للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[١٧ - بَابُ صَلَاةِ الْخُسُوفِ] (بَابٌ فِي) بَيَانِ حُكْمِ (صَلَاةِ الْخُسُوفِ) وَفِي بَيَانِ صِفَتِهَا الْأَكْثَرُ عَلَى أَنَّ الْخُسُوفَ وَالْكُسُوفَ مُتَرَادِفَانِ بِمَعْنًى وَاحِدٍ فِي الشَّمْسِ وَالْقَمَرِ وَهُوَ ذَهَابُ الضَّوْءِ مِنْهُمَا، وَقِيلَ: الْأَجْوَدُ تَبَايُنُهُمَا فَالْكُسُوفُ التَّغَيُّرُ وَالْخُسُوفُ الذَّهَابُ بِالْكُلِّيَّةِ، وَلَمَّا كَانَ الْقَمَرُ يَذْهَبُ جُمْلَةُ ضَوْئِهِ كَانَ أَوْلَى بِالْخُسُوفِ مِنْ الْكُسُوفِ، فَيُقَالُ: كَسَفَتْ الشَّمْسُ وَخَسَفَ الْقَمَرُ دَلَّ عَلَى مَشْرُوعِيَّتِهَا الْكِتَابُ وَالسُّنَّةُ وَالْإِجْمَاعُ، وَحُكْمُهَا كَمَا قَالَ هُنَا وَفِي بَابٍ جُمِلَ (وَصَلَاةُ الْخُسُوفِ سُنَّةٌ وَاجِبَةٌ) أَيْ مُؤَكَّدَةٌ وَهُوَ مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ فِي خُسُوفِ الشَّمْسِ وَمُخْتَلَفٌ فِيهِ فِي خُسُوفِ الْقَمَرِ، وَالْمَشْهُورُ كَمَا قَالَ: وَمُقَابِلُهُ قَوْلِ الْأَكْثَرِ وَصَحَّحَ أَنَّهُ فَضَّلَهُ وَلَمْ يُبَيِّنْ مَنْ تَتَعَلَّقُ بِهِ هَذِهِ السُّنَّةُ، وَبَيَّنَ ذَلِكَ فِي الْمُدَوَّنَةِ بِقَوْلِهِ: يُصَلِّيهَا أَهْلُ الْقُرَى وَالْحَضَرِ وَالْمُسَافِرُونَ إلَّا أَنْ يَجِدَّ بِنَا السَّيْرُ وَالْمُسَافِرُ وَحْدَهُ وَالْمَرْأَةُ فِي بَيْتِهَا قَالَهُ الْجُمْهُورُ.

وَاعْلَمْ أَنَّ صَلَاةَ خُسُوفِ

ــ

[حاشية العدوي]

[بَابُ صَلَاةِ الْخُسُوفِ]

بَابٌ فِي صَلَاةِ الْخُسُوفِ

[قَوْلُهُ: وَهُوَ ذَهَابُ الضَّوْءِ] أَيْ كُلِّهِ أَوْ بَعْضِهِ إلَّا أَنْ يَقِلَّ الذَّاهِبُ جِدًّا بِحَيْثُ لَا يُدْرِكُهُ إلَّا الْحَاذِقُ مِنْ أَهْلِ الْمَعْرِفَةِ فَلَا تُصَلَّى لَهُ لِكَوْنِهِ بِمَنْزِلَةِ الْعَدَمِ [قَوْلُهُ: وَلَمَّا كَانَ الْقَمَرُ يَذْهَبُ جُمْلَةُ ضَوْئِهِ] لَعَلَّ ذَلِكَ حَالَةٌ غَالِبَةٌ، وَفِي الْعِبَارَةِ حَذْفٌ وَالتَّقْدِيرُ وَالشَّمْسُ لَيْسَتْ كَذَلِكَ [قَوْلُهُ: كَسَفَتْ الشَّمْسُ وَخَسَفَ الْقَمَرُ] مَبْنِيِّينَ لِلْمَعْلُومِ وَالْمَجْهُولِ وَانْكِسَافًا وَانْخِسَافًا سِتُّ لُغَاتٍ [قَوْلُهُ: دَلَّ عَلَى مَشْرُوعِيَّتِهَا الْكِتَابُ إلَخْ] فَالْكِتَابُ قَوْله تَعَالَى: {لا تَسْجُدُوا لِلشَّمْسِ وَلا لِلْقَمَرِ وَاسْجُدُوا} [فصلت: ٣٧] إلَخْ.

قَالَ الْفَاكِهَانِيُّ: يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ بِهَا صَلَاةَ الْخُسُوفِ. وَأَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ بِهَا عِبَادَةَ اللَّهِ دُونَ عِبَادَتِهِمَا، أَيْ فَالْكِتَابُ دَلِيلٌ فِي الْجُمْلَةِ.

[قَوْلُهُ: وَالسُّنَّةُ] كَمَا فِي الْحَدِيثِ: «إنَّ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ آيَتَانِ مِنْ آيَاتِ اللَّهِ لَا يُخْسَفَانِ لِمَوْتِ أَحَدٍ وَلَا لِحَيَاتِهِ، فَإِذَا رَأَيْتُمْ ذَلِكَ فَاذْكُرُوا اللَّهَ» وَفِي رِوَايَةٍ «فَافْزَعُوا إلَى الصَّلَاةِ» . [قَوْلُهُ: وَالْإِجْمَاعُ] قَالَ الْقَرَافِيُّ: اجْتَمَعَتْ الْأُمَّةُ عَلَى مَشْرُوعِيَّتِهَا دُونَ صِفَتِهَا [قَوْلُهُ: وَحُكْمُهَا كَمَا قَالَ] فِي الْعِبَارَةِ حَذْفٌ وَالتَّقْدِيرُ وَحُكْمُهَا السُّنِّيَّةُ كَمَا قَالَ إلَخْ [قَوْلُهُ: وَالْمَشْهُورُ كَمَا قَالَ] فِيهِ نَظَرٌ بَلْ الْمَشْهُورُ أَنَّ صَلَاةَ خُسُوفِ الْقَمَرِ مُسْتَحَبَّةٌ كَمَا قَالَهُ عَجَّ [قَوْلُهُ: وَمُقَابِلُهُ قَوْلُ الْأَكْثَرِ إلَخْ] وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ [قَوْلُهُ: يُصَلِّيهَا أَهْلُ الْقُرَى إلَخْ] أَيْ وَأَهْلُ الْبَدْوِ لَا فَرْقَ بَيْنَ حُرٍّ وَعَبْدٍ مُكَلَّفٍ أَوْ صَبِيٍّ مُمَيَّزٍ، فَهِيَ سُنَّةٌ حَتَّى فِي حَقِّهِ أَيْ الصَّبِيِّ الَّذِي يُؤْمَرُ بِالصَّلَاةِ، وَاسْتُغْرِبَ بِأَنَّهُ يُؤْمَرُ بِالْخَمْسِ نَدْبًا وَبِالْكُسُوفِ اسْتِنَانًا، وَرُدَّ بِأَنَّهُ لَا غَرَابَةَ فِي ذَلِكَ؛ لِأَنَّ الصِّبْيَانَ لِصِغَرِهِمْ وَعَدِمِ ارْتِكَابِهِمْ لِلْمُخَالَفَاتِ يُرْجَى قَبُولُ دُعَائِهِمْ أَكْثَرُ مِنْ غَيْرِهِمْ. [قَوْلُهُ: وَالْحَضَرِ] مَعْطُوفٌ عَلَى الْقُرَى عَطْفَ عَامٍّ عَلَى خَاصٍّ.

قَالَ فِي الْمِصْبَاحِ: وَالْحَضَرُ بِفَتْحَتَيْنِ خِلَافُ الْبَدْوِ، وَالنِّسْبَةُ إلَيْهِ حَضَرِيٌّ [قَوْلُهُ: إلَّا أَنْ يَجِدَّ بِهِمْ] أَيْ لِإِدْرَاكِ أَمْرٍ يُخَافُ فَوَاتُهُ فَلَا تُسَنُّ لَهُ، وَأَمَّا لَوْ جَدَّ السَّيْرُ لِقَطْعِ مَسَافَةٍ فَتُسَنُّ حَقُّهُ [قَوْلُهُ: وَالْمُسَافِرُ وَحْدَهُ] أَيْ كَمَا يُصَلِّيهَا الْمُسَافِرُونَ يُصَلِّيهَا مَنْ سَافَرَ وَحْدَهُ [قَوْلُهُ: وَالْمَرْأَةُ فِي بَيْتِهَا) ] هَذَا إذَا كَانَتْ غَيْرَ مُتَجَالَّةٍ، وَإِلَّا فَالْأَحْسَنُ خُرُوجُهَا [قَوْلُهُ: قَالَهُ الْجُمْهُورُ إلَخْ] أَيْ أَنَّ الْجُمْهُورَ

<<  <  ج: ص:  >  >>