للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَقْتِ يُحْرِمُ) أَيْ ابْتِدَاءُ صِيَامِ الْأَيَّامِ الثَّلَاثَةِ الَّتِي فِي الْحَجِّ مِنْ وَقْتِ يُحْرِمُ (إلَى) آخِرِ (يَوْمِ عَرَفَةَ) فَيَكُونُ يَوْمُ عَرَفَةَ يَوْمًا مَصُومًا وَلَيْسَ هَذَا مُعَارِضًا لِقَوْلِهِ فِي آخِرِ الْكِتَابِ، وَصَوْمُ عَرَفَةَ لِغَيْرِ الْحَاجِّ أَفْضَلُ مِنْهُ لِلْحَاجِّ لِأَنَّ مَا هُنَا فِي الصِّيَامِ الْوَاجِبِ، وَمَا هُنَاكَ فِي صَوْمِ التَّطَوُّعِ

(فَإِذَا فَاتَهُ ذَلِكَ) أَيْ صَوْمُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ فِي الْحَجِّ (صَامَ أَيَّامَ مِنًى) وَلَا إثْمَ عَلَيْهِ إنْ أَخَّرَ الصَّوْمَ إلَيْهَا لِعُذْرٍ، أَمَّا إنْ أَخَّرَهُ لِغَيْرِ عُذْرٍ فَإِنَّهُ يَأْثَمُ مَعَ الْإِجْزَاءِ، وَانْظُرْ مَا قَالَ هُنَا أَنَّ الْقَارِنَ وَالْمُتَمَتِّعَ يَصُومُ أَيَّامَ مِنًى مَعَ قَوْلِهِ فِي الصِّيَامِ أَنَّهُ لَا يَصُومُهَا إلَّا الْمُتَمَتِّعُ أَجَابَ ع: بِأَنَّ مَا قَالَ هُنَا يَجْرِي عَلَى قَوْلٍ (وَ) بَعْدَ فَرَاغِهِ مِنْ صِيَامِ الْأَيَّامِ الثَّلَاثَةِ سَوَاءٌ صَامَهَا فِي الْحَجِّ أَوْ فِي مِنًى فَإِنَّهُ يَصُومُ (سَبْعَةً) أَيْ سَبْعَةَ أَيَّامٍ (إذَا رَجَعَ) مِنْ مِنًى إلَى مَكَّةَ سَوَاءٌ أَقَامَ بِمَكَّةَ أَوْ لَا، فَإِنْ أَخَّرَهَا صَامَ مَتَى شَاءَ وَالتَّتَابُعُ فِي الْعَشَرَةِ لَيْسَ بِلَازِمٍ وَإِنَّمَا هُوَ مُسْتَحَبٌّ عَلَى الْمَشْهُورِ.

ثُمَّ انْتَقَلَ يُبَيِّنُ حَقِيقَةَ التَّمَتُّعِ وَالْقِرَانِ وَبَدَأَ بِالتَّمَتُّعِ وَلَهُ شُرُوطٌ سَبْعَةٌ أُخِذَتْ مِنْ كَلَامِهِ، أَحَدُهَا: أَنْ يُقَدِّمَ الْعُمْرَةَ عَلَى الْحَجِّ وَإِلَيْهِ أَشَارَ بِقَوْلِهِ: (وَصِفَةُ التَّمَتُّعِ أَنْ يُحْرِمَ بِعُمْرَةٍ) أَوَّلًا. ثَانِيهَا: أَنْ يَحِلَّ مِنْ عُمْرَتِهِ قَبْلَ الْإِحْرَامِ بِالْحَجِّ وَإِلَيْهِ أَشَارَ بِقَوْلِهِ: (ثُمَّ يَحِلُّ مِنْهَا) ثَالِثُهَا: أَنْ تَحْصُلَ الْعُمْرَةُ (فِي أَشْهُرِ الْحَجِّ) وَلَا يُشْتَرَطُ إيقَاعُ جَمِيعِهَا فِي أَشْهُرِ الْحَجِّ بَلْ لَوْ أَحْرَمَ بِهَا فِي رَمَضَانَ وَأَكْمَلَهَا فِي لَيْلَةِ شَوَّالٍ كَانَ مُتَمَتِّعًا، وَالْمُعْتَبَرُ فِي الْبَعْضِ الَّذِي أَوْقَعَهُ فِي أَشْهُرِ الْحَجِّ أَنْ يَكُونَ رُكْنًا فَلَوْ لَمْ يَبْقَ عَلَيْهِ إلَّا الْحَلْقُ وَأَوْقَعَهُ فِي أَشْهُرِ الْحَجِّ لَا يَكُونُ مُتَمَتِّعًا. رَابِعُهَا: أَنْ تَكُونَ

ــ

[حاشية العدوي]

لِلشَّارِعِ أَوْ الْإِمَامِ مَالِكٍ. [قَوْلُهُ: وَالتِّلَاوَةُ إلَخْ] إنْ كَانَ قَصْدُهُ مُجَرَّدَ بَيَانِ التِّلَاوَةِ فَظَاهِرٌ وَإِنْ كَانَ قَصْدُهُ الِاعْتِرَاضَ عَلَى الْمُصَنِّفِ فَغَيْرُ ظَاهِرٍ، لِأَنَّ قَوْلَهُ يَعْنِي أَيْ اللَّهُ بِقَوْلِهِ فَصِيَامُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ مِنْ وَقْتِ يُحْرِمُ وَلَا دَخْلَ لِصَدْرِهَا وَهُوَ فَمَنْ لَمْ يَجِدْ [قَوْلُهُ: مِنْ وَقْتِ يُحْرِمُ إلَخْ] الْمَعْنَى أَنَّ النَّقْصَ الْمُوجِبَ لِلْهَدْيِ إنْ كَانَ سَابِقًا عَلَى الْوُقُوفِ بِعَرَفَةَ، فَإِنَّهُ يَدْخُلُ زَمَنُ صَوْمِ الثَّلَاثَةِ مِنْ إحْرَامِهِ وَيَمْتَدُّ إلَى يَوْمِ عَرَفَةَ لِأَنَّهُ لَهُ صَوْمُهُ أَيْ كَتَعَدِّي الْمِيقَاتِ وَتَمَتُّعٍ وَقِرَانٍ وَتَرْكِ طَوَافِ قُدُومٍ وَمَفْهُومُ قَوْلِنَا سَابِقًا عَلَى الْوُقُوفِ، أَنَّ النَّقْصَ إنْ تَأَخَّرَ عَنْ الْوُقُوفِ كَتَرْكِ النُّزُولِيِّ بِالْمُزْدَلِفَةِ أَوْ تَرْكِ رَمْيٍ أَوْ حَلْقٍ أَوْ كَانَ وَقْتُهُ كَلُزُومِ الْهَدْيِ لِلْمَارِّ بِعَرَفَةَ النَّاوِي لِلْحَجِّ أَوَاخِرَ الثَّلَاثَةِ حَتَّى فَاتَتْ أَيَّامُ التَّشْرِيقِ، فَإِنَّهُ يَصُومُهَا مَعَ السَّبْعَةِ مَتَى شَاءَ.

[قَوْلُهُ: فَيَكُونُ يَوْمُ عَرَفَةَ يَوْمًا مَصُومًا] يُفْهَمُ مِنْهُ أَنَّ إلَى فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ بِمَعْنَى مَعَ

[قَوْلُهُ: صَامَ أَيَّامَ مِنًى] أَيْ وُجُوبًا كَمَا فِي عِبَارَةِ ابْنِ رُشْدٍ. [قَوْلُهُ: وَلَا إثْمَ إلَخْ] وَقَدْ وَقَعَ تَرَدُّدٌ فِي صَوْمِهَا هَلْ هُوَ قَضَاءٌ أَوْ أَدَاءٌ وَلَا مُنَافَاةَ، بَيْنَ مَنْعِ تَأْخِيرِهَا لَهَا وَبَيْنَ كَوْنِهَا أَدَاءً كَمَا تَقَدَّمَ نَظِيرُهُ فِي الصَّلَاةِ فِي قَوْلِنَا وَأَثِمَ إلَّا لِعُذْرٍ. [قَوْلُهُ: أَجَابَ ابْنُ عُمَرَ إلَخْ] أَيْ وَالرَّاجِحُ مَا هُنَا وَالْأَحْسَنُ أَنْ يُقَالَ إنَّ قَوْلَهُ فِيمَا تَقَدَّمَ إلَّا الْمُتَمَتِّعُ أَيْ أَوْ مَا فِي حُكْمِهِ كَالْقَارِنِ لِأَنَّهُ شَقِيقُهُ.

[قَوْلُهُ: إذَا رَجَعَ مِنْ مِنًى إلَى مَكَّةَ] الْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ الْمُرَادُ بِالرُّجُوعِ مِنْ مِنًى الْفَرَاغُ مِنْ الرَّمْيِ لِيَشْمَلَ أَهْلَ مِنًى، أَوْ مَنْ أَقَامَ بِهَا وَيُنْدَبُ لَهُ أَنْ يُؤَخِّرَ صَوْمَ السَّبْعَةِ إلَى أَنْ يَرْجِعَ لِأَهْلِهِ لِلْخُرُوجِ مِنْ الْخِلَافِ، فِي مَعْنَى قَوْله تَعَالَى: {إِذَا رَجَعْتُمْ} [البقرة: ١٩٦] هَلْ لِلْأَهْلِ كَمَا يَقُولُ الْمُخَالِفُ أَوْ لِمَكَّةَ كَمَا يَقُولُهُ مَالِكٌ، فَإِنْ اسْتَوْطَنَ مَكَّةَ صَامَ بِهَا، وَلَا تُجْزِئُ السَّبْعَةُ وَلَا شَيْءٌ مِنْهَا إنْ قُدِّمَتْ عَلَى وُقُوفِهِ، أَيْ إذَا قَدَّمَ السَّبْعَةَ عَلَى وُقُوفِهِ وَنِيَّتُهُ أَنْ يَصُومَ الثَّلَاثَةَ بَعْدَهُ فَلَا يُحْتَسَبُ مِنْ السَّبْعَةِ بِثَلَاثَةٍ، وَأَمَّا إنْ صَامَ الْعَشَرَةَ بِتَمَامِهِ قَبْلَ الْوُقُوفِ فَقَالَ الْحَطَّابُ الظَّاهِرُ أَنَّهُ يَجْتَزِئُ مِنْهَا بِثَلَاثَةٍ. [قَوْلُهُ: وَالتَّتَابُعُ فِي الْعَشَرَةِ] أَيْ أَنَّ. التَّتَابُعَ فِي كُلٍّ مِنْ الثَّلَاثَةِ وَالسَّبْعَةِ لَيْسَ بِلَازِمٍ أَفَادَهُ عِبَارَةُ التَّحْقِيقِ وَمُقَابِلُ الْمَشْهُورِ مَا لِابْنِ حَارِثٍ مِنْ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ اتِّصَالِ الثَّلَاثَةِ بَعْضِهَا بِبَعْضٍ وَكَذَا السَّبْعَةِ

[حَقِيقَةَ التَّمَتُّعِ وَالْقِرَانِ]

[قَوْلُهُ: أَنْ يُحْرِمَ بِعُمْرَةٍ] أَيْ جِنْسِ الْعُمْرَةِ إذْ لَوْ تَكَرَّرَ مِنْهُ فِعْلُ الْعُمْرَةِ فِي أَشْهُرِ الْحَجِّ ثُمَّ حَجَّ مِنْ عَامِهِ فَهَدْيٌ وَاحِدٌ يَجْزِيهِ وَلَا فَرْقَ فِي الْعُمْرَةِ بَيْنَ الصَّحِيحَةِ وَالْفَاسِدَةِ، لِأَنَّ فِي الْمَوَّازِيَّةِ مَنْ

<<  <  ج: ص:  >  >>