للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَجَدَهُمَا مَقْطُوعَيْنِ لَمْ يَشْتَرِهِمَا كَذَلِكَ وَيَلْبَسُهُمَا، وَقِيلَ: يَجُوزُ لَهُ شِرَاؤُهُمَا كَذَلِكَ وَيَلْبَسُهُمَا

ثُمَّ انْتَقَلَ يُبَيِّنُ الْفَاضِلَ وَالْمَفْضُولَ مِنْ أَوْجُهِ الْإِحْرَامِ الثَّلَاثَةِ الْمُسْتَلْزِمِ لَهَا فَقَالَ: (وَالْإِفْرَادُ) وَهُوَ أَنْ يُحْرِمَ (بِالْحَجِّ) فَقَطْ (أَفْضَلُ عِنْدَنَا) أَيْ الْمَالِكِيَّةِ (مِنْ التَّمَتُّعِ وَمِنْ الْقِرَانِ) وَسَيَذْكُرُ تَعْرِيفَهُمَا، وَظَاهِرُ كَلَامِهِ أَنَّ التَّمَتُّعَ أَفْضَلُ مِنْ الْقِرَانِ حَيْثُ قَدَّمَ التَّمَتُّعَ، وَالْمَشْهُورُ أَنَّ الْقِرَانَ أَفْضَلُ وَإِنَّمَا كَانَ الْإِفْرَادُ أَفْضَلَ مِنْهُمَا لِمَا فِي الصَّحِيحَيْنِ أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَفْرَدَ، وَاتَّصَلَ عَمَلُ الْخُلَفَاءِ وَالْأَئِمَّةِ بِذَلِكَ، وَلِأَنَّ الْإِفْرَادَ لَا يَحْتَاجُ إلَى جُبْرَانٍ بِهَدْيٍ بِخِلَافِ الْأَخِيرَيْنِ فَإِنَّهُمَا يَحْتَاجَانِ إلَيْهِ

وَأَشَارَ إلَيْهِ بِقَوْلِهِ: (فَمَنْ قَرَنَ) بِفَتْحِ الرَّاءِ (أَوْ تَمَتَّعَ مِنْ غَيْرِ أَهْلِ مَكَّةَ فَعَلَيْهِ هَدْيٌ) مَفْهُومُهُ أَنَّ أَهْلَ مَكَّةَ لَا هَدْيَ عَلَيْهِمْ وَهُوَ كَذَلِكَ، وَسَيُصَرِّحُ بِهِ وَالْمُرَادُ بِهِمْ مَنْ كَانَ حَاضِرًا بِهَا أَوْ بِذِي طَوًى وَقْتَ فِعْلِ النُّسُكَيْنِ، وَلِوُجُوبِ الدَّمِ عَلَى الْقَارِنِ شَرْطَانِ: أَنْ لَا يَكُونَ مِنْ الْحَاضِرِينَ وَأَنْ يَحُجَّ مِنْ عَامِهِ. وَشُرُوطُ وُجُوبِ دَمِ التَّمَتُّعِ تَأْتِي

ثُمَّ بَيَّنَ مَحَلَّ نَحْرِ الْهَدْيِ وَذَبْحِهِ بِقَوْلِهِ: (يَذْبَحُهُ) أَيْ الْهَدْيَ إنْ كَانَ مِمَّا يُذْبَحُ (أَوْ يَنْحَرَهُ) إنْ كَانَ مِمَّا يُنْحَرُ (بِمِنًى) أَيْ فِي مِنًى نَهَارًا بَعْدَ

ــ

[حاشية العدوي]

عِنْدَهُ. [قَوْلُهُ: وَقِيلَ يَجُوزُ لَهُ شِرَاؤُهُمَا إلَخْ] وَهَذَا الْقَوْلُ هُوَ الرَّاجِحُ كَمَا يُفِيدُهُ عج وَقَرَّرَهُ بَعْضُهُمْ.

[الْفَاضِلَ وَالْمَفْضُولَ مِنْ أَوْجُهِ الْإِحْرَامِ الثَّلَاثَةِ]

[قَوْلُهُ: الْمُسْتَلْزِمُ لَهَا] ظَاهِرُهُ أَنَّ الْإِحْرَامَ الَّذِي هُوَ كُلِّيٌّ مُسْتَلْزِمٌ لِكُلِّ فَرْدٍ مِنْ أَفْرَادِهِ الْمَذْكُورَةِ مَعَ أَنَّ الْكُلِّيَّ لَا يَسْتَلْزِمُ وُجُودُهُ وُجُودَ فَرْدٍ مِنْ أَفْرَادِهِ فَمُرَادُهُ الْمُسْتَلْزِمُ لِمَجْمُوعِهَا، أَيْ بَعْضِهَا [قَوْلُهُ: وَهُوَ أَنْ يُحْرِمَ بِالْحَجِّ فَقَطْ] أَيْ ثُمَّ إذَا فَرَغَ يُسَنُّ لَهُ أَنْ يُحْرِمَ بِعُمْرَةٍ وَإِنْ شَاءَ أَخَّرَ الْعُمْرَةَ لِأَنَّ الْإِفْرَادَ لَا يَتَوَقَّفُ عَلَى عُمْرَةٍ لَا قَبْلَهُ وَلَا بَعْدَهُ. [قَوْلُهُ: أَيْ الْمَالِكِيَّةُ] إشَارَةٌ إلَى أَنَّ هَذَا لَيْسَ مُجْمَعًا عَلَيْهِ فَقَدْ قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ الْقِرَانُ أَفْضَلُ ثُمَّ التَّمَتُّعُ ثُمَّ الْإِفْرَادُ وَقَالَ الشَّافِعِيُّ فِي أَحَدِ قَوْلَيْهِ الْأَفْضَلُ الْإِفْرَادُ ثُمَّ التَّمَتُّعُ ثُمَّ الْقِرَانُ وَعِنْدَ مَالِكٍ وَالشَّافِعِيِّ فِي قَوْلٍ آخَرَ أَنَّ التَّمَتُّعَ أَفْضَلُ.

وَقَالَ أَحْمَدُ: الْأَفْضَلُ التَّمَتُّعُ ثُمَّ الْإِفْرَادُ ثُمَّ الْقِرَانُ. [قَوْلُهُ: وَسَيَذْكُرُ تَعْرِيفَهُمَا] فَإِنْ قُلْت يُرَدُّ حِينَئِذٍ أَنَّ فِيهِ تَقْدِيمَ التَّصْدِيقِ عَلَى التَّصَوُّرِ وَالْجَوَابُ أَنَّهُ مِنْ بَابِ تَقْدِيمِ الْحُكْمِ عَلَى التَّصْوِيبِ لَا عَلَى التَّصَوُّرِ فَإِنْ قُلْت إنَّ الْمُصَنِّفَ لَمْ يَعْرِفْ الْإِفْرَادَ فَأَيُّ فَرْقٍ بَيْنَهُ وَبَيْنَ التَّمَتُّعِ وَالْقِرَانِ حَيْثُ ذَكَرَ تَعْرِيفَهُمَا بَعْدُ قُلْت إنَّ الْإِفْرَادَ لَيْسَ فِيهِ غُمُوضٌ بِخِلَافِهِمَا.

[قَوْلُهُ: وَالْمَشْهُورُ أَنَّ الْقِرَانَ أَفْضَلُ] لِأَنَّهُ فِي عَمَلِهِ كَالْمُفْرِدِ وَالْمُفْرِدُ أَفْضَلُ فَمَا قَارَبَ فِعْلَهُ كَانَ أَفْضَلَ. [قَوْلُهُ: «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَفْرَدَ] أَيْ فِي حَجَّةِ الْوَدَاعِ» . [قَوْلُهُ: وَاتَّصَلَ عَمَلُ الْخُلَفَاءِ] أَيْ فَقَدْ أَفْرَدَ الصِّدِّيقُ فِي السَّنَةِ الثَّانِيَةِ وَعُمَرُ بَعْدَهُ عَشْرَ سِنِينَ وَعُثْمَانُ اثْنَتَيْ عَشْرَةَ سَنَةً وَمَا جَاءَ مِنْ أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَرَنَ أَوْ تَمَتَّعَ فَأَجَابَ عَنْهُ الْإِمَامُ بِحَمْلِهِ عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ أَمَرَ بَعْضَ أَصْحَابِهِ بِالْقِرَانِ، وَأَمَرَ بَعْضًا بِالتَّمَتُّعِ فَنُسِبَ ذَلِكَ إلَيْهِ عَلَى طَرِيقِ الْمَجَازِ [قَوْلُهُ: وَالْأَئِمَّةُ إلَخْ] عَطْفُ عَامٍّ عَلَى خَاصٍّ، أَيْ أَئِمَّةُ الدِّينِ عِبَارَةُ بَهْرَامَ وَاتَّصَلَ الْعَمَلُ بِالْمَدِينَةِ مِنْ الْأَئِمَّةِ وَالْوُلَاةِ وَمِنْ عُلَمَائِهِمْ وَعَامَّتِهِمْ اهـ

[قَوْلُهُ: وَقْتَ فِعْلِ النُّسُكَيْنِ] أَيْ وَقْتَ الْإِحْرَامِ بِهِمَا أَيْ وَإِنْ كَانَ غَيْرَ مُقِيمٍ وَقْتَ الْإِحْرَامِ بِهِمَا أَوْ بِأَحَدِهِمَا فَعَلَيْهِ الدَّمُ وَلَا شَكَّ أَنَّ الْإِحْرَامَ بِالْعُمْرَةِ قَدْ يَكُونُ مُقَدَّمًا عَلَى الْإِحْرَامِ بِالْحَجِّ، وَذَلِكَ فِي التَّمَتُّعِ دَائِمًا وَفِي الْقِرَانِ فِي بَعْضِ صُوَرِهِ وَقَدْ يَكُونُ الْإِحْرَامُ بِهَا مُقَارِنًا لِلْإِحْرَامِ بِالْحَجِّ وَذَلِكَ فِي بَعْضِ صُوَرِ الْقِرَانِ، وَمَنْ خَرَجَ مِنْ أَهْلِ مَكَّةَ أَوْ غَيْرِهِمْ مِمَّنْ اسْتَوْطَنَهَا قَبْلَ ذَلِكَ بِأَهْلِهِ أَوْ بِغَيْرِهِمْ لِحَاجَةٍ مِنْ غَزْوٍ أَوْ تِجَارَةٍ أَوْ أَمْرٍ عَرَضَ لَهُ سَوَاءٌ طَالَتْ إقَامَتُهُ بِغَيْرِهَا أَمْ قَصُرَتْ، ثُمَّ قَدِمَ مَكَّةَ بِعُمْرَةٍ فِي أَشْهُرِ الْحَجِّ، فَإِنَّهُ لَا يَكُونُ مُتَمَتِّعًا وَلَا دَمَ عَلَيْهِ، وَأَمَّا إذَا انْقَطَعَ بِغَيْرِهَا وَرَفَضَ سُكْنَاهَا، فَإِنَّهُ يَلْزَمُهُ دَمُ الْقِرَانِ وَالْمُتْعَةِ، إذَا قَدِمَ إلَيْهَا قَارِنًا أَوْ مُعْتَمِرًا كَمَنْ قَدِمَ بِهَا يَنْوِي الْإِقَامَةَ. [قَوْلُهُ: أَنْ لَا يَكُونَ مِنْ الْحَاضِرِينَ] أَيْ بِمَكَّةَ أَوْ بِذِي طُوًى وَهُوَ الْمَعْرُوفُ الْآنَ بِالْحَجُونِ وَلَا يَخْفَى أَنَّ هَذَا الشَّرْطَ عُلِمَ مِمَّا تَقَدَّمَ. [قَوْلُهُ: وَأَنْ يَحُجَّ مِنْ عَامِهِ] احْتَرَزَ بِهِ عَمَّا لَوْ فَاتَهُ الْحَجُّ فَإِنَّهُ يَتَحَلَّلُ بِعُمْرَةٍ وَلَا دَمَ عَلَيْهِ، فَإِنْ تَرَكَ الْأَوْلَى فِي حَقِّهِ وَاسْتَمَرَّ عَلَى إحْرَامِهِ لَمْ يَسْقُطْ عَنْهُ

[مَحَلَّ نَحْرِ الْهَدْيِ وَذَبْحِهِ]

[قَوْلُهُ: بَعْدَ الْفَجْرِ] لَمَّا كَانَ قَوْلُهُ نَهَارًا صَادِقًا بِأَنْ يَكُونَ بَعْدَ الشَّمْسِ فَلَا

<<  <  ج: ص:  >  >>