للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْبِنَاءِ) بِطَلَاقٍ ظَاهِرُهُ وُجُوبًا، وَهُوَ كَذَلِكَ عِنْدَ جَمِيعِ الْمَغَارِبَةِ وَاسْتِحْبَابًا عِنْدَ الْعِرَاقِيِّينَ وَلَا صَدَاقَ فِيهِ، وَإِنْ قَبَضَتْهُ رَدَّتْهُ وَاسْتَثْنَوْا مِنْ ذَلِكَ نِكَاحَ الدِّرْهَمَيْنِ فَإِنَّ لَهَا فِيهِ نِصْفَهُمَا (فَإِنْ) لَمْ يَعْثُرْ عَلَيْهِ إلَّا بَعْدَ أَنْ (دَخَلَ بِهَا مَضَى) أَيْ ثَبَتَ (وَكَانَ فِيهِ صَدَاقُ الْمِثْلِ) أَيْ مِثْلِهَا فِي الْحَالِ وَالْمَالِ وَالْجَمَالِ وَلَا يَنْظُرُ إلَى أُخْتِهَا وَقَرَابَتِهَا إذْ يُزَوَّجُ الْفَقِيرُ لِقَرَابَتِهِ وَالْبَعِيدُ لِغِنَاهُ، وَإِنَّمَا يَنْظُرُ لِمِثْلِهَا مَنْ مِثْلُهُ.

(وَمَا فَسَدَ مِنْ النِّكَاحِ لِ) أَجْلِ خَلَلٍ فِي (عَقْدِهِ) كَالنِّكَاحِ بِغَيْرِ وَلِيٍّ فُسِخَ قَبْلَ الْبِنَاءِ وَبَعْدَهُ (وَ) إذَا فُسِخَ قَبْلَ الْبِنَاءِ لَا صَدَاقَ فِيهِ، وَإِذَا (فُسِخَ بَعْدَ الْبِنَاءِ فَفِيهِ الْمُسَمَّى) إنْ سَمَّى مَا يَجُوزُ، وَأَمَّا إنْ سَمَّى مَا لَا يَجُوزُ أَوْ لَمْ يُسَمِّ شَيْئًا فَفِيهِ صَدَاقُ الْمِثْلِ (وَتَقَعُ بِهِ) أَيْ بِالنِّكَاحِ الْفَاسِدِ الَّذِي يُفْسَخُ بَعْدَ الْبِنَاءِ وَكَانَ مُتَّفَقًا عَلَى فَسَادِهِ (الْحُرْمَةُ كَمَا تَقَعُ بِالنِّكَاحِ الصَّحِيحِ) ق مَعْنَى وُقُوعِ الْحُرْمَةِ بِهِ أَنَّ الْمَرْأَةَ الَّتِي بَنَى بِهَا بِالنِّكَاحِ الْفَاسِدِ تَحْرُمُ عَلَيْهِ أُمُّهَا وَابْنَتُهَا، وَتَحْرُمُ هِيَ عَلَى آبَائِهِ، وَأَبْنَائِهِ كَتَحْرِيمِ النِّكَاحِ الصَّحِيحِ لَا أَنَّهَا تَحْرُمُ عَلَيْهِ.

وَأَمَّا لَوْ فُسِخَ

ــ

[حاشية العدوي]

لَا يَجُوزُ بَيْعُهُ.

[حُكْمَ الْأَنْكِحَةِ الْفَاسِدَةِ إذَا وَقَعَتْ]

[قَوْلُهُ: وَاسْتِحْبَابًا إلَخْ] ضَعِيفٌ وَالْمُعْتَمَدُ الْأَوَّلُ [قَوْلُهُ: نِكَاحَ الدِّرْهَمَيْنِ] لَا مَفْهُومَ لِلدِّرْهَمَيْنِ بَلْ حَيْثُ كَانَ نَاقِصًا عَنْ رُبُعِ دِينَارٍ أَوْ ثَلَاثَةِ دَرَاهِمَ.

وَقَالَ بَعْضُ شُرَّاحِ خَلِيلٍ: إنَّ نِكَاحَ الدِّرْهَمَيْنِ لَقَبٌ عِنْدَهُمْ لِكُلِّ مَا نَقَصَ الصَّدَاقُ فِيهِ عَنْ ثَلَاثَةِ دَرَاهِمَ أَوْ رُبُعِ دِينَارٍ، وَمِثْلُ ذَلِكَ دَعْوَى الزَّوْجِ الرَّضَاعَ الْمُحَرِّمَ، وَأَنْكَرَتْهُ الزَّوْجَةُ فَيُفْسَخُ وَعَلَيْهِ نِصْفُ الصَّدَاقِ، وَكَذَا إنْ حَصَلَتْ فُرْقَةٌ بَيْنَ مُتَلَاعِنَيْنِ قَبْلَ الْبِنَاءِ فَعَلَى الزَّوْجِ نِصْفُ الصَّدَاقِ [قَوْلُهُ: فِي الْحَالِ] أَرَادَ بِالْحَالِ الدِّينَ وَالْحَسَبَ وَالنَّسَبَ أَيْ مُحَافَظَةً عَلَى أُصُولِ دِينِ الْإِسْلَامِ مِنْ صَلَاةٍ وَنَحْوِهَا هَذَا مَعْنَى الدِّينِ.

وَالْحَسَبُ هُوَ مَا يُعَدُّ مِنْ مَفَاخِرِ الْآبَاءِ كَالْكَرَمِ وَالْمُرُوءَةِ، وَكَذَا يُعْتَبَرُ الزَّمَنُ وَالْبَلَدُ، وَهَذِهِ الْأَوْصَافُ إنَّمَا تُعْتَبَرُ إذَا كَانَ يَرْغَبُ فِي وُجُودِهَا، وَإِلَّا فَلَا تُعْتَبَرُ كَمَا إذَا كَانَتْ ذَاتُ الْمَالِ وَالْفَقِيرَةُ سَوَاءً، لَكِنْ هَذَا ظَاهِرٌ إذَا وَقَعَ الْعَقْدُ فِي بَلَدِهَا فَلَوْ كَانَ مَنْشَؤُهَا بَلَدًا غَيْرَ الْبَلَدِ الَّذِي وَقَعَ بِهِ الْعَقْدُ، وَهُمَا مُخْتَلِفَانِ كَالرِّيفِيَّةِ تَحِلُّ بِمِصْرٍ قَالَ الْبَرْمُونِيُّ: لَا أَحْفَظُ فِي ذَلِكَ نَصًّا، وَهَذِهِ الْأَوْصَافُ إذَا اُعْتُبِرَتْ تُعْتَبَرُ يَوْمَ الْعَقْدِ بِالنِّسْبَةِ لِلنِّكَاحِ الصَّحِيحِ، وَيَوْمَ الْوَطْءِ بِالنِّسْبَةِ لِلْفَاسِدِ؛ لِأَنَّهُ يَوْمُ الْفَوَاتِ لَا فَرْقَ بَيْنَ مُتَّفَقٍ عَلَى فَسَادِهِ أَوْ مُخْتَلَفٍ فِيهِ، وَكَذَا فِيمَا خَلَا عَنْ عَقْدٍ كَوَطْءِ الشُّبْهَةِ فَإِنَّهُ يُعْتَبَرُ يَوْمَ الْوَطْءِ، فَإِنْ لَمْ تُعْلَمْ هَذِهِ الْمَذْكُورَاتُ فَبِاعْتِبَارِ أُخْتِهَا الْمُوَافِقَةِ لَهَا فِيهَا إذَا كَانَتْ شَقِيقَةً أَوْ لِأَبٍ لَا أُمِّهَا، وَلَا أُخْتِهَا لِأُمِّهَا؛ لِأَنَّهُنَّ مِنْ قَوْمٍ آخَرِينَ، فَقَدْ تَكُونُ قُرَشِيَّةً، وَأُمُّهَا مِنْ الْمَوَالِي.

[قَوْلُهُ: إذْ يُزَوَّجُ الْفَقِيرُ لِقَرَابَتِهِ] أَيْ إذْ قَدْ تُزَوَّجُ أُخْتُهَا لِلْفَقِيرِ فَيُجْعَلُ عَلَيْهِ مِنْ الصَّدَاقِ مَا هُوَ أَقَلُّ مِنْ صَدَاقِ مِثْلِهَا لِكَوْنِهَا قَرِيبَةً لَهُ. وَقَوْلُهُ وَالْبَعِيدُ أَيْ إذْ قَدْ تُزَوَّجُ أُخْتُهَا لِلْبَعِيدِ فَيُجْعَلُ عَلَيْهِ مِنْ الصَّدَاقِ مَا هُوَ أَزْيَدُ مِنْ صَدَاقِ الْمِثْلِ لِغِنَاهُ [قَوْلُهُ: مَنْ مِثْلُهُ] أَيْ مَعَ مِثْلِهِ.

[قَوْلُهُ: كَالنِّكَاحِ بِغَيْرِ وَلِيٍّ] أَوْ كَانَ الْوَلِيُّ صَبِيًّا أَوْ أُنْثَى أَوْ رَقِيقًا أَوْ وَقَعَ الْعَقْدُ فِي الْعِدَّةِ أَوْ الْإِحْرَامِ، أَوْ كَانَ صَرِيحَ شِغَارٍ أَوْ وَقَعَ لِأَجَلٍ فَإِنَّهُ يُفْسَخُ وَلَوْ بَعْدَ الدُّخُولِ، لَكِنْ الْمُتَّفَقُ عَلَى فَسَادِهِ بِغَيْرِ طَلَاقٍ وَالْمُخْتَلَفُ فِيهِ بِطَلَاقٍ فَإِنْ فُسِخَ قَبْلَ الْبِنَاءِ لَا شَيْءَ فِيهِ [قَوْلُهُ: فَفِيهِ الْمُسَمَّى] أَيْ إذَا كَانَ الزَّوْجُ مِمَّنْ يُعْتَبَرُ دُخُولُهُ وَبِنَاؤُهُ لَا إنْ كَانَ صَبِيًّا فَوَطْؤُهُ كَالْعَدَمِ لَا يَلْزَمُ بِهِ صَدَاقٌ، وَاَلَّتِي لَمْ يَدْخُلْ بِهَا، وَإِنْ كَانَتْ لَا تَسْتَحِقُّ الصَّدَاقَ إلَّا أَنَّهَا تُعَاضُ الْمُتَلَذَّذَ بِهَا أَيْ تُعْطَى شَيْئًا وُجُوبًا بِحَسَبِ مَا يَرَاهُ الْإِمَامُ أَوْ نَائِبُهُ وَجَمَاعَةُ الْمُسْلِمِينَ بِقَدْرِ حَالِهِ وَحَالِهَا وَظَاهِرُهُ، وَلَوْ فِي النِّكَاحِ الْمُتَّفَقِ عَلَى فَسَادِهِ كَذَا قَالَ بَعْضُ شُرَّاحِ خَلِيلٍ، فَظَهَرَ أَنَّهَا لَا تَسْتَحِقُّ الصَّدَاقَ إلَّا إذَا وَطِئَ الزَّوْجُ الْبَالِغُ وَتَصَادَقَا عَلَيْهِ فَإِنْ تَصَادَقَا عَلَى نَفْيِهِ فَلَا صَدَاقَ لَهَا، وَعِنْدَ التَّنَازُعِ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الزَّوْجَةِ فِي خَلْوَةِ الِاهْتِدَاءِ.

تَنْبِيهٌ: إذَا كَانَ النِّكَاحُ مُخْتَلَفًا فِي فَسَادِهِ فَلَا بُدَّ فِي فَسْخِهِ مِنْ حُكْمِ حَاكِمٍ، فَإِنْ عُقِدَ عَلَى مَنْ نُكِحَتْ فَاسِدًا مُخْتَلَفًا فِي فَسَادِهِ قَبْلَ الْحُكْمِ بِفَسْخِهِ فَلَا يَصِحُّ الْعَقْدُ، وَأَمَّا الْمُتَّفَقُ عَلَى فَسَادِهِ فَلَا يَتَوَقَّفُ فَسْخُهُ عَلَى حُكْمٍ فَيُفْسَخُ بِغَيْرِ طَلَاقٍ، وَلَوْ لَفَظَ فِيهِ بِالطَّلَاقِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>