للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بَابُ زَكَاةِ الْفِطْرِ [٢٦ - بَابٌ فِي بَيَانِ حُكْمِ زَكَاةِ الْفِطْرِ] وَيُقَالُ لِلْمُخْرَجِ فِطْرَةٌ بِكَسْرِ الْفَاءِ لَا غَيْرُ لِأَنَّهَا مِنْ الْفِطْرَةِ الَّتِي هِيَ الْخِلْقَةُ أَيْ: زَكَاةُ الْخِلْقَةِ، وَفِي بَيَانِ مَنْ تُؤَدَّى عَنْهُ وَالْمُؤَدِّي وَبَيَانِ جِنْسِهَا وَصِفَتِهَا وَقَدْرِهَا شُرِعَتْ طُهْرَةً لِلصَّائِمِ مِنْ اللَّغْوِ وَالرَّفَثِ وَطُعْمَةً لِلْمَسَاكِينِ.

وَبَدَأَ بِحُكْمِهَا فَقَالَ: (وَزَكَاةُ الْفِطْرِ سُنَّةٌ وَاجِبَةٌ) أَيْ مُؤَكَّدَةٌ مَا ذُكِرَ أَنَّهَا سُنَّةٌ وَاجِبَةٌ نَقَلَ ك عَنْ بَعْضِ شُيُوخِهِ أَنَّهُ الْمَشْهُورُ.

قَالَ: وَلَمْ أَرَهُ لِغَيْرِهِ وَالظَّاهِرُ مِنْ الْمَذْهَبِ الْوُجُوبُ وَصَرَّحَ ابْنُ الْحَاجِبِ بِمَشْهُورِيَّتِهِ وَاخْتُلِفَ فِي مَعْنَى قَوْلِهِ: (فَرَضَهَا رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -) فَقِيلَ: مَعْنَاهُ قَدَّرَهَا وَقِيلَ مَعْنَاهُ أَوْجَبَهَا وَعَلَيْهِ مَشَى صَاحِبُ الْمُخْتَصَرِ. وَقَوْلُهُ: (عَلَى كُلِّ كَبِيرٍ أَوْ صَغِيرٍ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى حُرٍّ أَوْ عَبْدٍ) مُتَعَلِّقٌ بِسُنَّةٍ وَقَوْلُهُ: (مِنْ الْمُسْلِمِينَ) بَيَانٌ لِكُلِّ كَبِيرٍ وَمَا بَعْدَهُ، وَاعْتَرَضَ ع قَوْلَهُ: أَوْ عَبْدٍ بِأَنَّ ظَاهِرَهُ وُجُوبُهَا عَلَى الْعَبْدِ وَلَمْ يَقُلْ بِهِ مَالِكٌ ثُمَّ أَجَابَ بِأَنَّ عَلَى بِمَعْنَى عَنْ

ــ

[حاشية العدوي]

[بَابٌ فِي بَيَانِ حُكْمِ زَكَاةِ الْفِطْرِ]

بَابُ زَكَاةِ الْفِطْرِ [قَوْلُهُ: حُكْمُ زَكَاةِ الْفِطْرِ] أَيْ فِي بَيَانِ الْأَحْكَامِ الْمُتَعَلِّقَةِ بِزَكَاةِ الْفِطْرِ وَهِيَ مَصْدَرًا إعْطَاءُ مُسْلِمٍ فَقِيرٍ لِقُوتِ يَوْمِ الْفِطْرِ صَاعًا مِنْ غَالِبِ الْقُوتِ أَوْ جُزْأَهُ، وَاسْمَا صَاعٍ مِنْ الْغَالِبِ الْقُوتِ أَوْ جُزْؤُهُ يُعْطِي مُسْلِمًا فَقِيرَ الْقُوتِ يَوْمَ الْفِطْرِ.

[قَوْلُهُ: بِكَسْرِ الْفَاءِ] أَيْ فِطْرَةٌ بِكَسْرِ الْفَاءِ كَمَا تُفِيدُهُ عِبَارَةُ الْفَاكِهَانِيِّ. [قَوْلُهُ: لِأَنَّهَا مِنْ الْفِطْرَةِ] أَيْ لِأَنَّ فِطْرَةَ أَيْ اسْمَهَا وَهُوَ لَفْظُ فِطْرَةٍ مَنْقُولٌ مِنْ اسْمِ الْفِطْرَةِ وَهِيَ الْخِلْقَةُ، أَيْ وَلَفْظُ فِطْرَةٍ الَّذِي هُوَ اسْمُ الْمَنْقُولِ عَنْهُ بِكَسْرِ الْفَاءِ. [قَوْلُهُ: أَيْ زَكَاةُ الْخِلْقَةِ] لَا حَاجَةَ لِذَلِكَ، فَالْمُنَاسِبُ حَذْفُهُ لِأَنَّ لَفْظَ زَكَاةٍ لَمْ يُضَفْ لِلْفِطْرَةِ لَمْ يَقُلْ زَكَاةُ الْفِطْرَةِ حَتَّى يَأْتِيَ ذَلِكَ [قَوْلُهُ: وَفِي بَيَانِ مَنْ تُؤَدَّى عَنْهُ] وَهُوَ كُلُّ مُسْلِمٍ وَقَوْلُهُ: وَالْمُؤَدِّي بِكَسْرِ الدَّالِ لَا يَخْفَى أَنَّ هَذَا الْمُؤَدِّيَ تَارَةً يُؤَدِّي عَنْ نَفْسِهِ وَتَارَةً عَنْ غَيْرِهِ وَسَيَأْتِي بَيَانُ ذَلِكَ. [قَوْلُهُ: وَبَيَانِ جِنْسِهَا] أَيْ أَنَّهَا مِنْ الْأَنْوَاعِ التِّسْعَةِ. [قَوْلُهُ: وَصِفَتِهَا] أَيْ أَنَّهَا تَكُونُ مِنْ الْأَغْلَبِ. [قَوْلُهُ: طُهْرَةً إلَخْ] أَنَّ تَطْهِيرًا لِلصَّائِمِ أَيْ لِأَجْلِ تَطْهِيرِهِ فَهُوَ مَفْعُولٌ لِأَجْلِهِ. [قَوْلُهُ: مِنْ اللَّغْوِ] اللَّغْوُ الْكَلَامُ اللَّاغِي أَيْ السَّاقِطُ الَّذِي لَا ثَمَرَةَ فِيهِ، وَالرَّفَثُ هُوَ الْفُحْشُ فِي الْكَلَامِ كَمَا يُسْتَفَادُ مِنْ الْمِصْبَاحِ فَهُوَ مِنْ قَبِيلِ عَطْفِ الْخَاصِّ عَلَى الْعَامِّ تَأَمَّلْ [قَوْلُهُ: وَطُعْمَةً لِلْمَسَاكِينِ] الطُّعْمَةُ الْمَأْكَلَةُ كَمَا فِي الْمِصْبَاحِ، وَأَرَادَ بِهَا الْإِطْعَامَ أَيْ شُرِعَتْ لِأَجْلِ إطْعَامِ الْمَسَاكِينِ.

وَقَالَ الشَّارِحُ فِي شَرْحِ التَّرْغِيبِ وَالتَّرْهِيبِ: بِضَمِّ الطَّاءِ الْمُهْمَلَةِ أَيْ قُوتٌ لَهُمْ فِي يَوْمِ الْعِيدِ لِيَكُونَ الْغَنِيُّ وَالْفَقِيرُ مُتَسَاوِيَيْنِ يَوْمَ الْعِيدِ فِي وِجْدَانِ الْقُوتِ. [قَوْلُهُ: وَالظَّاهِرُ مِنْ الْمَذْهَبِ إلَخْ] أَيْ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ. [قَوْلُهُ: فَقِيلَ مَعْنَاهُ قَدْرُهَا] أَيْ فَيَكُونُ مَارًّا عَلَى أَنَّهَا سُنَّةٌ وَلَا يُنَافِيهِ قَوْلُهُ عَلَى كُلِّ كَبِيرٍ وَعَلَى الْأَصَاغِرِ، فَإِنَّ الشَّيْخَ يَسْتَعْمِلُ عَلَى فِيمَا دُونَ الْوَاجِبِ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «صَدَقَةُ الْفِطْرِ مِنْ رَمَضَانَ عَلَى النَّاسِ صَاعًا مِنْ تَمْرٍ أَوْ صَاعًا مِنْ شَعِيرٍ عَلَى كُلِّ مُسْلِمٍ حُرٍّ أَوْ عَبْدٍ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى مِنْ الْمُسْلِمِينَ» .

وَقَوْلُهُ فِي الْحَدِيثِ صَاعًا هَكَذَا رُوِيَ بِالنَّصْبِ حَالًا. وَرُوِيَ بِالرَّفْعِ عَلَى أَنَّهُ خَبَرُ مُبْتَدَأٍ مَحْذُوفٍ أَيْ وَهِيَ صَاعٌ وَلَيْسَ خَبَرًا لِصَدَقَةٍ وَإِنَّمَا خَبَرُهَا عَلَى كُلِّ مُسْلِمٍ. [قَوْلُهُ: مُتَعَلِّقٌ بِسُنَّةٍ] أَيْ أَوْ بِفَرْضٍ. [قَوْلُهُ: وَلَمْ يَقُلْ بِهِ مَالِكٌ] أَيْ وَإِنَّمَا قَالَ بِذَلِكَ أَهْلُ الظَّاهِرِ [قَوْلُهُ: عَلَى الْمَشْهُورِ]

<<  <  ج: ص:  >  >>