للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(حَتَّى أَمْنَى فَعَلَيْهِ) مَعَ الْقَضَاءِ (الْكَفَّارَةُ) عَلَى الْمَشْهُورِ، وَسَكَتَ عَنْ النَّظَرِ وَالتَّذَكُّرِ.

ك: إنْ تَابَعَ النَّظَرَ حَتَّى أَنْزَلَ فَعَلَيْهِ الْقَضَاءُ وَالْكَفَّارَةُ وَإِنْ لَمْ يُتَابِعْهُ فَعَلَيْهِ الْقَضَاءُ فَقَطْ عَلَى الْمَشْهُورِ.

وَقَالَ الْقَابِسِيُّ: إذَا نَظَرَ نَظْرَةً وَاحِدَةً مُتَعَمِّدًا فَعَلَيْهِ الْقَضَاءُ وَالْكَفَّارَةُ، وَصَحَّحَهُ الْبَاجِيُّ وَحُكْمُ التَّذَكُّرِ حُكْمُ النَّظَرِ فَإِنْ تَابَعَ التَّذْكِرَةَ حَتَّى أَنْزَلَ فَعَلَيْهِ الْقَضَاءُ وَالْكَفَّارَةُ، وَإِنْ لَمْ يُتَابِعْهُ فَعَلَيْهِ الْقَضَاءُ بِلَا كَفَّارَةٍ.

(وَمَنْ قَامَ رَمَضَانَ إيمَانًا) أَيْ تَصْدِيقًا بِالْأَجْرِ الْمَوْعُودِ عَلَيْهِ (وَاحْتِسَابًا) أَيْ مُحْتَسِبًا أَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ تَعَالَى يَدَّخِرُهُ لَهُ فِي الْآخِرَةِ لَا يَفْعَلُ ذَلِكَ رِيَاءً وَلَا سُمْعَةً (غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ) وَلِمَا صَحَّ أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ يُرَغِّبُ فِي قِيَامِ رَمَضَانَ بِقَوْلِهِ: «مَنْ قَامَ رَمَضَانَ إيمَانًا وَاحْتِسَابًا غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ» .

قَالَ ابْنُ شِهَابٍ: فَتُوُفِّيَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَالْأَمْرُ عَلَى ذَلِكَ، ثُمَّ كَانَ الْأَمْرُ عَلَى ذَلِكَ فِي خِلَافَةِ أَبِي بَكْرٍ وَصَدْرًا

ــ

[حاشية العدوي]

هُوَ رِوَايَةُ ابْنِ وَهْبٍ وَأَشْهَبَ عَنْ مَالِكٍ فِي الْمُدَوَّنَةِ وَهِيَ الرَّاجِحَةُ، وَمَا قَالَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ ضَعِيفٌ.

[قَوْلُهُ: عَلَى الْمَشْهُورِ إلَخْ] أَنْتَ خَبِيرٌ بِأَنَّ لَفْظَةَ حَتَّى تُشْعِرُ بِدَوَامِ الْمُبَاشَرَةِ وَالْقُبْلَةِ، فَيَقْتَضِي قَوْلُ الشَّارِحِ عَلَى الْمَشْهُورِ أَنَّ حَالَةَ الدَّوَامِ مَحَلُّ خِلَافٍ وَلَيْسَ كَذَلِكَ، إذْ الْخِلَافُ عِنْدَ عَدَمِ الدَّوَامِ، فَقَدْ رَأَيْتَ أَنْ ابْنَ الْقَاسِمِ يَحْكُمُ بِالْكَفَّارَةِ مَعَ الْمَنِيِّ الْخَارِجِ بِالْقُبْلَةِ أَوْ الْمُبَاشَرَةِ كَرَّرَهَا أَوْ لَا.

وَقَالَ أَشْهَبُ وَسَحْنُونٌ: لَا كَفَّارَةَ عَلَيْهِ إلَّا أَنْ يُتَابِعَ الْقُبْلَةَ أَوْ الْمُبَاشَرَةَ فَتَدَبَّرْ ذَلِكَ.

[قَوْلُهُ: فَعَلَيْهِ الْقَضَاءُ فَقَطْ عَلَى الْمَشْهُورِ] وَهُوَ الرَّاجِحُ ثُمَّ إنَّ مَحَلَّ وُجُوبِ الْقَضَاءِ وَالْكَفَّارَةِ فِي الْمَنِيِّ الْخَارِجِ عَنْ النَّظَرِ وَالْفِكْرِ الْمُسْتَدِيمَيْنِ إذَا كَانَتْ عَادَتُهُ الْإِنْزَالَ أَوْ اسْتَوَتْ حَالَتَاهُ، وَأَمَّا مَنْ كَانَتْ عَادَتُهُ السَّلَامَةَ مَعَ إدَامَتِهِمَا فَتَخَلَّفَ وَأَمْنَى فَقَوْلَانِ، وَاسْتَظْهَرَ اللَّخْمِيُّ مِنْهُمَا عَدَمَ لُزُومِ الْكَفَّارَةِ، وَنَقَلَ بَعْضَ كَلَامِ اللَّخْمِيِّ عَامًّا فِي جَمِيعِ الْمُقَدِّمَاتِ وَهُوَ أَظْهَرُ كَمَا قَالَ الشَّيْخُ.

وَالْحَاصِلُ أَنَّ خُرُوجَ الْمَنِيِّ بِالنَّظَرِ أَوْ الْفِكْرِ مُوجِبٌ لِلْكَفَّارَةِ بِشَرْطِ الِاسْتِدَامَةِ، إلَّا أَنْ يُخَالِفَ عَادَتَهُ أَيْ بِأَنْ تَكُونَ عَادَتُهُ السَّلَامَةَ مَعَ الِاسْتِدَامَةِ.

فَتَخَلَّفَ وَأَمْنَى فَلَا كَفَّارَةَ عَلَى مَا اسْتَظْهَرَ اللَّخْمِيُّ، فَإِنْ لَمْ تُوجَدْ اسْتِدَامَةٌ فَالْقَضَاءُ فَقَطْ، إلَّا أَنْ يُعْسَرَ فَلَا قَضَاءَ لِلْمَشَقَّةِ وَأَنَّ خُرُوجَهُ بِالْقُبْلَةِ وَالْمُبَاشَرَةِ مُوجِبٌ لِلْكَفَّارَةِ مُطْلَقًا إلَّا أَنْ يُخَالِفَ عَادَتَهُ، وَأَنَّ خُرُوجَ الْمَذْيِ مُوجِبٌ لِلْقَضَاءِ مُطْلَقًا نَشَأَ عَنْ قُبْلَةٍ أَوْ مُبَاشَرَةٍ أَوْ فِكْرٍ اسْتَدَامَ أَمْ لَا.

[قِيَام رَمَضَان]

[قَوْلُهُ: أَيْ تَصْدِيقًا] أَيْ مُصَدِّقًا.

وَقَوْلُهُ: بِالْأَجْرِ أَيْ وَهُوَ غُفْرَانُ الذَّنْبِ كَمَا يَدُلُّ عَلَيْهِ الْحَدِيثُ أَيْ وَمَعْلُومٌ أَنَّهُ فِي الْآخِرَةِ.

[قَوْلُهُ: أَيْ مُحْتَسِبًا إلَخْ] أَيْ جَاعِلًا أَجْرَهُ عَلَى اللَّهِ وَقَوْلُهُ: رِيَاءً وَلَا سُمْعَةً قَالَ اللَّقَانِيُّ: الرِّيَاءُ الْعَمَلُ لِغَرَضٍ مَذْمُومٍ كَأَنْ يَعْمَلَ لِيَرَاهُ النَّاسُ، وَالسُّمْعَةُ أَنْ يَعْمَلَ لِيَسْمَعَ النَّاسُ عَنْهُ بِذَلِكَ فَيُكْرِمُوهُ بِإِحْسَانٍ أَوْ مَدْحٍ أَوْ تَعْظِيمِ جَاهِهِ فِي قُلُوبِهِمْ، وَكُلُّ ذَلِكَ مُوجِبٌ لِلْفِسْقِ مُحْبِطٌ لِثَوَابِ الْعَمَلِ

وَقَوْلُهُ: لَا يَفْعَلُ ذَلِكَ لَازِمٌ لِقَوْلِهِ أَيْ مُحْتَسِبًا ثُمَّ يُحْتَمَلُ أَنَّ مُرَادَهُ الْأَجْرُ الْمَعْهُودُ أَيْ الْمَوْعُودُ بِهِ فَيَكُونُ قَوْلُهُ: يَدَّخِرُهُ لَهُ إلَخْ لَازِمًا وَيُحْتَمَلُ أَنَّ مُرَادَهُ جِنْسُ الْأَجْرِ فَيَكُونُ وَصْفًا مُخَصَّصًا؛ لِأَنَّ الْمُدَّخَرَ فِي الْآخِرَةِ هُوَ الْبَاقِي.

[قَوْلُهُ: «مَنْ قَامَ رَمَضَانَ» ] أَيْ صَلَّى فِيهِ التَّرَاوِيحَ كَمَا قَالَ الْأَقْفَهْسِيُّ [قَوْلُهُ: «غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ» إلَخْ] زَادَ النَّسَائِيُّ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ قُتَيْبَةَ «وَمَا تَأَخَّرَ» ، وَاسْتُشْكِلَتْ تِلْكَ الزِّيَادَةُ بِأَنَّ الْمَغْفِرَةَ تَسْتَدْعِي سَبْقَ ذَنْبٍ وَالْمُتَأَخِّرُ مِنْ الذُّنُوبِ لَمْ يَأْتِ بَعْدُ فَكَيْفَ يُغْفَرُ، وَأُجِيبَ بِأَنَّ ذُنُوبَهُمْ تَقَعُ مَغْفُورَةً وَقِيلَ: هُوَ كِنَايَةٌ عَنْ حِفْظِ اللَّهِ إيَّاهُمْ فِي الْمُسْتَقْبَلِ قَالَهُ الْقَسْطَلَّانِيُّ.

[قَوْلُهُ: قَالَ ابْنُ شِهَابٍ فَتُوُفِّيَ رَسُولُ اللَّهِ إلَخْ] قَضِيَّةُ عِبَارَتِهِ أَنَّ قَوْلَهُ: وَالْأَمْرُ عَلَى ذَلِكَ أَيْ عَلَى الْقِيَامِ.

ثُمَّ تَرَكَ ذَلِكَ الْأَمْرَ أَيْ بِحَيْثُ لَا يُصَلِّي التَّرَاوِيحَ أَصْلًا وَلَيْسَ كَذَلِكَ.

قَالَ فِي النَّوَادِرِ عَنْ ابْنِ حَبِيبٍ: أَنَّهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - رَغَّبَ فِي قِيَامِ رَمَضَانَ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَأْمُرَ بِعَزِيمَةٍ، فَقَامَ النَّاسُ وُحْدَانًا مِنْهُمْ فِي بَيْتِهِ وَمِنْهُمْ فِي الْمَسَاجِدِ فَمَاتَ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - عَلَى ذَلِكَ، وَفِي أَيَّامِ أَبِي بَكْرٍ وَصَدْرًا مِنْ خِلَافَةِ عُمَرَ، ثُمَّ رَأَى عُمَرُ عَلَى أَنْ يَجْمَعَهُمْ عَلَى إمَامٍ فَأَمَرَ أُبَيًّا وَتَمِيمًا الدَّارِيَّ أَنْ يُصَلِّيَا بِهِمْ إحْدَى عَشْرَةَ رَكْعَةً بِالْوَتْرِ وَكَانُوا يَقْرَءُونَ بِالْمِئِينَ فَثَقُلَ عَلَيْهِمْ فَخُفِّفَ فِي الْقِيَامِ وَزِيدَ فِي الرُّكُوعِ، فَكَانُوا

<<  <  ج: ص:  >  >>