للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

سَقَطَ عَنْهُمَا. وَرَابِعُهَا أَشَارَ إلَيْهِ بِقَوْلِهِ: (مَعَ صِحَّةِ الْبَدَنِ) فَالْمَرِيضُ لَا يَجِبُ عَلَيْهِ وَإِنْ كَانَ يَجِدُ مَا يَرْكَبُ

، ثُمَّ اعْلَمْ أَنَّ لِلْحَجِّ فَرَائِضَ وَسُنَنًا وَفَضَائِلَ وَقَدْ بَيَّنَ الشَّيْخُ بَعْضَهَا فِي بَابِ جُمَلٍ وَلَمْ يُبَيِّنْهَا هُنَا، وَإِنَّمَا ذَكَرَ صِفَةَ الْحَجِّ عَلَى التَّرْتِيبِ الْوَاقِعِ الْمُشْتَمِلَةِ عَلَيْهَا، وَنَحْنُ نُنَبِّهُ عَلَيْهَا إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى فَنَقُولُ: مِنْ الْفَرَائِضِ الْإِحْرَامُ وَسَيَأْتِي بَيَانُ حَقِيقَتِهِ وَلَهُ مِيقَاتَانِ زَمَانِيٌّ وَمَكَانِيٌّ، وَالْأَوَّلُ لَمْ يَذْكُرْهُ الشَّيْخُ وَهُوَ شَوَّالُ وَذُو الْقَعْدَةِ وَذُو الْحِجَّةِ بِتَمَامِهِ عَلَى الْمَشْهُورِ، وَإِنْ أَحْرَمَ قَبْلَ شَوَّالٍ كُرِهَ وَانْعَقَدَ إحْرَامُهُ عَلَى الْمَشْهُورِ، وَالثَّانِي: شَرَعَ فِي بَيَانِهِ فَقَالَ: (وَإِنَّمَا يُؤْمَرُ أَنْ يُحْرِمَ مِنْ الْمِيقَاتِ) فَإِنْ أَحْرَمَ قَبْلَهُ كُرِهَ، وَالْمُسْتَحَبُّ أَنْ يُحْرِمَ مِنْ أَوَّلِهِ وَهُوَ يَتَنَوَّعُ بِاخْتِلَافِ حَالِ الْمُحْرِمِ فَإِنَّهُ إمَّا أَنْ يَكُونَ مَكِّيًّا أَوْ آفَاقِيًّا وَالْمَكِّيُّ لَمْ يَذْكُرْهُ الشَّيْخُ وَهُوَ الْمُقِيمُ بِهَا سَوَاءٌ كَانَ مِنْ أَهْلِهَا أَوْ لَا فَمِيقَاتُهُ لِلْحَجِّ مَكَّةُ، وَيُنْدَبُ لَهُ أَنْ يُحْرِمَ مِنْ جَوْفِ الْمَسْجِدِ وَمِيقَاتُهُ لِلْعُمْرَةِ وَلِلْقِرَانِ الْحِلُّ لِأَنَّ كُلَّ إحْرَامٍ لَا بُدَّ فِيهِ مِنْ الْجَمْعِ بَيْنَ الْحِلِّ وَالْحَرَمِ،

ــ

[حاشية العدوي]

تَنْبِيهٌ:

قَصَدَ بِقَوْلِهِ وَالْقُوَّةُ عَلَى الْوُصُولِ أَيْ عَلَى الْوَجْهِ الْمُعْتَادِ احْتِرَازًا مِمَّنْ قَدَرَ عَلَيْهِ بِنَحْوِ طَيَرَانٍ فَإِنَّهُ لَا يَجِبُ عَلَيْهِ الْحَجُّ، وَإِنْ كَانَ يَسْقُطُ عَنْهُ إنْ فَعَلَهُ.

[قَوْلُهُ: وَمِثْلُهُ الشَّيْخُ الْكَبِيرُ] أَيْ مِثْلُ الْأَعْمَى أَيْ الشَّيْخُ الْكَبِيرُ الَّذِي لَا يَهْتَدِي إلَّا بِقَائِدٍ مِثْلُ الْأَعْمَى فِيمَا ذَكَرَ.

[قَوْلُهُ: فَإِنْ حَصَلَ لَهُمَا مَشَقَّةٌ غَيْرُ مُعْتَادَةٍ] هِيَ مَعْنَى الْفَادِحَةِ. [قَوْلُهُ: مَعَ صِحَّةِ الْبَدَنِ] قَالَ تت: قِيلَ هُوَ دَاخِلٌ فِي قَوْلِهِ وَالْقُوَّةُ عَلَى الْوُصُولِ.

وَقَالَ بَعْضُهُمْ: هُوَ شَرْطٌ رَابِعٌ، فَالْمَرِيضُ لَا يَجِبُ عَلَيْهِ الْحَجُّ وَلَوْ وَجَدَ مَا يَرْكَبُ بِهِ انْتَهَى. وَكَلَامُ شَارِحِنَا مُنَزَّلٌ عَلَى الْقَوْلِ الثَّانِي فِي كَلَامِ تت.

[فَرَائِض الْحَجِّ وَسُنَنه وَفَضَائِله]

[قَوْلُهُ: ثُمَّ اعْلَمْ أَنَّ لِلْحَجِّ فَرَائِضَ] أَرَادَ بِهَا مَا يَشْمَلُ الْوَاجِبَ لِمَا تَقَدَّمَ.

[قَوْلُهُ: فَنَقُولُ مِنْ الْفَرَائِضِ الْإِحْرَامُ] فَرَائِضُهُ الَّتِي لَا تَنْجَبِرُ بِالدَّمِ أَرْبَعَةٌ إحْرَامٌ وَوُقُوفٌ بِعَرَفَةَ وَطَوَافُ الْإِفَاضَةِ وَسَعْيٌ بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ. [قَوْلُهُ: وَذُو الْحِجَّةِ بِتَمَامِهِ عَلَى الْمَشْهُورِ] وَقِيلَ: الْعَشْرُ الْأُوَلُ مِنْهُ، وَفَائِدَةُ الْخِلَافِ تَظْهَرُ فِي تَأْخِيرِ طَوَافِ الْإِفَاضَةِ فَعَلَى الْمَشْهُورِ لَا يَلْزَمُهُ دَمٌ إلَّا بِتَأْخِيرِهِ لِلْمُحْرِمِ، وَعَلَى مُقَابِلِهِ إذَا أَخَّرَهُ إلَى حَادِي عَشَرِهِ إذَا تَقَرَّرَ ذَلِكَ تَعْلَمُ أَنَّ هَذَا الزَّمَنَ الْمُحَدَّدَ بِمَا ذُكِرَ وَقْتٌ لِلْحَجِّ تَحَلُّلًا وَإِحْرَامًا لَا إحْرَامًا فَقَطْ كَمَا هُوَ ظَاهِرُ لَفْظِهِ. [قَوْلُهُ: كُرِهَ وَانْعَقَدَ إحْرَامُهُ عَلَى الْمَشْهُورِ] وَحَكَى اللَّخْمِيُّ قَوْلًا أَنَّهُ لَا يَنْعَقِدُ، وَلَمْ يَعْزُهُ بِنَاءً عَلَى أَنَّهُ أَوْلَى أَوْ وَاجِبٌ. [قَوْلُهُ: فَإِنْ أَحْرَمَ قَبْلَهُ كُرِهَ] أَيْ وَيَصِحُّ. [قَوْلُهُ: وَالْمُسْتَحَبُّ أَنْ يُحْرِمَ مِنْ أَوَّلِهِ] أَيْ أَنَّهُ يُنْدَبُ لِمَرِيدِ الْإِحْرَامِ مِنْ أَيِّ مِيقَاتٍ أَنْ يُحْرِمَ مِنْ أَوَّلِهِ وَلَا يُؤَخِّرُهُ لِآخِرِهِ لِأَنَّ الْمُبَادَرَةَ لِلطَّاعَةِ أَوْلَى لَكِنْ يُسْتَثْنَى ذُو الْحُلَيْفَةِ فَإِنَّ الْأَفْضَلَ الْإِحْرَامُ مِنْ مَسْجِدِهَا أَوْ فِنَائِهِ لَا مِنْ أَوَّلِهِ بِخِلَافِ غَيْرِهِ اهـ.

[قَوْلُهُ: سَوَاءٌ كَانَ مِنْ أَهْلِهَا أَوْ لَا] إلَّا أَنَّ غَيْرَ أَهْلِهَا الَّذِينَ هُمْ أَهْلُ الْآفَاقِ يُسْتَحَبُّ لَهُمْ أَنْ يَخْرُجُوا إلَى مِيقَاتِهِمْ لِيُحْرِمُوا مِنْهُ حَيْثُ كَانُوا فِي سَعَةٍ مِنْ الْوَقْتِ.

وَحَاصِلُ فِقْهِ الْمَسْأَلَةِ أَنَّ مَنْ كَانَ مُقِيمًا بِمَكَّةَ مِنْ أَهْلِهَا أَوْ آفَاقِيًّا مُقِيمًا بِهَا لَيْسَ عَلَيْهِ سَعَةٌ مِنْ الْوَقْتِ، أَوْ كَانَ مَنْزِلُهُ بِالْحَرَمِ كَأَهْلِ مِنًى وَمُزْدَلِفَةَ أَوْ كَانَ مُقِيمًا بِتِلْكَ الْبِلَادِ مِنْ أَهْلِ الْآفَاقِ فَإِنَّهُ يُنْدَبُ لَهُمْ أَنْ يُحْرِمُوا مِنْ مَكَّةَ، وَإِنْ تَرَكُوهَا وَأَحْرَمُوا مِنْ الْحَرَمِ أَوْ الْحِلِّ فَخِلَافُ الْأُولَى وَلَا إثْمَ فَلَا يَجِبُ الْإِحْرَامُ مِنْ مَكَّةَ. [قَوْلُهُ: وَيُنْدَبُ لَهُ أَنْ يُحْرِمَ مِنْ جَوْفِ الْمَسْجِدِ] قَالَ بَعْضٌ: وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْمُرَادَ بِجَوْفِهِ مَا قَابَلَ الْبَابَ بِدَلِيلِ الْقَوْلِ الثَّانِي أَنَّهُ يُحْرِمُ مِنْ بَابِهِ، وَعَلَى الْأَوَّلِ فَيُحْرِمُ مِنْ مَوْضِعِ صَلَاتِهِ وَيُلَبِّي وَهُوَ جَالِسٌ فِي مَوْضِعِهِ، وَلَا يَلْزَمُهُ أَنْ يَقُومَ مِنْ مُصَلَّاهُ وَلَا أَنْ يَتَقَدَّمَ إلَى جِهَةِ الْبَيْتِ أَيْ كَمَا يَقُولُهُ الشَّافِعِيُّ.

[قَوْلُهُ: وَمِيقَاتُهُ لِلْعُمْرَةِ وَلِلْقِرَانِ الْحِلُّ] أَيْ أَنَّ الْعُمْرَةَ لَا يُحْرِمُ بِهَا الْمَكِّيُّ وَالْمُقِيمُ بِهَا إلَّا مِنْ الْحِلِّ وَلَا يَجُوزُ الْإِحْرَامُ مِنْ الْحَرَمِ، وَلَكِنْ يَنْعَقِدُ إنْ وَقَعَ وَلَا دَمَ عَلَيْهِ، وَالْمُرَادُ بِالْحِلِّ مَا جَاوَزَ الْحَرَمَ وَمِثْلُ الْعُمْرَةِ الْقِرَانُ لِأَنَّهُ لَوْ أَحْرَمَ بِالْقِرَانِ مِنْ مَكَّةَ لَمْ يَجْتَمِعْ فِي إحْرَامِهِ بَيْنَ الْحِلِّ وَالْحَرَمِ بِالنِّسْبَةِ لِلْعُمْرَةِ لِأَنَّ خُرُوجَهُ لِعَرَفَةَ إنَّمَا هُوَ لِلْحَجِّ فَقَطْ بِخِلَافِ إحْرَامِهِ لِلْحَجِّ مِنْ مَكَّةَ فَإِنَّهُ يَخْرُجُ إلَى عَرَفَةَ وَهِيَ فِي الْحِلِّ، فَقَدْ

<<  <  ج: ص:  >  >>