للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وَصَدَاقٍ وَشَاهِدَيْ عَدْلٍ) أَمَّا الْوَلِيُّ فَيُشْتَرَطُ فِيهِ الْإِسْلَامُ وَالْحُرِّيَّةُ وَالْبُلُوغُ وَالْعَقْلُ وَالذُّكُورِيَّةُ وَلَا تُشْتَرَطُ الْعَدَالَةُ عَلَى الْمَشْهُورِ فِي صِحَّةِ الْعَقْدِ بَلْ فِي كَمَالِهِ وَلَا الرَّشِيدُ فَيَعْقِدُ السَّفِيهُ لِابْنَتَيْهِ بِإِذْنِ وَلِيِّهِ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ، وَهُوَ شَرْطُ صِحَّةٍ لَا يَصِحُّ الْعَقْدُ بِدُونِهِ لِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «لَا تُزَوِّجْ الْمَرْأَةُ الْمَرْأَةَ وَلَا الْمَرْأَةُ نَفْسَهَا فَإِنَّ الزَّانِيَةَ هِيَ الَّتِي تُزَوِّجُ نَفْسَهَا» . رَوَاهُ الدَّارَقُطْنِيُّ وَقَالَ حَسَنٌ صَحِيحٌ فَإِنْ وَقَعَ بِغَيْرِ وَلِيٍّ فُسِخَ قَبْلَ الْبِنَاءِ وَبَعْدَهُ، وَإِنْ وَلَدَتْ الْأَوْلَادَ، وَهَلْ الْفَسْخُ بِطَلَاقٍ أَوْ بِغَيْرِهِ رِوَايَتَانِ لِابْنِ الْقَاسِم وَابْنِ نَافِعٍ.

وَأَمَّا الصَّدَاقُ فَشَرْطُ صِحَّةٍ فِي الدُّخُولِ أَيْضًا لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَآتُوا النِّسَاءَ صَدُقَاتِهِنَّ نِحْلَةً} [النساء: ٤] وَأَمَّا الْإِشْهَادُ فَشَرْطُ صِحَّةٍ فِي الدُّخُولِ لَا فِي صِحَّةِ الْعَقْدِ وَيُشْتَرَطُ فِي شَاهِدَيْ النِّكَاحِ الْعَدَالَةُ؛ لِمَا رَوَاهُ ابْنُ حِبَّانَ فِي صَحِيحِهِ مِنْ قَوْلِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ -: «لَا نِكَاحَ إلَّا بِوَلِيٍّ وَشَاهِدَيْ عَدْلٍ

ــ

[حاشية العدوي]

الْمَفْرُوضُ، وَلَوْ حُكْمًا، وَقَدَّمَ الْكَلَامَ عَلَى الْوَلِيِّ اهْتِمَامًا بِهِ. وَقَوْلُهُ: وَصَدَاقٌ هُوَ الرُّكْنُ الثَّانِي، وَيَأْتِي لِلشَّارِحِ أَنْ يَذْكُرَ الصِّيغَةَ وَبَقِيَ الْمَحَلُّ وَهُوَ الزَّوْجُ وَالزَّوْجَةُ الْخَالِيَانِ مِنْ الْمَوَانِعِ الشَّرْعِيَّةِ كَالْإِحْرَامِ وَالْمَرَضِ وَالْعِدَّةِ بِالنِّسْبَةِ لِلْمَرْأَةِ، وَتَرَكَ الْمَحَلَّ لِوُضُوحِهِ؛ لِأَنَّ النِّكَاحَ لَا يَكُونُ إلَّا بَيْنَ الزَّوْجَيْنِ.

وَقَالَ فِي التَّحْقِيقِ، وَلَهُ شُرُوطُ كَمَالٍ، وَهُوَ الْإِشْهَادُ، وَقَدْ جَمَعَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ اثْنَيْنِ مِنْ شُرُوطِ الصِّحَّةِ [قَوْلُهُ: وَلَا نِكَاحَ إلَّا بِوَلِيٍّ] أَيْ، وَلَا عَقْدَ نِكَاحٍ إلَّا بِوَلِيٍّ وَهُوَ كَمَا قَالَ ابْنُ عَرَفَةَ مَنْ لَهُ عَلَى الْمَرْأَةِ مِلْكٌ أَوْ أُبُوَّةٌ أَوْ تَعْصِيبٌ أَوْ إيصَاءٌ أَوْ كَفَالَةٌ أَوْ سَلْطَنَةٌ أَوْ ذُو إسْلَامٍ [قَوْلُهُ: الْإِسْلَامُ] أَيْ إذَا كَانَتْ الزَّوْجَةُ مُسْلِمَةً، وَيُشْتَرَطُ أَيْضًا أَنْ يَكُونَ حَلَالًا؛ لِأَنَّ الْإِحْرَامَ مِنْ أَحَدِ الثَّلَاثَةِ يَمْنَعُ صِحَّةَ الْعَقْدِ [قَوْلُهُ: وَالْحُرِّيَّةُ] فَلَا يُزَوِّجُ الرَّقِيقُ ابْنَتَهُ أَوْ أَمَتَهُ [قَوْلُهُ: وَالْبُلُوغُ] فَلَا يُزَوِّجُ الصَّبِيُّ أُخْتَهُ أَوْ أَمَتَهُ [قَوْلُهُ: وَلَا تُشْتَرَطُ الْعَدَالَةُ عَلَى الْمَشْهُورِ] ، وَقِيلَ بِاشْتِرَاطِهَا [قَوْلُهُ: وَلَا الرُّشْدُ] فَيُنْدَبُ كَوْنُهُ رَشِيدًا فَيَعْقِدُ السَّفِيهُ ذُو الرَّأْيِ عَلَى ابْنَتِهِ بِإِذْنِ وَلِيِّهِ، فَلَوْ عَقَدَ بِغَيْرِ إذْنِ وَلِيِّهِ اُسْتُحْسِنَ إطْلَاعُهُ عَلَيْهِ؛ لِيَنْظُرَ فِيهِ، فَإِنْ لَمْ يَفْعَلْ مَضَى فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ وَلِيٌّ وَهُوَ ذُو رَأْيٍ جَازَ إنْكَاحُهُ أَيْضًا، وَسَوَاءٌ كَانَ مُجْبِرًا أَمْ لَا؛ لِأَنَّ سَفَهَهُ لَا يُخْرِجُهُ عَنْ كَوْنِهِ مُجْبِرًا، وَالْمُرَادُ بِذِي الرَّأْيِ أَنْ يَكُونَ لَهُ عَقْلٌ وَدِينٌ وَكَوْنُهُمَا لَهُ لَا يُنَافِي السَّفَهَ بِخِلَافِ ضَعِيفِ الرَّأْيِ يَعْقِدُ لِنَحْوِ ابْنَتِهِ: فَإِنَّهُ يُفْسَخُ عَقْدُهُ هَذَا كُلُّهُ فِي وَلِيِّ الْمَرْأَةِ.

وَأَمَّا وَكِيلُ الزَّوْجِ فِي الْعَقْدِ فَلَا يُشْتَرَطُ فِيهِ إلَّا التَّمْيِيزُ وَعَدَمُ الْإِحْرَامِ [قَوْلُهُ: عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ] أَيْ، وَأَمَّا عِنْدَ أَشْهَبَ فَيَتَوَلَّى الْعَقْدَ بِشَرْطَيْنِ: أَحَدُهُمَا أَنْ يَكُونَ مُهْمَلًا لَا وَصِيَّ عَلَيْهِ، وَلَا تَحْجِيرَ مِنْ قِبَلِ الْقَاضِي، الثَّانِي: أَنْ يَكُونَ لَهُ رَأْيٌ، وَأَمَّا عِنْدَ ابْنِ وَهْبٍ فَلَا وِلَايَةَ لَهُ أَصْلًا، وَيَتَوَلَّى الْعَقْدَ وَلِيُّهُ [قَوْلُهُ: وَهُوَ شَرْطُ صِحَّةٍ] أَيْ الْوَلِيُّ شَرْطُ صِحَّةٍ [قَوْلُهُ: وَلَا الْمَرْأَةُ نَفْسَهَا إلَخْ] مُطْلَقًا بِكْرًا كَانَتْ أَوْ ثَيِّبًا شَرِيفَةً كَانَتْ أَوْ دَنِيَّةً رَشِيدَةً أَوْ سَفِيهَةً أَمَةً أَوْ حُرَّةً أَذِنَ وَلِيُّهَا أَمْ لَا، لَا يَجُوزُ ذَلِكَ بِوَجْهٍ كَمَا قَالَهُ فِي الْجَوَاهِرِ. [قَوْلُهُ: فُسِخَ قَبْلَ الْبِنَاءِ وَبَعْدَهُ وَإِنْ وَلَدَتْ الْأَوْلَادَ] ، وَلَهَا بِالدُّخُولِ الْمُسَمَّى إنْ كَانَ حَلَالًا، وَإِلَّا فَصَدَاقُ الْمِثْلِ [قَوْلُهُ: وَهَلْ الْفَسْخُ بِطَلَاقٍ] هُوَ الرَّاجِحُ؛ لِأَنَّهُ مِنْ الْمَسَائِلِ الْمُخْتَلَفِ فِيهَا [قَوْلُهُ: رِوَايَتَانِ لِابْنِ الْقَاسِمِ إلَخْ] فَابْنُ الْقَاسِمِ يَقُولُ الْفَسْخُ بِطَلَاقٍ وَابْنُ نَافِعٍ بِغَيْرِهِ. .

[الصَّدَاقُ]

[قَوْلُهُ: وَأَمَّا الصَّدَاقُ فَشَرْطُ صِحَّةٍ] أَيْ الصَّدَاقُ، وَلَوْ حُكْمًا لِيَدْخُلَ نِكَاحُ التَّفْوِيضِ، وَهُوَ عَقْدٌ بِلَا ذِكْرِ مَهْرٍ فَهُوَ صَحِيحٌ، لَكِنْ لَا يَدْخُلُ حَتَّى يُسَمِّيَ لَهَا صَدَاقًا أَيْ فَالْمُضِرُّ إنَّمَا هُوَ الدُّخُولُ عَلَى إسْقَاطَةِ فَإِنَّهُ يَقْتَضِي فَسْخَ الْعَقْدِ قَبْلَ الدُّخُولِ، وَإِنْ ثَبَتَ بَعْدَهُ بِصَدَاقِ الْمِثْلِ. [قَوْلُهُ: وَأَمَّا بِالْإِشْهَادِ] قَالَ ابْنُ عَرَفَةَ الْبَيِّنَةُ عَلَى الْعَقْدِ نَقَلَ الْأَكْثَرُ عَنْ كُلِّ الْمَذْهَبِ أَنَّهَا مُسْتَحَبَّةٌ، وَهِيَ شَرْطٌ فِي الْبِنَاءِ أَيْ فَلَمْ يُشْتَرَطْ الْإِشْهَادُ فَالشَّهَادَةُ كَافِيَةٌ، وَإِنْ لَمْ يُوجَدْ إشْهَادٌ [قَوْلُهُ: {وَآتُوا النِّسَاءَ صَدُقَاتِهِنَّ نِحْلَةً} [النساء: ٤]] أَيْ هِبَةً مِنْ اللَّهِ لِلنِّسَاءِ.

[قَوْلُهُ: فَشَرْطُ صِحَّةٍ] أَيْ أَنَّهُ إذَا لَمْ يَحْصُلْ إشْهَادٌ عِنْدَ الْعَقْدِ فَلَا يَصِحُّ الدُّخُولُ إلَّا بِالْإِشْهَادِ، وَوُجُودُهُ كَمَا نَصَّ الْفَاكِهَانِيُّ فِي مَحِلِّ الْعَقْدِ أَوْلَى [قَوْلُهُ: وَيُشْتَرَطُ فِي شَاهِدَيْ النِّكَاحِ الْعَدَالَةُ]

<<  <  ج: ص:  >  >>