بِتَشْدِيدِ الرَّاءِ الْمَكْسُورَةِ وَبُيُوتَهُمْ مَفْعُولُ أُحَرِّقَ [قَوْلُهُ: كَالْمَرَضِ الَّذِي يَشُقُّ إلَخْ] أَيْ وَإِنْ لَمْ يَشْتَدَّ [قَوْلُهُ: قَدْ اشْتَدَّ إلَخْ]

<<  <  ج: ص:  >  >>