للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وُجُودِ الْوَلِيِّ الْخَاصِّ فَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: يَجُوزُ لَهَا أَنْ تُوَلِّيَهُ ابْتِدَاءً وَصَرَّحَ بِمَشْهُورِيَّتِهِ.

وَقَالَ أَشْهَبُ لَا يَجُوزُ ذَلِكَ. إلَّا لِعَدَمِ الْأَقْرَبِ.

ثُمَّ انْتَقَلَ يَتَكَلَّمُ عَلَى مَرَاتِبِ الْأَوْلِيَاءِ بِالنِّسْبَةِ لِلثَّيِّبِ فَقَالَ: (وَالِابْنُ أَوْلَى) بِتَزْوِيجِ أُمِّهِ (مِنْ الْأَبِ) أَيْ مِنْ أَبِيهَا عَلَى الْمَشْهُورِ؛ لِأَنَّهُ أَقْوَى الْعَصَبَةِ، بِدَلِيلِ أَنَّهُ أَحَقُّ بِمَوَالِي مَوَالِيهَا مِنْ الْأَبِ، وَأَوْلَى بِالصَّلَاةِ عَلَيْهَا مِنْهُ؛ وَلِأَنَّ

ــ

[حاشية العدوي]

وِلَايَةُ الْإِسْلَامِ فَقَطْ] أَيْ فَلَمْ يَكُنْ وَلِيًّا، وَلَا ذَا رَأْيٍ مِنْ أَهْلِهَا، وَلَا مَوْلًى، وَلَا سُلْطَانًا [قَوْلُهُ: مَعَ وُجُودِ الْوَلِيِّ الْخَاصِّ] الَّذِي هُوَ وَاحِدٌ مِمَّنْ تَقَدَّمَ [قَوْلُهُ: فَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ] حَاصِلُهُ أَنَّ الْخِلَافَ بَيْنَ الشَّيْخَيْنِ، إنَّمَا هُوَ فِي الْجِوَارِ مُوَافِقًا لِبَعْضِ الشُّرَّاحِ مِنْ أَنَّ ابْنَ الْقَاسِمِ وَأَشْهَبَ مُتَّفِقَانِ عَلَى الصِّحَّةِ، وَأَنَّ الْخِلَافَ بَيْنَهُمَا إنَّمَا هُوَ فِي الْجَوَازِ، ابْتِدَاءً، وَأَفَادَ تت خِلَافَ ذَلِكَ، وَأَنَّ الْخِلَافَ بَيْنَهُمَا، إنَّمَا هُوَ بِالصِّحَّةِ وَعَدَمِهَا فَابْنُ الْقَاسِمِ يَقُولُ: بِالصِّحَّةِ أَيْ مَعَ الْكَرَاهَةِ، وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ وَأَشْهَبُ بِعَدَمِهَا وَهُوَ أَحْسَنُ مِنْ كَلَامِ شَارِحِنَا، كَمَا يُفِيدُهُ مَا وَجَدْته عَنْ بَعْضِ الْفُضَلَاءِ. [قَوْلُهُ: إلَّا لِعَدَمِ الْأَقْرَبِ] الْمُنَاسِبُ إلَّا لِعَدَمِ الْقَرِيبِ، فَتَدَبَّرْ.

[مَرَاتِبِ الْأَوْلِيَاءِ بِالنِّسْبَةِ لِلثَّيِّبِ]

وَنَذْكُرُ حَاصِلًا تَتِمُّ بِهِ الْفَائِدَةُ. فَنَقُولُ وَالْحَاصِلُ أَنَّ أَوْلِيَاءَ الثَّيِّبِ الْبَالِغِ أَرْبَعَةٌ وَلِيُّ نَسَبٍ فَمَوْلَى عَتَاقَةٍ فَكَافِلٌ فَحَاكِمٌ فَعَامَّةُ مُسْلِمٍ، وَهِيَ عَلَى التَّرْتِيبِ أَمَّا الْأَوَّلُ فَهُمْ أَيْضًا عَلَى التَّرْتِيبِ كَمَا سَيُصَرِّحُ الْمُصَنِّفُ بِذَلِكَ بِقَوْلِهِ وَالِابْنُ أَوْلَى مِنْ الْأَبِ فَإِذَا فُقِدَ وَلِيُّ النَّسَبِ بِمَرَاتِبِهِ الْآتِيَةِ، فَمَوْلًى أَعْلَى لِلْمُعْتَقَةِ ثُمَّ عَصَبَتُهُ ثُمَّ مُعْتَقُ الْمُعْتِقِ كَالْإِرْثِ فَإِنْ لَمْ يُوجَدْ الْمَوْلَى الْأَعْلَى، وَلَا عَصَبَتُهُ فَهَلْ تَنْتَقِلُ الْوِلَايَةُ لِلْمَوْلَى الْأَسْفَلِ الذَّكَرِ وَهُوَ الْعَتِيقُ، أَيْ يَكُونُ لَهُ وِلَايَةٌ عَلَى مَنْ أَعْتَقَهُ أَوْ لَا وِلَايَةَ لَهُ عَلَيْهَا كَمَا فِي الْجَلَّابِ ابْنُ الْحَاجِبِ وَهُوَ الْأَصَحُّ، وَانْظُرْ هَلْ الْأَسْفَلُ.

وَإِنْ نَزَلَ عَنْ الْأَوَّلِ أَوْ فِي مُعْتِقِهَا خَاصَّةً لَا فِي مُعْتِقِهِ، وَلَا فِي أَوْلَادِهِ فَإِنْ لَمْ يُوجَدْ مِنْ ذَكَرٍ فَالْكَافِلُ، وَهُوَ الَّذِي كَفَلَ الصَّبِيَّةَ إلَى أَنْ بَلَغَتْ عِنْدَهُ، وَلَوْ أَجْنَبِيًّا لَا مَنْ يَسْتَحِقُّ الْحَضَانَةَ شَرْعًا فَلَهُ أَنْ يُزَوِّجَهَا بِرِضَاهَا، وَالْمُرَادُ بِهَا مَنْ مَاتَ أَبُوهَا وَهَلْ إنْ كَفَلَ عَشَرَةَ أَعْوَامٍ أَوْ أَرْبَعَةَ أَعْوَامٍ أَوْ لَا حَدَّ لَهَا، وَإِنَّمَا الْمَقْصُودُ إظْهَارُ الشَّفَقَةِ وَالْحَنَانِ عَلَى الصَّبِيَّةِ وَهُوَ الْأَظْهَرُ عِنْدِي أَقْوَالٌ،.

وَلَوْ مَاتَ زَوْجُ الْمَكْفُولَةِ أَوْ طَلَّقَ فَهَلْ تَعُودُ وِلَايَةُ الْكَافِلِ. ثَالِثُهَا إنْ كَانَ فَاضِلًا.

رَابِعُهَا إنْ عَادَتْ لِكَفَالَتِهِ وَالظَّاهِرُ عِنْدِي الْأَوَّلُ وَالْمُرَادُ كَافِلٌ ذَكَرٌ.

وَأَمَّا الْكَافِلَةُ فَلَا وِلَايَةَ لَهَا عَلَى الْمَذْهَبِ، وَالرَّاجِحُ أَنَّ وِلَايَةَ الْكَفَالَةِ مَقْصُورَةٌ عَلَى الدَّنِيئَةِ، وَأَمَّا غَيْرُهَا فَلَا يُزَوِّجُهَا إلَّا وَلِيٌّ أَوْ سُلْطَانٌ، فَإِنْ لَمْ يُوجَدْ مَنْ تَقَدَّمَ فَالْحَاكِمُ الْمُعْتَنِي بِالسُّنَّةِ، وَأَحْكَامِ الشَّرِيعَةِ، وَإِلَّا فَهُوَ كَالْعَدَمِ يُزَوِّجُهَا بَعْدَ أَنْ يَثْبُتَ عِنْدَهُ مَا يَجِبُ إثْبَاتُهُ، فَإِنْ فُقِدَ مَنْ ذُكِرَ فَوِلَايَةُ الْإِسْلَامِ، وَهِيَ عَامَّةٌ لَا تَخْتَصُّ بِشَخْصٍ دُونَ آخَرَ وَصَحَّ بِالْوِلَايَةِ الْعَامَّةِ مَعَ الْكَرَاهَةِ، كَمَا فِي الْحَطَّابِ مَعَ وُجُودِ الْوَلِيِّ الْخَاصِّ مِنْ نَسَبٍ أَوْ، وَلَاءٍ أَوْ وِلَايَةٍ لَمْ يُجْبَرْ فِي الدَّنِيئَةِ دَخَلَ بِهَا أَوْ لَا.

لَكِنْ إنْ حَصَلَ دُخُولٌ عُزِّرَ الزَّوْجَانِ، وَلَوْ عُقِدَ النِّكَاحُ بِالْوِلَايَةِ الْعَامَّةِ مَعَ وُجُودِ الْوَلِيِّ الْخَاصِّ، وَهُوَ مُجْبِرٌ كَالْأَبِ فِي ابْنَتِهِ وَالسَّيِّدِ فِي أَمَتِهِ وَالْوَصِيِّ فِي الْبِكْرِ عَلَى مَا تَقَدَّمَ فَإِنَّ النِّكَاحَ لَا يَصِحُّ، وَلَا بُدَّ مِنْ فَسْخِهِ أَبَدًا، وَلَوْ أَجَازَهُ الْمُجْبِرُ، وَأَمَّا الْمَرْأَةُ الشَّرِيفَةُ إذَا عُقِدَ نِكَاحُهَا بِالْوِلَايَةِ الْعَامَّةِ مَعَ وُجُودِ الْخَاصِّ وَهُوَ غَيْرُ مُجْبِرٍ، فَإِنْ لَمْ يُعْثَرْ عَلَى ذَلِكَ إلَّا بَعْدَ أَنْ دَخَلَ بِهَا زَوْجُهَا، وَطَالَ كَثَلَاثِ سِنِينَ أَوْ وَلَدَتْ وَلَدَيْنِ غَيْرَ تَوْأَمَيْنِ فَأَكْثَرَ، فَإِنَّ نِكَاحَهَا لَا يُفْسَخُ، فَالسَّنَةُ وَالسَّنَتَانِ لَا يَكُونَانِ طُولًا وَلِلْوَلِيِّ الْأَقْرَبِ حِينَئِذٍ رَدُّ النِّكَاحِ، وَإِجَازَتُهُ.

وَكَذَلِكَ الْحَاكِمُ إنْ لَمْ يَكُنْ لَهَا وَلِيٌّ أَوْ كَانَ لَهَا وَلِيٌّ، وَلَكِنْ غَابَ غَيْبَةً بَعِيدَةً كَالثَّلَاثَةِ أَيَّامِ لَهُ رَدُّهُ وَإِجَازَتُهُ، وَأَمَّا إنْ كَانَ وَلِيُّهَا غَائِبًا غَيْبَةً قَرِيبَةً فَإِنَّهُ يُكْتَبُ إلَيْهِ قَالَهُ اللَّخْمِيُّ، وَيُوقَفُ الزَّوْجُ عَنْهَا. [قَوْلُهُ: وَالِابْنُ أَوْلَى] أَيْ مَا لَمْ تَكُنْ الثَّيِّبُ فِي حِجْرِ أَبِيهَا أَوْ وَصِيِّهَا أَوْ مُقَدَّمِ الْقَاضِي بِنَاءً عَلَى أَنَّهُ فِي مَنْزِلَةِ الْأَبِ، وَإِلَّا فَيُقَدَّمُ كُلٌّ عَلَى الِابْنِ وَمَحِلُّهُ أَيْضًا مَا لَمْ يَكُنْ الِابْنُ مِنْ زِنًا، وَلَمْ تُثَيَّبْ قَبْلَهُ بِنِكَاحٍ، وَإِلَّا قُدِّمَ الْأَبُ لِبَقَاءِ جَبْرَةِ عَلَيْهَا، وَمِثْلُ ذَلِكَ لَوْ كَانَتْ مَجْنُونَةً؛ لِأَنَّ أَبَاهَا يُجْبِرُهَا، وَلَوْ مَعَ وُجُودِ وَلَدِهَا بِخِلَافِ الثَّيِّبِ بِنِكَاحٍ، وَأَتَتْ بِوَلَدٍ مِنْ زِنًا بَعْدَ ذَلِكَ فَالِابْنُ يُقَدَّمُ فِي هَذِهِ عَلَى أَبِيهَا.

[قَوْلُهُ: عَلَى الْمَشْهُورِ إلَخْ] وَمُقَابِلُهُ مَا فِي كِتَابِ الْمَدَنِيِّينَ أَنَّ الْأَبَ أَوْلَى مِنْ الِابْنِ [قَوْلُهُ: بِدَلِيلِ أَنَّهُ أَحَقُّ بِمَوَالِي مَوَالِيهَا] فَلَوْ كَانَتْ الْمَرْأَةُ أَعْتَقَتْ عَبْدًا وَالْعَبْدُ أَعْتَقَ عَبْدًا فَالْعَبْدُ الثَّانِي مَوْلًى

<<  <  ج: ص:  >  >>