للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

إذَا نَيَّبَهُ.

وَأَمَّا الشَّيْءُ الثَّانِي مِمَّا يُصَادُ بِهِ فَأَشَارَ إلَيْهِ بِقَوْلِهِ: (وَكُلُّ مَا صِدْته بِسَهْمِك وَرُمْحِك) يَعْنِي وَبِكُلِّ مَا لَهُ حَدٌّ (فَكُلْهُ فَإِنْ أَدْرَكْت ذَكَاتَهُ فَذَكِّهِ وَإِنْ فَاتَ بِنَفْسِهِ فَكُلْهُ إذَا قَتَلَهُ سَهْمُك مَا لَمْ يَبِتْ عَنْك) لَا خُصُوصِيَّةَ لِلسَّهْمِ بِذَلِكَ فَقَدْ قَالَ فِي الْمُدَوَّنَةِ: إذَا بَاتَ عَنْهُ الصَّيْدُ ثُمَّ وَجَدَهُ مَنْفُوذَ الْمَقَاتِلِ فَإِنَّهُ لَا يُؤْكَلُ وَسَوَاءٌ فِي ذَلِكَ الْبَازُ وَالْكَلْبُ وَالسَّهْمُ (وَقِيلَ إنَّمَا ذَلِكَ) أَيْ عَدَمُ أَكْلِ مَا فَاتَ بِنَفْسِهِ (فِيمَا بَاتَ عَنْك مِمَّا قَتَلَهُ الْجَوَارِحُ وَأَمَّا السَّهْمُ يُوجَدُ فِي مَقَاتِلِهِ فَلَا بَأْسَ بِأَكْلِهِ) لَا بَأْسَ هُنَا بِمَعْنَى الْجَوَازِ وَهَذِهِ التَّفْرِقَةُ لِابْنِ الْمَوَّازِ. ثُمَّ أَشَارَ إلَى بَعْضِ الشُّرُوطِ الْمُتَقَدِّمَةِ فِي الصَّيْدِ بِقَوْلِهِ: (وَلَا تُؤْكَلُ الْإِنْسِيَّةُ بِمَا يُؤْكَلُ بِهِ الصَّيْدُ) ظَاهِرُهُ وَلَوْ نَدَّتْ وَالْتَحَقَتْ بِالْوَحْشِ بَقَرًا كَانَتْ أَوْ غَيْرَهَا وَهُوَ كَذَلِكَ فِي الْبَقَرِ عَلَى الْمَشْهُورِ وَفِي غَيْرِهَا عَلَى الْمَنْصُوصِ.

ثُمَّ انْتَقَلَ يَتَكَلَّمُ عَلَى الْعَقِيقَةِ فَقَالَ: (وَالْعَقِيقَةُ) أَصْلُهَا شَعْرُ الْمَوْلُودِ ثُمَّ تُوُسِّعَ فِي ذَلِكَ فَسُمِّيَتْ الذَّبِيحَةُ الَّتِي

ــ

[حاشية العدوي]

قَوْلُهُ: وَلَوْ لَمْ تَنْفُذْ مَقَاتِلُهُ] لَا يَخْفَى أَنَّ الْمَوْضُوعَ أَنَّهُ أَدْرَكَهُ قَبْلَ أَنْ تَنْفُذَ الْجَوَارِحُ مَقَاتِلَهُ فَالْمَعْنَى حِينَئِذٍ، وَأَمَّا إذَا لَمْ يُفَرِّطْ فَإِنَّهُ يُؤْكَلُ وَلَوْ لَمْ تَنْفُذْ الْمَقَاتِلُ بَعْدُ بَلْ يَكْفِي التَّنْيِيبُ [قَوْلُهُ: إذَا نَيَّبَهُ] أَيْ لَا بُدَّ مِنْ الْإِدْمَاءِ وَلَوْ فِي الْأُذُنِ مَعَ شَقِّ جَلْدٍ أَمْ لَا شَقِّ جِلْدٍ بِدُونِ إدْمَاءٍ فِي وَحْشِيٍّ صَحِيحٍ فَلَا يَكْفِي بِخِلَافِهِ فِي مَرِيضٍ فَيُؤْكَلُ.

[قَوْلُهُ: وَبِكُلِّ مَا لَهُ حَدٌّ] وَلَوْ غَيْرَ حَدِيدٍ وَقَتَلَهُ السَّهْمُ أَوْ الرُّمْحُ أَوْ جَرَحَهُ وَمَاتَ قَبْلَ قُدْرَتِهِ عَلَى ذَكَاتِهِ وَهَذَا مَا لَمْ يَكُنْ السَّهْمُ أَوْ الرُّمْحُ مَسْمُومًا لِأَنَّهُ إنْ كَانَ مَسْمُومًا لَا يَدْرِي هَلْ مَاتَ مِنْ السَّهْمِ مَثَلًا أَوْ السُّمِّ، فَإِنْ تَحَقَّقَ إنْفَاذُ مَقْتَلِهِ بِالسَّهْمِ قَبْلَ أَنْ يَسْرِيَ السُّمُّ فِيهِ أُكِلَ مَعَ الْكَرَاهَةِ أَوْ الْحُرْمَةِ لِخَوْفِ أَذَى السُّمِّ [قَوْلُهُ: فَكُلْهُ] حَيْثُ نَوَيْت وَسَمَّيْت عِنْدَ رَمْيِ السَّهْمِ أَوْ الرُّمْحِ، فَلَوْ أَدْرَكْته حَيًّا بَعْدَ إنْفَاذِ شَيْءٍ مِنْ مَقَاتِلِهِ نُدِبَ لَك تَذْكِيَتُهُ [قَوْلُهُ: بِذَلِكَ] أَيْ بِذَلِكَ الشَّرْطِ الَّذِي هُوَ قَوْلُهُ: مَا لَمْ يَبِتْ عَنْك وَحِينَئِذٍ فَالْأَوْلَى لِلْمُصَنِّفِ أَنْ يَحْذِفُ قَوْلَهُ إذَا قَتَلَهُ سَهْمُك [قَوْلُهُ: إذَا بَاتَ عَنْهُ] وَلَوْ بَعْضَ اللَّيْلِ وَلَوْ مَعَ الْجِدِّ فِي اتِّبَاعِهِ، وَسَبَبُ الْمَنْعِ أَنَّ اللَّيْلَ يَكْثُرُ فِيهِ الْهَوَامُّ بِخِلَافِ النَّهَارِ لِأَنَّ الصَّيْدَ يَمْنَعُ نَفْسَهُ فِيهِ، وَهَذَا يُفِيدُ أَنَّهُ لَوْ رَمَاهُ نَهَارًا وَغَابَ عَنْهُ يَوْمًا كَامِلًا وَوَجَدَهُ مَيِّتًا بِجُرْحِ السَّهْمِ أَنَّهُ يُؤْكَلُ وَهُوَ كَذَلِكَ حَيْثُ لَمْ يَتَرَاخَ فِي اتِّبَاعِهِ.

ثُمَّ مَا ذَكَرَ مِنْ حُرْمَةِ أَكْلِ مَا بَاتَ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ وَضَعَّفَ وَرَجَّحَ الْقَوْلَ بِأَكْلِهِ حَيْثُ وَجَدَهُ مَنْفُوذَ الْمَقْتَلِ، وَمَحَلُّ الْخِلَافِ مَا لَمْ يَرَ إنْفَاذَ السَّهْمِ أَوْ الْجَارِحِ مَقْتَلَهُ قَبْلَ الْبَيَاتِ: وَإِلَّا أُكِلَ اتِّفَاقًا [قَوْلُهُ: وَأَمَّا السَّهْمُ إلَخْ] وَوَجْهُ تَفْرِقَةِ ابْنِ الْمَوَّازِ أَنَّ السَّهْمَ إذَا وُجِدَ فِي مَقَاتِلِهِ وَقَدْ أَنْفَذَهَا يَغْلِبُ مَعَهُ الظَّنُّ بِأَنَّ الْمَوْتَ لِلصَّيْدِ مِنْ السَّهْمِ بِخِلَافِ الْجَارِحِ كَالْكَلْبِ يَجْرَحُ الصَّيْدَ وَيَبِيتُ عَنْ رَبِّهِ وَيُوجَدُ الصَّيْدُ مُنْفَصِلًا عَنْ الْجَارِحِ، وَهَذِهِ التَّفْرِقَةُ الَّتِي لِابْنِ الْمَوَّازِ ضَعِيفَةٌ وَالْمُعْتَمَدُ الْأَوَّلُ. [قَوْلُهُ: وَلَا تُؤْكَلُ الْإِنْسِيَّةُ إلَخْ] وَكَذَا الْحَيَوَانُ وَالْوَحْشِيُّ إذَا تَأَنَّسَ أَوْ صَارَ مَقْدُورًا عَلَيْهِ فَلَا يُؤْكَلُ إلَّا بِالذَّبْحِ.

تَنْبِيهٌ:

لَيْسَ مِنْ الْإِنْسِيِّ الَّذِي يُذْبَحُ نَحْوُ الْجَرَادِ بَلْ ذَكَاتُهُ عِنْدَ الْعَجْزِ عَنْهُ أَوْ الْقُدْرَةِ عَلَيْهِ مَا يُعَجِّلُ مَوْتَهُ، وَكَذَا سَائِرُ حَشَرَاتِ الْأَرْضِ ذَكَاتُهَا مَا يُعَجِّلُ مَوْتَهَا [قَوْلُهُ: وَهُوَ كَذَلِكَ فِي الْبَقَرِ عَلَى الْمَشْهُورِ] أَيْ خِلَافًا لِابْنِ حَبِيبٍ عِبَارَةُ التَّوْضِيحِ يَعْنِي إذَا نَدَبَ الْإِنْسِيَّةَ فَإِنْ كَانَتْ غَيْرَ بَقَرٍ لَمْ تُؤْكَلْ بِالْعَقْرِ اتِّفَاقًا وَكَذَا الْبَقَرُ عَلَى الْمَشْهُورِ خِلَافًا لِابْنِ حَبِيبٍ.

قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ: لِأَنَّ لِلْبَقَرِ أَصْلًا فِي التَّوَحُّشِ تَرْجِعُ إلَيْهِ أَيْ شَبَّهَهَا بِبَقَرِ الْوَحْشِ، وَرُدَّ بِأَنَّ الشَّاةَ لَهَا أَيْضًا أَصْلٌ وَهُوَ الظِّبَاءُ اهـ.

الْمُرَادُ مِنْهُ وَقَوْلُ الشَّارِحِ عَلَى الْمَنْصُوصِ يُؤْذِنُ بِالْخِلَافِ فَيُخَالِفُهُ قَوْلُ التَّوْضِيحِ لَمْ تُؤْكَلْ بِالْعَقْرِ اتِّفَاقًا.

[أَحْكَام الْعَقِيقَة]

[قَوْلُهُ: أَصْلُهَا شَعْرُ الْمَوْلُودِ] حَاصِلُهُ أَنَّ الْعَقِيقَةَ أُطْلِقَتْ شَرْعًا عَلَى الشَّاةِ الْمَذْبُوحَةِ مَنْقُولَةً مِنْ مَعْنَاهَا لُغَةً وَهُوَ شَعْرُ رَأْسِ الْمَوْلُودِ لِأَنَّهَا تُذْبَحُ عِنْدَ حَلْقِهِ، وَهِيَ فِي الْأَصْلِ فَعِيلَةٌ بِمَعْنَى مَفْعُولَةٌ مِنْ الْعَقِّ وَهُوَ الْقَطْعُ، وَلَا يَخْفَى وُجُودُهُ فِي

<<  <  ج: ص:  >  >>