للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْمَوَاضِعِ (فَيَتَصَدَّقُ بِهِ) عَلَيْهِمْ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِيهِ مَسَاكِينُ فَعَلَى مَسَاكِينِ أَقْرَبِ الْمَوَاضِعِ إلَيْهِ، فَإِنْ تَصَدَّقَ بِهِ عَلَى غَيْرِهِمْ لَمْ يُجْزِهِ وَإِذَا أَطْعَمَ فَلِكُلِّ مِسْكِينٍ مُدٌّ وَلَوْ أَعْطَى الْمَسَاكِينَ ثَمَنًا أَوْ عَرْضًا لَمْ يُجْزِهِ، وَالشَّيْءُ الْآخَرُ أَشَارَ إلَيْهِ بِقَوْلِهِ: (أَوْ عَدْلُ ذَلِكَ) أَيْ أَوْ يَخْتَارُ عَدْلَ طَعَامِ الْمَسَاكِينِ (صِيَامًا) وَصِفَةُ ذَلِكَ (أَنْ يَصُومَ عَنْ كُلِّ مُدٍّ يَوْمًا وَلِكَسْرِ الْمُدِّ يَوْمًا كَامِلًا) وَإِنَّمَا وَجَبَ فِي كَسْرِ الْمُدِّ يَوْمٌ لِأَنَّهُ لَا يُمْكِنُ إلْغَاؤُهُ وَلَا يَتَبَعَّضُ الصَّوْمُ فَلَمْ يَبْقَ إلَّا جَبْرُهُ بِالْكَمَالِ كَالْأَيْمَانِ فِي الْقَسَامَةِ.

فَائِدَةٌ:

ابْنُ الْعَرَبِيِّ: اخْتَلَفَ أَهْلُ اللُّغَةِ فِي الْعَدْلِ فِي الْآيَةِ فَقَالَ الْخَلِيلُ: عَدْلُ الشَّيْءِ بِالْفَتْحِ مِثْلُهُ وَلَيْسَ بِالنَّظِيرِ.

وَقَالَ الْفَرَّاءُ بِفَتْحِ الْعَيْنِ مَا عَدَلَ الشَّيْءَ مِنْ غَيْرِ جِنْسِهِ وَبِالْكَسْرِ الْمِثْلُ.

تَنْبِيهٌ: مَا ذَكَرَهُ مِنْ التَّخْيِيرِ بَيْنَ الْأَشْيَاءِ الثَّلَاثَةِ مَحَلُّهُ إذَا كَانَ الصَّيْدُ لَهُ مِثْلٌ أَمَّا إذَا لَمْ يَكُنْ لَهُ مِثْلٌ كَالْأَرْنَبِ وَالْعُصْفُورِ فَإِنَّهُ يُخَيَّرُ بَيْنَ شَيْئَيْنِ فَقَطْ الْإِطْعَامُ وَالصِّيَامُ

قَوْلُهُ: (وَالْعُمْرَةُ سُنَّةٌ مُؤَكَّدَةٌ مَرَّةٌ فِي الْعُمُرِ) مُفَسِّرٌ لِقَوْلِهِ فِي بَابِ جُمَلٍ سُنَّةٌ وَاجِبَةٌ أَيْ مُؤَكَّدَةٌ، وَلَهَا مِيقَاتَانِ مَكَانِيٌّ وَهُوَ مِيقَاتُ الْحَجِّ، وَزَمَانِيٌّ وَهُوَ جَمِيعُ أَيَّامِ السَّنَةِ، وَلَهَا أَرْكَانٌ ثَلَاثَةٌ الْإِحْرَامُ وَالطَّوَافُ وَالسَّعْيُ وَلَيْسَ الْحِلَاقُ رُكْنًا فِيهَا، وَصِفَةُ الْإِحْرَامِ بِهَا فِي اسْتِحْبَابِ الْغُسْلِ وَمَا يَلْبَسُهُ الْمُحْرِمُ وَمَا يَحْرُمُ عَلَيْهِ مِنْ اللِّبَاسِ وَالطِّيبِ وَالصَّيْدِ وَالتَّلْبِيَةِ، وَفَسَادِهَا بِالْجِمَاعِ وَمَا فِي مَعْنَاهُ إذَا وَقَعَ قَبْلَ انْقِضَاءِ

ــ

[حاشية العدوي]

بِهِ عَلَيْهِمْ] أَيْ عَلَى مَسَاكِينِ ذَلِكَ الْمَوْضِعِ.

[قَوْلُهُ: وَإِذَا أَطْعَمَ فَلِكُلِّ مِسْكِينٍ مُدٌّ] أَيْ لَا أَزْيَدَ وَيَنْبَغِي أَنَّ لَهُ نَزْعَ الزَّائِدِ إنْ بَيَّنَ. [قَوْلُهُ: وَلَوْ أَعْطَى الْمَسَاكِينَ ثَمَنًا أَوْ عَرْضًا لَمْ يُجْزِهِ] أَيْ وَيَرْجِعُ بِهِ إنْ كَانَ بَاقِيًا. [قَوْلُهُ: وَإِنَّمَا وَجَبَ فِي كَسْرِ الْمُدِّ] أَيْ وَيُنْدَبُ تَكْمِيلُ الْمُدِّ النَّاقِصِ. [قَوْلُهُ: كَالْأَيْمَانِ] حَاصِلُ مَسْأَلَةِ الْقَسَامَةِ، أَنَّ كَسْرَ الْيَمِينِ يَكْمُلُ عَلَى ذِي الْأَكْثَرِ مِنْ الْكُسُورِ، وَلَوْ أَقَلَّ نَصِيبًا مِنْ غَيْرِهِ كَأَنْ يَكُونَ الْوَرَثَةُ لِلْمَقْتُولِ ابْنًا وَبِنْتًا وَتَوَجَّهَتْ عَلَيْهِمَا أَيْمَانُ الْقَسَامَةِ الَّتِي هِيَ الْخَمْسُونَ يَمِينًا عَلَى الِابْنِ ثَلَاثَةٌ وَثَلَاثُونَ يَمِينًا وَثُلُثٌ، وَعَلَى الْبِنْتِ سِتَّةَ عَشَرَ وَثُلُثَانِ فَجُبِرَ الْكَسْرُ عَلَى الْبِنْتِ، فَلَوْ تَسَاوَى الْكَسْرُ كَثَلَاثَةِ بَنِينَ عَلَى كُلِّ سِتَّةٍ عَشْرٌ وَثُلُثَانِ فَيَكْمُلُ عَلَى كُلٍّ فَيَحْلِفُ كُلُّ سَبْعَةَ عَشَرَ تَتِمَّةٌ يُضْطَرُّ إلَيْهَا الْحَكَمَانِ إنَّمَا يَطْلُبَانِ بَعْدَ اخْتِيَارِ الْقَاتِلِ أَحَدَ الْأَنْوَاعِ الثَّلَاثَةِ فِيمَا فِيهِ ثَلَاثَةٌ، فَإِذَا اخْتَارَ أَحَدَهَا طُلِبَ لَهُ الْحَكَمَانِ لِيَجْتَهِدَا فِيهِ.

وَإِنْ رُوِيَ فِيهِ شَيْءٌ عَنْ الشَّارِعِ بِأَنْ يُقَالَ إنَّ هَذِهِ النَّعَامَةَ فِيهَا بَدَنَةٌ سَمِينَةٌ لِكَوْنِهَا سَمِينَةً وَهَكَذَا أَوْ إذَا أَرَادَ الِانْتِقَالَ عَمَّا حَكَمَا بِهِ فَلَهُ الِانْتِقَالُ وَلَوْ الْتَزَمَ خَرَاجَهُ، وَإِذَا اخْتَلَفَا فِيمَا وَقَعَ بِهِ الْحُكْمُ، فَإِنَّهُ يُعَادُ وَلَوْ مِنْ غَيْرِهِمَا كَمَا يُعَادُ إنْ تَبَيَّنَ خَطَؤُهُمَا كَأَنْ حَكَمَا فِيمَا فِيهِ بَدَنَةٌ بِشَاةٍ. [قَوْلُهُ: عَدْلُ الشَّيْءِ بِالْفَتْحِ مِثْلُهُ] أَيْ فَصِيَامُ عَشَرَةِ أَيَّامٍ مِثْلٌ لِعَشَرَةِ أَمْدَادٍ فَالْمُمَاثَلَةُ عَلَى كَلَامِهِ بَيْنَ شَيْئَيْنِ لَا تَقْتَضِي اتِّحَادَ الْجِنْسِ. [قَوْلُهُ: وَلَيْسَ بِالنَّظِيرِ] النَّظِيرُ الْمُسَاوِي كَمَا فِي الْمِصْبَاحِ أَيْ أَنَّ صِيَامَ الْعَشَرَةِ الْأَيَّامِ لَيْسَ مُسَاوِيًا لِلْعَشْرَةِ الْأَمْدَادِ لِاخْتِلَافِ الْجِنْسِ فَالْمُسَاوَاةُ عِنْدَهُ تَقْتَضِي اتِّحَادَ الْجِنْسِ. [قَوْلُهُ: مَا عَدْلُ الشَّيْءِ مِنْ غَيْرِ جِنْسِهِ] كَالْعَشَرَةِ الْأَيَّامِ فَإِنَّهَا عَدَلَتْ الْعَشَرَةَ الْأَمْدَادَ وَلَيْسَتْ مِنْ جِنْسِهَا وَقَوْلُهُ بِالْكَسْرِ الْمِثْلُ، أَيْ الَّذِي يَكُونُ مِنْ الْجِنْسِ فَالْحَاصِلُ أَنَّ الِاخْتِلَافَ بَيْنَهُمَا هَلْ الْمِثْلِيَّةُ لَا تَقْتَضِي اتِّحَادَ الْجِنْسِ وَهُوَ مَا ذَهَبَ إلَيْهِ الْخَلِيلُ أَوْ تَقْتَضِيهِ وَهُوَ مَا ذَهَبَ إلَيْهِ الْفَرَّاءُ وَالظَّاهِرُ مِنْ الْقُرْآنِ، مَا ذَهَبَ إلَيْهِ الْفَرَّاءُ فَتَدَبَّرْ.

. [قَوْلُهُ: الْإِطْعَامُ] أَيْ قِيمَتُهُ طَعَامًا.

[أَحْكَام الْعُمْرَةُ]

[قَوْلُهُ: وَالْعُمْرَةُ سُنَّةٌ] وَلَا يُنَافِيهِ قَوْله تَعَالَى: {وَأَتِمُّوا} [البقرة: ١٩٦] لِأَنَّ الْأَمْرَ بِالْإِتْمَامِ يَقْتَضِي الشُّرُوعَ فِي الْعِبَادَةِ وَبَعْدَ الشُّرُوعِ يَجِبُ الْإِتْمَامُ وَلَوْ كَانَتْ الْعِبَادَةُ مَنْدُوبَةً. [قَوْلُهُ: مَرَّةً] مَنْصُوبٌ عَلَى أَنَّهُ مَفْعُولٌ مُطْلَقٌ مُبَيِّنٌ لِلْعَدَدِ. [قَوْلُهُ: مُفَسِّرٌ] لَا يَظْهَرُ إلَّا لَوْ كَانَ قَوْلُ: سُنَّةٌ مُؤَكَّدَةٌ مُتَأَخِّرًا عَنْ قَوْلِهِ سُنَّةٌ وَاجِبَةٌ. [قَوْلُهُ: وَهُوَ مِيقَاتُ الْحَجِّ] أَيْ

<<  <  ج: ص:  >  >>